سياسة مذكرات

كمال قمازي: قصتي مع الفيس.. من ڤمار إلى باب الوادي

الحلقة الحادية عشر : النظام استقبل برنار ليفي ورفض الحوار مع حشاني.

■ أميار الفيس لهذا كانوا يعرضون حصيلتهم في المساجد.
■ الجنرال العماري أعلمنا بصدور أمر بنزع لافتات البلديات الإسلامية.
■ الفيس لم ينفق دينارا على الأسواق الاسلامية.
■ ثقة الشعب في الفيس خفّضت الأسعار.
■ الأسواق الاسلامية بدأت في ولاية عين الدفلى.
■ هذه مصادر أموال الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
■ الجبهة لم تجمع التبرعات لصالحها من المساجد نهائيا.
■ الجبهة جمعت أموالا لمساعدة العراق وقدمتها للسفير العراقي.
■ الجبهة ساندت الشعب الكويتي ثم العراقي.

في‮ ‬هذه‮ ‬الحلقة‮ ‬يتحدث‮ ‬الشيخ‮ ‬كمال‮ ‬قمازي‮ ‬عن‮ ‬حرب‮ ‬الخليج،‮ ‬وكيف‮ ‬تعاملت‮ ‬معها‮ ‬الجبهة‮ ‬الإسلامية‮ ‬للإنقاذ،‮ ‬وعن‮ ‬تفاصيل‮ ‬الأسواق‮ ‬الإسلامية،‮ ‬وخزينة‮ ‬الحزب،‮ ‬وكل‮ ‬ما‮ ‬يتعلق‮ ‬بتفاعلات‮ ‬الفيس‮ ‬مع‮ ‬البلديات‮.‬

‬ممّا‮ ‬يذكر‮ ‬أنّ‮ ‬الأميار‮ ‬كانوا‮ ‬يعقدون‮ ‬جلسات‮ ‬محاسبة‮ ‬داخل‮ ‬المساجد،‮ ‬هل‮ ‬كانت‮ ‬بتوجيه‮ ‬من‮ ‬القيادة‮ ‬أم‮ ‬أنّها‮ ‬مبادرات‮ ‬فردية؟

هي تجربة ونحن شعرنا بأنّا تقدّمنا للانتخاب والنّاس صوتت علينا بالأغلبية فهي تحاسبنا ماذا فعلتم وقدّمتم، فلابد من تقديم عرض أمام الشعب الجزائري حتّى إذا أنجزنا شيئا نبيّنه وإن كنّا نريد إنجاز شيء إلا أنّ عراقيل واجهتنا ونتلقى ضغوطات، فعلى الأقل لنا عذرنا لأننا‮ ‬أحببنا‮ ‬تقديم‮ ‬شيء‮ ‬إلا‮ ‬أنّ‮ ‬الموانع‮ ‬تحول‮ ‬دون‮ ‬ذلك‮، والعروض‮ ‬كانت‮ ‬إما‮ ‬بعد‮ ‬درس‮ ‬مسجدي‮ ‬أو‮ ‬في‮ ‬ساحة‮ ‬أو‮ ‬ملعب‮ ‬أو‮ ‬أي‮ ‬مكان‮ ‬جامع‮…‬

حتى‮ ‬اليوم‮ ‬أصبحت‮ ‬البلديات‮ ‬تعلق‮ ‬قوائم‮ ‬السكن‮ ‬في‮ ‬المساجد؟

في هذا الجانب ربّما نحن بحسن نية أو لأن تربيتنا كانت في المساجد وعشنا فيها، فنشعر أنّها المكان المناسب لعرض هذه الأمور، وحتّى في ديننا فالنّبي صلى الله عليه وسلّم عندما هاجر من مكة إلى المدينة أوّل ما فعله، بنى المسجد وفيه كان يعقد العهود ويبعث الرّسل إلى الملوك،‮ ‬قيصر‮ ‬وكسرى‮.. ‬وفيه‮ ‬عقدت‮ ‬البيعة‮ ‬لأبي‮ ‬بكر‮ ‬الصدّيق‮ ‬ومن‮ ‬بعده‮ ‬من‮ ‬الخلفاء‮ ‬الراشدين،‮ ‬وفيه‮ ‬كان‮ ‬الخراج‮ ‬والزكاة،‮ ‬وكان‮ ‬كلما‮ ‬وقع‮ ‬أمر‮ ‬من‮ ‬شأن‮ ‬العامة‮ ‬دخل‮ ‬النبي‮ ‬صلى‮ ‬الله‮ ‬عليه‮ ‬وسلم‮ ‬المسجد‮ ‬وجمع‮ ‬الناس، فهو أمر عادي وليست تهمة بل حتّى أجدادنا كشيوخ القبائل والعروش كانوا يجتمعون في المساجد لمساعدة الفقراء والمساكين، ويفصلون في أمورهم ويحلّون النزاعات بين المسلمين، فهذا إحياء لدور المسجد، وفي تقديري أنّه من المفروض بعد الذي وصلنا إليه من عنف في الملاعب والمدارس‮ ‬والشّارع‮ ‬فلابد‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬دور‮ ‬المسجد‮، ‬ليس‮ ‬بتعليمة‮ ‬أنّ‮ ‬الإمام‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يلقي‮ ‬ما‮ ‬يطلب‮ ‬منه،‮ ‬لكن‮ ‬محاولة‮ ‬إعادة‮ ‬النّاس‮ ‬للأصل‮ ‬والفضيلة‮.

إلصاق لافتات البلديات الإسلامية كان الكثير ضدها بحجة أنّه ليس كل حزب يصعد يضع شعاراته على البلديّات، وربّما حتى الصراع مع الشرطة فيما بعد كان بسبب هذه اللافتات، فلا أعرف لماذا لم تكن قيادة الجبهة صارمة في هذا الامر؟

كتابة بلدية إسلامية هو اجتهاد وليس شيئا اجتمع عليه المجلس الشوري، واتّفق عليه أو أنزل تعليمة تأمر الجميع به، بدليل أنّ هناك من وضعها وهناك من لم يضعها، فكانت باختيّار حر وفي هذا الجانب هناك في السلطة من قرأها بمفهوم المخالفة.

وكأنكم‮ ‬تقولون‮ ‬إن‮ ‬البلديات‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬تفوزوا‮ ‬بها‮ ‬هي‮ ‬بلديات‮ ‬كافرة؟

لا، هي قراءة خاطئة فليس بالضرورة أن تكون هذه إسلامية بمعنى أنّ الأخرى كافرة، وهو اجتهاد ربّما فيه نوع من التميّز وقد يكون ذلك تابعا للخدمات التي تحسنت أو لنظافة محيطها، ولأنّه أعطيت تعليمة بالتنظيف وجُعلت كمسابقة، حيث كانت المرتبة الأولى لبلدية عين ولمان‮ ‬بسطيف،‮ ‬وكذا‮ ‬فإذا‮ ‬أضيف‮ ‬إليها‮ ‬لافتة‮ ‬بلدية‮ ‬إسلامية‮ ‬فالإنسان‮ ‬يشعر‮ ‬أنّها‮ ‬من‮ ‬تسيير‮ ‬الجبهة‮ ‬الإسلامية‮ ‬للإنقاذ‮ ‬لا‮ ‬أكثر‮ ‬ولا‮ ‬أقل‮ .‬

اللافتات‮ ‬الإسلامية‮ ‬أصبحت‮ ‬موضة‮ ‬فظهرت‮ ‬المكتبة‮ ‬الإسلامية‮ ‬والمخبزة‮ ‬الإسلامية‮ ‬حتّى‮ ‬أنّ‮ ‬أحدهم‮ ‬سخر‮ ‬من‮ ‬الظاهرة‮ ‬فقال‮ “‬ميكانيكي‮ ‬إسلامي‮”‬؟

هذه سخرية مبالغ فيها، والواقع لقد كنا نعيش في وسط الشعب ونبذل قصارى جهدنا لتحقيق ما انتخبنا من أجله وعامة الناس راضية عن الأداء، ولأجل ذلك أعيد انتخاب الجبهة الإسلامية مرة ثانية، كنت هذا الأسبوع في السوق فالتقيت بشيخ وعند خروجنا قال لي ما هو دعاء السوق ففي القديم كنتم تكتبون دعاء السوق والآن لا يوجد، وأمام المستشفى تجد الآية و(إذا مرضت فهو يشفين)، يعني كانت أمور بسيطة وفيها فائدة مع حسن الاستقبال والأداء، والإشكال في ذلك الوقت وهذا ما يحزّ في أنفسنا وهو ما أقرؤه في (الجرائد) أنّ المسؤولين في ذلك الوقت مثلا يستقبلون “ايف بوني” أو “برنار ليفي” و”دولاغورس” وهؤلاء يأتون من فرنسا بأفكار معيّنة، ولا يفتحون قنوات حوار وتواصل مع الجبهة الاسلامية تكون ثمرتها لصالح الشعب والوطن، فلم لا يستقبلون مثلا في ذلك الوقت عبد القادر حشّاني رحمه الله؟ وهو ابن مجاهد وإطار وعنده غيرة على الوطن، فالحوار كان ممكنا، أخذ ورد، ونجد الحلول. فنحن مثلا بعد توقيف الإضراب وقبل حديث مرّاني والجماعة في التلفزة قبل عيد الأضحى، يوم الخميس جاءتنا مراسلة من الجنرال العمّاري بصفته مشرفا على حالة الحصار يقول بأنه صدر أمر بنزع لافتات البلديات‮ ‬الإسلامية‮.‬

لكن‮ ‬وقع‮ ‬اشتباك‮ ‬مع‮ ‬السلطات،‮ ‬والجبهة‮ ‬الإسلامية‮ ‬تتحمّل‮ ‬المسؤولية‮ ‬لأنّكم‮ ‬لم‮ ‬تنزعوها‮ ‬ولم‮ ‬تقولوا‮ ‬لهم‮ ‬انزعوها‮ ‬أو‮ ‬اتركوها؟

هي‮ ‬المراسلة‮ ‬جاءت‮ ‬يوم‮ ‬الخميس‮ ‬ثمّ‮ ‬جاء‮ ‬عيد‮ ‬الأضحى‮ ‬يومين‮ ‬وبعده‮ ‬مباشرة‮ ‬قدموا‮ ‬لنزعها،‮ ‬فالنّاس‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬البلديات‮ ‬أخذتها‮ ‬الغيرة‮ ‬وتأثرت‮ ‬بذلك‮ ‬المنظر‮ ‬فوقعت‮ ‬مناوشات‮.‬

لماذا‮ ‬تحوّل‮ ‬الموضوع‮ ‬إلى‮ ‬مشكل‮ ‬إيديولوجي‮ ‬مع‮ ‬أنّها‮ ‬مجرّد‮ ‬شعارات؟

كانت هناك وسائل حضارية وقانونية ممكنة كالاتصال مثلا بقيادة الجبهة على مستوى أعلى والتنبيه والحوار لأنّنا في دولة قانون، وثانيا فالوالي كان بإمكانه رفع دعوى أمام القضاء فيصدر أمر مثلا بالتنفيذ وتنفّذه المؤسسات العمومية مثلا.

وحتى‮ ‬التوقيت‮ ‬فهي‮ ‬كانت‮ ‬معلقة‮ ‬منذ‮ ‬شهور‮ ‬فلِم‮ ‬اختيار‮ ‬وقت‮ ‬التوتر‮ ‬بالذّات،‮ ‬ولو‮ ‬كان‮ ‬مثلا‮ ‬قبل‮ ‬الإضراب‮ ‬لأعطيت‮ ‬صبغة‮ ‬أخرى‮ ‬لكن‮ ‬اختيار‮ ‬ذلك‮ ‬التوقيت‮ ‬يشعر‮ ‬بالبحث‮ ‬عن‮ ‬المزيد‮ ‬من‮ ‬التصعيد‮.‬

بلديات‮ ‬الفيس‮ ‬عمّمت‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬المشاريع‮ ‬فمثلا‮ ‬السوق‮ ‬الإسلامية‮ ‬كان‮ ‬لها‮ ‬صدى‮ ‬إيجابي‮ ‬والنّاس‮ ‬طرحت‮ ‬سؤالا‮ ‬كبيرا‮: ‬من‮ ‬أين‮ ‬جاءت‮ ‬الجبهة‮ ‬بهذه‮ ‬الأموال؟‮ ‬هل‮ ‬هو‮ ‬تبييض‮ ‬للأموال‮ ‬أم‮ ‬أنّه‮ ‬من‮ ‬خزينة‮ ‬الحزب‮.. ‬أم‮ ‬من‮ ‬المحسنين‮ ‬وحدهم؟

تبييض الأموال عبارة لم تكن مطروحة آنذاك ولم توجد إلا في خيال المغرضين، الشيء الذي أعرفه هو أنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم تنفق أي دينار على الأسواق الإسلامية، وأشهد للتّاريخ أنّ الشعب الجزائري كان شعبا كريما شهما خاصة لما وجد صدق النيات وإخلاص الرجال، أذكر أنّهم مثلا في بعض نواحي المتيّجة يشترون الخضر، والفلاحون يعرفون أنّها تباع في إطار الأسواق الإسلامية، فكان من يقول مثلا هذا الخس خذوه مجّانا، فكان يباع بدينار فقط وهو سعر النقل، فالتخفيض كان بسبب تراحم الشعب الجزائري مع بعضه. وهناك سلع منحت مجّانا.

من‮ ‬كان‮ ‬يتحمّل‮ ‬الفارق‮ ‬في‮ ‬الأسعار؟

هو اجتهاد محلّي، وأذكر في إحدى البلديّات بولاية الوادي، كان الإخوة كما رأيت في شهر رمضان يذهبون يوميا إلى مربي الأبقار فيعطيهم بقرة حيّة، وبعد تقسيم لحمها على طريقة “الوزيعة” عند أهلنا في بلاد القبائل، توضع في أكياس مغلقة فيها كيلوغرام أوأكثر لتباع بسعر بسيط،‮ ‬وبعدها‮ ‬عند‮ ‬جمع‮ ‬مال‮ ‬ذلك‮ ‬اليوم‮ ‬يذهبون‮ ‬في‮ ‬الغد‮ ‬للرجل‮ ‬ليعطوه‮ ‬أمانته‮ ‬ويعطيهم‮ ‬بقرة‮ ‬أخرى،‮ ‬وبهذه‮ ‬الطريقة‮ ‬استطاع‮ ‬البسطاء‮ ‬اقتناء‮ ‬اللحم‮ ‬يوميا‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الشهر‮ ‬الكريم‮.

‬بالنسبة‮ ‬إليه‮ ‬تبرّع‮ ‬ببقرة‮ ‬واحدة؟

لا، لم يتبرع، حتى تلك البقرة قبض ثمنها في النهاية، بعد بيع لحمها وهكذا حتى آخر يوم من شهر رمضان فهي قضية ثّقة، والمشكل الذي نعاني منه اليوم هو غيّاب الثقة بين الحاكم والمحكوم، لأنك لمّا تصدر أوامر والنّاس لم تشارك فيها فليس هناك ثقة. فقد ساعدنا جانب الثّقة واستفاد الشعب، لأنك لما توّزع اللحم أو غيره وتبيعه بسعر بسيط فالمواطن هو المستفيد، لقد كانت صورا رائعة من التعاون والتراحم، واستسمح إخواني في كثير من الولايات لأني لم أسرد جزءا من هذه الصور الرائعة في غرب الجزائر وشرقها وشمالها وجنوبها سواء منها ما تعلق بالأسواق‮ ‬الاسلامية‮ ‬والتي‮ ‬كان‮ ‬منطلقها‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬أعتقد‮ ‬من‮ ‬ولاية‮ ‬عين‮ ‬الدفلى‮.‬

هذا يجرّنا للحديث عن خزينة الحزب، فالذي أعرفه أنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ رفضت الدّعم الذي تقدّمت به وزارة الدّاخلية، وهذا الذي جعل الكثير من الأسئلة تطرح بأنّ الجبهة في غنى عن الدولة، وأنّها تتلقى أموالا من الخارج والدّاخل وأنّها أغنى حزب في العالم العربي‮ ‬والإسلامي‮، ‬هل‮ ‬هذا‮ ‬صحيح؟

أغنى حزب في العالم العربي والاسلامي أمر مبالغ فيه جدا، ولكن كان الشعب الجزائري كريما وباذلا جهده وماله في ما كان يمثل عنده أملا في مستقبل زاهر للبلاد، ونحن كنّا نعمل كمتطوّعين وأعضاء المجلس الشوري ليس منهم من يقبض أجرة، و المداخيل كانت من الاشتراكات وتبرعات المواطنين‮ ‬وصحف‮ ‬الجبهة‮ ‬الاسلامية،‮ ‬وفي‮ ‬الولايات‮ ‬نفس‮ ‬الشيء،‮ ‬والمصاريف‮ ‬كانت‮ ‬لكراء‮ ‬المحلات‮ ‬والاشراف‮ ‬على‮ ‬التجمعات‮ ‬والشؤون‮ ‬الاجتماعية‮ ‬وتسير‮ ‬شؤون‮ ‬الادارة‮.‬

ماذا‮ ‬عن‮ ‬الاشتراكات‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يدفعها‮ ‬المناضلون؟

بطاقة‮ ‬الانخراط‮ ‬كانت‮ ‬بمائة‮ ‬دينار‮ .‬

للشهر‮ ‬كما‮ ‬قال‮ ‬مرّاني؟

لا،‮ ‬للسّنة‮ ‬الواحدة،‮ ‬أما‮ ‬من‮ ‬قال‮ ‬في‮ ‬الشّهر‮ ‬فهذا‮ ‬غير‮ ‬صحيح‮.‬

هل‮ ‬صحيح‮ ‬بلغت‮ ‬بطاقات‮ ‬انخراط‮ ‬المناضلين‮ ‬تقريبا‮ ‬مليون‮ ‬بطاقة؟

ليس‮ ‬لي‮ ‬الرقم‮ ‬الدقيق،‮ ‬لكن‮ ‬بلغني‮ ‬أنه‮ ‬يقارب‮ ‬ذلك‮ ‬العدد‮.‬

يعني‮ ‬حتى‮ ‬ 100‮ ‬دينار‮ ‬في‮ ‬السنة‮ ‬بالنسبة‮ ‬لمليون‮ ‬مناضل‮ ‬هي‮ ‬أموال‮ ‬طائلة؟

كانت لها إدارة تشرف على المحاسبة ولها مصاريفها المضبوطة على الولايات، فكان هناك مقرّات وفيها كراء وكلما كبر الحزب وتوسعت نشاطاته كانت المصاريف تتزايد، وإن كان هناك المنقذ الذي كان يطبع منه مائة ألف على الأقل في البداية في أوّل عدد، وكان ينفد ولا يصل إلى البعض رغم أنه كان يوزع عبر 48 ولاية، وكان فيه من يتضامن مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ. فهذا جانب من المداخيل، وكنت أشرت أنّ النّاس كانوا يكفوننا مسألة النقل والإيواء في الولايات التي نزورها جزاها الله عنا كل خير .

هل‮ ‬الجبهة‮ ‬كانت‮ ‬تجمع‮ ‬تبرّعات‮ ‬في‮ ‬المساجد‮ ‬من‮ ‬حين‮ ‬لآخر؟‮ ‬

لا،‮ ‬أبدا،‮ ‬لم‮ ‬يحصل‮ ‬لنا‮ ‬أبدا‮ ‬أن‮ ‬جمعنا‮ ‬في‮ ‬المساجد‮ ‬للجبهة‮.‬

جمعتم‮ ‬في‮ ‬حرب‮ ‬العراق؟‮.‬

بالنسبة للعراق هو استثناء فلم يكن الجمع للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وهذه تقع في كل دول العالم، فيقال مؤخرا مثلا أعينوا إخوانكم في غزّة وتفتح حتّى حسابات في البنوك، فالتضامن مع قضايا الأمّة الإسلامية أمر طبيعي وعادي.

لو‮ ‬نذكر‮ ‬مقدار‮ ‬المبلغ‮ ‬الذي‮ ‬جمع؟

لا يحضرني مقدار هذا المبلغ وبحكم وجودي في البلدية بالجزائر العاصمة فلم يكن بالإمكان الإحاطة بكل أمور الجبهة الإسلامية للإنقاذ الواسعة والتي تشرف عليها اللجان المختصة، لكن ما جمع سلّم إلى سفارة العراق.

الهاشمي‮ ‬سحنوني‮ ‬يقول‮ ‬إن‮ ‬السفير‮ ‬رفض‮ ‬استلام‮ ‬المبلغ؟

في‮ ‬البداية‮ ‬كان‮ ‬الرفض‮ ‬لأسباب‮ ‬تقنية‮ ‬ثم‮ ‬استلمته‮ ‬السفارة‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮.‬

في‮ ‬حرب‮ ‬الخليج‮ ‬شكّلتم‮ ‬وفدا‮ ‬ذهب‮ ‬إلى‮ ‬العراق‮ ‬والسعودية‮ ‬تبعه‮ ‬جمع‮ ‬التبرعات‮ ‬وتجنيد‮ ‬الشباب‮ ‬للجهاد‮.. ‬كيف‮ ‬سارت‮ ‬الأمور‮ ‬معكم؟

من تقدير الله سبحانه وتعالى أنّه مباشرة بعد شهر من تنصيب البلديات وقع كما يسميه الإعلام الاجتيّاح العراقي للكوّيت، فكان للجبهة الإسلامية للإنقاذ الموقف الأول هو المساندة للشعب الكويتي الشقيق لأنّ بعد ذلك أصبح يحسب علينا أنّنا أيدنا العراق ضد الشعب الكويتي، وهذا غير صحيح؛ لكن لأننا في الحقيقة نقف مع الشعوب فلمّا تم الاجتيّاح كنّا مع الشعب الكويتي المظلوم الذي دمّرت أرضه ووقع فيه قتلى فهو شعب شقيق ولابد أن تكون مساندة مطلقة له، وبعدها لمّا كان التحالف الدوّلي ضد العراق أصبح بالدرجة الأولى المظلوم الذي سيقصف ويضرب‮ ‬ويقتّل‮ ‬ويدمّر‮ ‬هو‮ ‬الشعب‮ ‬العراقي،‮ ‬فلابد‮ ‬أن‮ ‬نقف‮ ‬معه‮ ‬لأنّ‮ ‬هنا‮ ‬طرحت‮ ‬مسألة‮ ‬شرعية‮ ‬وتحدّث‮ ‬فيها‮ ‬الكثير‮ ‬من‮ ‬العلماء‮ ‬وهي‮ ‬هل‮ ‬يجوز‮ ‬دخول‮ ‬الجنود‮ ‬الكفار‮ ‬إلى‮ ‬بلاد‮ ‬المسلمين‮.‬

حتّى‮ ‬علماء‮ ‬السعودية‮ ‬انقسموا‮..‬؟

نعم،‮ ‬فهناك‮ ‬من‮ ‬سار‮ ‬مع‮ ‬الموقف‮ ‬الرسمي‮ ‬لدول‮ ‬الخليج‮ ‬كالسعودية‮ ‬وغيرها‮ ‬وهناك‮ ‬من‮ ‬وقف‮ ‬وقفة‮ ‬حق‮ ‬فعوقب‮ ‬عليها‮ ‬بالسجن‮ ‬كسفر‮ ‬الحوالي‮ ‬وسلمان‮ ‬العودة‮ ‬وغيرهما‮.‬

…. يتبع بإذن الله

حاوره محمد يعقوبي

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق