II "الجماعات
الإسلامية
للجيش" والعشرية الحمراء 5 1992
الينايريون
يطلقون العنف
الإسلامي في
ليلة 27 ديسمبر 1991
ظهر الجنرال
العربي بلخير
وزير
الداخلية 55 شاحب
الوجه خائر
القوى، وهو
يعلن نتائج
الدور الأول
للانتخابات
التشريعية.
لقد عم الانشداه
والذهول
الأوساط
العليا ذلك
أنه وللمرة الثانية
يفشل مخطط
(ق.إ.أ/DRS) كونه صمّم
وراء مكتب دون
مراعات
للظروف الحقيقية
التي يعيشها
أفراد الشعب
الجزائري. فحتى
لو انخفضت
نتائج
الانتخابات
هذه المرة بشكل
محسوس مقارنة
بالانتخابات
المحلية لسنة
1990 فإن (ج.إ.إ/FIS) خرجت
منتصرة من
الدور الأول،
الذي سجلت
خلاله نسبة
عدم مشاركة
عالية (41 % من
المسجلين) 56،
ورغم وجود
قانون
انتخابات
وتقسيم إداري
للدوائر
الانتخابية
موضوع على
المقاس، فإن
(ج.ت.و/FLN) قد تراجعت
وتفوقت عليها
حتى (ج.ق.إ/FFS)
لحسين آيت
أحمد (وهذا
بسبب غرابة
ذلك التقسيم
الشاذ
للدوائر
الانتخابية،
فبالرغم من
حصول (ج.ت.و/FLN) على ثلاثة
أضعاف ما
تحصلت عليه
(ج.ق.إ/FFS) من أصوات
فإنها حصلت
على مقاعد أقل
منه في البرلمان)،
لقد كانت
استقراءاتنا
على أساس هذه النتائج،
وكذا فوز نسبة
من المترشحين
الباقين في
الحلبة للدور
الثاني، تؤشر
إلى أننا كنا
نتوجه نحو
تكوين برلمان ذي
أغلبية
مسيطرة
للـ(ج.إ.إ/FIS)
بنسبة 75 %. إنها
فرضية قرر
الجنرالات
استحالة
حدوثها أبدا،
مع أنهم
يعلمون أن
رئيس
الجمهورية
يملك الصلاحيات
الدستورية
لحل
البرلمان،
وطلب استشارات
جديدة ولكنهم
رفضوا بعناد،
أن يدفعوا ثمن
المرحلة
الانتقالية
ولم يريدوا أن
يكرروا التجربة
ثانية، لأن
الرئيس
الشاذلي بن
جديد قد أثبت
أنه داهية
وخاصة أنه
أدرك أخيرا أن
قسما معتبرا
من الشعب
اختار (ج.إ.إ/FIS) ولا
يستطيع
"تغيير
الشعب". 57 "
أنـقـذوا
الديـمقـراطيـة
" لقد
كلفني العقيد
إسماعيل
العماري
ابتداء من 28
ديسمبر أن
أقوم بدورة
على الأحزاب
"الصديقة"
وكذلك
السلطات
الإدارية والقضائية
بغاية تقويم
الوضعية،
وإمكانيات احتمال
إلغاء
الاقتراع،
وأمرني بعدم
المشاركة في
"لجنة
الانتخابات" 58 التي
كنت عضوا فيها
بصفتي ممثلا
عن الجيش، والتي
تحضر للدور
الثاني
للانتخاب،
وهو ما يتضمن
بداهة أن ذلك
لن يتم ! لقد
بين لنا رئيس (م.ج.م/DCE) بأن
الجنرال
توفيق شخصيا،
وكذلك وزير
الدفاع
الوطني خالد
نزار كانا
يشاركان في
إجراء الاتصال
بـ "المجتمع
المدني"
وأنهما كانا
يعتزمان
تكليف ضباط
آخرين من (ق.إ.أ/DRS) بربط
الاتصال مع
عبد الحق بن
حمودة رئيس
(إ.ع.ع.ج/UGTA) (النقابة القوية
التابعة
لـ"ج.ت.و/FLN "
والتي تخدم
مصالح النظام)
ومع ممثلي
مختلف
الجمعيات،
والصحافة وكذلك
أحزاب سياسية
أخرى، وذلك
بغاية الاطلاع
على الآراء
لمعرفة كيفية
التعاطي مع
الوضع الجديد.
إن تعبئة
وتجنيد
"المجتمع
المدني" أصبح
ضرورة مطلقة،
الخلل الوحيد
في هذا المشهد
الذي يتكون
حصريا من
الشخصيات
والمنظمات
التي كنا نعلم
أن أصحابها من
المتشيعين
نسبيا لأصحاب
القرار! هو
موقف زعيم
(ج.ق.إ/FFS)
حسين آيت احمد
الذي كان
يناصر صراحة
مواصلة المسيرة
الانتخابية
ويرفض كل
مساومة، كما أن
(ج.ت.و/FLN)
كذلك كان
منقسما وأن
جناح الأمين العام
عبد الحميد
مهري (وهو صهر
الرئيس الشاذلي
بن جديد) كان
بعيدا عن أن
يدين بالولاء
للجنرالات،
كما لم يكن
مستعدا أيضا
لمسايرتهم في
"تمحلهم". لقد
قمت برفقة
الرائد عمار
ڤطوشي بزيارة
عبد الرحمان
مزيان الشريف
والي ولاية
الجزائر، وكذلك
الأمين العام
لوزارة العدل،
ومسؤولي
الأحزاب
كالشيخ محفوظ
نحناح (حمس/MSP) ومحمد
عباس علالو
(ج.ش.و.ع/APUA)
وعبد القادر
بلهاي (ت.و.ج/RNA)، ومن
التناقض حقا
أن نجد رؤساء
الأحزاب هؤلاء
أكثر إلحاحا
وتحمسا
لإلغاء
الانتخابات
من "الرسميين"،
في حين أن
التزوير
والتخويف لم يؤثر
إلا بشكل ضئيل
جدا، في نتائج
الدور الأول 59
(وموقعنا
حينئذ كان
يسمح لنا
بمعرفة ذلك
أكثر من
غيرنا). في 27
ديسمبر
استقبل
الرئيس
الشاذلي بن
جديد عبد
القادر حشاني
في مقر رئاسة
الجمهورية
ليثبت له
رغبته في
احترام
الاختيار
الشعبي، مؤكدا
له من جديد
قبوله "
التعايش " مع
الحكومة التي
سيسفر عنها
الصندوق
وتُجسد
الإرادة
الشعبية،
فكان رد فعل
الجنرالات
خالد نزار،
العربي
بلخير، محمد
العماري، هو
عقد اجتماعين
سريين لقيادة
الجيش في يومي
28 و30 في مقر
(ق.ق.بر/CFT) في عين
النعجة، حيث
حضرهما كل
الضباط
السامين
للـ(ج.و.ش/ANP)،
(و.د.و/MDN)، وقيادة الأركان
العامة، وهو
ما يقارب
الخمسين فردا،
وقد دعا رؤساء
الجيش، هؤلاء
المشاركين
بإلحاح في
الاجتماع إلى
التوقيع
(والتوقيع من
قبل معاونيهم)
على نص
يطالبون فيه
"خلع رئيس الجمهورية
الذي يحاول
بسياسته
المورطة أن
يبعث بضباط
(ج.و.ش/ANP) إلى
المشنقة ". وقد
احطت علما
بهذه
"العريضة"
الغريبة من
العقيد صادق وفضيل
الشريف يوم 4
يناير وقد
كانت مؤرخة في
29 ديسمبر،
وتتضمن ما
خلاصته أن
"(ج.و.ش/ANP)
الوفي لواجبه
و لرسالته،
يلتزم
بالحفاظ والدفاع
على الطابع
الجمهوري
للدولة
الجزائرية
طبقا
للدستور، و
مواجهتا
لإنحراف رئيس
الجمهورية،
يلتزم
الاضطلاع بكل
مسؤولياته،
وسيعارض بكل
الوسائل
إقامة "دولة
إسلامية" لقد
علمت أن
العريضة قدمت
لكل الضباط
"الموثوق
فيهم" وأغلبيتهم
من
الفرنكفونيين
(المتعلمين
باللغة
الفرنسية
والمدافعين
عنها) حتى أن
هذه العريضة
قد حررت
باللغة
الفرنسية
وحدها، وقد
كان قادة
الجيوش –
إمعانا في
الاحتياط – يختلون
بمرؤوسيهم من
الضباط
السامين ويشرحون
لهم الوضعية،
ويسجلون ردود
فعلهم وعندما
يحسون
بتقبلهم
الفكرة
يطلبون منهم
حينها
التوقيع على
العريضة.!
ولقد
كان وزير
الداخلية
الجنرال
العربي بلخير
هو قائد كل
هذه المناورة
والمؤامرة، ولكنه
لم يكن يستطيع
أن يتراجع عن
حكمه ويناقض نفسه،
وهو الذي كان
قد صرح علانية
بأن الانتخابات
قد جرت في
الشفافية
والنزاهة،
كما أنه لا
يستطيع أن
يلغي نتائجها
بسبب
احتجاجات الأحزاب
الأخرى التي
كانت في
انتظار الدور
الثاني،
ولذلك لم يكن
أمامه بد من
أن يوجد ذريعة
أخرى لإلغاء
المسار
الانتخابي! وفي
هذه الظروف
بدأ العمل على
قدم وساق،
وانطلقت حملة
تسميم لم يسبق
لها مثيل،
فبأمر من الجنرال
توفيق كلف
ضباط (ق.إ.أ/DRS) بمن فيهم
ضباط مصلحتي
(م.ب.ت/SRA)
وعملاءهم،
بالقيام بنشر
وترويج سلسلة
من الإشاعات،
تدور كلها حول
موضوع واحد،
وهو أن حزب
الـ(ج.إ.إ/FIS)
سوف يستخدم
الديمقراطية
للوصول إلى
السلطة من أجل
إقامة دولة
إسلامية،
وفرض تطبيق
الشريعة
الإسلامية!
ودعاية
أبواقهم
الإعلامية
كانت تساعد
على نشر هذه
الإشاعات
وسارت بها
صُعدا حتى
وصلت إلى أن
تنسب إلى (ج.إ.إ/FIS) عزمه على
إقامة دولة
مماثلة لنظام
الملالي
"الديكتاتوري"
في إيران حيث
لا توجد
للمرأة أية
حقوق(...) وقامت
الصحافة
الفرنكوفونية
بتشويه متعمد لأقوال
قادة (ج.إ.إ/FIS) وخاصة
تصريحات كل من
عبد القادر
حشاني، رابح
كبير، ومحمد
السعيد، وذلك
بهدف إقلاق
وتخويف الرأي
العام،
وإنذاره
بالخطر،
مدعية أن
الإسلاميين
عازمون على
"طرد النخب المتعلمة
بالفرنسية،
وتعويضهم
بالسودانيين
والإيرانيين"
كما شوهوا
كذلك، وعن
قصد، أقوال
محمد السعيد،
وقولوه ما لم
يقل أبدا، وهو
"وجوب تهيئ
الجزائريين
لتغيير طريقة
معيشتهم،
وتبديل
التقاليد
المتعلقة
بلباسهم وغذائهم..." وتواصلت
حملة أخرى من
الدعاية في
اتجاه الحكومة
الفرنسية (وقد
كانت بدأت منذ
سنة تقريبا مع
صدور قانون
اللغة
العربية في
يناير 1991) لإشعارها
بخطر نزوح
مزعوم واسع
النطاق
للجزائريين
إلى فرنسا
هروبا من
الديكتاتورية
الأصولية في
حالة قيام
نظام إسلامي
مناهض
للمصالح
الثقافية
(وخاصة
اللغوية)
الفرنسية في
الجزائر،
والذي سيكون
له انعكاس
وتأثير مباشر
في نقل العدوى
إلى البلدان
المغاربية
الأخرى كتونس
والمغرب،
وسيزعزع
الاستقرار
فيهما كما ستغرق
هي الأخرى في
الأصولية،
وهو ما يهدد
المصالح
الاستراتيجية
الغربية
(والفرنسية تخصيصا)
بخطر الزوال
من المنطقة! وقد
استمرت
التعبئة ضد
(ج.إ.إ/FIS) على جبهات
أخرى كذلك في
هذه الأيام
الحاسمة، ففي
28 ديسمبر أمر
(ق.إ.أ/DRS) عبد الحق
بن حمودة
بتجنيد (إ.ع.ع.ج/UGTA)، للعمل
على سد الطريق
أمام
الإسلاميين،
60 وفي 29
عقد هذا
الأخير
اجتماعا في
مقر النقابة
مع ممثلي
مختلف
الجمعيات،
انتهى
الاجتماع بتعيين
عبد الحفيظ
سنحدري، الذي
كان يمثل إطارات
الإدارة
العمومية
"كمنسق" لما
سيعرف لاحقا
بـ "اللجنة
الوطنية
لإنقاذ
الجزائر(ل.و.إ.ج/CNSA)" التي
أسست رسميا في
اليوم
التالي، أي في
30 ديسمبر،
وستلتحق به
مجموعة من
الجمعيات
والشخصيات من
"المجتمع
المدني " من
بينهم المناضلة
النسوية
خليدة مسعودي. لقد
كونت هذه
الجبهة
"المناهضة
للأصولية " من
طرف السلطة
بسرعة لم يسبق
لها مثيل، وفي
اليوم ذاته أي
في 30 ديسمبر
وجهت اللجنة
الوطنية لإنقاذ
الجزائر (ل.و.إ.ج/CNSA) نداء
"أنقذوا
الديمقراطية
" وسدوا
الطريق أمام
(ج.إ.إ/FIS) بمنع
إجراء إلى
الدور
الثاني"
وبدون خشية الوقوع
في التناقض،
نادوا كذلك
بالمشاركة في
المظاهرات
التي قررت
(ج.ق.إ/FFS) القيام
بها في
العاصمة يوم
الخميس 2
يناير 1992 (في حين
أن الهدف
المعلن بجلاء
لهذه
المظاهرات كان
تحسيس وتعبئة
الديمقراطيين
الحقيقيين كي
يدعموا مبدأ الذهاب
إلى الدور
الثاني، وفي
الوقت ذاته
يستنهضون همم
الممتنعين عن
الانتخاب في
الدور الأول
كي يشاركوا
بكثافة في
الدور الثاني
للتصويت ضد
(ج.إ.إ/FIS). 61 وفي
الأول من
يناير قام عبد
الحق بن حمودة
وسنحدري
بتقديم عرض
حال للجنرال
توفيق عن
مساعيهما،
وبنصيحة من
هذا الأخير
وتوجيه منه تم
استقبالهما
في (و.د.و/MDN) من طرف
الجنرالين
خالد نزار وبن
عباس غزيل، اللذين
كلفهما
بالتحدث إلى
مسؤولي (ج.ت.و/FLN) و(ج.ق.إ/FFS)
لسبر نواياهم
ومحاولة
ثنيهم عن موقف
المطالبة
بالمرور إلى
الدور الثاني،
وفي الوقت
ذاته التقى
خالد نزار
بحسين آيت احمد
رئيس (ج.ق.إ/FFS) وأعطاه
ضمانا
لمواصلة
المسار
الانتخابي على
أساس أن الجيش
لن يتدخل. وكل
هذا لم يكن في
الواقع إلا
"تمويها"
وتضليلا،
وإلهاء... ذلك
أن الحقيقة هي
أنه في ثاني
يوم من إتمام
الدور الأول
كان الأمر بإلغاء
الدور الثاني
قد اتخذ،
ومبادرتهم في
الإسراع إلى
تأسيس (ل.و.إ.ج/CNSA) كان
بهدف
استخدامها
كذريعة لوضع
هذا القرار حيز
التنفيذ بحجة
ضرورة
"الاستجابة
لنداء المجتمع
المدني قصد
الحفاظ على
الأسس الجمهورية
للدولة
المهددة من
قبل
الإسلاميين"!! إجـراءات
تمهـيـديـة يوم
الأربعاء أول
يناير 1992 على
الساعة
الثانية بعد
الظهر ناداني
العقيد
إسماعيل
العماري ليطلب
مني أن أذهب
في الحين إلى
الجنرال محمد العماري،
وأضع نفسي تحت
تصرفه على
غرار ما حصل
قبل ذلك في
جوان 1991. وقد
أخبرني،
ولأول مرة بأن
حلا "على
الطريقة
التركية" يجري
تحضيره (مؤكدا
ما ملخصه أن
الجيش سيتكفل
مباشرة
بمشاكل الوطن
ليضع حدا
للفوضى
الناجمة عن
الديمقراطية)
وريثما عرجت
على البيت لارتداء
البزة
العسكرية
ووصلت إلى
(و.د.و/MDN) على
الساعة
الثانية، كان
الاجتماع على
وشك الانفضاض،
ودخلت بالضبط
في اللحظة
التي كان الجنرال
العماري يحيي
فيها الجنرال
عبد المالك ڤنايزية
رئيس الأركان
العامة للجيش
الذي غادر
الاجتماع. الجنرال
محمد العماري
الذي كان في
حالة استرخاء
ومبتسما قد
طلب مني أن
أتصل بالعقيد
إبراهيم فضيل
الشريف بمقر
(ق.ق.بر/CFT)
بعين النعجة،
مضيفا قوله
بنبرة فاكهة
"اغتنم عطلة
نهاية
الأسبوع مع
العائلة،
واحرص على أن
لا ينقصها أي
شيء، لأنه
ابتداء من يوم
السبت
ستستأنف
"الأعمال"
إنها مهمة في
غاية السرية،
واحضر معك كل
ملفاتك،
وحوالي خمسة
عشر ضابطا ممن
عندك فيهم ثقة
تامة للقيام
بهذه المهمة
التي يتوقف
عليها مستقبل
الوطن". لقد
استنتجت في
الحين أن
الأمر يتعلق
بتحضير انقلاب
عسكري ضد
الرئيس
الشاذلي بن
جديد، وهو
بالضبط ما كنت
قد استشعرته
بيومين من
قبل، وفي الوقت
الذي أخذت
المعلومات
تتأكد لدي
بعزل الرئيس
الشاذلي،
اتخذت
المبادرة
(وكذلك
المخاطرة)
بالذهاب إلى
البليدة
لإخطار
العقيد مالك بن
جديد أخي
الرئيس،
ونائب قائد
الناحية
العسكرية
الأولى،
بالمؤامرة
التي تحاك في
الخفاء! فقد
استقبلني
كعادته
مغتبطا
ومازحا
متظاهرا
بتجاهله
التام لما كان
يدبر يومها
قائلا لي :" ما
رأيك في
الانتخابات؟
ما هي وجهة
نظرك حول
التعايش
السياسي بين
الرئيس
وحكومة
الأغلبية
الجديدة ؟"
فأجبته بصوت
خفيض:" إن
الأهم في الساعة
الراهنة ليس
الانتخابات
ولا التعايش فنحن
العسكريين
نحترم
الدستور،
ونضع أنفسنا
في خدمة
الجزائر مهما
يكن الرئيس،
أو الحزب الموجود
في السلطة،
أنا موجود هنا
بصفتي مخلصا
ومواليا،
وكذلك بصفتي
شَرْعَويا،
أكثر مما أنا
صديق: يوجد
تآمر ضد رئيس
الجمهورية،
وقد أتيت
للقيام
بواجبي
لأحذرك من
المؤامرة
التي بدأت
ترتسم
معالمها في
الأفق، لأنك
أخو الرئيس،
وبعد دقيقة
كاملة من
الوجوم بدالي
فيها أنه فوجئ
بالخبر قال
لي:" كيف علمت
بكل هذا؟" قلت:"
الجنرالات
الذين يحرضون
الجيش على التمرد،
اجتماعان
مغلقان
مخصصان
"للسياسة" عقدا
في عين
النعجة،
تمرير عريضة
على الضباط السامين
تطالب الرئيس
بالتنحي.. ألا
يكفيك هذا كله!؟"
ثم أضفت: " أنا
ضابط في
الـ(أ.ع/SM)
وعملي هو جمع
المعلومات
الهامة،
وزيادة على ذلك
فبصفتي عضوا
في اللجنة
المكلفة
بتحضير الدور
الثاني
للانتخابات،
تلقيت الأمر
بعدم المشاركة! فإذا
لم يشارك ممثل
(ج.و.ش/ANP)، ألا يعني
هذا بالضرورة
أن الدور
الثاني لن يتم!!
أحذر إذن!! إن الجنرالات
هم الآن بصدد
تدبير انقلاب
خفي، وها أنا
قد أعلمتك
بذلك" ولما
أقنعته أسر لي
قائلا:" الآن
عرفت لماذا لم
يعد الجنرال
توفيق يرد على
مكالماتي
الهاتفية! ولا
يكلف نفسه حتى
الاتصال بي،
وهو الذي كان يسارع
إلى ذلك من
قبل!" ثم أضاف
قوله:" على كل
حال الرئيس
اتخذ قرارا بعزل
الجنرالين
محمد مدين
"توفيق"
وخالد نزار في
الأيام
القليلة
القادمة،
وسيعوضان على
التوالي بـ
كمال لحرش (وهو
ضابط قديم في
المصالح،
مدير سابق في
الـ(مديرية
العلاقات
الخارجية)
(م.ع.خ/DRE) ومدير
سابق في (م.ع.أ.و/DGSN)، (والذي
كان حينها
بدون وظيفة)
والذيب مخلوف
(الجنرال الذي
كان يقود
الحرس
الجمهوري). إن
نتيجة
الأحداث
ستبين إلى أي
درجة كان
الرئيس يوهم
نفسه بسلطته "السرابية"
التي كان
يحسبها ماءا
قبل أن تصدمه
الحقيقة عند
ورودها بعد
أيام قلائل
فقط!! لقد
تمتعت – إذن–
بيومي "راحة"
منذ يوليو1990
وهما يوما 2 و3
يناير، فاغتنمتهما
للذهاب إلى
وهران برفقة
مروان ثابتي
الأمين العام
للاتحادية
الجزائرية للعب
الشطرنج
لحضور تسليم الجائزة
للبطل
الجزائري
الهواري مسلم 62، إن
الكثير من
الناس في
مصلحتي لم
يفهموا كيف
يستفيد
مسؤولوهم من
"فترة راحة"
بينما هم في حالة
تأهب قصوى،
وبالضبط في
ذلك اليوم كان
حزب (ج.ق.إ/FFS)
لحسين آيت
احمد يقوم
بمظاهرة كبرى
في العاصمة
جند لها ما
يناهز 800000 شخصا رافعين
شعارا واحدا
هو "لا دولة
أصولية ولا دولة
بوليسية"!! يوم
السبت 4 يناير
تبدأ أيام
"العزلة"
بالنسبة
إلينا، لقد
كنت في (ق.ق.بر/CFT) بعين
النعجة بصفتي
مسؤولا عن
خلية
الاستخبارات
بـ (م.ق.ع/PCO) مكلفا
بجمع
المعلومات
الواردة من
ثلاث مصالح
للأمن : (ق.إ.أ/DRS) و(م.ع.أ.و/DGSN) والدرك
الوطني،
وعندما ضبطت
كل المسائل
يوم 5 يناير
تلقيت الأمر
من العقيد
إسماعيل
العماري أن
أبلغ نسخة من
تقاريري إلى
خلية التحليل والتوثيق
(خ.ت.ت/CAD)
الموجودة في
مقر (ق.إ.أ/DRS)
بدالي
إبراهيم، هذه
المؤسسة
الجديدة
الموضوعة تحت
سلطة الرائد
بلعيد بن علي
المدعو
عليلي(مسؤول
مكتب التقويم والتلخيص،
وهو البطاقية
المركزية لـ"
ق.إ.أ/DRS") التي
كانت قد أنشئت
لتوها،
للاشراف على
إدارة حالة
الطوارئ التي
كانت ستعلن
بعد شهر من ذلك
التاريخ،
ولكن كذلك
لحماية
المصادر الهامة
لـ (ق.إ.أ/DRS)
والقيام
بعمليات من وراء
علم وحدات
(ج.و.ش/ANP) ثم بعد ذلك
تلقيت شخصيا
أوامر بألا
أحول إلى قيادة
الأركان
التقارير
التي يكون
عناصرنا متورطين
فيها(إسلاميون
منقلبون، أو
ضباط صف " ق.إ.أ/DRS " التحقوا
بالجبال
متظاهرين
بالهروب من
الجيش...) وكانت
الأسباب
المقدمة
حينئذ هي :
حماية المصادر،
الفصل بين
المصالح،
ولكن أيضا،
قلة ثقة رؤسائنا
تجاه بعض
العسكريين
الذين
يشاركون في عملية
مكافحة
الأصولية! وزيادة
على خلية
الاستخبارات،
فقد كانت كل التحضيرات
جارية،
فالرائد
رضوان صاري،
رئيس مصلحة
الإعلام
الآلي للجيش
قد ركّب
حواسيبه ليسهل
علينا تسيير
واستغلال
المعطيات
والبطاقيات. وفي
نفس الوقت
كانت هناك
وحدات محمولة
جوا قد حطت
رحالها في عين
النعجة،
ووحدات
مدرعات (بدعوى
حماية
العاصمة) أوتي
بها من
الناحية العسكرية
الثالثة (جنوب
غرب) وحدات
النقل
والإمداد
المكلفة
بالتموين،
(اللباس،
الذخائر، أقساط
المعركة،
السيارات...)
كانت قد وضعت
في البليدة
وهي مدينة
قريبة من
العاصمة، بها
مجموعة كبيرة
من الثكنات. يجب
علي أن أقول
بأن أغلبية
ضباط (ج.و.ش/ANP) من جيلي
(الذين يوجد
من بينهم
الكثير ممن لم
يكونوا
يدركون
المراهنات
جيدا) كانوا
مع وقف المسار
الانتخابي،
هؤلاء الضباط
كانوا يتمنون
عزل الشاذلي،
ويعارضون
بشدة قيام نظام
"ملالي" أما
بالنسبة إلي
فقد رفضت بعزم
وإصرار أي
توجه نحو قيام
جمهورية
إسلامية، لأني
كنت اعتبر أن
الدين أو
التدين هي
مسألة شخصية،
واعتقدت
مخلصا بأن أسس
الجمهورية
كانت مهددة،
لكن كنت من
أنصار مواصلة
الانتخابات،
حتى ولو تطلب
الأمر أن
يتدخل رئيس
الجمهورية
فيما بعد لحل
البرلمان
المنتخب، وهو
ما كان يدخل
ضمن صلاحياته
الدستورية. وعلى أي
حال فمن من
المؤكد أن
الكثيرين
كانوا
يعتقدون أن
انتصار (ج.إ.إ/FIS) سيكون
كارثة على
الجزائر، وأن
أرواحنا كانت مهددة،
وسيحدث لنا
مثلما حدث في
إيران أو
السودان، فرد
الفعل هذا أو
التلقين
الإيديولوجي
المعتنى به
جيدا من طرف
قيادتنا،
وكذلك تعلقنا
الشديد
بالطابع
الجمهوري
للجزائر،
والذي أفقدنا
موضوعيتنا
خلال هذه
الفترة
الحرجة، حيث
صرنا نعتبر،
وفي قناعة تامة
بأن (ج.إ.إ/FIS)
يمثل تهديدا
جديا، وأنه
ليس مجرد حزب
سياسي مثل
سائر الأحزاب
الأخرى التي
تنشط في
الساحة! فبهذا
التأييد
والمساندة
وتحت ذريعة أو
خدعة "أنقذوا
الجزائر"
وحافظوا على
الطابع الجمهوري
لمؤسسات
الدولة
الجزائرية،
قرر الجنرالات
"احتلال"
الجزائر! الانــقـلاب ابتداء
من 4 يناير
دخلت آلة
الحرب المستلهمة
من "خطة العمل
الشامل" التي
وضعها الجنرالان
العربي بلخير
وخالد نزار في
ديسمبر1990، في
مرحلتها
النهائية،
وهي القضاء
النهائي على
الـ(ج.إ.إ/FIS)،
وقد أوكلت
المهمة إلى
الجنرال محمد
العماري وإلى
رئيس أركانه
في (ق.ق.بر/CFT) العقيد
إبراهيم فضيل
الشريف. ولكن
كان يجب قبل
كل شيء التخلص
من الرئيس
الشاذلي بن
جديد.
فالأسبوع من 4
إلى 10 يناير قد
استغله الجنرالات
الانقلابيون
(الذين سيسمون
فيما بعد
"الينايريين")
لتحضير
النصوص، ووضع
الخطط،
واختيار
الشخصيات
التي يحتمل أن
"تسير" معهم،
والشروع في
المحادثات مع
محمد بوضياف،
وهو اسم
تاريخي بارز
في الثورة
الجزائرية كان
فد أكره على
اللجوء إلى
المغرب سنة 1963 63. غير
أنه قبل أن
يقع اختيارهم
على محمد
بوضياف لخلافة
الشاذلي بن
جديد شعر
الانقلابيون
بضرورة
التخفي وراء
واجهة مدنية
فكانوا قد فكروا
في إمكانية أو
احتمالات
أخرى، وقد ذكرت
أسماء شخصيات
كاريزماتية
وهم على
التوالي: أحمد
بن بلة، حسين
آيت احمد، و
حتى الدكتور
أحمد طالب
الإبراهيمي،
ولكنهم
استبعدوا
جميعا فبن بلة
اعتبر "
انتقاميا "
ويحتمل أن
يطلب حسابات
وآيت احمد
الديمقراطي
الأصيل قد
تجنب "هديتهم
المسمومة"
أما طالب
الإبراهيمي
فقد طعن فيه
من بعضهم
بوصفه "إمام
أنيق ببدلة،
ورابطة عنق"
ولم تبق بين
أيديهم إذن
سوى "ورقة بوضياف"
رغم تصريحه في
5 يناير
لأسبوعية
"جون أفريك"
بقوله:" يجب
على الجيش أن
يحترم اختيار الشعب". إن
هذه "الورقة"
كانت موضوعة
في حساب
الجنرالات
منذ زمن طويل،
مما يدل على أن
تصفية (ج.إ.إ/FIS)
كانت تحت
الدراسة منذ
مدة، حيث كان
قد أرسل علي
هارون في
ديسمبر 1990 إلى
المغرب للقيام
"بزيارة ودية
" للمعارض
القديم، وفي سنة
1991 كلفت أنا
شخصيا من طرف
رئيس (م.ج.م/DCE) بإرسال
صحفيين له
أحدهما معرب
(هو عز الدين بوكردوس
الذي أصبح
فيما بعد
مديرا ليومية
"الشعب"
التابعة
للدولة) وآخر مفرنس
(هو عمر
أومالو
المدير
السابق
لمطبعة ڤالمة)
وقد كان الهدف
من ذلك هو
استطلاع نية
بوضياف،
لاحتمال
إخراجه من
عالم النسيان
(ولكنني كنت
أجهل طبعا
المرمى
البعيد لهذا
المسعى). لقد
كان الانطباع
الذي أتى به
الصحفيان هو
أنه شخص
تجاوزته
الأحداث، وقد
كان مقطوعا تماما
عن واقع
الوطن، وظل
نسيانه قائما
حتى ذلك اليوم
الشهير
التاسع من
يناير 1992، وهو
التاريخ الذي
استعان فيه
علي هارون
بالابن ناصر
بوضياف
لإعادة
الاتصال بـ
"أبي الثورة".
وقد لفت
انتباهنا في
ذلك اليوم
الخميس 9
يناير، حركة
ذهاب وإياب
غير عادية في
قيادة أركان حرب
القوات
البرية بعين
النعجة، حيث
كان يسير نخبة
الضباط
السامين، بمن
فيهم نزار،
وبلخير
باستثناء
الجنرال
توفيق (لكن
هذا الأخير كان
على اتصال
مستمر معهم،
وقد كان ممثلا
بما فيه
الكفاية بكل
من إسماعيل
العماري
وكمال عبد
الرحمان
والصادق آيت
مصباح، وكذلك
العقيد سعيد
المدعو
"دوغول"
وحمزاوي من
(م.م.أ.ج/DCSA). إن
الاجتماعات
والمناقشات
(مع قواد
النواحي العسكرية،
أعضاء قيادة
الأركان، ثم
رؤساء الجيوش)
تتابع بسرعة
جهنمية،
فالمشكل كان
يتمثل في
إيجاد إخراج
أو تعليب
مقبول
للانقلاب،
أنا فيما
يخصني كنت على
علم بالتحضير
للانقلاب،
ولكني كنت
أجهل تماما
الكيفية التي
سيتم بها، عدا
استغلال
المعلومات،
وتنسيق العلاقات
مع الإدارة،
لم أُستشر إلا
حول جانب واحد،
هو المتعلق
بحماية
النقاط
الحساسة بفرق
من (ج.و.ش/ANP)
(مقر الإذاعة
والتلفزيون،
البنك المركزي،
المطار، قصر
الحكومة...) وقد
كان ذلك كافيا
للتكهن بما
تخبئ وراءها
تلك
الاستعدادات. حتى
أني رأيت في
بداية أمسية
ذلك الخميس
شخصية مدنية
في مقر (ق.ق.بر/CFT)،
ويتعلق الأمر
بوزير
الاتصالات
أبو بكر
بلقايد،
المقرب من
دائرة "أصحاب
القرار" وقد
أتى لتلقي
التعليمات
التي سيبلغها
للصحافة
وأجهزة
الإعلام،
وعندها
رأيناه ونحن
نغادر نادي
الضباط، وكان
العقيدان
صادق آيت
مصباح وكمال
عبد الرحمان
يمزحان بعد
الملحة التي
رمى بها هذا
الأخير:" لا
أدري إذا كان
هناك مشوي هذا
المساء..." (وتقليدا
كان المشوي
يعد بمناسبة
إحياء ذكرى حدث
هام، أو أثناء
قيام وزير أو
شخصية مدنية سامية
بزيارة إلى
الجيش). يوم
10 يناير ذهب
علي هارون
بأمر من
الجنرالات إلى
المغرب
لمقابلة
بوضياف،
ومحاولة
إقناعه
بالعودة إلى
الوطن، وبعد
تردد قبل
الرئيس السابق
لحزب الثورة
الاشتراكية
بأن يقوم بزيارة
خاطفة إلى
الجزائر لمدة
24 ساعة ليتمكن
من الاطلاع
والحكم على الأمور
في عين
المكان. وفي
يوم 11 يناير
حوالي منتصف
النهار أشار
علي العقيد
صادق ألا أفوت
سماع نشرة
أخبار الثامنة
مساء قائلا لي
"سيكون هناك
جديد" دون أن
يعطيني أية
تفاصيل أخرى!
وفي حدود
الساعة
الخامسة
انتهى إلى أن
يبوح لي
بالسر: "لقد
قبل الرئيس
الشاذلي بن جديد
أن يتنحى
بطريقة سلمية
"وبدون إراقة
دماء"" وفعلا
في المساء
ذاته، وبتأخر
ساعة عن الموعد
المعتاد
لنشرة
الأخبار 64
استهلت هذه
الأخيرة بما
سيكون آخر
حديث للرئيس،
والذي أعلن
فيه
"استقالته"
للشعب، وقد بدت
على ملامحه
شدة الصدمة. وهكذا
فالدور
الثاني
للانتخابات
التشريعية
الذي كان
مقررا إجراؤه
يوم 16 يناير لن
يجرى، وتم
إلغاء المسار
الانتخابي،
ووضعت التجربة
الانتخابية
في الخزانة،
و(ج.إ.إ/FIS)
المنتصر
الأكبر في
الاستشارة
الشعبية قد خدعت
وغشت، وأصبح
مصيرها على كف
عفريت كبير من
عصابة بلخير!!
إنه سطو حقيقي
في وضح النهار
على إرادة
الشعب
الجزائري،
مما جعل
الكثير من
الإسلاميين
لا يصدقون ما
يشاهدون ولا
يهضمون ما
يسمعون! ومن
هنا بدأت حرب
الجزائر
الثانية. إن
الإخراج
المسرحي الذي
يرمي إلى
إعطاء غطاء
شرعي لانقلاب
"عصابة يناير
" كان ملتويا
ومعوجا بصفة
خاصة. فبعد أن
تحصلوا على موافقة
الشاذلي على
ترك الحكم
دفعوه يوم 10
يناير
للتوقيع على
مرسوم حل (م.ش.و/ANP) (البرلمان)
بأثر رجعي، أي
بتاريخ اليوم
الرابع من نفس
الشهر، وهو ما
خلق وضعية غير
منصوص عليها
في الدستور،
إذ أن هذا
الأخير ينص
على أنه في
حالة استقالة
أو وفات أو
عجز رئيس
الجمهورية عن
القيام
بوظائفه
يخلفه رئيس
(م.ش.و/APN)، في الوقت
الذي كان هذا
الأخير (عبد
العزيز بلخادم)
محسوبا على
الاتجاه
الإسلامي
ويرفضه الجنرالات
(أتراك
الجزائر)، ومن
هنا كانت الحيلة
الماكرة
والجائرة بحل
البرلمان
بأثر رجعي وهو
توقيع
المرسوم في
اليوم العاشر
بتاريخ
الرابع من
يناير، ولقد
حاولوا كثيرا
إقناع رئيس
المجلس
الدستوري عبد
المالك
بلحبيلس ليستخدموه
كدمية على رأس
الدولة، إلا
أنه رفض رفضا
قاطعا. وهنا
خطرت على بال
الانقلابيين
خدعة منافية
تماما
للدستور،
لكنها ناجعة.
ففي يوم 12
يناير "أثبت"
المجلس
الأعلى للأمن (م.أ.أ/HCS)
وهو
مؤسسة
استشارية
محضة (لكنها
تحت سيطرتهم)65
استحالة
مواصلة
المسار
الانتخابي،
ويومان بعد
ذلك يقرر (م.أ.أ/HCS)
أن إدارة
الدولة توكل
من الآن،
ولمدة سنتين إلى
كيان جديد هو
المجلس
الأعلى
للدولة (م.أ.د/HCE)، وهي هيأة
سياسية صورية
صنعت على
المقاس بالمناسبة
وقد عهد
برئاستها إلى
محمد بوضياف.
فقام هذا
الأخير
بعودته
الرسمية إلى
الجزائر يوم 16
يناير بعد 28
سنة قضاها
منفيا في
فرنسا ثم في
المغرب،
وأثناء
زيارته
"السرية" إلى
الجزائر قبل
ذلك بأيام
قليلة كما
سبقت
الإشارة، أكد
له الجنرال
نزار، بنفاقه
وخداعه
المعهود، أنه
سيضع الجيش
تحت تصرفه!
وزيادة عن
بوضياف الذي
يضمن الشرعية
التاريخية،
فإن (م.أ.د/HCE)
كان مشكلا من
رجال
"مؤتمنين" هم:
الجنرال خالد
نزار ذاته،
التيجاني
هدام (طبيب،
وسفير سابق
للجزائر في
المملكة
العربية
السعودية،
وعميد مسجد
باريس، وهذا
لإرضاء
البلدان الإسلامية
كذلك
الإسلاميين
المعتدلين)
علي كافي
(عقيد سابق في
الولاية
الثانية
التاريخية خلال
الثورة (1954-1962)
وسفير سابق،
ورئيس
المنظمة الوطنية
للمجاهدين،
الذي سيضمن
كذلك بدوره كفالة
المحاربين
القدامى لما
يمثلون من ثقل)
علي
هارون(محام،
ومسؤول سابق
في اتحادية فرنسا
لـ(ج.ت.و/FLN)
أثناء حرب
التحرير،
ووزير حقوق
الإنسان وذلك
لمخادعة
الديمقراطيين
وأصحاب
النزعة البربرية)
إنها تشكيلة
متنوعة
المشارب روعي
فيها العديد
من الجوانب
بما فيها
التوازن
الجهوي! إن
هذه المؤسسة
التي اصطنعها
الجنرالات
وفصلوها على
مقاساتهم
وأهوائهم،
تمثل خدعة
جديدة،
للتمكن من ربح
الوقت، وانتزاع
تأييد دولي،
لتفادي
الانتقادات
التي سيحدثها
الانقلاب
العسكري، كما
قد يعرضهم
أيضا إلى
عقوبات
محتملة من
المجموعة
الدولية... قـمع
في كل
الاتـجاهـات وفي
الوقت الذي
أخذت هذه
الواجهة
المدنية
تتثبت في
مكانها، كانت
"عصابة يناير
" تعد العدة
لقمع
الإسلاميين
واضطهادهم،
وهذا القمع
سيكون عنيفا
جدا، وسيتم
كذلك بكيفية
غريبة، وكأن
تحقيق الأمن
والاستقرار
هو فعل كل شيء
من أجل تشجيع
العنف الإسلامي
بدلا من العمل
على إخماده!! ففي
الرابع من
يناير (كما
سبق أن ذكرت)
وصلت إذن إلى
الـ (ق.ق.بر/CFT) في عين
النعجة
برجالي
وملفات
الأشخاص
المشبوهين
لضمان
"المهمة التي
سترهن مستقبل
الوطن" التي
كلفني بها
الجنرال محمد
العماري. وأثناء
إحدى جلسات
العمل التي
ترأسها
العقيد صادق
آيت مصباح،
تقرر
الاعتقال
الفوري لكل
الإسلاميين
المعتبرين
خطرين، وقد
كانت قائمة
الأشخاص
المطلوب
توقيفهم
تتضمن أعضاء
مجلس الشورى
لـ(ج.إ.إ/FIS)
ورؤساء
المجالس الشعبية
البلدية (م.ش.ب/APC)
والمجالس
الشعبية
الولائية
(م.ش.و/APW)
ومترشحي (ج.إ.إ/FIS)
للتشريعيات
(بمن فيهم
أولئك
الفائزين
لتوهم في الدور
الأول)
ومسؤولي
المكاتب
البلدية، الطلبة
والنقابيين
(بمن فيهم
أعضاء الـ
"ن.إ.ع/SIT")
المسجلين على
لائحة
المتعاطفين
مع (ج.إ.إ/FIS)
وخاصة
المتطرفين
الذين يحتمل
أن يدعوا إلى
الجهاد، وهم
الأئمة
المعروفون
بخطبهم النارية،
والمتطوعون
القدامى في
حرب الأفغان
ضد الروس،
وأعضاء
الـ(ح.إ.م/2MIA)، وجماعات
التكفير
والهجرة،
وجماعات
الدعوة
والتبليغ،
لقد كان العدد
الإجمالي
لهؤلاء المطلوبين
يتراوح ما بين
1100إلى 1200 شخصا في
الجزائر
ونواحيها
(البليدة،
الأربعاء،
بومرداس، المدية،
الشلف..) إلا أن
العملية لم
تتم كما كان
مقررا لها،
حيث تلقينا
أمرا بإلغاء
العملية في
ساعة متأخرة
من ذلك المساء
من طرف
الجنرال
إسماعيل
العماري.
وسيعاد لاحقا
النظر في هذا
الرقم نحو
الزيادة حيث
كان العربي
بلخير وزير
الداخلية
أنذاك يريد
المزيد من
الاعتقالات،
فابتداء من
يومي11و12 يناير
شرع في توقيف
المئات من
الأشخاص، لكن
آخر الشهر
خاصة هو الذي
سيشهد توقيف
الآلاف من
مناضلي (ج.إ.إ/FIS)،
والمتعاطفين
معها، ولم يكن
يستثني من تلك
التوقيفات
(بشكل يثير
الاستغراب
ويبعث على الريبة)
إلا أولئك
المتطرفون
الخطيرون
المسجلون في
قوائمنا
الأولى
المأخوذة من
البطاقية! فقد
شنت فعلا حملة
توقيف على غير
هدى، وكأني
بهم يريدون أن
يثّوروا
هؤلاء الشبان
عن قصد،
ويدفعوهم إلى
بغض الدولة
والحقد
عليها، وكره
كل مَن وما
يمتّ إليها
بصلة! رغم
أن الوضعية قد
هدأت بشكل
ملحوظ، بعيد
إكراه
الشاذلي على
تقديم
استقالته حيث
كانت معلوماتنا
الميدانية
تبين أن
الإسلاميين
كانوا في
غالبيتهم غير
راغبين في
الانتقال إلى
العمل المسلح
بل كانوا يفضلون
مقاومة هذا
"الانقلاب
العسكري"
ضدهم لمصادرة
انتصارهم
المشروع في
انتخاب 26
ديسمبر، رغم
ذلك كله فقد
تلقت الشرطة
تعليمات
بمراقبة محيط
المساجد،
والقيام،
خفية، بتصوير
كل مناضلي
(ج.إ.إ/FIS) الذين
يدعون إلى
الاحتجاج أو
التظاهر! كما
أعطيت
الأوامر
لمصالح
الـ(أ.ع/SM)
المندسين في
صفوف
الإسلاميين،
بحضور كل الاجتماعات
التي يعقدها
مسؤولو (ج.إ.إ/FIS). وقد
كانت الوضعية
تبدو إذن تحت
السيطرة عندما
أصدر (م.أ.د/HCE) قانونا في 20
يناير يمنع التجمعات
في ضواحي
المساجد، وهو
ما كان معتادا
منذ سنوات،
أثناء صلاة
الجمعة في كل
أسبوع، ولقد
كان هذا
القانون
الجائر يمثل
استفزازا مثيرا،
لاسيما أن عبد
القادر حشاني
كان قد أوقف
في 22 يناير (في
باش جراح من
طرف الرائدين
عمار ڤطوشي
وحمو بلويزة)
بأمر من
الجنرال توفيق،
بسبب مطالبته
في بيان(نشر
في جريدة الخبر)
الجيش،
والشرطة،
بعصيان أوامر
رؤسائهم، إذا
كانت تبدو هذه
الأوامر "ضد
اختيار الشعب"
(ومن المؤكد
أن مسؤولي
"ج.و.ش/ANP"
كانوا يخشون،
رؤية قسم من
وحدات الجيش
أو قوات الأمن
تنقلب ضدهم) وهكذا
ستغرق هذه
القرارات
البلاد كلها
في فوضى
عارمة، حيث
أصبحت تجمعات
يوم الجمعة في
كل مساجد
الوطن، تقمع
بوحشية من طرف
الجيش في
الشهور
اللاحقة، وهو
ما أطلق دورة
أو حلقة من
الاحتجاج
والقمع
(أوالفعل ورد
الفعل) التي
ستسفر عن
عشرات
القتلى،
ومئات الجرحى،
وآلاف
الموقوفين. عندما
بدأت عمليات
التوقيف هذه
كنا على
مستوانا
بعيدين عن
تصور القيام
باعتقالات
كثيفة، وعلى
نطاق واسع!
كالذي حصل،
إذا كان الأمر
بالنسبة لنا
على الخصوص
يتعلق
باستباق
الانفلاتات،
والاكتفاء
فقط بتحييد
الأفراد
الخطيرين
الذين يحتمل أن
يؤدي بقاؤهم
خارج السيطرة
إلى الإخلال
بالأمن العام. وحتى
إذا أخذنا في
اعتبارنا
المدن الأخرى
مثل قسنطينة،
سيدي بلعباس،
عنابة،
وهران، جيجل،
فإن عدد
المعتقلين لم
يكن يتجاوز
أبدا 2000، ولكن
في آخر يناير
اعطى الجنرال
بلخير بصفته وزيرا
للداخلية
أوامر للولاة
بحجز كل قوات
الأمن "لحبس"
أكبر عدد ممكن
من
الإسلاميين.
وبحماسة
زائدة عن
اللزوم، أو
لسبب فقدان
الوعي
والادراك شن
رجال الشرطة
حملة عشواء
على كل شخص
ملتحي أو
يرتدي "قميص
عبادة"، وعلى
كل فرد
"مشبوه" يوجد
بالقرب من
مسجد. فبذكر
قيادة الجيش
لمحمد بوضياف
هذه الاضطرابات
الناجمة عن
الاستفزاز
والقمع
الوحشي نجحت
في إقناعه
بضرورة سجن
الإسلاميين
"الخطرين"
كما وصفوهم له!
وهكذا وقع
رئيس(م.أ.د/HCE) يوم9
فبراير،
المرسوم
القاضي
بإقامة حالة
الطوارئ الذي
ينص على
الخصوص (في
المادة رقم 5)
على أن "لوزير
الداخلية
الحق في الأمر
بحبس كل شخص
يتبين أن له
نشاطا خطيرا
على النظام
والأمن العام،
وسير المصالح
العمومية، في
مراكز أمنية ستقام
في أماكن
محددة، وهذه
المراكز
ستنشأ بمرسوم
من وزارة
الداخلية".
وبتوقيعه
لهذا المرسوم
الخطير
المقيد
للحريات فقد
تحمل رئيس (م.أ.د/HCE) على عاتقه
مسؤولية
ثقيلة، في حين
أن فكرة "المراكز
الأمنية " هذه
المستلهمة
أصلا من
ممارسات
الاحتلال
الفرنسي، هي
في الحقيقة من
بنات أفكار
"التلميذ
النجيب"
العربي! إن
حالة الطوارئ
تهدف إلى دعم
سلطة مصالح
الأمن، إذ
أنها ابتداء
من الآن
سَتُشَرْعِن
استجوابات
وتوقيفات
"المشبوهين"
وكذلك مد فترة
التوقيف تحت
التحقيق
لثمانية أيام
بدلا من ثماني
وأربعين
ساعة، وكذلك
اقتحام
المساكن، والتنصت
على
المكالمات
بدون إذن مسبق
من العدالة...الخ.
وباختصار فإن
كل التجاوزات
والخروقات
كان مسموحا
بها، والقائم
بها معفى
تماما من أي
عقاب! إن
كل معارض جدي
يعد مشبوها،
وبالتالي
يمكن أن يتعرض
إلى الحبس،
فهذه الطرق
التي عرف بها
ديكتاتورات
أمريكا
اللاتينية،
لم تترك أمام
الناس إلا
خيارا واحدا،
هو تقديم الولاء
للجنرالات. هناك
مركز
"استقبال"
وفرز
الإسلاميين
الموقوفين
عهد به إلى
الرائد محمد
بن عبد الله،
نصب في ثكنة
الحرس
الجمهوري
"بالليدو"
(بلدية
المحمدية) شرق
العاصمة، وقد
وضع تحت تصرفه
رجال الدرك
للقيام
بعملية استجواب
الموقوفين
واستنطاقهم،
وقد وضعت
القاعدة
الجوية
ببوفاريك في
حالة استنفار
لتمكين طائرات
الجيش من ضمان
الاتصال ونقل
الأشخاص الموقوفين
نحو المراكز
المقامة في
الجنوب،
ابتداء من
منتصف فبراير
(عين مجل، برج
عمر دريس، رڤان،
تامنغست،
وادي
الناموس...) ففي
أقل من شهرين بلغ
عدد
الموقوفين
المفترضين
"متطرفين" ما يناهز
13000 معتقلا،
العديد منهم
لم تكن لديهم
أية علاقة
بالتطرف أو
الأصولية، بل
ولا حتى بالـ(ج.إ.إ/FIS)، ذلك أن
بعضهم قد ذهب
ضحية رجال
الشرطة المتحمسين
أكثر من
اللازم، أو
نتيجة وشايات
كاذبة تدخل في
إطار تصفية
حسابات
شخصية، أو
ثارات جوارية
أوعائلية وما
شبه ذلك! ونظرا
لظروف
الاعتقال
(الحرارة،
الاختلاط، الإذلال...)
والشعور
بالظلم تجاه
هذا الإجراء التعسفي،
فلم يكن أفضل
من ذلك لتنمية
الشعور بالعداء
للنظام،
والدفع إلى
الثورة، وزيادة
على ذلك فإن
هذه
التوقيفات
مكنت المناضلين
الإسلاميين
القادمين من
مختلف جهات
الوطن من
التعارف (وهو
ما سيسمح فيما
بعد بتكوين هياكل
فعالة
للتأييد
والدعم للذين
سيلتحقون
بالكفاح
المسلح بعد
إطلاق
سراحهم،
وهكذا فإن
إسلاميا من
جيجل يستطيع
أن ينشط في
المسيلة، والذي
هو من دلس
يستطيع أن
يقوم بعمليات
مسلحة في
الجلفة...). وبما
أننا قد سربنا
بعض العناصر
إلى داخل هذه المراكز
بهدف إمدادنا
بالمعلومات
حول الحالة
النفسية
والمعنوية
للإسلاميين
المعتقلين،
من ناحية
مشاريعهم
المستقبلية،
وسائل الاتصال
والعلاقات
التي يفكرون
في تطويرها...الخ
سيكون من
السهل جدا
تبعا لذلك بالنسبة
لبعض مصالح
(ق.إ.أ/DRS) استغلال
هذا الشعور
والإحساس
بالظلم المعبر
عنه بالعامية
"بالحڤرة"
(ويعني مزيجا
من الظلم
والاحتقار
والإذلال)
الذي راح
ضحيته الكثير
من الشبان
لحضهم على
الثورة
ودفعهم إلى
الالتحاق
بالمقاومة
المسلحة في
الجبال
واستغلالهم
ضد أهداف محددة
بعينها. ولكن استغلال العنف الإسلامي من طرف عصابة الجنرالات كان في الحقيقة قد بدأ بالفعل. عمليات
شارع بوزرينة
والأميرالية يوم
السبت الثامن
من فبراير دق
الهاتف عندي، وكنت
قد وضعت
السماعة لتوي
بعد تهنئة
والدتي التي
احتفلت بعيد
ميلادها في
ذلك اليوم،
وقد اعتذرت
لها عن عدم
الحضور إلى
عنابة حيث
كانت تقيم منذ
ولادتها... لقد
كان مخاطبي هو
العقيد إسماعيل:"
الحبيب تعال
من فضلك" فكرت
لحظتها أنه
ناداني كي
يخبرني بحالة
الطوارئ التي
كانت ستعلن في
اليوم التالي
(وقد كنت على علم
بهذا الترتيب
منذ ثلاثة أو
أربعة أيام)
وإلا فلإجراء
تقويم
للأحداث
الدامية التي
وقعت أثناء
صلاة الجمعة
في مدينة
باتنة التي
تبعد حوالي 400
كلم عن
العاصمة، حيث
قام الجيش
بعملية قمع
لمظاهرات
أسفرت عن مقتل
حوالي 50 شخصا. وعندما
وصلت إلى
غرمول (مقر "م.ج.م/DCE") لاحظت
أول شيء غير
معتاد وهو
حضور النقيب
سعيد لوراري
المدعو
"سعود"
(سيُعين لاحقا
في مدينة ليل
الفرنسية
كنائب قنصل
سنة 1993) الذي
حضرهذا
الاجتماع
بدلا من رئيسه
الرائد
بوقشابية نائب
مدير في (م.ج.م/DCE)، والرئيس
عندنا لا
يخلفه نائبه
إلا في حالات
غيابه، وهو ما
لم يكن كذلك
يومها
بالنسبة
للرائد
بوقشابية
(الذي كان
موجودا ولكن
إسماعيل
استبعده من المشاركة
في هذا الفعل
الخسيس – كما
علمت فيما بعد
– نظرا لما كان
يعرف عنه
بالتزامه
الشديد بالعمل
في إطار
الشرعية
القانونية). كان
الاجتماع حول
تقويم وضعية
"التمرد الإسلامي"
في تلك
الآونة،
ويتعلق بضبط
الأمور فيما
يخص قادة (ج.إ.إ/FIS) الذين
بقوا خارج
القضبان،
وكذلك
التفكير في إشراك،
وبالأحرى
توريط قوات
الشرطة و(ج.و.ش/ANP) في الحرب
الشاملة ضد
الإسلاميين،
والعقيد
إسماعيل الذي
كان شبه مقيم
في وزارة
الداخلية كان
غير راض على
تراخي رجال
الشرطة الذين
يتسكعون في
أزقة ومقاهي العاصمة
دون أن يثبتوا
في نظره
بوجودهم
المادي فرض
احترامهم على
الإسلاميين،
لم يكن يخفي بعض
تخوفه من أن
يراهم
يتعاطفون مع
خطاب حزب الـ(ج.إ.إ/FIS) الذي ظلم
بحرمانه من
انتصاره في
الانتخابات،
والمحتج ضد
التوقيف
التعسفي لمناضليه. ففي
تدخله
الممزوج
بالغضب
والاستهتار
طلب معرفة ما
إذا كانت
لوائحنا
وبطاقاتنا
تتضمن رجال
شرطة من
الـ(م.ع.أ.و/DGSN) معروفين
بتعاطفهم مع
(ج.إ.إ/FIS) لأنه
ابتداء من
الآن "سنفعل
مثل تونس: "لن
نتسامح أبدا
بوجود أفراد
ذوي ميول
إسلامية في أسلاك
الأمن ولا في
ضفوف
الـ(ج.و.ش/ANP)،
العقيد كمال
عبد الرحمان
رئيس (م.م.أ.ج/DCSA) سيتكفل
بعملية
التطهير داخل
الجيش،
وإسماعيل
سيتولى أمر
"المدنيين"
هاهي ذي
المهام كيف
وزعت 66،
فلو تحدث عن
رجال الشرطة
"المرتشين"
لأعطيته (دون
أن أكون
مغاليا) قائمة
تحمل على
الأقل مائة
اسم، لكن
التحدث عن ذوي
الميول
الإسلامي في
صفوف الشرطة
هذا بدالي
شيئا غير
معقول تماما!
خاصة وأن
دستور 1989،
يعترف بوجود
الأحزاب السياسية
و(ج.إ.إ/FIS) حتى
الآن حزب
معترف به
قانونا،
ويعمل في إطار
الشرعية
تماما كباقي
الأحزاب
العاملة في الساحة
دون أي تمييز! ولكي
ألطف الجو بعض
الشيء قلت له:"
أنا لا أعرف
إلا واحدا هو
"عمي احمد"
(المحافظ أحمد
بوصوف المكلف
بحفظ النظام
في العاصمة
والمعروف حتى
في التلفزيون،
نظرا لحضوره
أسبوعيا في
الملاعب بمناسبة
إجراء
المقابلات
الرياضية، أو
التظاهرات
الثقافية) وهو
موجود معنا في
(ق.ق.بر/CFT)
بعين
النعجة"، لكن
هذه المزحة
سقطت باردة، فالأمر
في غاية الجد
حيث أجاب رئيس
(م.ج.م/DCE) قائلا
"إننا لسنا في
وقت مزاح،
فالبلد مهدد، وإذا
لم نتحرك لفعل
شيء فوداعا يا
جزائر!!"، ثم
قال لي بصوت
خفيض:"هل
الشرطة على
مستواكم كذلك
تتدخل
مباشرة؟"
يريد أن يعرف
ما إذا كان
رجال الشرطة
يتدخلون
بفعالية في
عمليات التوقيف،
وإذا ما كانوا
ينفذون
توجيهات القيادة
العسكرية دون
طرح تساؤلات؟
فأجبت بالإيجاب،
موضحا بأن
مجال تدخلها
يتحدد في نطاق
المدينة أو
المجموعة
السكانية،
وأن خارج ذلك يدخل
في دائرة
اختصاص الدرك
الوطني (في
ذلك الوقت كان
توزيع المهام
بالنسبة
لتوقيف
الإسلاميين
ما يزال يتم
بحسب التقسيم
القديم، حيث
كانت تعمل كل
مصلحة في
مجالها
المحدد:
فالشرطة تعمل
في المراكز
الحضرية
الكبرى،
والدرك خارج
المدن،
والقوات
الخاصة
للـ(ج.و.ش/ANP) تنصب
الحواجز كذلك
لمراقبة
السيارات
وهويات
المسافرين).
وسأدرك جيدا
فيما بعد
المغزى من
إلحاح إسماعيل،
ذلك أن
الأسابيع
اللاحقة عرفت
سقوط العديد
من أقارب
إطارات (م.ج.م/DCE)
برصاص جماعات
إسلامية
بكيفية غريبة
ومريبة، وهو
ما كان بمثابة
إعطاء بطاقات
بيضاء من إسماعيل
لتشجيع هؤلاء
الإطارات على
إشفاء غليلهم
في الانتقام
والثأر، وهذه
الطريقة
بالذات مكنته
من صنع وحوش
ضارية أو
"آلات قتل
بالجملة". وبعد
هذا الاجتماع
في ليلة 9 أو 10
فبراير وهو اليوم
نفسه الذي
دخلت فيه حالة
الطوارئ حيز
التنفيذ،
هاتفت امرأة (م.ق.ع/PCO)
لإخطارهم
بوجود شخصين
بصدد السطو
على منزل بشارع
بوزرينة في
القصبة
بالعاصمة
وبمجرد أن
تلقيت المكالمة
حولتها إلى
المحافظ
بوصوف "عمي
أحمد" الذي
كان مداوما
يومها في (ق.ق.بر/CFT) وفي أقل
من خمس دقائق
كانت سيارتان
مع 7 من رجال
الشرطة
تتجهان إلى
عين المكان من
أقرب محافظة
شرطة (وكانت
محافظة باب
جديد فيما
أذكر) فقد كان شركا
منصوبا لرجال
الشرطة
الستة، نصر
الدين حمدوش،
سامي لعواني،
مراد ميهوب،
عمر مولاي،
محمد عكاش،
ويوسف بخدة،
حيث نخلوا
كلهم بالرصاص
وجردوا من
أسلحتهم ومن
أجهزة
الراديو التي
كانت معهم،
ولم ينج من
هذه المذبحة
إلا شرطي واحد
تظاهر بأنه
ميت، حسب
الرواية التي
وصلتنا بعد
الفاجعة،
وكان الأمر
يتعلق بأوائل
الشرطة من
ضحايا "الحرب
القذرة"
الأولين في قائمة
طويلة جدا!! وطبعا
فالصحافة
الجزائرية
ألصقت هذه
الجريمة
مباشرة
بالإسلاميين
وبالتالي
المجموعة المسلحة
التي كان
يقودها شخص
يدعى "موح
ليفيي" الذي
سأعود إلى
الحديث عنه
(أنظر الفصل
اللاحق)، وفي
اليوم التالي
أثناء عملية
ليلية،
وبدعوى البحث
عن الجماعة
المسلحة،
قامت مجموعة
من المغاوير
المظليين،
باغتيال شهود
عيان محرجين
في المكان
نفسه تقريبا الذي
وقعت فيه
المذبحة. وثلاثة
أيام بعد
عملية شارع
بوزرينة
وببضع مئات من
الأمتار من
القصبة هوجمت
الوحدة
العسكرية
لتصليح
البواخر الحربية
الواقعة
بالمكان
المسمى
"الأميرالية"
67
بميناء
الجزائر من
طرف جماعة
مسلحة، وكانت
الحصيلة 10
قتلى من بينهم
7 عسكريين،
وشرطي واحد،
وقد صرحت
الصحافة
حينئذ كذلك
بأن هذا الهجوم
قامت به
مجموعة "موح
ليفيي"
بتواطؤ عسكريين
مناصرين
للإسلاميين
من داخل
الثكنة، فكان
الأمر يتعلق
فعلا بأحد
الأفاعيل
القذرة الجديدة
التي تقوم بها
المصالح، كما
كشفها الملازم
حبيب سوايدية
في كتابه وقد
عرف تفاصيل العملية
من أحد
المشاركين
فيها مباشرة
وهو عسكري
سابق تعرف
عليه في السجن
68 وهي
التفاصيل التي
مكنتني
مصادري
الخاصة فيما
بعد من التأكد
منها، هذه
العملية
المرموز لها
باسم "عملية البطيخ"
كانت قد دبرت
بالكامل من
(م.م.أ.ج/DCSA)
بضمان
ومباركة أعلى
المسؤولين في
الجيش! وفي
شهر نوفمبر 1991
ألقي القبض
على ستة
عسكريين (من
بينهم ضابطان
وأربعة طلاب
ضباط) من المدرسة
الحربية
بتهمة
التعاطف مع
الإسلاميين،
وبعد عدة أيام
من
الاستنطاقات
في مقرات (م.ع.ر.ب/CPMI) في بن
عكنون التي
يقودها بشير
طرطاڤ، قد أطلق
سراحهم في
يناير 1992 وأعيد
إدماجهم
ثانية في وحداتهم،
وهو ما كان
مخالفا تماما
للمعهود، وخاصة
في وضع متفجر
مثل ذلك، بالنظر
إلى الأسباب
التي أوقفوا
من أجلها (فقد
كان من
المفروض، وفي
أحسن الأحوال
أن يتم نقلهم
إلى أماكن
أخرى كما تنص
على ذلك
القوانين العسكرية)،
لقد أطلقت
سراحهم الـ
(م.م.أ.ج/DCSA) وهم
يعلمون أنهم
سينظمون هذه
العملية مع
جماعة "موح
ليفيي". وبعد أيام
قليلة من هاتين
العمليتين
يتلقى المقدم
صادق آيت مصباح
في عين النعجة
مكالمة
هاتفية من
المرأة التي
بلغت هاتفيا
ليلة 9 و10 بشأن
شارع بوزرينة
وبما أنني كنت
حاضرا في
مكتبه فلم
يفتني أي شيء
من حديثهما،
فلقد عرفت
هكذا أن هذه
المرأة هي عميلة
للـ(أ.ع/SM)، وكانت
منشغلة عن
مصير ابنها
البالغ من
العمر ثماني
عشرة سنة، كان
من ضمن جماعة
"موح ليفيي"
أحد الفاعلين
المحتملين
لمذبحة شارع
بوزرينة
والأميرالية. وبعد
هذه المكالمة
الهاتفية من
والدة "الإرهابي"
تساءلت عن
المدبرين
الحقيقيين
لهذه العمليات،
ولكنني لم أكن
أتصور على
الإطلاق أن
تبلغ الوحشية
بمسؤولي (ق.إ.أ/DRS) أن يكونوا
هم أصل هذه
الأعمال
الفظيعة، ثم سرعان
ما أنستني
أهوال
الأحداث هذه
الواقعة، وخرجت
من ذاكرتي
تماما!. وبعد
سنوات من ذلك
اطلعت على
تصريحات ضابط
شرطة يعيش في
المنفى، هو
كمال ب، والذي
كان قد حقق
وقتها في هذه
القضية، ففي
حديث مع
"ألجيريا
واتش" في سنة 1999 69 بين أن
تحقيق الشرطة
توصل إلى
اكتشاف أن من
بين منفذي
عملية اغتيال
الشرطة في
شارع بوزرينة
يوجد عناصر من
الأميرالية
الذين
اعترفوا أنهم
تلقوا الأمر
من مصالح
الاستخبارات
بالقيام بهذه
العملية. قد
أضاف هذا
الضابط بأن الفاعلين
المحتملين
لهذه
الاغتيالات
والذين عرضوا
على شاشة
التلفزيون
بصفتهم
متعاطفين مع
(ج.إ.إ/FIS)، قد أصدرت
المحكمة
العسكرية في
حقهم أحكاما بالإعدام
ولكن الأمر
برمته لم يكن
إلا مهزلة،
حيث شوهد ضابط
الصف الذي قاد
عملية
الاغتيال بعد
ذلك بأيام من
طرف أحد
زملائه وهو
يتفسح بكل
حرية في ساحة
الشهداء
بالعاصمة!! إن
تصريح هذا
الشرطي قد مكن
من تكملة
القطعة الناقصة
من الصورة
وأكد يقيني
بأن عمليتي
بوزرينة
والأميرالية
المورطة
لعناصر "موح
ليفيي"
وعساكر
المدرسة
البحرية
(الذين كان
بعضهم عملاء
مخابرات
والبعض الآخر
إسلاميين مستعملين
دون علمهم)
كانتا بالفعل
من تدبير
مسؤولي (ق.إ.أ/DRS) الذين
كانوا
يستهدفون
تحقيق غايتين
في آن واحد،
إرهاب رجال
الشرطة
لدفعهم حتما
للتورط في
أعمال القمع
والاضطهاد
الممارس ضد
الإسلاميين،
وتخويف الرأي
العام لدفعه
إلى التجند أكثر
وراء (ل.و.إ.ج/CNSA)
المناهضة
للإسلاميين! دوامـة
الحـقـد إن
قضية شارع
بوزرينة كانت
الأولى من
نوعها، ولكن
مع الأسف قد
أتبعت
بأخريات
كثيرات "لتحسيس"
رجال الشرطة
بالخطر
الإسلامي،
وتلقينهم
شعار "تَقتُل
أو تُقتَل"
الذي دشن
انطلاق سلسلة
الحقد
والضغينة
(مذابح،
اضطهادات، مذابح)
التي أدمت
وطني لسنوات
عديدة، إن
القمع
والاضطهاد
بات يضرب خبط
عشواء في كل
الاتجاهات،
حيث اعتقل
الكثير من الأئمة.
ففي يوم
الجمعة 14
فبراير نجى
قائد (ج.إ.إ/FIS) محمد
السعيد في آخر
لحظة من القبض
عليه في مسجد
العناصر حيث
ألقى آخر خطبة
جمعة له، ثم
انتقل بعد ذلك
التاريخ إلى
السرية لقيادة
"خلية
الأزمة"
للحزب
الإسلامي
التي تأسست في
يناير
لمحاولة
تنظيم رد
الفعل على الصدمة
العنيفة التي
تلقوها من
الجيش ومصالح
الأمن. لكن
قادة (ج.إ.إ/FIS) الذين
بقوا إلى ذلك
الحين خارج
القضبان (ومن بينهم
محمد السعيد،
وعبد الرزاق
رجام) لم يعد بإمكانهم
السيطرة على
أي شيء
تقريبا، ففي
بيان نشر يوم 22
فبراير طلبوا
"العودة إلى
الحوار
السياسي
الجدي قبل أن
يصبح العنف هو
البديل لدى
الأطراف التي
يريد النظام
أن يقصيها أو
يتجاهلها..."
لكن الوقت كان
قد فات مع
الأسف! فبعد
توقيف الآلاف
من الإطارات
والمتعاطفين
لم يبق أمام
أولئك الذين
يريدون أن
ينجوا من
القمع
والاضطهاد
إلا السرية،
فقد اختار
بعضهم
الانتقال إلى العمل
المسلح ولكن
بطريقة
فوضوية
تماما، وذلك
لأن (ج.إ.إ/FIS)
لم يكن مهيئا
لتوخي هذا
المخرج على
الإطلاق، وقد
كنا في موقع
يسمح لنا
بمعرفة ذلك
جيدا فالذين
كانوا
موجودين
آنذاك في
الساحة هم فقط
الجماعات
التي كانت
مصالحنا قد
اخترقتها
(كجماعة
التكفير
والهجرة، الـ(ح.إ.م/2MIA) "طبعة 1990" أو
شبكات
"الأفغان")
وأكرر مرة
أخرى أن هذه
الجماعات لم
تكن لها أية
صلة بـ(ج.إ.إ/FIS) على
الإطلاق!. وقد
التحق الشبان
الثائرون
بهذه
الجماعات على
عدة مستويات
وبطبيعة
الحال لم
يكونوا يشكون
في أنهم كانوا
في الحقيقة
مسيرين. وشرع
آخرون في تكوين
خلايا
مجموعات
مستقلة حول
أشخاص نصبوا أنفسهم
"أمراء"
محليين
(وسأعود إلى
هذا الموضوع
في الفصل
التالي). وطوال
شهر فبراير 1992
قام هؤلاء
وأولئك
بمهاجمة رجال
الدرك
والشرطة
المكلفين
بحفظ النظام
في مختلف
أحياء العاصمة
(الحراش،
بلوزداد،
القصبة، باب
الوادي، باش
جراح، بن عمر،
برج الكيفان...). وكما شرح لنا
فللتصدي لهذا
التهديد كلفت
الشبكات
الإسلامية
المستعملة من
(م.ج.م/DCE) و(م.م.أ.ج/DCSA) بضم هذه
المجموعات
المتناثرة
وتوحيد قيادتها،
ولكن هذه
الخطة باءت
بالفشل، لأن
كل المحاولات
قد أخفقت وذلك
على الأقل قبل
شهر يوليو 1992. ولم أعلم إلا
فيما بعد بأن
رؤساء (م.ج.م/DCE) و(م.م.أ.ج/DCSA) كانوا
يقومون
حينذاك بلعبة
مزدوجة (وهو
ما يتماشى
منطقيا مع
"خطة نزار"
التي انطلقت
منذ 1990. وكما
قيل لأغلب
إطارات
المخابرات
وأنا منهم فإن
اختراق المجموعات
الإسلامية
كان يهدف إلى
معرفتها جيدا
للتمكن من
القضاء
عليها، وكما
بدا لنا فهو
خيار تقليدي
في إطار شن
حرب ضد
التخريب، ولكن في
الحقيقة
بالتواطؤ
النشيط
والسري لعدد
قليل جدا من
إطارات (ق.إ.أ/DRS)
كانوا قد
انتقوا
بعناية لهذه
المهمة حتى
قبل الانقلاب
(ومن بينهم
الرواد: عمار
ڤطوشي عن
"ق.إ.أ/DRS" وبشير
طرطاڤ عن "م.م.أ.ج/DCSA")
كان هذا
الاختراق في
البداية يهدف
إلى إذكاء
العنف
"الطبيعي"
لهذه
الجماعات
بدفعهم إلى
مضاعفة
العمليات ضد
قوات الأمن
بكيفية تجعلنا
كلنا نميل إلى
صف "عصابة
يناير". ولقد
كان هاجس هذه
الأخيرة وعلى
رأسها العربي
بلخير وخالد
نزار، هو أن
قسما من الجيش
أو الشرطة كان
يرفض إتباعهم
ومسايرتهم في سياستهم
"لاستئصال"
الإسلاميين،
بل كان هؤلاء
الانقلابيون
يخشون حتى
التمرد ضدهم!
ومن المرجح
جدا أن
حساباتهم
كانت مبنية
على أساس أنه
عندما يبعد
الخطر، ويتم
انضمام
الجميع (وهي
مسألة شهور
على أكثر
تقدير) فيكفي
حينئذ التخلص
من الجماعات
الإسلامية
المستعملة
(بعد
استخدامها
للتخلص من
الجماعات التي
لم تكن كذلك)
لتعود كل
الأمور إلى
نصابها، ولكن
هذا الحساب
الإجرامي
"سينحرف"
ليحدث دوامة
من الفظاعات،
لن يتمكنوا من
التحكم فيها،
وبدون شك لم
يتوقع هؤلاء
المحرضون على
العنف أن
الحقد الذي
ولدوه هكذا في
نفوس إطارات (ق.إ.أ/DRS) والشرطة،
والقوات
الخاصة
للـ(ج.و.ش/ANP) ضد الشعب،
سيؤدي إلى
أعمال عنف
وجرائم بلغت من
الجسامة
والشناعة
درجة أصبح
"تسييرها"
يتطلب نوعا من
الهروب إلى
الأمام بارتكاب
المزيد من
الفظائع
والاختراقات
والتلاعبات
كلفت عشرات
الآلاف من
القتلى
والمفقودين!! ومن
حسن الحظ أن
مصلحتي لم تكن
متورطة
مباشرة في هذه
المناورة
الفظيعة،
فبالنسبة لنا
كنا نعمل بصفة
خاصة على
مشروع تكوين
برلمان "إمّعة"
يكون أعضاؤه
معينين من الـ
(م.أ.د/HCE) (وهو ما
سيعرف
"بالمجلس
الاستشاري
الوطني" المؤسس
في 22 جوان 1992،
برئاسة رضا
مالك (مدير
سابق للمجاهد
"صحيفة "ج.ت.و/FLN" - أثناء
حرب
التحرير"،
وهو من أعيان
النظام ومن
غلاة
"الاستئصاليين"). وبمساعدة
الحملة
الإعلامية كان
كل شيئ مهيئا
لتبرير حل
الـ(ج.إ.إ/FIS)
وهكذا سيعلن
قرار الحل
بأمر من
الـ(م.أ.د/HCE)
عن طريق
العدالة يوم 4
مارس، أي أقل
من شهر من إعلان
حالة
الطوارئ، وفي
هذه الدعسة تم
تبديل المنتخبين
المحليين
للـ(ج.إ.إ/FIS)
(الذين كان
معظمهم
موقوفين أصلا)
بـ"مندوبين تنفيذيين
للبلديات"
مختارين من
الإدارة
والمخابرات
العسكرية
لضمان تسيير
البلديات،
وبالذات في
هذا الوقت تم
اكتشاف
"مؤامرة
إسلامية" داخل
الجيش، ولكن
الغريب أن
وسائل
الإعلام لم
تذع عنها أي
خبر! "مؤامرة
إسلامية" جـد
غريبة! منذ
ينـاير 1992
أخبرنا أحـد
عناصـرنا
المدسوسين في
صفوف (ح.إ.م/2MIA) وهي
الجماعة التي
كونها عبد
القادر
شبوطي، سعيد
مخلوفي،
ملياني
منصوري عز
الدين بعة،
(التي سبق أن
تحدثت عن
تكوينها في
الفصل الثالث)
بأن هؤلاء
الأشخاص
كانوا على
اتصال مع أحد
الضباط في
الـ(ج.و.ش/ANP)
"برتبة
ملازم". ولكون
سعيد مخلوفي
ضابطا سابقا
في المحافظة
السياسية
للـ(ج.و.ش/ANP)
فقد مرر زملاء
دفعته في
الغربال،
اتصلنا في البداية
بقمر الدين
خربان وهو أحد
قادة (ج.إ.إ/FIS) ملازم
سابق في
القوات
الجوية ولكن
بدون جدوى،
وأوصاف هذا
الملازم
"الإسلامي"
هي (1.70م، 70كلغ شعر
أسود، أسمر،
بدون علامات
خصوصية)،
تتطابق مع أي
كان، ولا
تمكننا من التقدم
في تحرياتنا
خاصة وأن
الاتصالات
تجري كل مرة
في مكان
مغاير، مما
صعب عمل
الفريق التقني! وفي
الوقت الذي
كان التحقيق
يراوح مكانه،
وكنت على وشك
أن أتخلى عن
هذه القضية
لحساب (م.م.أ.ج/DCSA) أخبرني
أحد رجالي وهو
الملازم
إيذير (ضابط
بحث) في منتصف
يناير 1991 أنه
كان باستطاعة
عميله خالد
بوشمال
الاتصال بعبد
القادر شبوطي. وبعد
ثلاثة أشهر من
ذلك التاريخ
علمت أن هذا العميل
كان قد سجل
بآلة تسجيل
صغيرة عدة
محادثات مع
عبد القادر
شبوطي وهكذا
أثبت يقينا
بأن (ح.إ.م/2MIA) لم تكن مستعدة
لشن العدوان
وأن "الملازم
أحمد" بالرغم
من قناعاته
الدينية قام
بكل ما يستطيع
لثني الإسلاميين
عن التحول إلى
العمل المسلح. وبفضل
بطاقية (م.م.أ.ج/DCSA) ومقارنة
المعلومات
عرفت هوية
الملازم أحمد في
يناير 1992 بأنه
هو النقيب
أحمد شوشان
(فقد كان قد
رقي إلى هذه
الرتبة في
نوفمبر 1991) فهو
مدرب في
الأكاديمية العسكرية
لمختلف
الأسلحة
بشرشال. وكما
قلت فإن
القيادة
العسكرية قد
أعجبت بطريقة
بن علي في
تونس فتوختها
في البحث عن
التعلات
لإقصاء كل
ضباط (ج.و.ش/ANP) الذين
تظهر عليهم
أعراض
"إسلامي " أو
تبدو لديهم
بعض علامات التعاطف
مع
الإسلاميين،
وقد شرع في
هذه العملية
ابتداء من
يناير 1992 بغلق
المصليات
ومنع إنشائها
في وحدات
الجيش، وقد
كلف ضابط
الأمن بإعداد
قوائم
العسكريين
"المشبوهين"
ولتبرير توقيف
الضباط
"الإسلاميين
" كان لابد من
إيجاد أدلة
وهو ما انكب
على اختلاقها
كل من الـ(م.م.أ.ج/DCSA) والـ(م.ع.ب/CMI)! وفي
فترة حالة
الطوارئ هذه
كانت كل
الوسائل صالحة
لنزع
المصداقية عن
الإسلاميين،
وإلصاق كل
بواكير العنف
بهم! وهكذا
تم اتهام
مجموعة من
العسكريين
بمحاولة سرقة
أسلحة، وأخرى
بمحاولة وضع
قنبلة في المدرسة
الوطنية
للمهندسين
والتقنيين إلا
أن الاكتشاف
أو الغنيمة
"الكبرى" كان
تفكيك جماعة
من الضباط
وضباط الصف
الإسلاميين
الذين حاولوا
تدبير
"انقلاب
عسكري" ففي 03
مارس تم توقيف
هذه المجموعة
المكونة من 57
عسكريا 70
بتهمة
"التآمر
المسلح"
وكانت تتكون
من ثلاثة عشر
نقيبا (من
ضمنهم أحمد
شوشان) ثمانية
عشر ملازما،
وستة وأربعين
ضباط صف كلهم
سيحاكمون
فيما بعد
وسيدانون
بعقوبات
تتراوح ما بين
ثلاث وأربع
سنوات سجن. وفي
29 مارس عرض
الجنرال محمد
العماري
"قائد القوات
البرية"
القضية على
الرئيس محمد
بوضياف، وقد
بين له أنها
محاولة
انقلاب تم
إحباطها من
طرف مصالح
الأمن،
وحينها
استشاط
بوضياف غضبا،
وما أسخطه هو أن
يتجرأوا على
أن "يسوقوا"
له فكرة
"انقلاب عسكري
" قاده....نقيب! ومن
جهتي، فبعد أن
اطلعت على
التقرير الذي
وصلني من
(م.م.أ.ج/DCSA) حول
هذه القضية،
لم أتردد في
إعلام العقيد
صادق آيت
مصباح
بارتيابي في
الموضوع، ذلك
أن أطروحة
التآمر
لتدبير
انقلاب عسكري
بدت لي أمرا
مبالغا فيه
تماما، لأنه
نظرا
للمعلومات المتجمعة
لدينا فإن
العملية (هذا
إن وجدت أصلا)
كانت ستؤول
حتما إلى
الفشل الذريع
وذلك لأن
"المتمردين"
المفترضين لم
يجروا أي
اتصال مع
النواحي
العسكرية
الأخرى، ولا
مع وحدات القتال
(المدرعات،
الطيران،
الفرق...) ولا مع
مصالح
الاتصال ولم
يكن يتوفر أي
مؤشر يثبت
وجود مخطط
للسيطرة على
الإذاعة
والتلفزيون.
أن الجزائر
ليست إحدى
الدول
الإفريقية
التي يمكن لعريف
أو رقيب أن
يقلب رئيسا!
فانقلاب
عسكري فيها
يتطلب تحضيرا
آخر!. وقد كان
التبرير الوحيد
المقدم في
التقرير
كدليل إثبات
التهمة هو أن
الإسلاميين
"مجانين"
وأنهم قادرون
على كل
التضحيات بأي
شيء من أجل
إقامة
جمهورية إسلامية
في الجزائر،
وأنهم يريدون
بث الفوضى
العارمة...
حقيقة أنني لم
أكن مقتنعا،
ولكن بصفتي
عسكريا لم يكن
من حقي أن
أحتج أو أناقش
رواية
المسؤولين
السامين.
فالقاعدة
المطبقة في
الجيش هي أن
الرئيس أو
القائد دائما
على حق حتى
ولو كان مخطئا! على
أي حال، فإن
الرئيس محمد
بوضياف اعتقد
أنهم
يستهزؤون به
فأصدر قرارا
في الحين بعزل
الجنرال محمد
العماري من
وظائفه
وتعويضه بالجنرال
رحيم خليفة
الذي كان
وقتها قائدا
للناحية
العسكرية
الثانية بوهران،
وتم تحويل
الوحدات
المقحمة في
الحرب ضد
الإرهاب التي
كانت تحت
قيادة محمد
العماري في
عين النعجة
إلى الـ(و.و.ق.ل/ONRB)
بشاطوناف،
وهي هيكلة
جديدة كانت قد
استحدثت في
تلك الآونة
بالذات في
دالي براهيم
(وسأعود إلى
هذا الموضوع
في الفصل
السابع عند
الحديث عن
تنظيم مختلف
مراكز قوات
الأمن في سنة 1992). في
ربيع 2001 التقيت
في لندن
بالنقيب أحمد
شوشان، الذي
لم أكن أعرفه
حتى ذلك اليوم
إلا بالاسم،
وأثناء هذا
اللقاء كشف لي
هذا الضابط
النزيه
والمخلص
طبيعة هذه
"المؤامرة"
المزعومة، فبصفته
مدربا في
الأكاديمية
العسكرية
بشرشال منذ
سنوات عديدة،
كان يعرف
شخصيا معظم
ضباط الـ(ج.و.ش/ANP) الشبان
الذين مروا
على "سان سير
الجزائر" هذا
وأن الكثير
منهم كانوا
معجبين به،
وبعد انقلاب
يناير 1992، اتصل
به الكثير من
هؤلاء الشبان الذين
كانوا ضمن
المحيط المباشر
للقادة
الرئيسيين
للجيش،
والذين أحنقهم
ما كان يحدث
من تجاوز وظلم
في حق الوطن
فطلبوا منه
الضوء الأخضر
لقتل أولئك
المدبرين للانقلاب،
وهو ما كان في
مقدورهم أن
يفعلوه. ولكن
شوشان أثناهم
عن ذلك، مثلما
بين علانية في
شهر أوت 2002
"الأسباب
الحقيقية
لإيقافي هو
اقتناع
القيادة بأن
وجودي يهدد
مشروعهم الرامي
إلى تحقيق
المواجهة
المسلحة ضد
غالبية أفراد
الشعب
الجزائري،
وهو المشروع
الذي عارضته
علانية،
وبصوت مرتفع،
ولكن السبب
المباشر هو أن
الكثير من
الضباط وصف
الضباط كانوا
ساخطين جدا
على قرارات
القيادة وعلى
نتائجها، وأعني
قمع واضطهاد
أغلبية الشعب
إلى درجة أن
هؤلاء
العسكريين
أرادوا
اغتيال
القادة لرفع
الظلم الواقع
على البلاد
والعباد. وفعلا،
وبسبب سمعتي
الطيبة داخل
الجيش، والثقة
التي كنت أحظى
بها من طرف
الضباط وضباط
الصف، وخاصة
في داخل
القوات
الخاصة، فقد
كشف لي عشرات
الضباط عن
نياتهم
وطلبوا رأيي
حول الموضوع،
ورغم اقتناعي
الكلي
بمشروعية ما
كانوا ينوون
الإقدام
عليه، لم أكن
أرى أن اغتيال
القادة سيحل
المشكلة،
ونصحتهم
حينها بعدم
العودة إلى
التفكير في
هذا الموضوع
بتاتا. وكذلك،
لم يحاول أي
عسكري ممن كنت
أعرفهم أن
يقوم بأي شيء
على الإطلاق" 71. لكن
الجنرالات
كانوا يجهلون
كل هذا! لقد
كان شوشان في
نظرهم،(بفعل
نفوذه،
وتأثيره على
الضباط في
القوات
الخاصة) يشكل
عائقا كبيرا
في طريق تنفيذ
مخططهم
الجهنمي،
وأخشى ما كان
يؤرقهم هو أن
يقنع هؤلاء
الشبان برفض
الامتثال
لأوامرهم وهم
الذين كانوا
يراهنون
عليهم في
القيام
بالأعمال
القذرة! ولهذا
السبب تم
توقيفه، ومعه
كل أولئك
الضباط
الحازمين
الذين تربوا
على يديه في
مدرسة "الأخلاق
" الوطنية
بشرشال،(وطبعا
فإن عملية التطهير
"الوطني" هذه
ظلت سرا
مكنونا لم يبح
به أحد منهم
حتى الآن!). وكما
قال لي شوشان
ذاته أيضا بأن
هذه الحقائق
كانت السبب
الذي جعل رئيس
أركان الجيش
الجنرال عبد
المالك ڤنايزية
يزوره شخصيا
في سجن بشار
العسكري يوم 26
ماي 1992 أي
بثلاثة أشهر
فقط من توقيفه
وذلك لمساومته
في شأنه، وشأن
الموقوفين
معه في نفس
الوقت،
بإجراء
"تسوية"
بالتراضي
معهم(على أساس
إطلاق سراحهم
مقابل تقديم
الولاء لهم)،
إلا أن محاولة
الجنرال
تحطمت على
صخرة
نوفمبرية
صلبة، وباء
بالخسران
المبين هو ومن
معه من الطغاة
المجرمين إلى
يوم الدين!. بوضياف
ضـد
الجـنرالات لقد
أورد شوشان
كذلك أن رئيس
أركان (ج.و.ش/ANP) قال له بكل
رعونة "أن
بوضياف يعترض طريق
مخططنا،
وسيرى قريبا
لمن ستكون
الكلمة الأخيرة..
له أم لنا" ذلك
هو السبب الذي
يجعلني أجزم،
وبدون مثقال
ذرة من شك
بضلوع
الجنرالات في
عملية اغتيال
الرئيس
بوضياف بشهر
فقط بعد ذلك! لقد
بدأ رئيس (م.أ.د/HCE) يصطدم بجد
مع الجنرالات
حول العديد من
الملفات
وبصفة خاصة مع
الجنرال
توفيق، ولكن
تحديدا لأنه
قرر الهجوم
مباشرة على
قاعدة النظام
وقلبه وعصبه
الحساس، ألا
وهي شبكات
الفساد والرشوة
(خاصة أخذ العمولات
الطائلة عن صفقات الاستيراد) التي كانت
تحت سيطرة "عصابة
يناير" (هذه
الشبكات كما
عرفت فيما بعد
كانت هي السبب
الرئيس في
إصرارهم
الشديد
وتصميمهم
العنيد على
إزالة "ج.إ.إ/FIS" من الطريق
لأنها كانت
ستحرمهم من
هذه الرشاوى
حتما لو وصلت
إلى سدة الحكم!) لقد
صرح بوضياف في
خطاب ألقاه
يوم 23 أفريل
بقوله:" لقد
وعدنا بفتح
ملف الرشوة،
وسنفي بوعودنا"
وفعلا فقد عجل
بإجراء
التحقيق حول صفقات
التحويل
وسرقة أموال
الدولة، وقد
عهد مباشرة
بهذه المهمة
إلى اثنين من
ألمع ضباط (ق.إ.أ/DRS) 72
اللذين كنت
أعرفهما
شخصيا وهما:
النقيب عبد الحق
الذي اشتغل
تحت رئاستي في
(م.ب.ت/SRA)، فهو ذو
كفاءة عالية
في ميدان
التحقيقات
الاقتصادية
(ففي سنة 1990 قاد
على الخصوص
التحقيق في
قضية "فيلا"
الصنوبر
البحري،
الواقعة داخل
معرض الجزائر
والتي استحوذ عليها
العقيد
إسماعيل
العماري)،
والثاني هو الرائد
مراد مباركي
محرك قضية حاج
بتو. هذه
القضية التي
صارت أحدوثة
الشارع في ذلك
الوقت. ففي
يوم 4 جوان 1992 تم
القبض على
المدعو محمد
بوحوس وهو
معروف اكثر
باسمه
المستعار حاج
بتو، وقدم على
أنه من أباطرة
التهريب وكان
ذلك نتيجة
تقرير مقدم من
الرائد محمد
مسيرف المدعو
عبد الرزاق
رئيس (م.ب.تق/CRI) في
الناحية
العسكرية
السادسة. وقد
مكن التحقيق
والتفتيش
الذي تم من
اكتشاف سلع
مختلفة في مخازن
حاج بتو في
تامنغست تقدر
قيمتها
بحوالي 20
مليون فرنك
فرنسي في ذلك
الوقت (مواد
غذائية،
سجاير، أدوات
كهرومنزلية،
وحتى أسلحة)
والكشف عن شبكة
تهريب واسعة
ما بين الدول
(الجزائر،
ليبيا، نيجر،
مالي). ألقي
القبض على حاج
بتو بأمر من
محمد بوضياف،
وكانت
محاكمته تنذر
بكثير من
الإثارة لأن
التحقيقات
كانت ستصل
حتما إلى رأس
(العصابة
السياسية
المالية) التي
تنخر اقتصاد
الوطن (حسب
تعبير الرئيس
بوضياف ذاته). لكن
في منتصف جوان
يقتل الرائد
مسيرف بصدفة غريبة
في وهران حيث
كان يقضي عطلة
هناك، وقد قتله
"خطأ" أحد
رجال الشرطة
في حانة بدعوى
أنه كان يظنه
"إرهابيا
مسلحا" وكأن
الحانات هي من
الأماكن التي
يرتادها
الإسلاميون،
ولا أحد يعرف
ما إذا عوقب
هذا الشرطي
القاتل، أو
حتى ما إذا
سلم إلى سلطة
قضائية). وفي
نفس الفترة
قتل كلا
الضابطين
اللذين كلفهما
الرئيس
بوضياف
بالتحقيق
وهما: الرائد
مراد، والنقيب
عبد الحق، وقد
قتل الاثنان
من طرف
"إسلاميين"
حسب ما قيل
لنا! فالرائد
مراد قتل في
الوقت الذي
كان ذاهبا إلى
منزل أصهاره
في باش جراح،
حيث كان
ينتظره القاتل
في بئر السلم
عند المدخل
وقد أطلق عليه
النار من
مسافة قريبة،
وبالنسبة
للنقيب عبد الحق
فقد قتل هو
الآخر كذلك
بإطلاق
الرصاص عليه
عن قرب وهو
يقود سيارته
في البليدة،
وقد لوحظ أن
كلا
العمليتين قام
بهما فاعلون
على درجة
عالية من
الاحتراف، فلم
يتم العثور
عليهم إلى
الآن، كما أنه
لم تتبن أي
جهة هذه
العمليات
الإجرامية! 73 ويبدو
لي بديهيا أن
كلتا
العمليتين
نفذتا بأمر من
رؤساء (ق.إ.أ/DRS)، الذين لا
يستطيعون أن
يقبلوا أن
تتجاوز التحقيقات
المالية
الحاج بتو
لتصل إلى أعلى
المسؤولين في
رأس "العصابة
الحاكمة". فبمجرد
عزل الجنرال
محمد
العماري،
وانطلاق هذه
التحقيقات
شنت حملة
شعواء من
القدح والاغتياب
في الرئيس
بوضياف
منسوبة إلى الإسلاميين
طبعا، تتهمه
على الخصوص
بالماسونية
وفي الحقيقة
لم يفعل
الإسلاميون
سوى نقل ونشر
الدعاية
الخارجة من
مكاتب (ق.إ.أ/DRS) التي آخذ
رؤساؤها،
ورؤساء (ج.و.ش/ANP) على
بوضياف
مبادرته
وتصرفاته
"المستقلة" حيث
قام بزيارة في
السر إلى
المغرب (لحضور
حفل زفاف أحد
أبنائه، في
آخر ماي) وذلك
بدون استشارة
الجنرالات،
وكذلك نيته
غلق المراكز
الأمنية في
الجنوب، بعد
أن أدرك النية
السيئة
لأصحاب القرار
والعمل
المنحرف
والخطير الذي
يقومون به في هذه
المسألة (وهو
إقامة معامل
لإنتاج
"الإرهابيين"
في هذه
المراكز)
واتصالاته
السرية أيضا
بقاصدي
مرباح،
ومصطفى شلوفي
(القائد
السابق للدرك
الوطني
والأمين
العام السابق
أيضا لـ(و.د.و/MDN) الذي طلب
منه مساعدته
في تسليط
الضوء على قضايا
الرشوة في
الصفقات
المبرمة مع
الـ
"ج.و.ش/ANP")
وكذلك
محاولته
تأسيس حزب
سياسي (التجمع
الوطني
الشعبي) الذي
كان سيمكنه من
امتلاك قاعدة
شعبية، وكذلك
رغبته الملحة في
تسوية النزاع
القائم مع
المغرب حول
الصحراء
الغربية
و"الأخطر" من
ذلك كله في
نظر الجنرالات
هو اعتزامه
إجراء
تغييرات هامة
في التراتبية
العسكرية،
وفي الحكومة
كذلك، (فقد كان
ينوي على
الخصوص أن
ينهي مهام
الجنرال توفيق)
وهكذا وقع على
الحكم عليه
بالموت، دون
أن يعلم
(وسأعود إلى
هذا الموضوع
في الفصل
العاشر عند
الحديث عن
ظروف
اغتياله). اغتيال
الرائد جابر
بن يمـينـة في
ربيع 1992 كانت
مطاردة
الضباط
المشبوهين قد
بلغت أوجها:
العزل،
التوقيف،
وكذلك
التصفية الجسدية،
وفي هذا الصدد
أريد أن أتطرق
إلى حالة
الرائد جابر
المغتال في
أواخر مارس
بالتقريب. إن
هذا الضابط
المولود في
غيليزان
ينتمي إلى ذلك
الطراز من
الضباط الذين
يعتبرون
العمل في (ج.و.ش/ANP) مهمة
مقدسة، لقد
دخل في سن
مبكرة، وأمضى
كل حياته في
المصالح،
تعارفنا في
بداية
الثمانينات وتصادقنا
بسرعة عندما
خلف النقيب
عثمان طرطاڤ
المدعو
"بشير" في
مهام رئيس
مكتب أمن
القطاع (م.أ.ق/BSS)
في ولاية أم
البواقي، وهي
مدينة تبعد
حوالي 150 كلم
جنوب قسنطينة. لقد
كنت معجبا
بصرامته،
وكذلك حبه
للتواصل والاستمرارية،
وبخلاف ما هو
سائد في
الواقع، فقد
كان من
الإطارات
النادرة جدا
الذين لم
ينتقدوا أعمال
سابقيهم
عندما استلم
وظيفته
الجديدة. وبعد
أن قضى ثلاث
سنوات في أم
البواقي حيث
تعارف على
الفتاة التي
تزوجها وأقام
معها هناك، تم
نقله إلى
المدية، وهي
المدينة التي
كان يحبها
كثيرا إلى
درجة أنه قرر
أن يقيم فيها
بصفة نهائية... لقد
أقمنا علاقات
ودية وكنا
نلتقي
بانتظام أثناء
اجتماعات
"المركزية"
(اجتماعات تضم
رؤساء "م.أ.ق/BSS" مع
مدير الـ"أ.ع/SM" ونوابه
الرئيسيين) أو
أثناء مختلف
المؤتمرات
والمنتديات
واجتماعات
الإطارات...،التي
تنعقد في قصر
الأمم
بالجزائر
العاصمة.
وأثناء مؤتمر
(ج.ت.و/FLN) (المنعقد
في نوفمبر 1988،
كنا نتقاسم
نفس الغرفة في
فندق سيدي
فرج، ولم يكن
يخفي عليا
انتقاداته
لجنرالات
(ج.و.ش/ANP)
المسؤولين في
رأيه عن إطلاق
الرصاص على
المدنيين
أثناء أعمال
الشغب في
أكتوبر، ولقد
جعلني متأثرا
جدا كذلك
عندما أسر إلي
بمكنوناته،
وأقواله
التنبئية
المثيرة حقا
حيث قال لي رحمه
الله "لا أريد
أن يفكر
أبنائي في
المستقبل بأن
أباهم تصرف
كحركي للدفاع
عن النظام، إن
التاريخ
سيحتفظ بكل
شيء في سجله
الذي لا يترك
أحدا!!" وفي
يوليو 1990 نقل
الرائد جابر
الذي كان إلى
ذلك الحين
رئيس (م.ب.تق/CRI) للمدية
ويشمل عمله
الجلفة
والمسيلة،
إلى مصلحة
البحث
التابعة لي في
العاصمة، وقد
اقترحت عليه
أن يختار بين
أن يأخذ مكتب
التقصي أو يعين
ملحـقا لدى
شريف حاج
سليمان
الوزير
المنتدب
المكلف
بالبحث
العلمي الذي
يوجد مقر
وزارته في
"فيلا
سوزيني" (التي
كانت مركزا
شهيرا للتعذيب
أثناء حرب
التحرير) وهي
تقع على خطوات
من ريـاض
الفتح، وهي
حقا فيلا
رائعة بمنظر
خارق للعادة
يطل على
البحر، فلم
يتردد في قبول
هذا المنصب. وبعد
حل (م.ع.و.أ/DGPS) واستقالة
الجنرال محمد
بتشين في
سبتمبر 1990، وعودة
المقدم
إسماعيل
العماري كان
أول ما بدأ عمله
هو التخلص من
كل الضباط
المقربين، من
الرئيس السابق
للمخابرات
ومنهم الرائد
جابر،(فقد دعوا
جميعا إلى طلب
حقوقهم
للإحالة على
التقاعد أو
وضعوا على
الهامش بدون
أية وظيفة
محددة) مع أن
الرائد جابر
في الحقيقة لم
يكن ينتمي في
يوم من الأيام
إلى أية زمرة
من الزمر المتناحرة،
كما لم يكن
يدين بالفضل
(في المنصب الذي
كان يشغله)
إلا لكفاءته
وتفانيه في
خدمة الوطن
وإخلاصه
للمبادئ التي
كان يؤمن بها
إيمانا راسخا! ففي
مارس 1991 وقبل
إضراب (ج.إ.إ/FIS) بكثير،
كان صهره (أخو
زوجته الذي
كان يعيش عنده
في المدية) قد
عاد من
أفغانستان بعد
إقامة هناك
دامت ستة
أشهر،
فاستقبل في
مطار هواري
بومدين
كالمعتاد
وبعد 48 ساعة من
المرور
الإجباري على
مقرات الشرطة
بالعاصمة حول
إلى مركز عنتر
ببن عكنون،
فطلب مني
الرائد جابر حينها
أن أتدخل لدى
إسماعيل حتى
لا يتعرض صهره
إلى التنكيل
والتعذيب
المعهود،
مؤكدا لي في
نفس الوقت أنه
سيحرص شخصيا
على "حسن سلوك"
صهره في
المستقبل
وبعد 5 أيام من
البحث والتحقيق
أطلق سراح
الشاب
"الأفغاني"
ليعود إلى العيش
معه في
المدية، ولكن
إسماعيل
العماري المهووس
بحقده المفرط
على
الإسلاميين،
لم يستطع أن
يتصور أو يهضم
أن توجد لضابط
سام في الـ(أ.ع/SM) علاقة
قرابة مع شخص
سبقت له
الإقامة في
أفغانستان
وزيادة على
ذلك فإن
الرائد جابر
الذي كان رجلا
متدينا جدا
وتقيا، يعتبر
"مشبوها"
ويحذر جانبه،
حتى إن
إسماعيل طلب
مني أن أضعه
نصب عيني،
ولكي يتمكن من
مراقبته
بكيفية جيدة
وعن قرب، قام
بتعيينه في
المستشفى
العسكري بعين
النعجة
كمسؤول عن
الأمن حيث سيكون
تابعا للمقدم
كمال عبد
الرحمان. وفي
بداية شهر
رمضان (مارس 1992)
وقعت عملية
اغتيال في عين
النعجة وقت
الإفطار كان
ضحيتها رجلا الدرك
الوطني
القائمان
بحراسة بوابة
المستشفى،
وقد أخذ
المهاجمون
سلاحهما، وظل
التحقيق يراوح
مكانه،
وأنظار الـ(م.ج.م/DCE)
أخذت تتجه صوب
الرائد جابر،
فطلب مني
إسماعيل أن
أتحقق من
أعماله ساعة
وقوع
الفاجعة، فتبين
أن المشكوك
فيه كان
موجودا
لحظتها في
منزله
الوظيفي
الواقع داخل
المستشفى
ذاته، وقد علم
بالخبر مثل كل
الناس، من دوي
الرصاص أولا ثم
من خلال
الضجيج الذي
يعقب عادة مثل
هذا النوع من
الأعمال. ولكن
بعد أسبوع من
هذه الحادثة
الأليمة، عين جابر
في مركز غرمول
الذي كان في
الوقت ذاته مقر
(م.ج.م/DCE)
لإسماعيل
العماري، لكن
بدون منصب،
ولا وظيفة، أي
عبارة عن عزل
بدون إعلان! وعندما
شعر أن بقاءه
لم يعد مفيدا،
قدم طلبا لشطب
اسمه من صفوف
العاملين
بالـ(ج.و.ش/ANP) وريثما
يتلقى الرد
الرسمي على
طلبه، ظل يخاطر
بالذهاب كل
مساء إلى
المدية
لمشاركة
أفراد عائلته
طعام العشاء،
مع التزامه
بمواعيد العمل
يوميا على
الثامنة
صباحا، في
غرمول، وفي أحد
الأيام لم
يحضر جابر،
ولم يلفت ذلك
انتباه أحد،
لأننا كنا في
رمضان وقد
يعود ذلك إلى
أي سبب من
الأسباب،
كمرض أحد
أفراد عائلته،
أو أي مانع
آخر، ولكن
علمت فيما بعد
أن هذا اليوم
وبعد أن أدى
صلاة الفجر
على الساعة
السادسة
صباحا، وهو
خارج من بيته
في قلب مدينة
المدية يتأهب
لامتطاء
سيارته "الڤولف"
الرمادية
المتوقفة
أمام المنزل،
اقترب منه
مجموعة من
الأفراد
وأخذوه
بالقوة إلى
مكان مجهول
(أصوليون حسب
الرواية
الرسمية) وبعد
أيام قلائل من
اختطافه، قام
المجرمون
بذبحه، وإلقاء
رأسه "كشعار
للغلبة"، في
مدخل المدينة،
لتصبيح
سكانها
مروعين
ومذعورين
وحائرين!! لقد
أثر هذا
الاغتيال في
جميع سكان
مدينة المدية،
لأن الرائد
جابر كان
معروفا
ومحبوبا فيها من
الصغير
والكبير،
فلماذا ارتكب
مختطفوه هذه
الجريمة
النكراء في حق
هذا الرجل
الوديع؟ فمن
الناحية
الرسمية كان
الرائد جابر
من أوائل
ضحايا
الإرهاب
الأصولي ضد
رموز
"الطاغوت"، وكادت
هذه الرواية
أن تكون
مقبولة لدى
البعض في تلك
الظروف، غير
أنه وأثناء
لقاء جمعني بمدينة
بون في
ألمانيا مع
الجنرال
إسماعيل العماري
سنة 1995 باح لي
بكلام لا يترك
أي مجال للشك
حول هوية
المدبرين
الحقيقيين
لهذا
الاغتيال الشنيع
الذي يدخل في
صميم "مخطط
نزار" وكان
هذا اللقاء
بحضور المقدم
عطافي(اسمه
الحقيقي رشيد
لوراري وهو
اليوم جنرال
ورئيس "م.ت.أ.خ/DDSE")
فقد تطرقنا
خلال الحديث
لسيرة إطارات
(ق.إ.أ/DRS) ودورهم
السابق في
إعداد المناخ
الأكثر ملاءمة
لمتطلبات
التطبيق
الديمقراطي،
فاعترف لي
الجنرال
إسماعيل بأنه
أخطأ في حق
الرائد جابر
موضحا:" إنه
رجل أثبت
شجاعة مثالية
فقد واجه
الموت بكرامة
وشرف، حتى إنه
وهو أمام
جلاديه الذين
كانوا يهمّون
بذبحه وقف لهم
بالمرصاد
واصفا إياهم
بالإرهابيين". كان
جوابي بكل
تلقائية: "كيف
عرفت ذلك!؟" فأجابني
الجنرال
إسماعيل
مندهشا من تلك
الجرأة وبعد
برهة من
التردد
والوجوم "لقد
أتوني بالشريط
الذي سجل فيه
الاستنـطاق!
فقبل أن يذبح
إسلاميو الـ(ج.إ.م/GIA)
أي فرد يجرون
له محاكمة مثل
المحكمة
تماما" ولاشك
لحظتها أن
الجنرال
إسماعيل قد
لاحظ علامات
الارتياب
مرتسمة على
ملامح وجهي
بكيفية لا
تخطئها أي عين
بصيرة! وبالفعل
فالـ(ج.إ.م/GIA) لم تكن
قد وجدت بعد
في ذلك الوقت،
ومن جهة أخرى
أعرف جيدا أن
حكايات
"المحاكمة
الإسلامية"
هذه لم تكن
إلا محض
اختراع
واختلاق من
المخابرات
لإرهاب
المواطنين!
ففي 1992 – 1993 كان
الإسلاميون
الحقيقيون
الذين يدعون
إلى الجهاد،
يقومون بعمليات
ضد الشرطة
والعسكريين،
ولكنهم لم
يكونوا منظمين
إلى درجة أنهم
يحاكمون
ضحاياهم ويسجلون
تصريحاتهم
على أشرطة في
الأدغال
لتذهب أو تطير
ثم تنزل هكذا
"من السماء"
على مكتب الجنرال
إسماعيل
فلنكن جديين!
إن هذه الطرق
الإجرامـية
كانت من أفعال
وابتكار
مؤسسي الـ(ج.إ.م/GIA)
أنفسهم الذين
لم يكونوا
(كما سنراه في
الفصول
اللاحقة) سوى
الجنرال محمد
مدين المدعو
التوفيق،
والعقيدان
إسماعيل
العماري،
وكمال عبد
الرحمان تحت
غطاء وحماية
"جنرالات
فرنسا" الذين
هم خالد نزار
والعربي لخير
ومحمد العماري
ومحمد تواتي! وبعد
أيام من
لقائنا في بون
حاول الجنرال
إسماعيل (كما
يبدو في الظاهر)
أن يبيض
سمعته، فطلب
مني أن أتدخل
لدى السلطات
الألمانية كي
يمكنوا زوجة
الرائد جابر من
الحصول على
رخصة إقامة في
ألمانيا، حيث
يوجد أخوها
(الذي غادر
الجزائر سنة 1992)
وهو يقيم في برلين،
وإسماعيل
يعلم مع ذلك
أنه لم يكن في
استطاعتي أن
أقوم بتلك
الشفاعة لها،
ولو أن رئيس (م.ج.م/DCE)
أراد فعلا أن
يساعدها لكان
بإمكانه أن
يقوم بذلك من
الجزائر وبكل
سهولة! ولكن
هذا الإخراج
المسرحي
الصبياني لم
يكن إلا
محاولة ساذجة
وغبية لتحويل
شكوكي القاطعة
فيه بكونه
متورطا
وضالعا في قتل
صديق عزيز! 6 (ج.إ.م/GIA) صنيعـة
المخابـرات 100% في هذا
الخريف 1992، كنا
في حالة إثارة
شديدة،
مكلفين
بتسيير حالة
الطوارئ نعيش
في حالة
انعزال،
ومنشغلين
بمهام كثيرة،
وكان رؤساؤنا،
إسماعيل
بالطبع،
وكذلك
إبراهيم فضيل
شريف، لا
يفتآن يوميا
خلال
اجتماعاتنا في
نادي الضباط
يكرران نفس
الكلام: يجب
مواجهة "التهديد
الإسلامي"
الذي يعني حسب
رأيهما نهاية
(ج.و.ش/ANP)،
نهاية،
الديمقراطية..،
والجمهورية،
والعودة إلى
القرون
الوسطى مثلما
هو الحال في
أفغانستان...
وكانوا
يشرحون لنا
كذلك أن حسين
آيت أحمد
الزعيم
التاريخي
لـ(ج.ق.إ/FFS) أو
المحامي علي
يحي عبد النور
(رئيس الرابطة
الجزائرية
لحقوق الإنسان)
أو محمود
خليلي (المجند
للدفاع عن كل
ضحايا الاضطهاد
والقمع بمن
فيهم
الإسلاميين)
فقد كان هؤلاء
جميعا
"أعداء"
الجزائر
الذين يحاولون
أن ينتقموا من
النظام،
ويعملون
"لحساب فرنسا". لأخذ
فكرة على الجو
الهستيري
الدموي الذي
كنا نعيش فيه
يكفي أن أذكر
تصريحا
للعقيد
إسماعيل العماري،
بلغ من
الغرابة ما لا
يمكن تصديقه،
وقد ظل منقوشا
في ذاكرتي منذ
ذلك اليوم ولن
أنساه ما حييت!
ففي منتصف شهر
ماي 1992 وأثناء
اجتماع في
شاطوناف
بحضور العديد
من ضباط(م.ج.م/DCE) ومسؤولي
(و.و.ق.ل/ONRB)، أكد لنا
قوله حرفيا :"
إني مستعد
لقتل ثلاثة ملايين
جزائري، إذا
لزم الأمر
للمحافظة على النظام
الذي يهدده
الإسلاميون"
وأنا أقر هنا
وأشهد أنه كان
صادقا بالفعل
فيما توعد به...! ففي
هذه الظروف
بالذات كان من
الصعب جدا
علينا أن نكون
متبصرين
ومدركين لمدى
الانحراف
الذي بلغه جهاز
العنف المنظم
الذي أخذ يظهر
في الميدان خاصة
وأن رؤساء
(ق.إ.أ/DRS) قد أولوا
عناية فائقة
في تضليلنا
ووضع الحواجز
أمامنا، كما
سبق أن قلت.
وهو ما يفسر
(فيما يخصني)
أنني وإن كنت
قد انفصلت
وابتعدت تدريجيا
عن طرق القمع
الوحشي التي
فرضوها علينا
(سأعود إلى
ذلك في الفصل
التالي) فإنني
لم أدرك إلا
فيما بعد
ضخامة
المسؤولية
المباشرة للـ
(ف.ج.ف/DAF) وضباط (ق.إ.أ/DRS) في خلق (ج.إ.م/GIA) أداة
الجرائم
الأكثر فظاعة
وشناعة في
السنوات
اللاحقة، ففي
هذا الإطار لم
تكن الشهور الأولى
لسنة 1992 إلا
التكملة
المنطقية
"لاستراتيجية
التوتر" على
الطريقة
الجزائرية،
التي دشنها
الجنرالات مع
وضع "خطة
نزار" حيز
التنفيذ منذ
ديسمبر 1990، كما
رويتها حتى
الآن، وهو ما
سأحاول أن أشرحه
في هذا الفصل
ولو أدى بي
الأمر إلى
العودة قليلا
إلى الوراء. موح
ليفيي أول "أمير"
لـ(ق.إ.أ/DRS) ابتداء
من فبراير 1992
كانت الصحافة
الجزائرية تذكر
دائما اسم موح
ليفيي وتقدمه
بصفته أحد الإرهابيين
الإسلاميين
الأكثر خطورة:
والذي نسبت
لجماعته
خصوصا مذبحة
بوزرينة كما
سبق الذكر. لقد
عرفت شخصيا
هذا الرجل
المشبوه
للغاية، والمرتبط
بالـ(أ.ع/SM)
ارتباطا
قويا، فعندما
استلمت
وظيفتي على رأس
(م.ب.ت/SRA) في مارس 1990،
كان من بين
المشاكل
اليومية التي
اعترضتني هي
تعطل
السيارات،
فمن بين
العشرين سيارة
التي تتوفر
عليها
المصلحة كانت
عشرٌ منها على
الأقل معطلة
باستمرار
نتيجة فقدان قطع
الغيار. وبما
أنني لم أكن
أتوفر لا على
ورشة للتصليح
ولا على الأموال
اللازمة
للقيام بذلك،
فطلبت من
سائقي خالد أن
يجد لنا
ميكانيكيا من
معارفه لحل
هذا المشكل
بصفة نهائية،
ولو تحتم
الأمر أن ندفع
له المقابل
بسندات
البنزين. وسألته
أيضا عن ماذا
كان يفعل من
قبل لحل هذا المشكل،
فكشف لي
المساعد خالد
أنه كان
متعودا على
تصليح سيارته
لدى أحد
الميكانيكيين
في حسين داي،
ولكن هذا
الأخير يرفض
التعامل معنا
من الآن
فصاعدا، لأنه
لم يستلم
مستحقاته من
الرائد الحاج
لرباع الذي
استخلفته في
المنصب، وتحت
تأثير الغضب
طلبت من
النقيب فاروق
شطيبي الذي
كان على علاقة
بهذا
الميكانيكي
أن يحضره لي
لكي أتحدث
معه. تقدم
لي شخص (في هذا
الشهر الحار
من الصيف)
اسمه محمد
علال في
الثلاثين من
العمر له جسم
رياضي يوحي
بأنه يمارس
ألعاب القوى،
ذو لحية
ناشئة، وبين
لي بأدب أنه
لا يرغب في
تصليح
سياراتنا،
لأننا سيئو
الدفع..!! مضيفا قوله
أنه يقبل أن
يصلح لنا
سياراتنا
الخاصة بكل
سرور ولكن لا
يصلح سيارات
المصلحة
مادامت مستحـقاته
عليـنا لم
تسدد بعد
وتبلغ 8000 دينار!
وقد كان كلامه
يوحي بأنه
يعرف الكثير
من ضـباط
الـ(أ.ع/SM)
وبما
أنني لم أجد
وسيلة للتوصل
إلى الحل معه
صرفت نظري عن
الموضوع نهائيا. في
خريف 1991، علمت
أن محمد علال
المعروف في
حسين داي تحت
اسم، أو كنية
موح ليفيي،
(وليفيي هي الاسم
القديم
للمقرية، وهو
الحي الأصلي
الذي أتى منه)
قد تحول إلى
اللصوصية
"الإسلامية"
ماسحا
المنطقة
الممتدة من
واد أوشايح
إلى الدار
البيضاء،
وكان يجتمع مع
الإسلاميين
عند أحد
المتواطئين
من بوروبة
وكان يقوم
بالعمل
الدعوي في
مساجد برقي
والكاليتوس والشراربة،
وقد عرفنا من
مصادرنا أن
موح ليفيي هو
منفذ عملية
الهجوم على
وكالة الرهان
الرياضي
الجزائري في
الخروبة
وكذلك السطو
في وضح النهار
على الصندوق
الوطني
للتوفير والاحتياط
بالشراڤة،
ولقد أنذرت هذه
السرقات في
نظرنا عن نوايا
الجماعة
المسلحة في
الحصول على
الأموال لتوفير
المخابئ
وشراء
الأسلحة، غير
أن شراء الشقق
في العاصمة
كان الشغل
الشاغل لدى
هذه الموجة
الجديدة من
"المجاهدين"
الذين لا
يتورعون عن
السرقة أو
القتل باسم
الإسلام، فيكفي
أن تصدر فتوى
واحدة من إمام
(في الغالب هو
الذي يسمي
نفسه كذلك) كي
يصبح أي شيء
حلالا طيبا
ومشروعا في
سبيل الله! وكان
ينظر إلى
السهولة التي
تتم بها هذه
السرقات،
وفرار
مرتكبيها على
دراجات نارية
وقيامهم بتلك
الأفعال دون
أي تواطؤ من
الداخل قد أدركت
كدليل على عزم
وتصميم هؤلاء
"المجرمين"
واقتناعهم بما
يقومون به من
أعمال، إذ أن
مصالح الشرطة
التي كانت
عاجزة عن
التأكيد
بالقول عما
إذا كانت هذه
الأعمال من
فعل جماعة
إسلامية أم هي
مجرد سرقات،
قد عرفت هوية
الفاعل دون أن
تتمكن من
العثور عليه،
أو تحديد مكان
وجوده. ومنذ
ذلك الوقت
كشفت
التحريات
التي تقوم بها
مصلحتي بأنه
يختبئ في شقة
بالقبة، وقد
نقلنا هذه المعلومات
المؤكدة إلى
الشرطة
والدرك كي يلقوا
عليه القبض،
ولكن شيئا لم
يحدث! ولقد
ازدادت
حيرتنا أكثر
عندما علمنا
في فبراير 1992،
أن محمد علال
بالرغم من
معلوماته
المحدودة جدا
في مجال الدين
قد نجح منذ
خريف 1991، في أن
يقبل داخل
الحركة
الإسلامية كـ
"أمير" على
منطقة حسين
داي، حي
الجبل، وواد
أوشايح... وفي
زمن قياسي جدا
أصبح لا يُعلى
عليه داخل التيار
الإسلامي
المتطرف إلى
درجة أنه شارك
في اجتماع
مسؤولي
التيار
الإسلامي
المنعقد في 16
يناير 1992 في
جبال زبربر
(الواقعة على
بعد حوالي60
كلم شرق
الجزائر) وقد
ضم هذا
الاجتماع
المتطرفين
الذين كانوا
يدعون إلى
الكفاح
المسلح كرد
على توقيف
المسار
الانتخابي،
وخاصة منهم قادة
الـ(ح.إ.م/2MIA)
والسلفيين،
وكالعادة فإن
عملاء (ق.إ.أ/DRS) كانوا
حاضرين، وكما
كان من
المتوقع فلم
يتوصلوا إلى
أي إجماع، وقد
علمنا أن سعيد
مخلوفي
المكلف
بتنسيق الكفاح
المسلح كان
يرى أن القوات
لم تكن مهيأة
لمواجهة (ج.و.ش/ANP)، ويفضل أن
يقوم قبل ذلك
بعملية تحسيس
تجاه هذا
الأخير، فلم
يكن ينوي
بداية العمل
المسلح إلا
بعد أن يتمرد
الجيش ضد
قادته، ويرفض
الامتثال
لأوامرهم. وقد
عين عبد
القادر شبوطي
"أميرا
وطنيا" ولكنه
كان ما يزال
مترددا، لأنه
كان يريد
القيام
بعملية ضخمة تشمل
كل الوطن،
وليس مجرد
أعمال متقطعة
في العاصمة
والبليدة،
والمدية. وأمام
هذا التردد
دشن موح ليفيي
وهو قليل الشهرة
وبوسائل
مادية وبشرية
بسيطة، بداية
"الاعتداءات"
في شهر فبراير
بالعاصمة،
وبالضبط في
اليوم الذي
دخلت فيه حالة
الطوارئ حيز
التطبيق!
وتعتبر عملية
شارع بوزرينة
وبعدها عملية
الأميرالية
من الأفعال
المنسوبة
إليه... وكان أحسن
مسانديه
يوجدون في حي
بلوزداد،
وحسين داي،
والقبة
والقصبة... ومن
الإسلاميين
الذين يستطيع
الاعتماد
عليهم كذلك
أولئك الذين
فروا من
المحكمة
العسكرية
بالبليدة
(ولقد سبق لي
أن تطرقت إلى
هذه القضية). من
بين هؤلاء
الهاربين
يوجد على
الخصوص نور الدين
صديقي وهو شخص
كان يعتبر من
الخطيرين جدا،
ينتمي إلى
جماعة التكفير
والهجرة،
ينشط في حي
بلوزداد، وقد
ألقي عليه
القبض مرة
أخرى في شهر
أفريل 1992
بالقرب من مسمكة
الجزائر من
طرف شرطي تعرف
عليه، وقد
أوتي به إلى
شاطوناف
لاستنطاقه
ولكنه سينجح
من جديد في
الفرار
وللمرة
الثانية بعد
أن غافل حراسه
الطيبين! وهو
ما يؤكد بما
لا يترك مجالا
للشك بأنه
عميل (ق.إ.أ/DRS). فأنا
لم أسمع خلال
ثلاث وعشرين
سنة من العمل
في هذا الجهاز
أن أحدا قال
بأن كائنا من
كان استطاع أن
يفر من مركز
اعتقال تابع
للـ(أ.ع/SM). إن
كل هذه
الوقائع التي
أوردت ذكرها
في ظروف عملية
شارع
بوزرينة، لا
تترك مكانا
لذرة من الشك بأن
موح ليفيي كان
عميلا
للمخابرات
"اصطنع" خصيصا
للقيام ببعض
العمليات
المماثلة في
شارع بوزرينة
والأميرالية
لكي يتخذوا
منه فزاعة
وبعبعا
إسلاميا
يرعبون به
المواطنين
الأبرياء،
وسيقتل في
النهاية من
طرف قوات
الأمن في تيمزڤيدة
في 13 أوت 1992، ولم
يكن إلا واحدا
من الأمراء
العديدين
لـ(ق.إ.أ/DRS)
الذين وضعوا
على رأس
الـ(ج.إ.م/GIA)
والذين
سيصفون دائما
وبانتظام
بمجرد أن
تنتهي مهمتهم
المحددة في
الزمان
والمكان. في
أصل الجماعات
الإسلاميـة
المسلحـة لم
يكن موح ليفيي
حالة منعزلة،
فاستخدامه كعميل
إرهابي من طرف
(ق.إ.أ/DRS) يدخل في
إطار
استراتيجية
شاملة
لاستعمال العنف
الإسلامي من
طرف رؤسائنا،
هذه الاستراتيجية
التي شرعت في
إبراز خطوطها
العامة في الفصل
السابق،
سأحاول أن
أوضحها هنا
بناء على المعلومات
الميدانية
التي كانت
بحوزتي والتي
استطعت أن
أحصل عليها
مذاك لدى
زملائي القدامى. لنعرف
جيدا الوضعية
الغالبة أو
السائدة في فبراير
1992، يجب
التذكير بأن
العديد من
الجماعات
العاملة في
الخفاء قد
تكونت بطريقة
عفوية في
المساجد
العاصمية
(كمسجد كابول
في حي بلوزداد،
كتشاوة في باب
الواد،
المقرية في
الحراش...) كرد
فعل لمواجهة
"القمع
العشوائي" الذي
أعقب
الانقلاب،
إنه إحساس
بالتمرد قد
تملك الشبان
الذين واجهوا
رجال الشرطة
أو الدرك ورموا
بزجاجات
المولوطوف
على
المحافظات وسيارات
الشرطة... بعض
هذه الخلايا
كانت تمثل إسلاميين
حقيقيين لم
يكونوا قد تم
اختراقهم بعد
(حتى ولو أن
هؤلاء
المناضلين
الشبان في
الغالب كانوا
يحرضون على
"حمل السلاح
ضد الطاغوت"
من طرف مسؤولي
مكاتب
الـ(ج.إ.إ/FIS)
المجندين من
(ق.إ.أ/DRS) والذين
أوكلوا لهم
هذه (المهمة)
فهذا الجو المحموم
(المتميز
بالتعفين
المتعمد
والمدروس بعناية
من طرف
المسؤولين
العسكريين)
وهو الذي يجب
التمعن
والنظر من
خلاله في
تتابع
الأحداث. ففي
ذلك الوقت لم
تكن المسألة
تتعلق
بالـ(ج.إ.م/GIA) بعد، ولكن
كانت تتعلق
"بجماعات"
(إسلامية أو مسلحة)،
أو "حركات
إسلامية " أو
"حركات مسلحة"
هذه التربة
العضوية
المخصبة هي
التي أنجبت "الجماعة
الإسلامية
المسلحة" كما
ستعرف بهذا
الاسم ابتداء
من خريف 1992 74 فهي
عبارة عن
اتحاد عدد من
الجماعات
الموجودة
التي انضمت
تدريجيا إلى
النواة
الأولى (كما
سأفصل ذلك لاحقا)
المكونة
بمبادرة من
(ق.إ.أ/DRS) (ولهذا
السبب نجد أنه
ابتداء من 1993
بدأ الحديث شيئا
فشيئا عن
الجماعات
الإسلامية
المسلحة عادة
وليس عن
الجماعة
الإسلامية
المسلحة)،
فالعديد من
الجماعات لم
تكن معروفة من
مصالح
الاستخبارات
ولكن الكثير
منها أيضا كان
مخترقا أو تم
احتواؤه والسيطرة
عليه تماما من
طرف (ق.إ.أ/DRS)
وهذه
الجماعات
كانت تمثل
الأغلبية،
وسيتم احتواؤها
كليا ابتداء
من سنة 1995. إنها
بالفعل
استراتيجية
شاملة لتنمية
العنف
الإسلامي
الذي وضع قطاره
على السكة في
بداية 1992من طرف
مسؤولي (ق.إ.أ/DRS). من الآن
فصاعدا لم يعد
الأمر يتعلق
باختراق الجماعات
الإسلامية
المتطرفة
للتمكن من السيطرة
عليها. كما
ظلوا يشرحون
ويؤكدون
ويبررون لنا
منذ شهور،
ولكن العكس من
ذلك تماما، هو
عمل كل شيء من
أجل أن تتضاعف
أعدادها لكي
تزداد أعمال
العنف وتنتشر
فيشمل الرعب كل
مكان!. إن هذه
الاستراتيجية
(المتبعة
والتي ستبلغ ذروتها
في السنوات
اللاحقة)،
ترتكز على عدة
ركائز وتتبع
عدة أساليب
وطرق تتمثل في
الآتي: -اختراق
الجماعات
الإسلامية
المستقلة
تماما بواسطة
مناضلين
إسلاميين
منقلبين (في
غالب الأحيان
يكونون ممن
ألقي عليهم
القبض ثم تتم
إعادتهم إلى
مجال النشاط
مرة أخرى، بعد
أن يقبلوا
التعاون مع
المصالح سواء
بالابتزاز أو
بالتوريط) أو
بفضل عملاء
(ق.إ.أ/DRS) كالعساكر
الذين يقدمون
أنفسهم
كفارين من الجيش
بسلاحهم
وعتادهم،
ويلتحقون
بالمقاومة المسلحة
في الجبال
كالشريعة أو
الزبربر، تابلاط،
بني بوعاتب،
سيد علي
بوناب، وبلاد
القبائل...
ويكون هؤلاء
الفارون من
المواضبين
على ارتياد
المساجد،
فيتم قبولهم
بدون خوف أو
تحرز، مع أنهم
في حقيقة
الأمر مكلفون
بمهمة لحساب (ق.إ.أ/DRS). - استخدام
المجموعات
المحتواة
أصلا، والتي انتقلت
إلى العمل
المسلح في
الشهور
الأولى من سنة
1992 (خاصة "ح.إ.م/2MIA" وجماعة
التكفير
والهجرة
و"قدماء
الأفغان")
لجلب مجندين
جدد. -
تشجيع
تكوين جماعات
من مناضلين
مخلصين، لكنهم
يكونون
موجهين منذ
البداية دون علمهم
بذلك (كالحركة
من أجل الدولة
الإسلامية للسعيد
مخلوفي
المنشأة في
خريف 1992) -
تسريب
الإسلاميين
المزيفين
المنحرفين
إلى صفوف
المناضلين
الإسلاميين
الحقيقيين في
المراكز
الأمنية
بالجنوب أو في
السجون والمعتقلات
والذين
سيكونون بعد
الإفراج عنهم
ابتداء من سنة
1993، جماعات
مسلحة تنشط في
مناطق معروفة
بمساندتها،
ودعمها
للـ(ج.إ.إ/FIS) 75 -
اختلاق
جماعات مسلحة
بقيادة
"أمراء" هم في
الحقيقة ضباط
في (ق.إ.أ/DRS). لقد
استخدمت كل
هذه الطرق،
وأحيانا
استخدمت جميعها
في نفس الوقت،
كما سأورد
أمثلة حية على
ذلك فيما بعد. إن
الفكرة العامة
التي كانت
تراود
رؤساءنا فيما
أظن هي ضم وتوحيد
كل هذه
المجموعات
لإحداث عنف
مراقب يمكن
التحكم فيه
والسيطرة
عليه، إن هذا
العمل الدقيق
هو الذي لم
يسر كما ينبغي
(فأدى إلى العكس
تماما أي أحدث
فوضى عارمة)
لأنه عمل كان
يتطلب سرية
تامة، وتعيين
ضباط موثوق
فيهم، وتنسيقا
كاملا بين
مختلف مصالح
(ق.إ.أ/DRS) المكلفة
بمراقبة هذه
الجماعات:
فالـ(م.ر.ع/CPO) "بمركز
عنتر" للرائد
عمار ڤطوشي
و(م.ب.تق/CRI)
بالبليدة
للرائد مهنة
جبار و(م.ع.ر.ب/CPMI) للرائد
عثمان طرطـاڤ
المدعو
"بشير" وطبعا
رئيس (م.ج.م/DCE) إسماعيل
العماري
ورفيقه في
(م.م.أ.ج/DCSA)
كمال عبد
الرحمان، هذه
المصالح التي
تشرف على كل
هذه العمليات
بالاتصال مع
الجنرالات: توفيق،
بلخير، نزار. إن
الشهور
والأعوام
التي أعقبت
هذه الاحتواءات
والاستخدامات
في كل
الاتجاهات
أفضت بالفعل
إلى تكوين
"جماعات
إسلامية
مسلحة" تحت السيطرة
الكاملة
لـ(ق.إ.أ/DRS)
ولكن سرعان ما
انحرفت نتيجة
فقدان
التنسيق، واتسع
العنف وأصبح
مستعصيا على
المراقبة والسيطرة
الكاملة عليه
وهذا ما يعلل
ابتداء من خريف
1992 التدخل
الكثيف
للقوات
الخاصة
للـ(ج.و.ش/ANP)
بقيادة
الجنرال محمد
العماري
(وسأعود إلى
هذا الموضوع)
مكتفيا هنا
فقط بالإشارة
إلى أن هذه
الحرب ستجري
بضراوة،
وشناعة
تجاوزت كل
التصورات
(قًنبلة بالنابالم،
استعمال
المدافع
الثقيلة،
والطوافات
الحربية،
أوامر بعدم
الأسر، أي قتل
كل من يقع في
قبضة الجيش،
الاستعمال
المكثف لكل
أنواع التعذيب...) تجنـيـد
(ق.إ.أ/DRS)
للإرهابيـيـن في
شهر فبراير 1992
لم أتصور على
الإطلاق أنني
كنت عبارة عن
أداة في هذا
المخطط
الشيطاني. لقد
كانت لدي نظرة
جزئية فقط عما
كان يجري من
مخططات
ومناورات
جهنمية، كنت
أعرف مثلا من
خلال تقاريرنا
أن من بين
"رويئسات"
الأصوليين في
العاصمة يوجد
"الأمير"
محمد ڤطاف،
عميل (م.م.أ.ج/DCSA) الذي بدأ
يشتهر
باختراق صفوف
الإسلاميين
(سيقتل في
القصبة سنة 1993)
فرسميا وفي
الظاهر كان مطلوبا
من مصالح
الأمن إلا أن
هذا العميل
"المنقلب"
سينجح في
"تلغيم"
العديد من
الجماعات المسلحة
الحقيقية حتى
أنه توصل إلى
الإتيان بأمراء
محليين أحياء
إلى (م.ع.ر.ب/CPMI) في بن
عكنون لكي
"يطبخوا"
هناك، فيقتل
الصامدون من
الذين لا يرجى
تحولهم ضد
إخوانهم، ويطلق
سراح الذين
ينهارون
"أمام
التعذيب
الجهنّمي"
ليواصلوا
قيادة رجالهم
(الذين هم في
الغالب شبان
سذج يعتقدون
أنهم يجاهدون
الطاغوت)، وهم
في واقع الأمر
يعملون
بمقتضى
توجيهات بن
عكنون! وأستطيع
أن أذكر أيضا
حالة عميل آخر
لعب دورا مهما،
وهو عبد
الكريم
غرزولي
المدعو قاري
السعيد،
ومساره أقل ما
يقال عنه أنه
غامض ومبهم،
فهو حسب علمي
لم يكن ضمن
عملاء (ق.إ.أ/DRS) والدور
الذي لعبه ما
بين 1991-1994 جعلني
أستنتج أنه في
غالب الظن قد
عمل لصالح
لـ(م.م.أ.ج/DCSA)
(إلا إذا كان
قد استعمل في
الأصل دون
علمه عن طريق
شخص ثالث قبل
أن يتم
تجنيده) لقد
ظهر قاري السعيد
في بداية 1991
كعنصر نشيط
جدا في تأسيس
وتنظيم
(المقاومة
الإسلامية
المسلحة في
منطقة العاصمة،
حيث شارك في
العديد من
الاجتماعات
السرية التي
كنا على علم
بها قبل
انعقادها بوقت
كاف، ولكن لم
نتلق أبدا
الأمر
بالتدخل، وهو
ما يعني في
هذه الحالة
بالضرورة أن
من بين
الحاضرين في
هذه
الاجتماعات
يوجد جاسوس
مهم ما يزال
صالحا
للاستعمال. وزيادة
على ذلك فإن
قاري السعيد
لم يشارك أبدا
بصفة مباشرة في
أية عملية من
العمليات، في
حين أن المنطق
والتجربة
تثبتان بصفة
عامة أن
الإسلامي
الذي يتطوع
ويلتزم طريق
الجهاد عن
قناعة
وإيمانا صحيحين
لا يهاب
الموت، بل
يرغب فيه
ويذهب في طلبه،
وهو ما لم يكن
ينطبق على
حالة قاري
السعيد، إن
هذا الجانب
النفساني كان
يمكننا من تمييز
المجاهدين
الحقيقيين من
المجاهدين المزيفين.
ففي ذلك الوقت
كنا نعلم أن
المقاومات
المسلحة
الناشئة في
الجبال كانت
تغص بعملاء
(ق.إ.أ/DRS)، لكن فيما
عدا الضباط
المؤطرين من
الموجهين والرؤساء
الثلاثة
(توفيق،
إسماعيل
وكمال) فلا
توجد إلا
القلة
القليلة
الذين يعرفون
هؤلاء
"المجاهدين
المزيفين" إن
كل هذه العناصر
سمحت لي
بالاستنتاج
أن قاري
السعيد كان
حتما عميلا
للـ(أ.ع/SM).76 إذا
كان عملاء
(م.م.أ.ج/DCSA)
لكمال عبد
الرحمان
نشطاء، فإن
عملاء (م.ج.م/DCE) إسماعيل
لم يكونوا أقل
منهم نشاطا،
وبالفعل فإن
هذا الأخير
خاب أمله،
وفشلت مساعيه
الشريرة
عندما لم يقرر
منشطو الـ(ح.إ.م/2MIA) (عبد
القادر
شبوطي،
وملياني
منصوري،
وسعيد مخلوفي،
وعز الدين
بعة) في
اجتماعهم في
الزبربر في
يناير،
الشروع دون
تأخير في
العمل المسلح،
وهو ما كان
سيستعمل
كذريعة
لتبرير حل
(ج.إ.إ/FIS) في الحال!
فحتى يوليو 1992
لم تقم (ح.إ.م/2MIA) إلا
بالقليل من
العمليات
المسلحة،
وأمام هذه
الخيبة لجأ
إسماعيل إلى
طريقة أخرى
وهي استخدام
المعارضين
والمنشقين عن
(ج.إ.إ/FIS) كي يتجاوز
"التاريخيين"
ويستحوذ على
"الثورة
الإسلامية"
لحساب (ق.إ.أ/DRS). وهكذا
أنشأت (م.ج.م/DCE) ابتداء من 1992
مجموعات
مسلحة
"مستقلة" في
درڤانة، وحراڤة،
في ضواحي
العاصمة،
وأوكلت مهمة
الدعم اللوجيستيكي
لضابط الصف
السابق عبد
الله قاسي المدعو
"شكيب"، وكان
هذا
"المساعد" في
المصالح
العملياتية
للـ(أ.ع/SM)،
قد طرد من
الجيش سنة 1980
إثر "قضية ڤفصة"
الشهيرة 77، ثم أعيدت
رسكلته في
عالم المال
والأعمال،
ومنذ 1991 كان
يقوم بدور
الوسيط بين
إسماعيل
العماري و"المراسلين"
الفرنسيين
الموصى بهم من
طرف (ج.م.ف/DST) وأصدقائه
المهتمين
بالصفقات في
الجزائر. لقد
كان يكنى في
أوساط الـ(أ.ع/SM) "بابا
نوال" لأنه
عندما يحتاج
أحد الوجهاء شيئا
مفقودا في
الجزائر
(ويسكي، سيڤار،
عطر، جبن الخ)
يكفي أن يقصده
ليجاب طلبه في
الحين، وعلى
الرأس والعين! لقد
كانت فيلته
المترفة
الموجودة
بالقرب من الرغاية
في الضواحي
الشرقية
للعاصمة،
المتوفرة على
كل وسائل
الراحة
والتكتم
تستعمل للعديد
من التغطيات.
لقد كان ابن
شكيب برتبة
ملازم أول في
(م.ج.م/DCE)، حول إلي
للعمل ضمن
خلية
الاستخبارات
في (و.و.ق.ل/ONRB) بشاطوناف
في أفريل 1992. وفي
آخر ماي، ونحن
بصدد وضع
"اللمسات
الأخيرة" على
قوائم
الأعضاء
المستقبليين
للـ(م.إ.و/CCN)
المجلس
الاستشاري
الوطني الذي
سيقوم مقام البرلمان
ابتداء من 22
جوان) ناداني
العقيد
إسماعيل العماري
ليكلفني بأن
اسلم حقيبة
لشكيب،
وأستلم منه في
المقابل ملفا
أجهل مضمونه
تماما، وقد اكتفى
إسماعيل
بقوله: "اذهب
إليه، وسيشرح
لك" استقبلت
من طرف السيد
شكيب في مدخل
فيلته الرائعة
والذي لم أكن
أعرفه من قبل،
صاحب قامة
قصيرة غير
سمين، يقطر
مكرا وخداعا! وعرفت
ذلك اليوم أن
شكيبا كان
يقوم بدور
العميل
المجند لصالح
(م.ج.م/DCE)، إذ تم
لقاؤنا بحضور
محام (في
الثلاثينيات
من العمر، شعر
كستنائي،
وأتأسف
لنسيان اسمه...) كان
مكلفا
بالدفاع عن
الإسلاميين
في السجون،
ولكنه في
الحقيقة يبتز
المعلومات من
موكليه
لإبلاغها
للـ(أ.ع/SM)! وبعد
التقديمات
رافقت هذا
المحامي إلى
مكتبه بعين
طاية لكي
يسلمني
الملفات، لم
يتم بيني وبينه
إلا اتصالان
اثنان، إذ
سافرت بعدها
في مهمة إلى
الخارج في
منتصف جوان
(وعند عودتي
بعد اغتيال
بوضياف، رفضت
مواصلة العمل
في شاطوناف)
ولكنني علمت
أن الملفات
التي سلمها لي
كانت تستعمل
في جمع الأدلة
ضد
الإسلاميين
المسجونين
لوضعهم تحت
المساومة
والابتزاز، ولم
يكن أمامهم
سوى خيارين:
إما إتمام
إجراءات المحاكمة،
أو التعاون مع
المصالح،
وعندما يخطو
المرء الخطوة
الأولى في هذا
المنزلق كل شيء
يصبح ممكنا،
وبعبارة
واضحة يصبحوا
منذ ذلك الوقت
دمىً بين
الأيادي
الإجرامية
للجنرالات! تكوين
(ح.أ.د.إ/MEI) "تحت
الرقابة" لاشك
أن أكثر حالات
الاستعمال
والتلاعب بعثا
على الدهشة
والاستغراب
هي (ح.أ.د.إ/MEI)
التي أنشئت في
فبراير 1992
بمبادرة من
بعض الإسلاميين
المخلصين،
وهم السعيد
مخلوفي من
(ح.إ.م/2MIA) وعبد
القادر موغني
(إمام أصدر
فتاوي ضد النظام)
والأخوان عمر
وعبد الناصر
عولمي اللذين
كانا مناضلين
نشيطين في
الـ(ن.إ.ع/SIT)
بدائرتي باب
الواد وباش
جراح. فهروبا
من عمليات
التوقيف التي
مست قادة الـ(ج.إ.إ/FIS) بعد حظرها
في جوان 1991،
انتقل
الأخوان
عولمي إلى
السرية
منذئذ،
وتقرّبا من
سعيد مخلوفي
الذائع الصيت
في الأوساط
الإسلامية،
والمعروف
بكتيبه حول
"العصيان
المدني". إن
تأسيس (ح.أ.د.إ/MEI) في
الحقيقة كان
من وحي الرائد
عمار ڤطوشي
رئيس (م.ر.ع/CPO) بفضل بعض
العملاء مثل
خالد بوشمال
(أحد منتخبي الـ"ج.إ.إ/FIS"
وقد سبق
الحديث عنه)
أو سيد أحمد
لحراني (عضو المكتب
الوطني (ج.إ.إ/FIS) الذي كان يحوم
حول قادة الـ(ن.إ.ع/SIT) لحثهم على
الانتقال إلى
العمل
المسلح، وفي
تلك الغمرة من
الاندفاع والحماسة
انتهت (ح.أ.د.إ/MEI) التي جندت
العديد من المناضلين
المخلصين من
أعضاء الـ(ن.إ.ع/SIT)، إلى
القيام
بالعديد من
العمليات
التي تبنتها
دائما، ولكن
قادة (ح.أ.د.إ/MEI) كانوا
يجهلون بأنهم
يلبّوا أوامر
العقيد إسماعيل
العماري التي
تصلهم عن طريق
عملاء (م.ج.م/DCE) الذين
يتلقونها
بدورهم من
الضابطين
المشرفين (الرائد
عمار ڤطوشي،
والملازم أول إيذير
الذي رقي في
نوفمبر إلى
رتبة نقيب). إن
الهدف الذي
حدد لبوشمال
بصفته رئيس
بلدية الرايس
حميدو (بقي في
هذه الوظيفة
حتى 22 جوان) كان
يتمثل في وضع
إمكانيات
البلدية تحت
تصرف أعضاء
الـ(ن.إ.ع/SIT)
"المتطرفين"
الذين كانوا
ينشطون في
السرية، وبعد
تنحيته، ظل
يقوم بدور
همزة الوصل
بين المندوب
التنفيذي
الجديد
للبلدية المفروض
من الـ(أ.ع/SM) وأعضاء
الـ(ح.أ.د.إ/MEI). وفي
بداية مارس
سلم سيد أحمد
لحراني هو
الآخر بدوره
إلى عمر
العولمي ختما
باسم الحركة
من أجل دولة
إسلامية
(ح.أ.د.إ/MEI)
للتصديق على
البلاغات
التي كان
سيحررها
مسؤولو الـ(ن.إ.ع/SIT)، لكن هذا
الختم لم يكن
في الحقيقة
إلا نسخة عن
الختم الأصلي
الذي صنعته
المصالح
التقنية في
(م.ر.ع/CPO) بمركز
عنتر، والذي
سيستخدمه
الـ(أ.ع/SM)
لإعداد
البلاغات
"الحقيقية-المزيفة"
الصادرة عن
(ح.أ.د.إ/MEI)
بدون علم
قادتها! فبمجرد
أن يصدر بيان
رسمي يطالب
بإقامة "دولة
إسلامية في
الجزائر"
محتجا على
توقيف المسار
الانتخابي،
أو داعيا إلى
الجهاد... يخرج
الرائد عمار ڤطوشي
بلاغا مزيفا
(من تحرير
النقيب جعفر) لإفقاد
مصداقية
البيان الأول
أو لزيادة حدة
الإلحاح
والتأكيد على
المطالب. ولقد
اكتشف مسؤولو
(ح.أ.د.إ/MEI) هذه
الخدعة،
ولكنهم كانوا
من القلة
والضعف بحيث
لا يمكنهم
منافسة آلة
الدعاية التي
يتوفر عليها
(ق.إ.أ/DRS) (وسينتهي
بهم الأمر إلى
الانضمام إلى
(ج.إ.م/GIA) ولن
يكتشفوا
الحقيقة إلا
فيما بعد،
وسأعود إلى
هذا الموضوع). في
ماي أو جوان 1992
تسلم العميل
خالد بوشمال
الموجه من الملازم
أول إيذير
مبلغا من
العملة
الصعبة لقضاء
"عطلة" في
تونس، وقد
كانت هذه
الرحلة المصطنعة
تهدف إلى
إيهام
مسؤولي(ح.أ.د.إ/MEI) بأنه أحضر
من تونس كمية
من أجهزة
الراديو وكتب
عن حرب
العصابات
التي سلمها
إليهم، (وقد
كانت في
الحقيقة آتية
من " م.ج.م/DCE") لقد
كان مناضلو
(ح.أ.د.إ/MEI)
يجتمعون في
فيلا
ببوزريعة،
وكان بوشمال
يأخذ معه
مسجلا صغيرا
ينقل فيه كل
ما يدور في
تلك الاجتماعات،
ثم يسلم لنا
التسجيلات
تباعا، وهو ما
مكننا لاحقا
من التدخل
بكيفية
انتقائية
لتحييد
العناصر
الخطيرة أو
محاولة
التقرب من
أعضاء جدد في
المجموعة. وعندما
علمت في آخر
ماي 1992 بهذه
العمليات
الموجهة من
الملازم أول
إيذير ضابط
البحث الذي كان
تابعا
لمصلحتي،
اتخذت قرارا
برفض تصور رئيس
(م.ج.م/DCE) للحرب ضد
المخربين. ومن
الأهمية
بمكان أن أبين
أن هذه
العملية قد
بدأت حينما
كنت ملحقا
بعين النعجة
في إطار إدارة
حالة الطوارئ
ولم أعرف
جسامة
الأضرار إلا
بعد استئناف
عملي على رأس
(م.ب.ت/SRA) في ماي 1992،
ومن ثمة كان
اتخاذ قراري
بالكف عن مشاركة
إسماعيل تلك
المناورات.
لقد كان
الملازم أول
إيذير يتلقى
التعليمات
مباشرة من هذا
الأخير، وكان
دائما يعلمني
باتصالاته بانتظام.
عند رفضي
الدخول في
المسائل
الصادمة التي
أستنكرها، قد
انتهى الأمر
إلى إخراجي من
الدائرة
وإقصائي عن
مصدر القرار،
وبالرغم من
ذلك فقد علمت
بتلاعب آخر
أكثر خطورة من
(ح.أ.د.إ/MEI) وهو
تكوين مجموعة
باينام (حي في
الحدود
الغربية
للعاصمة) فعلى
العكس من
الجماعات
المهيكلة
جيدا نسبيا
كالـ(ح.إ.م/2MIA) لشبوطي،
و(ح.أ.د.إ/MEI)
لمخلوفي أو
"الباقون على
العهد"
(بقيادة أسامة
عباسي وقمر
الدين خربان
معا)78
فالأمر هنا
يتعلق بإحدى
أولى
الجماعات
الخليطة
المصنوعة
بالكامل من
مركز عنتر، والتي
أنتجت (ج.إ.م/GIA) كجماعة
دموية
"مبيدة" لا
تمت بأية صلة
إلى (ج.إ.إ/FIS)
فضلا عن
علاقتها
بالدين
الإسلامي
الحنيف ذاته،
فالعلاقة
الوحيدة بين
(ح.أ.د.إ/MEI)
وجماعة
باينام هي
الفيلا التي
كانا يجتمعان فيها
وقتها والتي
وضعها الـ(أ.ع/SM) تحت
تصرفهما
ببوزريعة! وفي
تلك الأيام
بالذات قام
"إسلاميون
مفترضون"
بسرقة
متفجرات من
محجر جوبير
(الواقع بين بولوغين
والرايس
حميدو) وقد
كان هؤلاء
السراق على
درجة عالية من
الاحتراف،
بحيث لم يتركوا
أي أثر يدل
على جريمتهم
(فقد أوثقوا
الحارس الليلي،
وقاموا
بالسرقة، في
اطمئنان تام)،
والعجيب
المريب أن
المسؤولين
المهووسين
بالخطر
الإسلامي
الذي كان في
أوج عنفوانه
في تلك الأيام،
لم يرسلوا أية
لجنة تحقيق من
مصالح الأمن
في أعقاب هذا
الحدث الهام،
وذلك لأن تلك المتفجرات
قد خبئت بكل
تأكيد في فيلا
بوزريعة لصنع
القنابل
التقليدية،
وهنا أيضا تم
التخطيط
لارتكاب
مذبحة المطار
يوم 26 أوت 1992
(أنظر الفصل
التالي) ومن
المحتمل جدا
أن تلك
القنابل المفجرة
في المطار قد
صنعت
بمتفجرات
محجر جوبير،
فهي عملية
تحمل بلا جدال
الطابع
المميز لـ(م.ج.م/DCE). ضابط
صف حُوّل إلى
أمير! لقد سبق أن
قلت بأن (ق.إ.أ/DRS) لا
يكتفي بهذا
النوع من
الاحتواء
والاستخدام،
ففي إطار
التمهيدات
التي شرع فيها
منذ أفريل 1991،
بطلب من
إسماعيل،
والمتعلقة
بالمقاومة
المسلحة
الإسلامية
لـ(ق.إ.أ/DRS) (أنظر
الفصل الثالث)
أنشئت أولى
خلايا (ج.إ.م/GIA)
المستقبلية
في الجزائر
العاصمة في
خريف 1992 بشبان
متعاطفين مع
جماعة
التكفير
والهجرة بدرڤانة
وهراوة، برج
الكيفان، بن
زرڤة، بن
طلحة، وحي
فايزي79
وفي منطقة
الوسط كذلك
أنشئت خلايا
مماثلة في الأربعاء
(بالعناصر
العنيفة في
مفتاح، براقي،
سيدي موسى،
الكاليتوس)
وفي البليدة
(بالعناصر
المجندة في
الصومعة،
أولاد ايعيش،
بوفاريك، واد
العلايڤ، وفي
القرية التي
يوجد بها
الجامعة)وفي
المدية
والشلف. ساهم
إطارات
الـ(أ.ع/SM) لـ(م.ر.ع/CPO)
بمركز عنتر
و(م.ب.تق/CRI) للبليدة
بنشاط في
إقامة هذه
الخلايا،
ويجب القول
بأن إنشاء هذه
الخلايا كان
أحيانا يتم بكيفية
سيئة تماما
نتيجة التسرع
(حيث كان
يتحتم مضاعفة
أعداد
الجماعات
الإسلامية لتبرير
عمليات
القمع، وحل
الـ"ج.إ.إ/FIS") والعمل
المزدوج لبعض
"المجندين
الجدد" من الإسلاميين
المنحدرين من
الأوساط
الفقيرة الذين
كان يتم
استخدامهم
بسهولة من طرف
أمراء (ق.إ.أ/DRS)،
وكذلك في
الوقت ذاته من
طرف
الإسلاميين
الحقيقيين
المتطرفين
(الذين لم يكن
لديهم أي
تكوين سياسي
أو ديني وقد
كان معظمهم
بدون عمل
وبدون مستقبل،
فكان هؤلاء
"المجاهدون"
الشبان
يحاربون
لحساب من يدفع
أكثر أو من
"يعطي أحسن"). وهناك خلايا
أو كتائب (حسب
مصطلحات ذلك
الوقت) قد
ظهرت كذلك في
شرق وغرب
البلاد، لأن
نوعا من
الجنون قد
استبد
بالمسؤولين
الرئيسيين
الثلاثة
لـ(م.ب.تق/CRI) (جبار في
البليدة،
وهاب في
وهران، وفريد
في قسنطينة)
الذين كانوا
يقومون بلعبة
"من ينال إعجاب
الرئيس أكثر"
والذين لم
يتورعوا عن
تكوين جماعات
إسلامية تحت
القيادة
المباشرة لرجالهم،
وتلك هي حالة
المساعد عمر،
واسمه
الحقيقي يوسف
بلعلي التي
تعتبر
نموذجية لهذا
النوع من
الطرق والأساليب
القذرة! إن
هذا الضابط صف
المولود
بالعلمة،
انخرط في الجيش
سنة 1978، رياضي
بطبعه وتخرج
الأول على دفعته
في الفترة
التكوينية
التي اجتازها
في مدرسة
الـ(أ.ع/SM) ببني
مسوس في 1979-1980،
وزد على ذلك
أنني أثناء
فترة تكوينه كنت
مدربا في
المدرسة
واكتشفت
أهليته
ومستواه
التعليمي
الممتاز،
وقدرته
الفائقة على
العمل، ولهذا
السبب اخترته
أمينا لمكتبي
عندما نقل إلى
قسنطينة ما
بين 1983-1987، فلقد
كان نموذجا لضابط
الصف الذي
يريده أي مسؤول. إن حكاية هذا
الضاب- صف
"الأمير"
نقلت إلي في أدق
تفاصيلها في
يوليو 1995 من طرف
المساعد صغير
حركاتي، وهو
جار قديم لي
في قسنطينة،
(لقد ساعدته
لإعادة
إدماجه في
المصالح سنة 1982
بعد طرده) ولا
يمكن وضع
شهادته موضع
شك، لأنه برهن
على صدقه معي
خلال كل فترة
خدمته، ولقد
أسر لي بهذا
الكلام
ليشتكي لي من
التصرفات
"المافياوية"
لرئيسه، لأنه
كان يخشى على
حياة ولديه
اللذين
جندهما في
(م.ب.تق/CRI)
بقسنطينة،
ولقد كان شاهد
عيان على
توقيف، وتعذيب
المساعد عمر. ففي بداية 1992
كان هذا
الأخير يقوم
بوظيفته ككاتب
في المكتب
الجهوي للوقاية
التابع
لـ(م.ب.تق/CRI) والواقع
في ثكنة بن
معطي
بقسنطينة
(محاذيا لملعب
رمضان بن عبد
المالك
المواجه لمقر
الولاية...) ففي
الربيع تلقى
الأمر من
العقيد فريد غبريني
ليتولى قيادة
مجموعة مسلحة
صغيرة من الإسلاميين
مكونة من شبان
اعتقدوا
بسذاجة أن عمر
يجاهد في سبيل
نصرة القضية
الإسلامية،
وهم يجهلون
تماما أنه
عميل لحساب
(ق.إ.أ/DRS) وبفضل
ما يحوزه من
أخبار كان عمر
ومجموعته ينشطون
طوال سنتين في
محيط قسنطينة
(وبصفة خاصة
جبل الوحش،
بكيرة، وعين
الباي)
يغتالون رجال
الشرطة
والعسكريين
ويفجرون
القنابل التي كانت
تبث الرعب في
نفوس سكان
المدينة. لقد كان عمر
يباشر عمله
أثناء النهار
في الثكنة
بصفة عادية ثم
يعود في
المساء إلى
بيته، والاتصالات
مع أعضاء
جماعته كانت
تتم خارج أوقات
العمل في
المساء، أو
يتذرع
بالقيام
بمهمة والاتصال
بعملائه حتى
لا يلفت
الانتباه!
وذلك حتى
زملاءه
أنفسهم كانوا
يجهلون عمله
المزدوج، إذ
بصفته "إرهابيا"
كان مكلفا
كذلك بتصفية
إطارات
الـ(أ.ع/SM) الذين
تشتم فيهم
رائحة
التعاطف مع
الإسلاميين. ولكن في ماي 1994
ارتكب أحد
أفراد
مجموعته خطأ،
وقد كان مكلفا
بوضع قنبلة في
بكيرة
فانفجرت عليه
وانبترت
ساقه، فألقي
عليه القبض من
طرف مصالح
الأمن، وعند
الاستنطاق
أعطاهم اسم
"أميره"،
وهلعا من هذه
الواقعة التي
لم تكن في
الحسبان،
وخوفا من
انكشاف تورط
الـ(أ.ع/SM) في
القضية في
حالة ما إذا
تم توقيف عمر،
فقرر المسؤولون
المحليون
لـ(م.ج.م/DCE) تصفيته
لإيهام بقية
مصالح الأمن
الأخرى كالشرطة
والدرك
الوطني، بأن
هذا الضابط صف
كان إرهابيا
حقيقيا وليس
"أميرا"
إسلاميا من
أمراء (ق.إ.أ/DRS)! فعلى الساعة
الثامنة من
مساء ذلك
اليوم، وبأمر
من العقيد
كمال حمود
(الذي خلف
فريد غبريني
على رأس (م.ب.تق/CRI)
لقسنطينة في
منتصف سنة 1992)
قام المساعد
صغير حركاتي
واثنان من
زملائه
بإحضار عمر من
بيته الكائن
في حي بوصوف،
قائلين له بأن
رئيسهم (في
حاجة إليه
لعمل مستعجل)
وبدون أدنى
ارتياب في
الأمر رافقهما
على متن سيارة
رونو 4 إلى مقر
(م.إ.ب.ت/CTRI) حيث قتل
بدم بارد، بعد
أن قاموا
بتعذيبه لإضفاء
نوع من
المصداقية
على أطروحتهم
القائلة
بانتمائه إلى
مجموعة
مسلحة، وحتى لا
ينكشف أبدا
أمر أولئك
المسؤولين
المدبرين والمشاركين
في هذه
الجريمة
النكراء!. أما
عائلته التي
لم تتمكن من
رؤية جثمانه
فقد أعلن
مسؤولو (ق.إ.أ/DRS) أن
المساعد عمر
قد لقي مصرعه
على أيدي
إسلاميين
أثناء القيام
بعملية تفتيش!! قضية
تيليملي،
وموت الرائد ڤطـوشي عودة إلى هذا
الخريف
الداكن لسنة
1992، رغم أنني شخصيا
لم أخف تشككي
بالنسبة
لنتائج
عمليات اختراق
الشبكات
الإرهابية،
فقد بقيت مع
ذلك مقتنعا
بأن العمل كان
يهدف إلى
التنبيه أو
الإخبار
بالعمليات،
والاطلاع على
شبكات الإمداد،
والشبكات
النائمة بل
حتى تحديد
مصادر تمويلها
الخارجي... لكن مسؤولي
(ق.إ.أ/DRS) قد
ذهبوا بعيدا
جدا كما
رأينا، ونظرا
لمواقفي
المتعلقة
بالشرعية فقد
كنت أبعد
تلقائيا من
مراكز القرار
بمجرد الشروع
في التخطيط
لأية عملية
"مشبوهة" ففي
أثناء أسابيع
أفريل وماي 1992
شعرت بانعدام
أي حس
بالمسؤولية
لدى إسماعيل العماري،
وتورطه
المباشر في
توجيه
واستعمال
الجماعات
التي ستتكون
منها (ج.إ.م/GIA) فيما
بعد. هناك بعض
المؤشرات
والقرائن
والأخبار
الغريبة التي
تكاثرت، أفكر
مثلا في حالة موح
ليفيي الذي
سبق أن تطرقت
إليه، كيف
يفسر تمكن هذا
الإرهابي
الذي كنت
متأكدا من أنه
عميل لـ(ق.إ.أ/DRS) من
مضاعفة
عملياته
الإجرامية
دون عقاب
(اغتيالات من
هنا، وكمائن
من هناك ضد
رجال الشرطة والدرك،
والعسكر
وخاصة شباب
الخدمة
الوطنية في
الكاليتوس
والأربعاء
ومفتاح..) إلى
درجة أنه أصبح
بطلا في أعين
الشبان الذين
يلتحقون
بالمقاومة
المسلحة! كيف يمكن
تفسير أن
نائبه عبد
الحق لعيادة
مطّال ببراقي
يستطيع، وبكل
سهولة أن
يستخف بقوات
الأمـن؟ ففي شهر
أفريل،
وبالرغم من
أنه قد حوصر
في منزله من
طرف رجال
الدرك الوطني
تمكن من
الهروب آخذا
معه امرأة
كرهينة!؟ وقد
جرح أثناء هذه
العملية
النقيب عطوي
من الدرك
الوطني بعد
تبادل كثيف
لإطلاق
النار، وبعد
بضعة أيام من
هذه العملية
حكى لي الرائد
عبد العزيز
شاطر في مقر قيادة
مفرزة الدرك
الوطني
للجزائر في
بئر مراد
رايس، وبحضور
رئيسه بأنه لم
يفهم أبدا كيف
تمكن لعيادة
من مغادرة
المنطقة في
الوقت الذي
كانت وحدات
الـ(ج.و.ش/ANP) تراقب
كل مفترقات
الطرق، وكرر
لي مرارا أنه بدون
تواطؤ عناصر
من هذه
الوحدات، كان
من المستحيل
على عبد الحق
لعيادة أن
ينفلت من
قبضتنا. 80 ونفس
الوضعية
الغريبة
المريبة
تتكرر بعد ذلك
ببضع أسابيع
أثناء القيام
بعملية في
تيليملي (حي
في أعالي
العاصمة) ضد
عبد الكريم بن
طبيش، معروف
عنه أنه أحد
المساعدين
لموح ليفيي،
واثنين من
رفاقه يستطيع
هؤلاء
الثلاثة أن
يتملصوا خفية،
رغم العدة
الهائلة
المرصودة
لهذه العملية
(القوات
الخاصة،
الشرطة
"نينجا"،
(م.ت.خ/GIS)، مجموعة
التدخل للدرك
الوطني). إن
هذه القضية
تستحق أن تذكر
هنا، لأنها
أسفرت عن موت
الرائد عمار ڤطوشي،
رئيس مركز
عنتر (م.ر.ع/CPO) الذي
كنت أتعاون
معه بانتظام
في تلك
الأيام،
والذي سبق أن
تحدثت عن
الدور الأساسي
الذي قام به
سنة 1991
بتعليمات من
إسماعيل
العماري في
خلق أولى
الجماعات
الإسلامية
المسلحة، من
صنع (ق.إ.أ/DRS). في يوم 4 ماي
على الساعة
الثامنة
صباحا، وصلتنا
معلومات
مؤكدة بأن
مجموعة بن
طبيش قد حدد
مكانها في
فيلا
بتيليملي. إن
استخدام هذا
النوع من
المعلومات
الاستخباراتية
قبل الانتقال إلى
العمل وإعطاء
الأمر
بالهجوم
يتطلب دراسة
عملية معمقة. وكان
واجبا عليّ
يومها أن
أشارك في
اجتماع يعقد
في ولاية
الجزائر يدوم
يوما كاملا
للجنة
المكلفة ببحث
مسألة إطلاق
سراح
المنفيين في
معسكرات الجنوب
من الذين لم
يثبت ضدهم أي
شيء81. ترأس هذا
الاجتماع
شريف عبد
الرحمان
مزيان والي
الجزائر، وقد
شارك فيه كذلك
ممثل عن (م.ع.أ.و/DGSN)،
وممثل عن
الدرك
الوطني،
وممثل عن
المرصد الوطني
لحقوق
الإنسان (م.و.ح.إ/ONDH) وهي
هيئة تأسست في
فبراير 1992
لإعطاء نوع من
الغطاء
"الديمقراطي"
للقمع
والاضطهاد
الممارس ضد
الإسلاميين. وعلى الساعة
الخامسة
مساء، وأنا
عائد متعبا من
هذا اليوم
الماراطوني،
عرجت على
شاطوناف
لاستخبر عن
الوضعية قبل
الذهاب إلى
البيت. وعند
وصولي كانت
مجموعة
التدخل جاهزة
بعدتها
وعتادها حيث
كان الرائد
عمار ڤطوشي
أثناء غيابي
قد أعد كل شيء
(لأنه كان
يريد بدون شك
أن يؤكد
لرؤسائه أنه جدير
بمنصب جنيف
الذي وعده به
الجنرال
توفيق). لقد تقاطعت
مع الرائد
عمار لحظتها
وهو يتأهب
لامتطاء سيارته
الفولفو
الرمادية،
وقد قال لي
بلطف "لحبيب
هل تأتي"
فأجبته: " لا
أنا متعب"
وبالفعل كنت
لحظتها أفكر
في العجلة
التي تم فيها
تحضير هذه
العملية، وقد
كانت تلك آخر
كلمات تبادلتها
مع الرائد
عمار، فقد
أخبرني سائقي
في اليوم
التالي بأنه
جرح في فخذه
خلال هذه
العملية،
ونقل إلى
فرنسا. لقد حدد
الرائد عمار
"الهدف" بدقة -
وهي الفيلا
التي كان
يختبئ فيها بن
طبيش، واثنان
من رجاله-
ولكن عند
الوصول إلى
عين المكان
ارتكب محافظ
الشرطة محمد
وضاح (وقد كان
مرفوقا بمحمد
عسولي، وهو
أحد نواب
المحافظ
الطاهر كراع
في "و.و.ق.ل/ONRB") خطأ في
توجيه الهجوم
إلى فيلا
مجاورة مما أحدث
ارتباكا سمح
لبن بطيش
ورفيقيه من
الانفلات،
وقد كلف هذا
الخطأ الفادح
الذي لا يصدق،
حياة ضابطين
هما الرائد
عمار ڤطوشي،
والملازم أول طارق
من (م.ت.خ/GIS). لقد دفع هذا
الأخير عمره
ثمن بطولته،
فقد كان
الوحيد الذي
دخل الفيلا
التي كانت
مستهدفة حقا، فتلقى
رشقات نارية
مباشرة من بن
بطيش ورغم أن
هذا الأخير
كان مصابا فقد
استولى على
سلاح وراديو
الضابط الذي
كان غارقا في
بركة من الدماء!
وأثناء
انسحابهم
التقى
الهاربون
الثلاثة بالرائد
ڤطوشي، والمحافظ
محمد وضاح على
بعد مائتي متر
من مكان
الفاجعة، أطلقت
عيارات نارية
أصابت إحداها
الرائد عمار
في فخذه. من أطلق
النار عليه؟
لا أحد يعلم
ذلك أبدا!! فقد أكد لي
ضباط (م.ت.خ/GIS)
الحاضرين في
عين المكان أن
المحافظ وضاح
قد هلع عند
رؤيته
الإرهابيين،
فأطلق النار
خطأ وجرح
الرائد ڤطوشي،
وتبدو لي هذه
الرواية أقرب
إلى
الاحتمال، لأن
الإرهابيون
كانوا مسلحين
برشاشات
كلاشينكوف، ولو
كانوا هم
الذين أطلقوا
النار لنخلوه
نخلا وهو ما لم
يحدث حسب
الشهود، وفي
اليوم التالي
من المأساة
قابلت محمد وضاح،
وكان واقعا
كليا تحت
الصدمة، شاحب
الوجه لا يقدر
على رص جملتين
متتابعتين
(وقد وضع على
الهامش
أيامها من طرف
العقيد إسماعيل
العماري، ولن
يظهر إلا بعد
سنتين، ليعين
مديرا عاما
للشرطة
الوطنية، وهي
أروع ترقية
يحظى بها رئيس
أمن ولائي، ولم
يسبق لها مثيل
في حوليات
الشرطة
الوطنية) لقد كان
الرائد عمار
مجروحا ينزف
بغزارة، ومع
ذلك لم ينقل
إلى مستشفى
عين النعجة
إلا بعد خمس
وأربعين دقيقة
من الاشتباك،
ولم يعجل
بإسعافه إلا
بعد أن أفرغ
دمه، في حين
أن المركز
الاستشفائي
الجامعي
لمصطفى باشا
لم يكن يبعد
عن مكان
العملية بأكثر
من عشر دقائق،
وقد نقل
بطائرة خاصة
إلى فرنسا
مساء
الفاجعة،
ولكنه مات
أثناء الرحلة!
وقد أرجع
مسؤولو (ق.إ.أ/DRS) موته
إلى إصابته
بالسكري،
وبما أنني
عاشرته منذ
منتصف
الثمانينيات
حتى آخر يوم
في حياته أتستطيع
أن أؤكد بأنه
لم يكن يشكو
قطّ من هذا
المرض، وملفه
الطبي يشهد
على ذلك. كل القرائن
تدل على أن
الرائد عمار ڤطوشي
صفي من طرف
رئيسه إسماعيل
العماري مع
سبق الإصرار
والترصد!!:
فإخطاء
الهدف،
وتأخير
الإسعاف،
وكذلك الكذب
الصراح فيما
يتعلق
بإصابته بداء
السكري، والمجازاة
اللاحقة
للمحافظ
وضاح... كل هذه
القرائن ترسخ
اعتقادي بأن
رئيس (م.ر.ع/CPO) قد
صفي في إخراج
معقد، من ذلك
النوع الذي لا
يتقنه إلا إسماعيل!!
وهذه التصفية
في رأيي كانت
بسبب الدور
الأساسي الذي
كان يقوم به
الرائد عمار
في وضع استراتيجية
الرعب التي
بدأ ينفصل
عنها بدون شك
(لقد كان من
المقرر أن
يعين الرائد ڤطوشي
في يوليو
رئيسا لمكتب
الأمن بسفارة
الجزائر بجنيف
خلفا للرائد
حميدو، وقد
بدأ يبتعد عن
(م.ج.م/DCE). حتى ولو
أن الصحافة
وبعض
المسؤولين قد
قالوا بفكرة
أن بن طبيش
كان من
"مساعدي "موح
ليفيي، فإني
على يقين في
جميع الأحوال
بأن بن طبيش
ليس من صنع
الرائد ڤطوشي،
ولو كان الأمر
كذلك لما قاد
عملية ضده أبدا!،
وعلى كل حال
فإن الرائد ڤطوشي
قد أخذ معه
الكثير من
الأسرار إلى
القبر فيما
يخص "بعث"
(ح.إ.م/2MIA) وخلق
"الجماعات
الإسلامية
للجيش"
والعمليات
القذرة
والخسيسة التي
نفذها لحساب
توفيق
وإسماعيل،
لقد استخدمه إسماعيل
مع الأسف
"كصهيرة"
تماما مثلما
حدث لطرطاڤ مع
الضربات
الشائنة
لكمال عبد
الرحمان (غير
أن العقيد
طرطاڤ كما
سيأتي لاحقا،
كان جلادا
متوحشا حقا،
ولكنه فلت من
العقاب عن
"عمله القذر"
حيث بقي في وظيفته
إلى غاية سنة
2001، وهو ما يزال
حتى يومنا هذا
على قيد
الحياة. وبعد أيام من
قضية
تيليملي، قام
إسماعيل "كتغطية"
على نفسه
بالإشراف
والمشاركة في
عملية بلغت من
الوحشية ما
يجعل أي واحد
منا، يجهل
خلفيات تصفية ڤطوشي،
يفسرها على
أنها انتقام
مشروع من
الإسلاميين،
فقد قرر أن "يبدع"
في فيلا بحي
بلوزداد،
كانت تستخدم
مخبئا للأصوليين،
من المفترض
أنها ملك
لرئيس (م.ع.أ.و/DGSN) محمد
طولبة، وقد
أشرف إسماعيل
شخصيا على
قيادة هذه العملية،
وهي أول
وبالتأكيد
آخر عملية
يشارك فيها! لقد كانت هذه
العملية
حقيقة تثير
العديد من علامات
الاستفهام
والتعجب، إذ
كيف يصدق أن
"إسلاميين
خطرين"
يمكنهم أن
يلجأوا إلى
فيلا تابعة للشرطي
الأول في
الجزائر!؟
وزيادة على
ذلك، فإن
هؤلاء
الإسلاميين
المفترضين لم
يكونوا
مسلحين، مما
يجعل الإمساك
بهم من طرف
عناصر (م.ت.خ/GIS) أمرا
في غاية
السهولة ومع
ذلك فإن
الجميع قد قتّل،
وحتى أولئك
الذين حاولوا
تسليم أنفسهم
قتلوا بدم
بارد كالكلاب!
وأخيرا، فإن
الصحافة لم
تتطرق أبدا
إلى هذه
القضية،
ولهذا السبب
اعتقد أن هذه
العملية كانت
مختلقة من
أولها إلى
آخرها من رئيس
(م.ج.م/DCE) حتى
يوهمنا بأنه
قد قام بالثأر
لضابطه، وفي نفس
الوقت يزيل
الشكوك التي
تحوم حوله،
فيكون لذلك قد
جمع بعض
العملاء في
فيلا (م.ع.أ.و/DGSN)
للتمكن من
تصفيتهم، وهو
ما يفسر كذلك
عدم ترك أي
واحد منهم حيا
رغم
استسلامهم
للشرطة!! مهـمـة في
باكسـتان إن قصة تكوين
(ج.إ.م/GIA) من طرف
المصالح
السرية تشبه
قصة (الدكتور
جيكيل Jekyll،
وميسترهيد Mister Hyde) في
وقت من
الأوقات،
وبالضبط في
الثلاثة أشهر
الثانية من
سنة 1992، لم يعد
مسار الاستخدام
والاحتواء
يتحكم فيه كما
ينبغي. فالعديد
من العملاء
المنقلبين
كانوا يقومون
بأدوار
مزدوجة،
و"تبخروا" في
الجبال
والأدغال. وبسبب
الحواجز
الموضوعة بين
المصالح، كان
عملاء كل من
(م.ر.ع/CPO) و(م.ع.ر.ب/CPMI)
"يتحاربان".
فبصفتي
مسؤولا عن
خلية الاستخبارات
في (م.ر.ع/CPO) لم
أستطع أن أحصي
عدد التدخلات
التي قام بها العقيد
كمال عبد
الرحمان
وعمار، وطرطاڤ
ليطلبوا مني إطلاق
سراح هذا أو
ذاك من
الأشخاص
الذين يكونون
قد ألقي عليهم
القبض لأنهم
كانوا
"يعملون" معهم
وزيادة على
ذلك فإن فقدان
التنسيق
الخطير هذا في
ظل المخطط الشيطاني
كان نفسه بين
هياكل (ق.إ.أ/DRS)
والمؤسسات
الأخرى
للدولة. ففي
هذا الجو من الفوضى
العارمة، شرع
في الحرب ضد
"الأصوليين". لم يعد بوسعي
أبدا أن أوافق
على هذه
السياسة الانتحارية
في حق الوطن!.
وكما سبق أن
قلت، فبعد أن
أدركت
الأهداف الحقيقية
لاستخدام
وتوجيه (ح.أ.د.إ/MEI) قررت
في آخر ماي أن
أقطع علاقتي
بإسماعيل، وأكف
عن التعاون
معه بقدر ما
أستطيع..فانزويت
في (م.ق.ع/PCO)
بشاطوناف
لأتفرغ لعمل
الاستغلال
(استخراج المعطيات
من كل
التقارير
الواردة من
العملاء،
والتحقق من
صدقية وصحة
المعلومات
التي تتضمنها،
ثم القيام بإعداد
خلاصات لتلك
المعلومات
المجتمعة
وتقديمها إلى
مسؤولين
"ق.إ.أ/DRS") قبل
القيام بمهمة
إلى الخارج.
بعد موت الرائد
ڤطوشي كان من
المفروض أن
يعهد
باستخلافه
على رأس (م.ر.ع/CPO) إلى
الرائد عاشور
بوقشابية
(نائب مدير) أو
إلي بصفتنا
الضابطين
الأعلى رتبة
في (م.ج.م/DCE) بعد إسماعيل
ولكن لم يقع
الاختيار على
أي واحد منا
لأننا كنا
ملتزمين
بالعمل في الإطار
القانوني
فقط، ونرفض
المشاركة في
العمليات
المجنونة التي
كان يقودها! ومن ثمة
فإسماعيل هو
الذي تولى
شخصيا تسيير
(م.ر.ع/CPO) حتى تم
تعيين العقيد
فريد غبريني
القادم من (م.ب.تق/CRI)
بقسنطينة.
فكان لابد لي
من الابتعاد،
وبالاتفاق مع
إسماعيل ذهبت
- إذن – في مهمة
إلى باكستان
من 11 إلى 27 جوان
1992، وقد كانت مهمتي
إعطاء
تعليمات
جديدة
"لجواسيسنا"
في معسكرات
بشاور،
وتحديد مكان
وجود اثنين من
قادة (ج.ق.إ/FIS) هما
بوجمعة بونوة
المدعو "عبد
الله أنس"82،
وقمر الدين
خربان اللذين
كان (ق.إ.أ/DRS)
يعتبرهما من
أخطر
الإرهابيين.
ولقد تقصت مصالحي
أثرهما
لأنهما حصلا
على تأشيرة من
المصالح
القنصلية في
سفارة
الجزائر
بباكستان، تسمح
لهما بالتنقل
دون أي قلق أو
خوف! وقد اندهشت
عندما علمت
خلال هذه
المهمة من محي
الدين عميمور
سفير الجزائر
في إسلام أباد
(الذي يجهل
بطبيعة الحال
طبيعة مهمتي)
بأن سفير
فرنسا قد طلب
منه رأيه
بالنسبة لمنح
هذين الشخصين
تأشيرات
الدخول إلى
فرنسا، وقد
تبين لي أن
ممثلنا يجهل
كل شيء عن
الرجلين
والعبرة هنا
أن السفير
الفرنسي كان
أكثر اطلاعا من
سفيرنا، في
حين أن
الرجلين هما
في الحقيقة من
الأهداف
الأساسية
لمهمتي!
وزيادة على
ذلك فقد
اكتشفت أثناء
إقامتي التي
دامت عشرة
أيام ألا أحد
من البعثة
الجزائرية
هناك لا
السفير ولا أي
ممثل عن
السفارة قد وضع
رجليه في
بيشاور (وهي
مدينة تبعد
بحوالي مائة
كلم عن العاصمة
إسلام أباد)
في الوقت الذي
يوجد في هذه
المدينة من
المجاهدين
الجزائريين
ما يعد
بالمئات منذ
بداية 1980. هاهي ذي
الحرب ضد
الأصولية كيف
كانت تتم في
الخارج! اعتقد أن
الأمر لا يعود
إلى قلة الكفاءة
بقدر ما يعود
إلى كونه عملا
مقصودا من طرف
سحاري (ق.إ.أ/DRS). وأريد أن
أستدل بمثال
آخر من
الميدان
الديبلوماسي
كذلك في يناير
1992 اتهم "أصحاب
القرار" إيران
بتمويل
الإسلاميين
الجزائريين،
وقطعوا
العلاقات
الديبلوماسية
مع هذا البلد،
وقد تم إدخال
كل
الديبلوماسيين
الجزائريين،
لكن الرائد
محجوب الذي
كان في منصبه
في طهران قد
استبقي
"خفية" في
مكانه،
كمستشار قائم
بالأعمال،
وذلك بغرض
رعاية
الشبكات
الإسلامية التي
تجوب السودان
وإيران
واليمن
وباكستان، والعربية
السعودية...الخ،
فالأمر يتعلق
بعملاء
جزائريين
مغروسين في
إيران،
يتاجرون في الجلود
والمنسوجات،
والسجاد،
والفستق والذين
يبلغون
المعلومات
للقادة
الإيرانيين! إن هذه
الاستراتيجية
تخضع لسياسة
(في حالة ما إذا...)
وهو عكس
الظاهر
تماما،
وبالفعل فلم
تقطع الجسور
أبدا مع هذه
الدول كإيران
والسودان،
واللتين
كانتا مع ذلك
متهمتين سنة 1992
"بدعم الإرهاب
في الجزائر"
حتى ولو تم
قطع العلاقات الديبلوماسية
والرسمية،
فإن
"الديبلوماسية
الموازية"
ظلت دائما
قائمة. والخطاب
المزدوج هو
السائد:
فالديماغوجية
من ناحية
لإرضاء
"الديمقراطيين"
الجزائريين
والـ (ل.و.إ.ج/CNSA)،
و"البراقماتية"
من ناحية أخرى
لتمكين أعضاء
"عصابة يناير
" من مواصلة
الحفاظ على
مصالحهم وإدارة
مشاريعهم
وأعمالهم في
الداخل
والخارج! 7 الهيجـان القاتـل 1992 –
1994 يوم 29 جوان
1992 على الساعة
الثانية عشر
والنصف زوالا
كنت قد أوشكت
على إنهاء
كتابة تقرير
عن مهمتي في
باكستان،
عندما أعلن لي
أحد ضباط الصف
"لقد قتلوا
بوضياف!" لم
أتحقق في
الحين، قلت
من؟ فأجاب:"
لقد قتلوا
الرئيس في
عنابة!"
وبمجرد أن
استرجعت نفسي
دق الهاتف
عندي، فقد كان
العقيد سعيدي
فضيل رئيس
(م.ت.أ.خ/DDSE) لـ(ق.إ.أ/DRS) :"هل
علمت؟ -كيف
أمكن ذلك؟ ليس
صحيحا! -
إنه
أحد أفرادنا
هو الذي قام
بالعملية!! تعال
في الحين،
يوجد اجتماع
على الساعة الثانية
عشرة والنصف
مع المدير،
وبحضور الوزير" لقد عم
الذهول، كنا
حوالي عشرين
مسؤولا من (ق.إ.أ/DRS)
حاضرين في هذا
الاجتماع في
مقر (ق.إ.أ/DRS)
بدالي براهيم
حيث تناول
الجنرال نزار
وحده الكلمة
فقال لنا بأنه
اجتمع بنا نحن
الأولين قبل
حتى رؤساء
النواحي،
وقادة الجيوش،
والمديرين
المركزيين بـ(و.د.و/MDN)،
لأنه كان يرغب
في الحصول على
دعمنا
لمواصلة "مهمته"
مؤكدا بكل
صراحة أنه
بدون ذلك
الدعم فإنه
سيتخلى عن
المهمة في
الحين، لقد
اعتنى بتبرئة
الرائد حمو
رئيس (م.ت.خ/GIS)(وحدة
"ق.إ.أ/DRS" التي
ينتمي إليها
قاتل الرئيس
بوضياف الملازم
لمبارك
بومعرافي) :"
كل الناس
يعرفونه،
وليس له في
القضية أي
دخل، إن الذي
قام بالعملية
هو شخص مستنير!".
ثم أضاف قوله
بأن بوضياف
كان محظوظا:"
لقد مات
رئيسا"
(وسأعود في
الفصل العاشر
إلى الحديث عن
الظروف التي
أعقبت اغتيال
بوضياف). بالنسبة
إلي فقد كانت
القطيعة
بالفعل! الـقـطيعـة في اليوم
ذاته حوالي
الساعة
الخامسة
مساء، وأنا
أسلم تقريري
إلى العقيد
فضيل السعيدي
أعلمته
برغبتي في ترك
الـ (م.ج.م/DCE) بدون
أن أعطي أي
تعليل مكتفيا
فقط بالقول
أنني لا أشارك
إسماعيل
تصوراته فيما
يخص طريقة محاربة
التخريب. ولقد
أدرك في الحين
بأن التيار لم
يعد يمر
بيننا، ووعدني
بأن يحدث
الجنرال
توفيق في هذا
الأمر. بعد
جنازة الرئيس
بوضياف، قدمت
إلى المسؤولين
طلبا للتسريح
من الجيش
بتاريخ 3
يوليو، وذهبت
إلى بيتي في
عنابة،
فلماذا اتخذت
هذا القرار؟ انه
ابتداء من
يناير 1992 أدركت
أن هناك قوة
في الخفاء
تعمل كل ما في
وسعها على
تصعيد عمليات
العنف وتعميم
الفوضى في
البلاد. لقد كنت
أرجعت هذا
الأمر في
البداية إلى
انعدام
الكفاءة،
ولكنني شيئا
فشيئا أدركت
أن العملية
مقصودة،
ومخطط لها
بعناية! في 1992،
وأقولها بكل
صدق، كنت ضد
اعتماد (ج.إ.إ/FIS) و(ت.م.ث.د/RCD) ليس
لأني ضد هذين
الحزبين
السياسيين،
ولكن بكل
بساطة، لأن
مسؤولي البلد
- ولحسابات
سياسوية – قد
اعتدوا على
الدستور الذي
يمنع منح
الاعتماد
للأحزاب على
أساس ديني أو
جهوي. وفي 1992
عارضت كذلك
إلغاء نتائج
الانتخابات
التشريعية، وتوقيف
المسار
الانتخابي،
وذلك ليس لأني
ضد فلتان أو
علان، ولكن
ببساطة لأنه
لا يجوز تصحيح
خطأ صغير بخطأ
آخر أفدح منه! لقد كان
من الممكن
مواصلة
المسار
الانتخابي،
وإذا فرض
الإسلاميون
إرادتهم
بالرعب والعنف
فقد كنا نملك
الإمكانيات
للتدخل. لكن
لم يكن ينبغي
التدخل من قبل! في
فبراير 1992 عارضت
فتح مراكز
الاعتقال
"الأمني" ليس
تعاطفا مع
المتطرفين،
ولكن لأن هذا
الإجراء كان
يتعارض مع
مفهوم الحق،
إن القانون
ينص على أن أي شخص
يرتكب جريمة
أو مخالفة أو
جنحة يعتبر
بريئا حتى
تثبت إدانته
بالفعل. إذن كان
يجب معاقبة
المذنبين،
ومحاكمتهم على
الجنح التي
ارتكبوها،
ولكن ليس
الاعتداء على
الأبرياء،
وهو الأمر
الذي عجل
بانتشار
الراديكالية
والعنف، وفي
نفس الفترة
كنت كذلك ضد
الانحراف
الذي حدث:
فبدلا من أن
يحارب التطرف
الأصولي، أخذ
مسؤولو الجيش
يشنون الحرب
ضد الإسلام
ذاته، فمنعت
أماكن
العبادة في
الثكنات
وأصبح كل الضباط
المتدينين
بين عشية
وضحاها
مشبوهين. ينظر
إليهم بعين
الريبة
والخطر! حتى
أنني سمعت
بنفسي ضباطا
سامين يصرحون
بأنه " عند
الاختيار بين
الإسلام
والجزائر
أختار
الجزائر"
مستعيرين
صيغة المرحوم
سليمان عميرات،
هذا الثائر
القديم
المعارض الذي
أسس في أواخر
الستينيات مع
كريم بلقاسم
الحركة
الديمقراطية
الثورية الجزائرية
(ح.د.ث.ج/MDRA) الذي
قال "لو أخير
بين
الديمقراطية
والجزائر
أختار
الجزائر"
وذلك فيما أظن
أثناء الإضراب
الانتفاضي
للـ(ج.إ.إ/FIS) سنة 1990. إن
الاستراتيجية
المتبعة على
امتداد ربيع 1992 لا
يمكن إلا أن
تؤدي إلى الفوضى
والكارثة. كنت
ضد خلق
المقاومة
المسلحة وضد
التلاعبات
الجامحة، وضد
القمع الوحشي،
وضد سياسة
التعفين
وسياسة تقسيم
الجزائر، والاغتيالات
المجانية تحت
ذريعة أن
الإسلاميين
الموقوفين
سيطلق سراحهم
من العدالة، وكذلك
احتقار
المسؤولين
الظاهر
لمواطنيهم. مع
أنني نبهت
القيادة
مرارا في
العديد من
التحاليل مبينا
أن التدابير
المتخذة
ستمنى بالفشل
الذريع لا
محالة، لأنه
لا يمكننا أن
نشن الحرب ضد
شعب بكامله،
وأن أفضل
وسيلة للقضاء
على التطرف هو
استئصال جذور
الداء، يجب
إعطاء تعليم
جيد للشباب،
تحقيق
المساواة في
الحظوظ
والفرص لكل
الجزائريين،
ومكافحة
الإقصاء
والتهميش، القضاء
على الآفات
الاجتماعية،
الفساد والرشوة،
المحسوبية
والزبائنية،
إشغال الشبيبة
باهتمامات
سليمة
ومفيدة،
ومحاولة
امتصاص مشاكل
البطالة
والسكن، لكن
مع الأسف لم
أجد أذنا
صاغية لأن كل
شيء كان مخططا
له سلفا من هدامي
الجزائر! في ماي 1992
كنت ضد
التعذيب
التلقائي
للموقوفين في
ثكنة شاطوناف.
كان بعض ضباط
الـ(أ.ع/SM) والشرطة
يتلذذون
بممارسة شتى
أنواع التعذيب
الجسدي
لانتزاع
الاعترافات،
وكانت ممارسات
إجرامية
ووحشية لا
يمكن وصفها!
فقد استعصى
علي أن أفهم
لماذا يستطيع
الجزائريون
أن يفعلوا ذلك
كله في حق
مواطنيهم،
ومن حسن الحظ –
وأحمد الله
على ذلك – أنني
وعلى امتداد
سنوات الخدمة
لم يحصل لي –
ولو لمرة
واحدة – أن
أصدرت أمرا
بالتعذيب،
ولا مارست
التعذيب بنفسي،
كما أنني لم
يحصل لي على
الإطلاق أن أوقفت
أو أصدرت أمرا
بإيقاف أي شخص
كان، بسبب رأيه
السياسي. إنه
انعدام كامل
للضمير لدى
قادة الجيش،
ولم أرد أن
أتقاسم
الخسارة
والفشل مع
مسؤولين
يفكرون
بأنانية في
مصالحهم فقط!
لقد أصبحت أحد
المعارضين
الذين
يدافعون على القضايا
العادلة،
وكنت أرى أنه
لو تم حوار صريح
بين الأطراف
المعنية لما
بلغت الأمور
أبدا ذلك
التدهور
الفظيع! لم أتخذ
قراري بكيفية
مرتجلة كرد
فعل آني دون تبصر
وتدبر. بل
أخطرت رؤسائي
بكل هذه
الملاحظات،
وعندما ذهبت
إلى بيتي كان
العقيد
إسماعيل يعلم
أنني لن
أتراجع عن
قراري أبدا! وبعد
"عطلة" دامت
أربعين يوما
قضيتها في عنابة،
هاتفني رئيس (م.ج.م/DCE) ليقترح علي
منصبا في
الخارج "باسم
المصلحة العليا
للوطن" لقد
قبلت
الاقتراح دون
أن أفكر فيما
إذا لم يكن
ذلك في
الحقيقة
عبارة عن "رشوة"
لشراء سكوتي.
وإذا قبلت
فذلك. وبصفة
خاصة لكي أكون
بعيدا عن
دوائر
القرار،
وأنني سأتعامل
مذاك فصاعدا
مع العقيد
فضيل سعيدي
رئيس (م.ت.أ.خ/DDSA)، إنه
مسؤول ذو
فضائل
أخلاقية (في
الأمانة والنزاهة
والاستقامة)
نادرة المثال.
55)
لقد عين في
هذا المنصب
يوم 18 أكتوبر 1988. 56)
تحصلت (ج.إ.إ/FIS)
على 188 كرسي و 3 260 222 صوت من أصل 7 822 625 منتخب و 6 897 719
صوت معبر عنه،
أي ما يعادل 47.27%
(وهذا ما لم يكن
يمثل في
الحقيقة سوى
ربع المسجلين)
؛ وقد تصدرت
بفارق شاسع
(ج.ق.إ/FFS)
التي تمكنت من
انتزاع 25 كرسي
و 510661 صوت ما
يعادل 7.40% أما
(ج.ت.و/FLN)
فتحصلت على 16
كرسي و1 612 947
صوت ما يعادل 23.38%؛
هذا باستثناء
ما تحصل عليه
المترشحون
الأحرار، وهو
ثلاثة كراسي و309264
صوت (4.48%)، ولم
يتحصل أي من
الأحزاب
الأخرى الستة
والأربعين
الباقين في
الحلبة على أي
كرسي بحيث لم يتعد
نسبة 3% ("حمس/MSP" 2.78%،
"ت.م.ث.د/RCD" 1.51%، "ح.د.ج/MDA" 1.02%؛
"ح.ت.ج/PRA" 0.51%؛ "ح.و.ت.ت/PNSD" 0.36%؛
"ح.إ.د/PSD" 0.22%؛ "ح.ج.ع.ت/MAJD" 0.21 %؛
أما باقي
التشكيلات
فكان
بإمكانها
التباهي
بنتيجة
تتراوح ما بين
0.00% و0.08%) 57)
عقب انتهاء
الدور الأول
من
الانتخابات،
صرح الدكتور
سعيد سعدي،
قائد (ت.م.ث.د)
(حزب بربري مقرب
من السلطة
ومعاد
للإسلاميين
بشراسة)، بعدما
رأى أن حزبه
لم يتحصل إلا
على 1.51% من
الأصوات
المعبر عنها، وتعجب
على أمواج إذاعة
القناة
الثالثة
قائلا:" أخطأت
في المجتمع"
ثم أصبح بعد
ذلك واحدا من
أكبر
المتحمسين
المناصرين
لإيقاف المسار
الانتخابي. 58) إن
مهمة هذه
اللجنة كانت
السهر على
توفير كل الوسائل
المادية
للانتخابات:
مراقبة إذا
كانت البلديات
قد قامت
بتحضير
بطاقات
الناخبين
وإذا كانت
مصالح البريد
والمواصلات
قد أوصلت تلك
البطاقات إلى
أصحابها
وكذلك وضع
الخطوط الهاتفية
في الأماكن
اللازمة ؛
تحضير
القوائم الانتخابية،
مكاتب
التصويت،
بطاقات
وصناديق الاقتراع،
للسّهر على
طباعة
البطاقات
وضمان
حمايتها؛ اختيار
المراقبين
والمسؤولين
عن عمليات الفرز،
الاشراف على
التنظيم
الأمني
لعملية الاقتراع. 59)
على عكس ما
أكده البعض
عقب الدور
الأول للانتخابات؛
على حسب قولهم
فإن 900 000
ناخب لم
يتمكنوا من
التصويت،
وذلك كونهم قد
منعوا من
الحصول على
بطاقات
التصويت من
طرف بلديات
(ج.إ.إ/FIS)
، وبما أننا
كنا قد تابعنا
عن كثب سير
عملية الاقتراع،
فإنني أستطيع
أن أؤكد بأن
التزوير كان
محدودا جدا،
ولم يمس كأقصى
حد إلا 10 000 أو 15 000
حالة. 60) في
جوان 1995، علمت
من العقيد
عبدو( مدير
سابق للتعاون،
والذي
استقبلته في
بون) بأن عبد
الحق بن
حمودة
قام على
الأقل بثلاث
مقابلات ما
بين 28 ديسمبر
إلى 2 يناير مع
الجنرال
توفيق والعقيد
صالح (المسؤول
عن مصلحة
الصحافة والتوثيق
في "ق.إ.أ/DRS"). 61) وبالصدفة،
في الليلة
التي سبقت
والتي تلت هذه
التظاهرات
الضخمة، قامت
الصحافة
"المستقلة"
وعلى صفحاتها
الأولى
بتكريم حسين
آيت أحمد
كواحد من "القادة
التاريخيين"
لحرب
التحرير،
بالرغم من أنه
ومنذ ثلاثة
أعوام، كانت
تمرغ بانتظام زعيم
(ج.ق.إ/DRS) في
الأوحال... إن
هذا التحول في
الرأي الذي لم
يدم طويلا قد
اتضحت أسبابه
بسرعة في كون
أن
"الاستئصاليين"
من الـ(ل.و.إ.ج/CNSA)، أكدوا
بكل بجاحة بأن
المظاهرات
كانت تهدف إلى
طلب إلغاء
الدور
الثاني، وهو
ماكان عكس الحقيقة
تماما! وكما
هو معظم الحال
في الجزائر،
"فكلما كانت الكذبة
كبيرة، كلما
صدقها
الناس"... 62)
يجب أن أشير
أنني في هذه
الفترة، كنت
رئيسا للجنة
الوطنية
للشطرنج عن
طريق المراسلة،
وعضو في
المكتب
الفديرالي
للفديرالية
الجزائرية
للعبة
الشطرنج. 63 ) ولد محمد
بوضياف في 23
جوان 1919 بمسيلة
وهو رمز من رموز
الثورة
التحريرية،
ومعروف باسم
"الطيب
الوطني". كان
واحدا من بين
أوائل
القياديين
الذين فجروا
الثورة
المسلحة في 1954،
وقد عارض غداة
الاستقلال
السلطة
المهيمنة لبن
بلة؛ أوقف سنة
1963، ثم ترك
الجزائر وقام
بتأسيس حزب
معارض، هو "حزب
الثورة
الاشتراكي/PRS"،
الذي حله عند
وفاة هواري
بومدين . في
فترة منفاه
بالمغرب اشتغل
بمصنعه للآجر
في قنيطرة. 64 ) وفي آخر
لحظة، وبعد أن
قبل وتحت
الإكراه
بالذهاب، عدل
الرئيس
الشاذلي بن
جديد عن رأيه
وحاول
المقاومة. في 11
يناير، وفي
آخر الظهيرة،
ذهب الجنرال
نزار
لمقابلته في
زرالدة
(بإقامته الرئاسية)
مصحوبا
بالجنرالين
محمد العماري
وعبد الحميد
جوادي (رئيس
الناحية
العسكرية الرابعة
وصديق
للشاذلي): في
هذا اللقاء
الساخن، لم
يتردد خالد
نزار في تعنيف
الرئيس
والتعدي
عليه؛ بعد أن
قدمت له
ضمانات قوية
(سيحتفظ بدارته
في وهران
وسيستفيد من
سيارة خدمة،
ولن تكون هناك
أية ملاحقات
قضائية ضده أو
ضد أفراد
عائلته بسبب
"عملياتهم"
للاغتناء
الشخصي)،
انتهى الرئيس
إلى
الاستسلام
والخضوع للأمر
الواقع. 65 ) بالمصطلح
الدستوري،
فإن (م.أ.أ/HCS) يتكون من
ستة أعضاء:
الوزير
الأول، وزراء
الدفاع،
الشؤون
الخارجية،
الداخلية،
العدل ورئيس
قيادة أركان
(ج.و.ش/ANP)،
أي ثلاثة
جنرالات من
ستة، هم
العربي بلخير
(الداخلية)،
خالد نزار
(الدفاع) و عبد
المالك ڤنايزية
(قائد
الأركان)؛ أما
المدنيين
الثلاثة، سيد
احمد غزالي
(الوزير
الأول)، لخضر الابراهيمي
(الشؤون
الخارجية)
وحمداني
بلخليل (العدل)،
فقد كانوا على
أتم التفاهم
معهم. 66 ) بعد فترة
وجيزة من هذا
الاجتماع،
شرع العقيد
إسماعيل العماري
في العمل
الميداني
مقصيا بنفسه
ثلاثة من أحسن
ضباط (ق.إ.أ/DRS)
(الرائد جابر
بن يمينة،
الرائد حاج
طارق، مسؤول
الإدارة
والمستخدمين،والرائد
توفيق، مسؤول
المعدات في
(م.ر.ع/CPO)
بذريعة ملفقة
وهي أنهم
كانوا
متعاطفين مع
(ج.إ.إ/FIS).
لقد كانوا
بالتأكيد
ممارسين ولكن
لم تكن تجمعهم
أية علاقة
بالأصوليين. 67 يتعلق
الأمر بمؤسسة
بحرية تابعة
لقوات
البحرية،
تتكون من عدة
عمارات، من
بينها مقر
قيادة القوات
البحرية
(ق.ق.بح/CFN)، ومؤسسة
تصليح
البواخر(ERENAV)، والتي
كانت تشغل
العديد من
المدنيين
منهم المدعو
زغلامي الذي
كان مديرا
عاما سنة 1992،
وهو من
المقربين من
(أ.ع/SM) 68 حبيب
سوايدية
"الحرب
القذرة" مرجع
سبق ذكره. ص 57 69 ) كمال. ب،
"فيما يخص
الإرهاب..." ،
ألجيري واتش موقع
الانترنيت http://www.algeria-watch.org/fraticle/awterkamel.htm 70 ) لقد كان
مكونا من
النقباء أحمد
شوشان، محمد حلفاوي،
عامر صبري،
أحمد بن
زميرلي، محمد
عمراني، سعيد
بن وارث، عبد
الحميد رايس،
جيلالي
عزيزو، عبد
الحق يوبي، بن
عمر مخلوفي،
ميلود
محدادي، داود
بن سبع ، بوبكر
عڤون ؛ ومن
الملازمين
يحي جودي،
خليفة بن عبد
الرحمان،
نعمان زلة، عمر
دمبري، مصطفى
مطاهري، نور
الدين بوحادب،
جمال عياد،
عمر هريڤة،
عمر رحمي، عبد
القادر خليل،
سعيد طاجين، عبد
الحق عبيدي، حبيب
بودعة، عبد
الرزاق
أوسكوت، خالد
سعيدي، محمد
باتية لخضر،
عبد الجليل
مشري، أحمد تيبيري؛
أما الآخرين
فكانوا ضباط صف
كالرقيب الأول
طاهر
زوايمية،
يزيد عيسى،
عبد العزيز بوجيدة،
محمد لمين
سوالمية،
لخضر فارح،
رابح حبيب،
محمد ڤطافي،
علي لعبدي،
عبد القادر
نجاري، و نورالدين
مراد. 71)
مذكور في حبيب
سوايدية،
محاكمة
"الحرب القذرة"
مرجع سبق ذكره
ص 166(إن النص
الكامل
لشهادة
النقيب أحمد
شوشان منشور
في موقع
الحركة
الجزائرية
للضباط
الأحرار،
وعنوانه على
الانترنيت http://www.anp.org/tem/temoigne.html 72) لم
يستسغ
رؤساء (ق.إ.أ/DRS)
إقصائهم بهذه
الطريقة من
طرف الرئيس
بوضياف، الذي
كان يوقع
شخصيا على
أوامر
التكليف بمهمة
لعناصرهم. 73 بعد
هذه المجزرة
التي قضت على
كل الشهود
المضايقين
(انتهت يوم 29
جوان 1992
باغتيال
الرئيس بوضياف
شخصيا)، أحيلت
قضية الحاج
بتو، بالرغم
من أنها قضية
تندرج في إطار
المحكمة
المدنية، إلى
المحكمة
العسكرية
بالبليدة.
عرضت القضية في
يوليو1992؛ وبالرغم
من ثقل التهم
والأدلة
القاطعة ضد
الحاج بتو،
فلم يحكم على
هذا الأخير
سوى بثمانية
أشهر سجن، أما
فيما يخص
الأسلحة
الحربية التي
وجدت في
مستودعاته،
فإن العدالة
العسكرية - بما
في ذلك
الجنرال خالد
نزار في
مذكراته-
خلُصت إلى أن
"الحاج بتو
تحصل عليها
ليحمي بها شاحناته
من قطاع الطرق
الذين يجوبون
تلك المناطق". والغريب،
أن هذه القضية
سيعاد عرضها
على المحكمة
المدنية
بعنابة بعد 10
سنوات في
أفريل 2002، و أعيد
تكييف
الاتهام
الأساسي
(المساس
بالاقتصاد،
تحويل وتبديد
الأموال
العامة،
تهريب وإتلاف
ملفات رسمية)
إلى قضية
تزوير بسيطة
واستعمال
أوراق رسمية
مزورة،
وبالرغم من
مرافعة ممثل
الوزارة
العمومية
الذي أظهر
خطورة
الوقائع
والتمس 20 سنة
سجنا مع
الأشغال
الجبرية، حصل
الحاج بتو
وخمسة من
شركائه على
البراءة
الفورية، هذا
وقد حكم على
شاهدي الإثبات،
قابض سابق
للأملاك
العمومية،
ومهندس مناجم
على التوالي
بعشر سنوات
وتسع سنوات
سجنا مع
الأشغال
الشاقة. تلك
هي العدالة في
الجزائر! 74 ) ظهرت أولى مطالب الـ(ج.إ.م/GIA) في أكتوبر 1992، مع صدور جريدة "الأنصار" وهي لسان حال هذه الجماعة ووسيلتها الدعائية ، كانت "الأنصار" تصدر من لندن بناء على معلومات تقدمها ويتحكم فيها (ق.إ.أ/DRS)، وفي غالب الأحيان ترسل البيانات التي يعدها ضباط مصلحة العمل النفساني عن طريق الفاكس من مكاتب (ق.إ.أ/DRS) وقد ساهم الإسلاميون المنقلبون كذلك في تسهيل تنقل هذه المعلومات. 75 ) وعلى سبيل المثال وغيره كثير: فقد قام النقيب أحمد شاكر وبطلب من العقيد إسماعيل العماري، بتجنيد شخص يدعى مامو بودوارة، وهو وبش وسكير شهير في حي بلوزداد، ليصبح بين ليلة وضحاها من أشد المتحمسين لإقامة دولة إسلامية. 76 ) سيكون سعيد قاري الذي أوقف في فبراير 1992 من بين الفارين من سجن تازولت في مارس 1994 (وسأعود للحديث عن هذا التلاعب الجديد من طرف "ق.إ.أ/DRS"؛ فهل كان من بين عناصر (ق.إ.أ/DRS) الذين تم إعادتهم "للميدان"؟ هل كان في "مهمة مسندة" للقيام بالدعوة داخل السجن والقيام هكذا بانتقاء الأشخاص الممكن تجنيدهم لصالح (ق.إ.أ/DRS)؟ الشيء المؤكد هو أن سعيد قاري قد عاد إلى النشاط وشارك في العديد من الاجتماعات الرامية إلى توحيد جماعات (ج.إ.م/GIA)، قبل أن يتم التخلص منه نهائيا في نوفمبر 1994، وقد تزامن هذا مع صعود جمال زيتوني إلى القمة (أنظر الفصل الثامن) . 77 ) أنظر الفصل الرابع إحالة رقم 1 ص101 78) بعد توقيف كل من عباسي مدني وعلي بن حاج في 30 جوان 1991، كانت (ج.إ.إ/FIS) التي عرفت الكثير من الشقاق – بالإضافة إلى ردة "مراني، لفقيه، سحنوني"-، على وشك الانفجار بسبب الخلافات الداخلية والعمل التخريبي الذي قام به (ق.إ.أ/DRS)، وخلال فترة ما بين يوليو و ديسمبر من نفس السنة، لم تستطع الـ(ج.إ.إ/FIS) أن تتجاوز محنتها وأن توحد صفوفها لدخول الحملة الانتخابية إلا بفضل الشخصية الكاريزماتية ونجاعة كل من عبد القادر حشاني ومحمد السعيد كما أن هذه الفترة، قد عرفت أيضا قيام بعض المناضلين المبحوث عنهم بتكوين نواة جماعة "أوفياء" لقادة الـ(ج.إ.إ/FIS) المسجونين، وقد عرفت باسم "الباقون على العهد" (لقد عاهدوا أنفسهم على إقامة جمهورية جزائرية مبنية على أساس التعاليم الإسلامية ومواصلة الكفاح حتى سقوط كل "الطواغيت")، وقد تم الانشاء الفعلي لهذا التنظيم في شهر يناير سنة 1992. 79 )هكذا إذن
تمكن الملازم
في (ق.إ.أ/DRS) فريد عشي،
الذي تحدثت
عنه سابقا، من
التسلل في
صفوف شبان من
حي القصبة و
تكوين جماعته
الخاصة بعد أن
نجح في الهروب
من عملية
توقيف مزعومة
(وسيصبح بعد
ذلك بسنة ضمن
القادة
الوطنيين للـ"ج.إ.م/GIA")،
وقد قام
بتنظيم
اغتيالات
رجال الشرطة،
ورجال قانون،
وموظفين من
طرف أناس
متأكدين أنهم
يكافحون من
أجل الحق،
بعدها قام
بتنظيم
عمليات راح ضحيتها
العديد من
"المكافحين"،
كما قام بالكشف
عن مخابئ
للسلاح
والوشاية
ببعض رجاله.
وعندما
قرر(ق.إ.أ/DRS) أن
هذه الجماعة
(المزيفة) يجب
أن تتوقف عن
العمل ، وزّع
عشي على
"مجاهديه" ما
يقارب 250 زوج من
أحذية رياضية
كورية الصنع
لم تكن معروفة
في الجزائر
تدعى "طانڤو"
وهكذا كان من
السهل جدا
اصطيادهم
كالأرانب
عندما ينزلون
إلى المدن.
ومنه أطلقت قوات
الأمن تسمية
(طانڤو) على
أعضاء
الجماعات المسلحة
. وللحصول على
الوقائع
المفصلة لهذه الحلقة
أنظر: Valerio PELLIZZARI , << Ecco come il regime ha infiltrato la casbah>>, Il Messagero Dominica, 1er février 1998, cité par B.Izel, J.S. Wafa, W. Issac, <<What is the GIA ?>>, An Inquiry into the Algerian Massacres, Hoggar books, Genève1999, p.339) 80 )
وستظهر
"سيرة" هذا
الشخص ، وهو
كذلك بدون أي
تكوين ديني،
أنه لا يمكنه
إلا أن يكون
عميلا لـ(ق.إ.أ/DRS)،
فبعد وفاة
"موح ليفيي"
في أوت 1992، فرض
نفسه "أميرا
وطنيا"
للـ(ج.إ.م/GIA) التي عرفت
بهذا الاسم
لأول مرة في
شهر أكتوبر،
وبضعة أشهر
بعد ذلك، في
جوان 1993، تم
توقيفه في
مدينة وجدة
بالمغرب
(وسأعود إلى
هذه القصة في
الفصل
الثامن)،
وسيقوم كل من
الجنرال
إسماعيل
العماري أولا
ثم الجنرال
خالد نزار
شخصيا، والذي
كان حينها
وزيرا للدفاع،
بالسفر إلى
الرّباط
لمطالبة الملك الحسن
الثاني
بتسليمه: أي
كان
ميكانيكي،
نصّب نفسه أميرا
وطنيا، أهم من
القادة
الحقيقيين
للـ(ج.إ.إ/FIS) الذين
يعيشون
في المنفى؟
وكيف يمكن تفسير
نجاته في
فبراير 1995، من
القمع الوحشي
الذي حدث
لاخماد تمرد
وقع داخل سجن
سركاجي راح ضحيته
أزيد من مائة
سجين؟ وهناك
أدلة أخرى،
ففي الفترة
مابين سنة 1993
و1995، صدرت العديد
من البيانات
المساندة للـ
(ج.إ.م/GIA) ولكنها
في الحقيقة
مزورة ومعدة
من طرف مصالح (ق.إ.أ/DRS)،
تطالب بإطلاق
سراح
"الأمير" عبد
الحق لعيادة. 81 ) لقد تم
انشاء هذه
اللجنة التي
كانت تجتمع كل
أسبوعين إلى
ثلاثة
أسابيع،
بمبادرة من
الـ(م.أ.د/HCE)،
في شهر أفريل
وكانت تهدف
إلى ثلاث
غايات: الرد
على الطلبات
الكثيرة التي
كانت ترسلها
عائلات
المساجين إلى
معارفهم في
صفوف قوات
الأمن لاطلاق
سراح ذويهم؛
القيام بحركة
تجاه الضباط
المخلصين
لـ(ق.إ.أ/DRS) والـ(ج.ش.و/ANP)،
الذين كانوا
يرون أن القمع
قد تجاوز كل
الحدود؛
وأخيرا إعطاء
بعض ضمنات
"الشرعية"
للرأي العام
الدولي ، ولقد
شاركت في
ثلاثة
اجتماعات لهذه
اللجنة، قبل
أن أنتدب
النقيب شاكر. 82 ) حسب
الأرشيفات
التي تمكنت من
استغلالها في
سنة 1990، فإن
بوجمعة، وهو
أصيل مدينة
بشار، كان عضوا
نشيطا في
"الحركة
الإسلامية
العالمية"؛
وكان على
علاقة وطيدة
مع مخلوفي قبل
أن يسافر إلى
أفغانستان في 1991
هروبا من
الاضطهاد
الذي كان يلاحقه.
في أفغانستان،
ارتبط بعبد
الله عزام،
وهو شخصية
دينية مرموقة
وأصبح صهره.
ومن مدينة
بيشاور قام
بتنظيم عودة
"الأفغان
الجزائريين".
بعد انتصار
المجاهدين
على القوات السوفياتية
وبشبب
النزاعات بين
مختلف الفصائل،
ارتقى بوجمعة
بونوة، الذي
أصبح "عبد الله
أنس" ، إلى
منصب مستشار
عسكري للقائد
الحربي
الأفغاني شاه
مسعود، الذي
كان يحارب قلب
الدين
حكمتيار. |