سياسة مذكرات

كمال قمازي: قصتي مع الفيس.. من ڤمار إلى باب الوادي

الحلقة_الرابعة : الشيخ كمال قمازي يتحدث عن الدقائق الأخيرة لتأسيس الفيس:

هكذا‮ ‬اخترنا‮ ‬عباسي‮ ‬مدني‮ ‬رئيسا للجبهة الإسلامية.

■ الشيخان محمد سعيد وسحنون طالبا بالتريث في تأسيس الفيس.
■ أعلنا عن الفيس قبل الاستفتاء على دستور التعددية.
■ سعادتنا كانت ستكتمل لو انضم جميع الدعاة للفيس.
■ هكذا قدّم مراني نفسه للشيخ عباسي لينضم للفيس.
■ الشيخ جاب الله أراد دخول الفيس كجماعة لا أفراد.
■ هكذا التحق الشيخ عبد القادر حشاني بالفيس.
■ البعض حذٍر من خدعة النظام لاحصاء الإسلاميين.
■ الشيخ نحناح أعلن عن تأسيس جمعية الإرشاد مباشرة بعد عزمنا تأسيس الفيس.
■ عيّنا المكتب التنفيذي بصعوبة لأن الجميع رفض المسؤولية.

الشيخ عباسي كان أكثر المساهمين في إثراء برنامج الجبهة هذه الحلقة عن البدايات الأولى لتأسيس الفيس، وكيف كان موقف جاب الله ونحناح والقصة الكاملة للاجتماعات التي تمخض عنها الحزب وموقف محمد السعيد الذي رفض الانضمام وتعرض إلى موقف محرج داخل الاجتماع.

كيف بدأ التأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ ؟

ذهبت لمسجد السنّة لأن الموعد كان يوم 18 فيفري بعد صلاة المغرب وكانت الكلمات التي أعلن فيها عن الحزب. كانت كلمة الشيخ عباسي مدني والهاشمي سحنوني وكلمة بن عزوز زبدة وتكلمت أنا وبعدها جاء علي عية ومحمد السعيد رحمه الله وكان أمامي شراطي رحمه الله، فقد كان هناك من حضر ولم يتكلم ولكن دخول محمد السعيد كان لافتا، وأنا أذكر أن الناس الذين كانوا أمامي يقولون ها قد جاء محمد السعيد وسيأتي نحناح وغيره من الدعاة أيضا، فكان الناس يظنون أنّ هذا هو اليوم الذي يلمّ فيه الشمل لكن تدخّل محمد السعيد رحمه الله..

لكن محمد السعيد جاء ليبلّغكم رفضه ورفض الشيخ سحنون للحزب الجديد؟

هو طلب التريث حتى ينضم الجميع ورأى أن الأمر فيه شيء من التسرع.

قيل إن كلمته كانت حادة الى درجة أنه أبكى الشيخ علي بن حاج تأثرا؟

محمد السعيد رحمه الله كان متخلقا ومتأدبا شهادة لله، وكانت كلمته بالعربية الفصحى بأسلوب أدبي راقٍ، وطلب المزيد من الوقت قبل الإعلان عن الحزب، أي لو فيه شيء من التريث ..

قيل إن كلمته أغضبت الحاضرين وثار ضده المصلون؟

الذي وقع أنّ المتدخلين كانوا من المؤيّدين لتأسيس الجبهة، والناس لمّا سمعته يتكلم كانت تنتظر أن يكون في نفس السيّاق لكن فهم الناس بعدها أن الرجل غير قابل بتأسيس الحزب.

الشيخ الهاشمي سحنوني قال بأنّهم حاولوا الاعتداء عليه؟

كان هناك من غضب وثار، لاعتقاد من حضر أن هذه الفرحة جاء هو ليعكّرها، لكن بعد فراغه من تدخّله جلس ولم يمسه أحد وكنت قريبا منه ثم جاءت التدخلات في ما بعد مهدئة مطمئنة.

الغريب أنكم أعلنتم عن الحزب أمام العامة وكان يفترض أن الاجتماعات تضم المؤسّسين فقط؟

لم يكن اجتماع تنظيمي لأن الاجتماع التأسيسي كان في ما بعد، أي يوم 10 مارس في مسجد ابن باديس بالقبّة، فهذا مجرد إعلان للناس بأنّه سيكون هناك حزب.

لماذا تأثر الشيخ بن حاج وبكى في هذا الاجتماع؟

نعم، تأثر لما رأى ما حدث بعد كل هذا العمل والجهد، ثم اطمأن الناس وهتفوا بالتكبير وتأكدوا بأن الأمور تسير ولن ترجع إلى الوراء، ثم قيل ما قيل عن محمد السعيد رحمه الله. وقد طرح في ذلك المجلس موضوعان: الإعلان عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ والإعلان عن السعي لإطلاق سراح المساجين.

تقصد المعتقلين الذين حكم عليهم بالإعدام في قضية بويعلي؟

نعم، والشيخ علي بن حاج يستدل بقوله صلى الله عليه وسلّم “فكّوا العاني”، يعني المسجون. وقال بأننا سوف نتصل بالسلطات، وفي الغد ذهب وفد إلى وزارة العدل يسعى في هذا الموضوع، وهذا وفاء بوعد قطع في المسجد.

من هم المعتقلون؟

كان شبّوطي وملياني والجماعة التي بقيت إلى ذلك الوقت. وبعدها انطلقنا في العمل، واللافت هنا أن يوم السبت 18 فيفري، هو يوم الإعلان عن تأسيس الحزب ويوم الخميس الذي يليه 23 فيفري هو يوم الاستفتاء على الدستور، فأعلنا عن الجبهة قبل صدور الدستور .

البعض يقول إنكم تسرّعتم في تأسيس الفيس وأقصيتم أغلب الدعاة والزعماء الذين كان لديهم تنظيمات في السرية؟

لا، أبدا، هذا شيء غير صحيح، وأنا أشهد شهادة لله “وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين”، مطلقا لم يكن هذا، وسعادتنا كانت ستصير كاملة آنذاك لو انضمّ الجميع.

لماذا السرعة إذن، كان يمكن أن تتريثوا حتى يلتحق الجميع مثلما قال محمد السعيد؟

الأيام أثبتت صواب ما ذهبنا إليه، فقد كنا نخشى أن يمضي وقت ونبقى نسعى ونسعى وتمر شهور، ومن هم خارج التيار الاسلامي يؤسسون أحزابا ومشروعنا يفشل ويسقط، فلهذا كان لابد من الاستمرار فيه ومواصلة السير مع بقيّة الدعاة للانضمام الى الجبهة الإسلامية للإنقاذ .

من التحق أولا بالفيس.. أنت أم مراني وكيف؟

كل واحد سعى من جهته، وأذكر أنه بعد يومين أو ثلاثة، كنت عند الشيخ عباسي مدني وعند جلوسي معه جاء مرّاني وأنا أعرفه من قبل بحكم أنّه كان في القصبة، فقدم وأبدى استعداده للدخول في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقدّم أفكاره بما يوحي أن الرجل يريد الدخول في الجبهة، وبعدها لمّا خرج مراني سألني الشيخ عبّاسي وقال لي هذا الرجل هل تعرفه وما رأيك فيه؟ لأنّه لم يكن ذا صلة قريبة به، قلت له الرجل نعرفه في القصبة أين كان يلقي دروسا ولم نكن نعرف ما يتعلق به أكثر من هذا.

هو قال إن عباسي هو من عرض عليه الانضمام للفيس؟

لا، هو من جاء قاصدا الانضمام، والشيخ عبّاسي سأل عنه ثم وافق.

كيف كان الاتصال بجاب الله ونحناح للانضمام للفيس؟

كل واحد كان يسعى من جهته للاتصال بمن يعرفه من أهل العلم والدعوة، ولا أذكر من قام بالاتصال بهما وكان أوّل لقاء قمنا به لبدء العمل في مكتبة مسجد التقوى وفيه التقيت لأول مرة محمد كرار وبشير فقيه وبوكليخة والسعيد قشي رحمه الله، وكان الموضوع عن كيفية الانطلاق في العمل، سواء في الجانب البشري وما يتعلق بالاتصال بأهل العلم والدعوة أو الجانب الأدبي وما يتعلق بكتابة نصوص الجبهة الاسلامية للإنقاذ.

هناك من يقول إن تأسيس الفيس بتلك الطريقة سحب البساط من تحت أرجل دعاة لديهم تنظيمات قوية في السرية؟

هذا غير صحيح.. كان الحرص على مشاركة الجميع والتعاون معهم، وأذكر أن الشيخ جاب الله جاءنا إلى باب الوادي في إحدى الأمسيات لما كنا نحرر مشروع البرنامج السياسي، وكما ذكرت أن أول لقاء كان بمكتبة مسجد التقوى، أذكر أنّ اللقاء الثاني قمنا به في بيت عاشور ربيحي واللقاء الثالث في بيت الهاشمي سحنوني بل لقاءين في بيته، ثم استقبلت بقيّة اللقاءات هنا في باب الوادي، حيث كنت أقيم بمنزل عبد القادر عوامر عليه رحمة الله وكان شيخا كريما فاضلا، استقبلنا عدّة أيّام تزيد عن الأسبوع وهناك حرّرنا البرنامج السياسي والقانون الأساسي وأدبيات ونصوص الجبهة الإسلامية للإنقاذ. والتقيت الشيخ جاب الله عندما زارنا في إحدى الامسيات وتحدث مع الإخوة.

ما الذي طرحه جاب الله بالضبط؟

لا تحضرني تفاصيل ما دار آنذاك، لكن الاتصال ثابت والمعلوم تاريخيا أنّ الإعلان عن الجبهة الإسلامية بمسجد بن باديس بالقبّة سبقه لقاء تمهيدي جمع كل المؤسسين بهدف تعيين المكتب التنفيذي للجبهة الإسلامية للإنقاذ، والذي تم بمكتبة مسجد السنة، وفيه حضر الشيخ جاب الله مع ثلاثة من الإخوة، أحسب أن أحدهم كان عز الدين جرافة ونحن والله استبشرنا بذلك خيرا حيث كانت الجلسة بعد العصر.

كنت حاضرا في هدا اللقاء؟

نعم.

كيف كان حديثه وما رأيه في الموضوع؟

الموضوع أخذ وقتا طويلا حتى صلاة العشاء وأحسب أن خلاصة الحديث أنّه أراد الانضمام برفقة تنظيمه وليس بشكل فردي.

يدخل كجماعة؟

نعم، لكن الاتفاق المبدئي بين مؤسسي الجبهة الإسلامية أننا ندخل فرادى وليس كتلا.

الرجل كانت لديه جماعة قوية من حقه أن يكون رئيسا للحزب الجديد؟

حتى أنصف الرجل هو لم يقلها صراحة بلسانه وليس لي الحق في استنتاجها.

لكن كيف التحق بعض القيادات التي كانت محبوسة عليه بالفيس؟

نعم لقد حضر في ذلك اليوم مجموعة من الإخوة كان من بينهم الشيخ عبد القادر بوخمخم، الشيخ علي جدّي، الشيخ عبد القادر حشّاني رحمه الله.

هم محسوبون على جماعة الشرق؟

وحتى الإخوة الذين كانوا في الولايات انضموا الى المكاتب الولائية والبلدية فيما بعد.

في النهاية الشيخ التحقت جماعته وهو لم يلتحق؟

هي قضيّة قناعات واستعدادات، كان هناك من تمسك بتنظيمه، وكان من يعتقد بأنّ النظام غير جاد في هذا المسعى، وأن النظام يريد جمع وإحصاء الناس ثم ضربهم ضربة واحدة.

ماذا عن الشيخ نحناح؟

ليس لي علم بذلك، لأنّ الرجل أعلن عن تأسيس جمعية الإصلاح والإرشاد بعد ذلك مباشرة، لكن كانت هناك اجتماعات في رابطة الدعوة الإسلامية التي كان يرأسها الشيخ أحمد سحنون وكان القصد منها أن تكون الرابطة مظلّة للجميع.

كنت تحضر؟

لم أكن أحضر، لكن كان يحضرها من الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشيخ عباسي مدني وعلي بن حاج وعلي جدي..

البعض يتهمكم بالاستعجال في تأسيس الجبهة؟

لا.. لأن عامل الزمن لم يكن في صالحنا، فمع انطلاق التعددية كانت طموحات وآمال الشعب الجزائري كبيرة في انطلاق مشروع حضاري ورسالي ينقذه من الأزمات المتعددة، التي عانى منها منذ الاستقلال وجمع التنظيمات كلها كان يبدو أمرا شاقا، فكان لزاما الاستمرار في السعي إلى تحقيق طموحات الشعب الجزائري مع المحافظة على الصِلات مع بقية إخواننا والتنسيق تحت مظلة رابطة الدعوة الاسلامية.

كيف تم الاتفاق على أن يكون عباسي مدني هو رئيس الجبهة؟

الجميع يشهد أن جهد الشيخ عباسي مدني في إنجاح انطلاقة الجبهة الاسلامية كان معتبرا، وحتى لا نبخس الرجل حقه فقد كانت مساهمته في تحرير البرنامج السياسي مفيدة وثرية ورائعة جدا بأفكاره وأسلوبه ومنهجيّته الراقية، حيث المشكل كان يكمن في المسؤوليات، فكان لابد من الخروج على الناس في الغد بمكتب تنفيذي ولم نصل الى تعيينه إلا بمشقة، لأن كل واحد كان يدفع المسؤولية عن نفسه ويحملها لغيره.

تقصد أنكم جميعا لم تكونوا تريدون مناصب المسؤولية؟

لا أحد أراد المسؤولية، وبمشقّة وصعوبة توصلنا إلى تعيين المكتب وهذه شهادة لله ثمّ للتاريخ.

لكن البعض يقول إن سبب المشاكل أنكم لم تعطوا أهمية لمن يكون رئيسا عليكم؟

لا، هذا غير صحيح، وتدافع المسؤوليات فعلها سلفنا الصالح من قبلنا، حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يلوم الصحابة رضي الله عنهم الذين بايعوه بالخلافة واجتنبوا الولايات، فأهل الصلاح في الغالب يجتنبون المسؤولية، وفي تلك الليلة كان لابد أن نعيّن الناطق الرسمي واتفقنا على أن يكون الشيخ عبّاسي مدني…. يتبع بإذن الله

حاوره: محمد يعقوبي

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق