مقالات

الجزائر: أشعر بالعار| توفيق رباحي

تتناقل وسائل إعلام جزائرية وإيطالية أخباراً مفزعة عن قضية فساد ورشاوى كبرى مطروحة أمام القضاء الإيطالي أطرافها جزائريون وإيطاليون. وسطاء أجانب ومستثمرون إيطاليون، وموظفون جزائريون حكوميون، بعضهم وزراء، استأمنتهم الجزائر على خيراتها فاستغلوا مناصبهم ونهبوها.

الأداة هي شركة سوناطراك، مُـرضعة الشعب الجزائري كلّه. ولغير الجزائريين أقول: سوناطراك هي الجزائروالجزائر هي سوناطراك!

الأرقام المذكورة تتحدث عن 250 مليون دولار، تزيد قليلا أو تقل، تكرّم بها مسؤولو شركة إيني الإيطالية لمسؤولين جزائريين عن طريق وسطاء وشبكات دولية معقدة وحسابات مصرفية في الخارج، لقاء الظفر بصفقات في مجال النفط والطاقة تناهز قيمتها الأحد عشر مليار دولار.

هنا يسهل توقع أن الجانب الإيطالي في القضية لم يكن ليخسر شيئا لأن المبالغ الطائلة المدفوعة رشاوى للجزائريين تضاف إلى القيمة الإجمالية للصفقة، والنتيجة أن ‘من لحيته بخـّر له’، كما يقول الجزائريون، بمشاريع تـُنفخ كلفتها بشكل كبير.

من نافلة الكلام التذكير بأن ثقافة الفساد في المنظومة السياسية الإيطالية متجذرة تعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالفساد محمي ومقنن ومشرعن (سيلفيو برلسكوني لا يكاد يغادر المحاكم في قضايا تهرب ضريبي وفساد). لكن القانون حاضر وفوق الجميع، وسيدفع الثمن كل من وقع في حباله.

وكذلك الحال في الجزائر، وربما أكثر، منذ عقود (لا عجب أنها تحتل المرتبة 117 من أصل 183 دولة في ترتيب الفساد، وإن كنت شخصيا أعتبرها مرتبة جيدة!). لكن الأمر تجلى بشكل فاضح منذ تولى عبد العزيز بوتفليقة رئاسة البلاد في 1999، فكان أن الصناعة الوحيدة التي ازدهرت مذّاك هي صناعة الفساد. تذكّـروا مشروع (أكذوبة) القرن، الطريق السريع شرق ـ غرب، الذي بدأ برقم خيالي وانتهى ـ ليس تماما بعد ـ بأكثر من ضعفه. وقضية عبد المؤمن خليفة التي ألقت بالسمك الصغير في غياهب السجون وتركت الحيتان الكبيرة حرة طليقة لتواصل نهبها. ومشاريع بناء السكنات التي تـُمنح لمن هب ودبَّ، وغيرها مما لم ولن يصل إلى مسامعنا نحن معشر الجزائريين المساكين.

الفرق عن إيطاليا أن في الجزائر ‘القانون فوق الجميع’ والفاسدون فوق القانون.

لا جديد في كل ما سبق، إلا شيء واحد ـ لحسن الحظ ـ هو أنه أصبح في متناول الجزائريين أن يلاحقوا هؤلاء اللصوص أمام القضاء الدولي.

وعليه أناشد الجزائريين، المثقفين منهم بالخصوص، على اختلاف مشاربهم السياسية والأيديولوجية واللغوية والثقافية، إلى التفكير في طريقة لمقاضاة هؤلاء اللصوص واستعادة القليل من هذه الأموال المنهوبة.

أيها الجزائريون، أيها المحامون، أيها القضاة، أيها الكتـّاب، أيها الصحافيون.. في الداخل وفي الشتات، ضعوا خلافاتكم جانبا واتفقوا على ما من شأنه أن يعيد لكم قليلا من هذه الأموال المنهوبة. إنها أموال شعبكم وخبز أطفالكم، فلا خير فيكم إن واصلتم الصمت.

قد تكون العملية صعبة ومعقدة وتصيب باليأس. وقد نتذكر جميعا أن مصر وتونس وليبيا لم تستعد بعد أموال شعوبها التي نهبها الطغاة السابقون وأودعوها في الخارج. لكن كل هذا لا يجب أن يثني عن المحاولة، على الأقل حتى لا يتجرأ آخرون على مثل ما فعل وزيرا خارجيتكم ونفطكم السابقان ـ رجُـلا فخامته ـ وأولادهم وأصهارهم، بتغطية أكيدة، من مراجع عليا (ثم يلعنوكم في مجالسهم الخاصة في باريس ولندن وجنيف ويصفونكم بالكسالى والجهلة والمتعجرفين).

أيها المحامون، أيها المثقفون أيها المتألمون من هذه الأخبار النتنة المفزعة، تحركوا. على الأقل لتنغـّصوا على هؤلاء اللصوص بعضا من حياة البذخ التي يعيشونها بأموال أولادكم. القضاء والظرف الدوليان في صفكم. لا تراهنوا على القضاء في بلادكم ـ التي ربما فيها قضاة ولكن حتما ليس فيها قضاء ـ وتذكروا أن القانون في الجزائر مثل نسيج العنكبوت لا يمسك إلا بالحشرات الصغيرة. ولا تصدّقوا المانشيتات عن أن فخامته أو جهاز المخابرات ‘أمر بفتح تحقيق معمق في القضية’، فهي مجرد رماد في العيون سبقتها مانشيتات مشابهة عن قضية خليفة و’أكذوبة’ العصر الطريق السريع شرق ـ غرب.

إني أشعر بالعار لكون هؤلاء اللصوص تحكموا في مصيري بشكل ما في يوم من الأيام، وربما لا يزالون. وإني لحزين لأن أخبار فضائحهم تمتزج زمنياً مع أخبار عشرات، بل مئات، المدارس الجزائرية تستقبل تلاميذها بلا نوافذ ومن دون تدفئة في هذه الأيام شديدة البرودة، ومع أخبار جزائريين يقتاتون من المزابل، وآخرين ينامون في صحبة الجرذان في بيوت الصفيح ومياه الأمطار تتسرب إلى فراشهم من كل ثقب.

لم أؤمن يوما بما تقولون أو تفعلون. أما الآن فإني أحتقركم أيها السـُرّاق.

توفيق رباحي

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today%5C12qpt980.htm

4 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • في الشروق اليوم مواطنة جزائرية قامت باختلاس ستة عشر مليار سنتيم هل تعلمو مذا فعلت قامت ببيع سكن باربع غرف في منطقة امام البحر لستة عشر زبون دون ان يعلم الزبون من الستة عشر انه يوجد زبائن اخرين اشترو السكن ثم طلبت من كل واحد
    منهم ان يصبر عليها خمس ايام لتسليم المفتاح و اعطت موعد للزبائن الستة عشر في موعد واحد و عندما جاء الزبائن الستة عشر كل واحد باثاثه ههههه وجدو ستة عشر شخص اشترئ نفس السكن ههههه يعني احتالت عليهم بطريقة ذكية فذهب الكل يبكي الئ العدالة و منهم من مرغ نفسه في التراب امام الشعب لفقدان مليار اموال عمره اما الامرءة المحتالة ذهبت بالستة عشر مليار و قبض عليها في الحدود التونسية بتبسة و اليوم تم محاكمة المرءة المحتالة هل تعلمو كم حكمة عليها المحكمة ثلاث سنوات سجن فقط و الذي لا يصدق بيقررء الجرائد امرءة احتالة علئ ستة عشر مواطن و نهبت ستة عشر مليار حكمو عليها بثلاث سنوات فقط يعني تشجيع للفاسدين و اللصوص و كان العدالة تقول للمواطنين هذه المرءة هي مثلكم الاعلئ ههههه لان بستة عشر مليار قامت بشراء وكيل الجمهورية و القاضي و حتئ محامي الخصم هههه مليار سنتيم لكل واحد و يبقئ لها ثلاثة عشر مليار تقضي ثلاث سنوات كالملكة بالطبع القاضي الذي يتقاضئ راتب شهري عندما يعرض عليه مليار لا يرفض يعني العدالة تقول للمواطنين انهبو لكن بالملايير حتئ تعطونا حقنا عندما تسقطو فنساعدكم هههه لاخبركم كيف اصبحت الجزائر لا قانون و لا شيئ كل واحد يعمل من اجل مصالحه الوالي ينافيكي و الشاف دايرة ينافيكي و الوزير ينافيكي و القاضي ينافيكي و الشرطي ينافيكي ههه مل فوق للتحت الناس ليس لها اي حس بالمسؤولية البلد راهي في فوضئ و السبب هو مرض الرئيس الذي اصبح شبه منعدم و الديناصورات التي تسير في البلاد من وراه لا يهمها الا جيوبهم فنسو واجباتهم فعم الفساد من الفوق للتحت و الله لا يهمهم شيئ عندما تنفجر الاوضاع هم علئ الاقل سيذهبو الئ فيلاتهم بالملايير في الخارج و هم يعلمون ان الوضع سينفجر لهذا يسرعون في النهب و الله هذه حقيقة نعيشها هذه هي الجزائر

  • فقط الآن شعرتم بالعار ؟ أوا تريد الضحك على ذقوننا؟ لقد أتيت إلى المحط متأخرا فا تكم القطار، وليس من السهل إنتظاره فى محطة قادمة .

  • (الأداة هي شركة سوناطراك، مُـرضعة الشعب الجزائري كلّه ) .
    يا سي رباحي , أخطأت عندما قلت هاته العبارة , ولا أدري ان كانت زلة قلم , أو شيئا مقصودا , فأنا شخصيا لم أرضع ثديها يوما وهذا ينطبق على عامة الشعب . سوناطراك هي بقرة حلوب للنظام وحاشيته وللعاملين فيها ( بن عميس ) , فخذ مثالا من سكان الصحراء أو الجنوب , بؤس وحرمان وفقر , واذا خرج
    من كوخه تقابله شعلات الغاز و البترول , فأين المنطق هنا ؟ مع أن هذا الخير يوجد تحت الارض التي عمر فيها أجداده .
    الجزائر تجلس على بركان يغلي , واذا انفجر سيغرق الجزر ومن عليها , لا لشيئ سوى للفوارق الاجتماعية الموجودة .