سياسة مذكرات

كمال قمازي: قصتي مع الفيس.. من ڤمار إلى باب الوادي

الحلقة الثانية:

الشيخ كمال قمازي يشكك في خلفية أحداث الجامعة المركزية وانتفاضة أكتوبر 1988 !

■ هذه مطالب المشاركين في أحداث الجامعة المركزية 1982.
■ جهات في النظام قد تكون سمحت بالأحداث.
■ هكذا اعتقل الدعاة المشاركون في الأحداث.
■ بويعلي “ليس من أجل هذا الحكم جاهدنا فرنسا”.
■ الظلم غير قناعة بويعلي من العمل المسلح.
■ قصتي مع مدير ثانوية بباب الوادي.
■ أيّدنا فتوى الجهاد الأفعاني.
■ احداث 05 أكتوبر من باب الوادي.

يواصل الشيخ كمال قمّازي القيادي في الجبهة الإسلامية للإنقاذ في هذه الحلقة شهادته ليمر فيها بأحداث الجامعة المركزية ومطالبها؛ الشيخ كمال قمازي لم يجد حرجا في القول بأنّ أحداث الجامعة المركزية 1982 وأحداث 05 أكتوبر 1988 قد تكون مفتعلة من بعض الأطراف النظامية لصالحهم.

كيف عشت أحداث الجامعة المركزية وكنت شابا في 20 سنة من العمر؟

بالنسبة لأحداث الجامعة المركزية فقد كانت يوم الجمعة وكنت قد أديت خطبة الجمعة في باب الوادي ثم توجهت إلى الجامعة المركزية وحضرت نهايتها وسمعت ما ألقي من آخر الكلمات وكيف انصرف الناس، وبعد أسبوعين جاءت الاعتقالات كاعتقال الشيخ عباسي مدني والشيخ محمد السعيد.

علي بن حاج.. ؟

نعم، علي بن حاج كذلك وقد أعيد اعتقاله في أوت 83 ووضع الشيخ أحمد سحنون وعبد اللطيف سلطاني في الإقامة الجبرية كما أتوا لاعتقالي أنا كذلك وكان ذلك يوم الخميس في السادسة صباحا، لكن نجّاني الله سبحانه وتعالى لأنّي لم أكن موجودا في البيت ذلك اليوم.

لماذا يعتقلونك.. ماذا فعلت غير الحضور؟

لست أدري ولكن ربما لأنه منذ سنة 81 كنت أنشط بين المساجد واستدعاءات الأمن كانت من قبل.

فلم أتعرض للاعتقال في ذلك الوقت وتحملنا مزيدا من المسؤولية بسبب الفراغ الذي تركه اعتقال المشايخ، إلا أنّهم استدركوا اعتقالي فيما بعد واقتادوني إلى الأمن المركزي بعميروش لمدة أسبوع تقريبا في جانفي 83 .

لماذا .. وماذا كانت الأسئلة؟

هو كما قلت استدراك لما فات؛ هل حضرت أحداث الجامعة؟، هل تعرف فلان؟ أروني صور التجمع في الجامعة وسئلت عن علاقتي بالبيان وبقيت أسبوعا محتجزا. أخذت من أمام بوابة المسجد وبقيت في الزنزانة التي كانت في ذلك الوقت مختلطة، فتجد شارب الخمر ومتعاطي المخدرات وغيرهم.

هل كنت وحدك؟

لم أجد أحدا من الشيوخ. كان الموجودون من عامة الناس الذين يأتون بهم. وفي الصباح يوجهونهم إلى المحاكمة.

هل كانوا يبحثون عمن يقف خلف أحداث الجامعة المركزية؟

نعم، هذا هدفهم، لكن بعد أسبوع، الحمد لله، خرجت…

لكن هل زرت باقي المعتقلين فيما بعد؟

الزيارات كانت متاحة للأقارب فقط إلا أنّه كانت لنا فرصة بزيارة البرواڤية في العيد عند فتح المجال فيها للزوّار حيث التقينا بعض الشيوخ هناك.

لماذا في رأيك جاءت أحداث الجامعة وكيف استطاعت أن تزلزل النظام في ذلك الوقت؟

رغم أنّه بعد سنوات قد تبرز عندك معطيات لم تعرفها من قبل إلا أننا في ذلك الوقت رأينا أنها مطالب حق كالدعوة إلى الحقوق والعدالة وفسح المجال للدّعوة الإسلامية وهذه مطالب حق، وخاصّة أن الشيء الذي كان يؤثّر فينا ونحن شباب أننا درسنا أشياء عن الثورة التحريرية وعن الإسلام ثمّ ننظر إلى الواقع فنجده متناقضا تماما مع ما كنّا نقرأ ونحلم به.

البعض يقول إن الإسلاميين قدموا خدمة للسلطة عندما تجمعوا وكشفوا أنفسهم.. فتم اعتقالهم جميعا؟

حضرت أحداث الجامعة المركزية فوجدت نفسي في السجن

ربّما هذا التقييم جاء فيما بعد والآن نحن على بعد 30 سنة من تلك الأحداث، وأنا أشبّهها بأحداث أكتوبر، لأنك لمّا تفهم من بعض الناس الذين كانوا في السلطة تشعر أنّه يوجد تحريك معين لجناح بهدف تصفية حسابات مع جناح آخر، أو إحداث تغييرات سياسية أو اقتصادية أو شيء من هذا القبيل، فهناك دفعوا الشارع الذي يعاني من الضغط والكبت والتهميش .. طبعا كانت الاستجابة تلقائية لكن يبقى أنّ هناك من يحركها لا شك من وراء الستار، وبالنسبة لأحداث الجامعة المركزية في تقديرنا أنه كانت هناك نظرة جديدة بعد وفاة بومدين ومجيء الشاذلي، فلابد من تغييرات وتحولات اقتصادية، وقد وقعت فيما بعد ورفعت شعارات الرفاهية وحياة أفضل.. في تقديري أن التخطيط لأحداث الجامعة المركزية كان معلنا عنه من قبل وكان التحضير علنا ولو أرادوا توقيفها لوقفوها قبل أوانها، لكن تركت لتسير ربّما ليستفيد منها طرف في السلطة على حساب طرف آخر، فنحن ننظر إليها من هذه الزاوية.

قلت إنك درست في مسجد العاشور وتعرّفت عن قرب على مصطفى بويعلي.. ألم تلاحظ بوادر العنف والتطرف عنده أوعند غيره؟

ربّما يمكن أن تلخّص كلام الشيخ مصطفى بويعلي في عبارة “ليس هذا الشيء الذي من أجله جاهدنا أثناء الثورة التحريرية”، فهي ثورة ضد الواقع المزري الذي وصلت إليه البلاد وخاصة ما يتعلق بالجانب الديني والخلقي والاجتماعي والاقتصادي. الرجل كان صادقا في لهجته وتوجهه، وكنت زرته في بيته فوجدته يحاول جمع بعض الكتب الشرعية والدينية ليزداد في العلم وفي الثقافة والتكوين، عكس الصورة النمطية التي رسمت له فهو ربّما كان حادا مع السلطة لكنه مع الناس كان مرنا ومتلطفا.

حسب الشهادات التي سمعتها فإن ثقافته كانت محدودة بما لا يسمح له بالخطابة والفتوى؟

من الناحية الشرعية كما ذكرت، كانت له نية من خلال ما رأيت أنّه حاول استدراك النقص من ناحية التكوين العلمي والشرعي خصوصا وأن دروسه كانت سياسية فلم يكن يفسر آيات أو أحاديث أو شيء من هذا، لكنه كان يستدل بها لا شك في دروسه.

كيف تحوّل إلى العمل المسلح؟ هل دفع دفعا إلى هذا أم أنها قناعة لديه؟

ربّما غيري من يحسن الإجابة عن هذا الموضوع كإخوته وأفراد أسرته والمقربين منه، لكن الذي نعرفه عنه أن تفكيره في البداية لم يكن يميل للعمل المسلح ولو ترك يخطب بدون تلك المضايقات لا أظن أنه اختار ذلك التوجه..

فالظلم هو الذي أوصله إلى ما وصل إليه.

ما أذكره هو ما أعرفه وهذه شهادة ورب العالمين يقول “ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنّه آثم قلبه”، وخاصة هذه الصور النمطية التي توضع لبعض الناس فيصعب تصويبها وتصحيحها في ما بعد.

هناك من يلوم الإسلاميين أنهم فرضوا ترابطا بين النشاط المسجدي والنشاط السياسي؟

في الحقيقة بالنسبة إلي كان لي نشاط مسجدي مكثّف، فكنت في المسجد كالسمكة في الماء، فهو كان ذلك الأكسجين الذي أتنفسه وكان حبي للتربية والتعليم وإخراج نشء صالح على الفضيلة والأخلاق وغيرهما، وربّما هذا الشيء حققت بعضه والحمد لله رب العالمين، وهذا شيء يعتز به الإنسان، كنت أركّز على النشاط المسجدي وعلى إصلاح ذات البين بين الناس،

وأذكر مرّة أنّه جاءتني رسالة من أولياء التلاميذ في ثانوية الأمير عبد القادر يشتكون من الاختلاط بين الشباب وتركهم لوحدهم في بعض الفترات وأمور أخلاقية، فتكلمت عنها في الخطبة وبذلك الأسبوع جاءتني رسالة من أربع صفحات مكتوبة بالفرنسية بخط مدير الثانوية الأستاذ لرشيش رحمه الله فترجمتها إلى العربية وفي الخطبة القادمة قرأتها على الناس أي أعطيته حق الرد فوق المنبر، فقلت لهم هذا ما يقوله المدير…فتعجب الرجل إذ أنه لم يتوقع هذا الأمر ولم يتصور هذا الفعل وكانت لنا علاقة طيبة في ما بعد ولذلك كنا نقوم بدورنا داخل وخارج المسجد.

ما هو تقييمك للتيارات الإسلامية التي تشكلت في السرية؟

لقد كنت أتواصل مع الجميع ولقد ساهمت في انتشار الدعوة والصحوة الإسلامية بشكل كبير بالإضافة إلى جهود الشيخ عبد اللطيف سلطاني وأحمد سحنون والعرباوي وغيرهم، ففي الحقيقة إنّ صلتنا بالدعاة الذين كانت لنا فرصة لقائهم، كان لها الأثر الكبير في تنمية ثقافتنا ودعوتنا وفهمنا لنصوص الكتاب والسنّة ومنهج السلف الصالح وهي عقيدتنا إلى يومنا هذا.

ماذا عن التيار السلفي؟

في ذلك الوقت لم يكن التيار السلفي تنظيما له هيئته وقيادته، لقد كنا أحرارا نشترك في فهم ديننا على منهج سلفنا من الصحابة رضوان الله عليهم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

ما كان موقفك من فتوى الجهاد في أفغانستان نهاية الثمانينيات؟

تعاطفنا معها وأيّدناها ووجدنا أنّه واجب النصرة لدولة مسلمة تحتل من بلد شيوعي.

لاحظنا أن الذين كانوا يجنّدون الشباب للجهاد في أفغانستان هم من حركة الإخوان المسلمين أكثر من غيرهم لماذا؟

هذا جزء من الحقيقة لأن الكثير من الشباب كانوا ينطلقون من وازع ديني دون أي ارتباط تنظيمي. وأعتقد أن السعودية وعلماءها لم يكونوا من الإخوان المسلمين.

البعض لاحظ أن الإخوان المسلمين كانوا يبعثون شبابهم إلى أفغانستان فيعودون أكثر تشددا؟

تقصد بأن الشاب يذهب بفكر إخواني ويعود بفكر آخر.

نعم ..

لست أعرف.

كيف عشت أحداث أكتوبر 88؟

عشتها في باب الوادي على كل حال عند بدايتها من هناك، أمّا من جانبها التاريخي فقد انطلقت من إضراب المنطقة الصناعية برويبة الذي دام عدّة أيّام ثمّ الانطلاقة القوية يوم 04 أكتوبر بعد صلاة المغرب من أعالي باب الوادي.

وفي تقديري أنها بباب الوادي كانت لها حدّة وشدّة كبيرة جدا، يعني في صبيحة 5 أكتوبر المؤسسات التي ترمز إلى الحزب الواحد والدولة منها المخرّب ومنها المحطّم ثم انتشرت الأحداث في البلديات والولايات الأخرى… #يتبع

حاوره: محمد يعقوبي

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق