مقالات

عن أي مؤامرة تتحدثون؟

الظاهر أن السلطات الجزائرية فقدت صوابها ولم تعد تدري من أي اتجاه تأتيها الرياح، وأضحت تشتم رائحة الربيع العربي أو الثورات العربية أو انتفاضة الشعوب العربية أو فتنة الدول العربية… في كل شيء يتحرك، ولذلك استعادت أساليبها القديمة التي طلّقناها في الجزائر منذ أحداث أكتوبر 88. وإن كانت حالة الطوارئ قد منحت سلطاتنا الأمنية الآلية القانونية التي تجعلها تراقب كل نشاط سياسي واجتماعي، فإنها لم تلجأ لمنع مواطنين من السفر إلى الخارج طيلة سنوات الأزمة الأمنية إلى الخارج. في زمن حالة الطوارئ، سافر جزائريون إلى إسرائيل ولم يتعرضوا لأدنى مضايقة، وفي زمن استعادة الطمأنينة، كما تتغنى الحكومة، أصبح السفر إلى تونس مصدر خطر على البلاد.
لنفرض أن هناك مؤامرة أجنبية تحاك ضد بلادنا، هل يعقل أن تكون هذه المؤامرة من تدبير أشقائنا التونسيين؟ الجواب بالسلب طبعا، لأن المؤامرات الأجنبية تدبرها قوى قادرة على تنفيذها عمليا ولها مصالح تدعوها إلى ذلك. والقوى القادرة على تنفيذ المؤامرات ولها مصالح تدعوها إلى تدبيرها لها سفراء في الجزائر قريبة كلها من مقر رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى… ولها شركاتها الاقتصادية ووفودها الرسميون وغير الرسميين يزورون الجزائر باستمرار، ونترقب مجيئهم لرؤية رئيسنا في التلفزيون… وفوق ذلك، الجزائر الآن تؤدي مهمتها في مكافحة القاعدة والإرهاب الدولي على أكمل وجه بشهادة كل العواصم الكبرى وساعدت العالم على تحديد هوية جثة أبو زيد التي عثر عليها في مغارات جبال إيفوغاس بشمال مالي.
القضية إذن ليست قضية مؤامرة أجنبية، بل في هذه المنظمات المناهضة للرأسمالية الجديدة، وهذه المنظمات تخصص لها قوات الهراوة وقوات مكافحة الشغب في أكثر الدول تقدما في الديمقراطية كلما حاولت التجمهر للتنديد بالنظام العالمي القائم. ولذلك تمنع الجزائر أبناءها من الاحتكاك بالمنظمات غير الحكومية العالمية المناهضة للعولمة والرأسمالية الجديدة، قبل أن تصل هذه المنظمات إلى الجزائر وتتجمهر ضد مصالح الرأسمالية الجديدة في الجزائر، وهنا تكمن المؤامرة الحقيقية.

م. إيوانوغان

mohammediouanoughene@yahoo.fr

http://www.elkhabar.com/ar/autres/un_avis/329028.html