سياسة

الحرفيون… ”عملة نادرة” أطاحت بـ ”قدسية” أصحاب الشهادات

البناؤون، اللحامون، النجارون والميكانيكيون في صدارة القائمة

compar

تراجع في قيمة وظائف أصحاب الشهادات
الفرق بين تسعيرة الطبيب واللحام 200 دينار

كانت انطلاقتنا في هذا الاستطلاع من حادثة وقعت في أحد مقاهي العاصمة أبطالها أربعة شباب يسخرون من صديق لهم يعمل في ورشة للتلحيم كون هذا النوع من النشاط المهني يلصق بصاحبه صورة غير لائقة حتى في أوقات غير العمل. لكن الشاب الذي فضّل الاستماع والصمت لزملائه الذين تعمّدوا إثارته بالقول أنهم من حملة الشهادات الجامعية وموظفين في مكاتب مكيفة وغيرها من المزايا المبالغ فيها، رد عليهم ببرودة بتوجيه سؤال مستفسرا عن قيمة المبلغ المالي الذي يدفعه أحدهم لطبيب يتنقل ليلا لفحص مريض لهم، عندها أجاب أحدهم إلى أن المبلغ لا يتعدى ألف دينار في أقصى الأحوال، بعدها أعاد عامل ورشة التلحيم نفس السؤال. لكن إذا تنقّل مرفوقا بحقيبة تغيير أقفال باب السكن فكان الجواب أنها تتعدى 1200 دينار، وهو الجواب الذي أسكت الجميع ونقلهم تدريجيا إلى إثارة نقاش حول عدم جدوى الشهادات الجامعية، انتهى بانتقاد لاذع لوضع الموظفين وحملة الشهادات.
وتشير أغلب شهادات من استفسرناهم في هذا الشأن من مواطنين وأصحاب حرف وحتى أخصائيين في علم الاجتماع، أن غياب جهة رقابية تحدد مجالات نشاط الحرف والمهن الحرة في الجزائر، أدت الى انفلات هذا النوع من النشاط وطغيانه على سلم تحديد الوظائف، قابله برأي الأكاديميين تراجع كبير لقيمة وظائف أصحاب الشهادات، حتى تلك التي تحسب على النشاط الخاص كالأطباء والمحامين.
ويقول زبائن قصدوا ورشات الميكانيك والتلحيم والدهان وحتى البنّاء، أن هذا النوع من النشاطات التي عرفت انتعاشا كبيرا قابله تحرير الرقابة على غالبيتهم، بحجة تدعيم هذه الحرف في إطار مسميات مختلفة، كوكالات دعم وتشغيل الشباب وغيرها، فتح المجال أمام الغالبية في تحديد تسعيرة القيام بأنشطة ما، وكثيرا ما يتحجج هؤلاء بالغلاء الذي تعرفه المواد المدرجة في الاستخدامات التي يتطلبها.
يقول محمد صاحب سيارة تعرضت لحادث مرور تسبب في إحداث إصابات على إطارها الخارجي، أن إعادة إصلاحها لدى صاحب ورشة دهن السيارات كلّفته قرابة 12 مليون سنتيم، وفي حالات أخرى أكثر.. لأن ”الدهن المستخدم هو من النوع المستورد الذي لا يبرز على السيارة”. ونفس الشيء يحدث يوميا لمئات الأشخاص ممن تتعطل سياراتهم على حافتي الطرق السريعة، حيث يجبرون على دفع أضعاف المبالغ لشاحنات الجر قبل أن يفاجأوا بفحص غريب لصاحب ورشة الميكانيك الذي لا يجد صعوبة في تحديد قيمة مبدئية لتكاليف إصلاح العطب دون نسيان ضرورة إحضار قطع الغيار التي كثيرا ما يحدد هو وجهة شرائها.
هذه الأمثلة وغيرها يلحظها الزبون ويعايشها وتقود إلى تفسيرات عديدة، تؤكد أن مثل هذه الأنشطة الحرفية تدر على أصحابها عائدات مالية أصبحت تفوق ما يتحصل عليه الموظف أو الإطار الذي قضى سنوات في الدراسة لنيل الشهادة العليا.وهنا يتدخل رأي أصحاب هذه الحرف الذين يبررون اختلاف التسعيرات المفروضة على زبائنهم من ورشة لأخرى بتفاوت إمكانيات العمل والوسائل المستخدمة إلى جانب التجهيزات المستخدمة. فهؤلاء يؤكدون أن جهد الميكانيكي الذي يقضي ساعات تحت السيارة ليس مماثلا لنظيره الذي تتوفر ورشته على أحدث المعدات، كما أن الزبون كثيرا ما يمتعض من التكلفة لكنه لا يدرك الجهد الذي يبذله صاحب الورشة في القيام بما يراه مناسبا لإصلاح العطب.

المصدر :الجزائر: س. إسماعيل
2009-05-31

http://elkhabar.com/dossier/index.php?idc=40&ida=158959

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق