سياسة

قراءة هادئة في ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية الساخن

FRANCE -ALGERIA-DIPLOMACY-SARKOZY

يبدو أن ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية غير مرشح للغلق، ويبدو كذلك أن قدر الجزائريين هو أن يعيشوا بين فترة وأخرى قلق وتوتر هذه العلاقات، مع وضع خط بارز وطويل وعريض تحت كلمة توتر، ما دام هذا التوتر مجرد كلام استفزازي متبادل يصدر مرة من هنا ومرة من هناك… أما حقيقة الأمر فالعلاقات الجزائرية الفرنسية من أوثق ما تكون، إن لم نقل أنه لا توجد علاقات أمتن وأقوى بين دولتين في عالم اليوم، من تلك التي تربط فرنسا بالجزائر، ما دام المهم في مثل هذه الأمور هو الحركية البشرية والمالية والاقتصادية والتجارية والثقافية واللغوية المتبادلة بين طرفي المعادلة في هذه العلاقة الثنائية، وليس تصريحات السعيد عبادو والشريف عباس التي تبقى مجرد فقاعات هواء تستخدم لتلهية الرأي العام المحلي في محطات وظروف معينة.
بعيدا عن هذا نقول، ردا على ما جاء على لسان مستشار الرئيس الفرنسي هذه الأيام، بأن ما دار على أرض الجزائر خلال كل الفترة الممتدة من بداية الاحتلال إلى غاية الاستقلال ليس حربا أو حروبا بين دولتين، وإنما ثورات متتالية بين غزاة ومدافعين عن أرضهم وحقهم في العيش وفق رؤاهم ونظرتهم للأشياء. ولعل التنبيه فقط إلى أن المواجهات دارت على أرض الجزائر يعطي الحجة للجزائريين في أنهم كانوا على حق والغزاة كانوا على باطل، ولو دارت الحرب على الحدود أو بين أساطيل الدولتين في أعالي البحار لتغير الطرح، وأصبح الجدل عمن هو على حق ومن هو على باطل أمرا واردا وقابلا للنقاش. كما أن النهاية التاريخية للاحتلال الفرنسي للجزائر ولغير الفرنسي لغير الجزائر، يؤكد بما لا يترك مجالا للشك بأن الاحتلال جريمة ارتكبت في حق العديد من شعوب ما يعرف بالعالم الثالث… ولمستشار الرئيس الفرنسي أقول: لقد قاتلتمونا وقاتلناكم بالفعل كما تقول… قتلنا منكم وقتلتم منا، لكن الاختلال الصارخ والفادح في موازين القوى والقوة، بين جيشنا للتحرير والأسلحة الخفيفة التي كان تملكها كتائبه، وبين جيوشكم الجرارة بطائراتها ومدافعها ودباباتها، يجعل من حجم الخسائر في صفوفنا مقارنة بخسائركم حجة عليكم… أما نهاية الحرب وانسحابكم من الجزائر فدلالة قاطعة على أن الاستعمار مشروع ظالم وإلا لما عرف ذلك الأفول التاريخي الذي جاء على أنهار من دماء الشعوب.
كلمة أخيرة للمطالبين بضرورة اعتذار فرنسا… أحسب أنكم قريبون من حكام البلد، وهذه وضعية تمكنكم من الضغط على صناع القرار للي ذراع فرنسا في مجالات عديدة حتى تعتذر أو تعوض المتضررين من احتلالها للبلد. فلماذا لا تفعلون وتروجون لخطابات تجعلكم في وضع أقل ما يقال عنه أنه مضحك… أم أن مصالحكم ومصالح الحكام تحول دون تحرككم في هذا الاتجاه؟

المصدر :العربي زواق
2009-06-02

http://elkhabar.com/quotidien/?idc=54&page=co

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق