مقالات

بيــــن قوسيـــــن : الجزائر في خطر؟ : عبد الحكيم زموش

الاستشراف هو أن تعرف التحديات التي تنتظرك كبلد قبل الآخرين وأن تحدد ماهي الإجراءات التي يجب اتخاذها والتوجهات التي عليك أن تأخذها خلال عام أو عامين وحتى لعشرية كاملة هذا ما يجب أن يكون وليس ما هو كائن مع الأسف في جزائر 2013، فعندما بدأ الحديث في بعض وسائل الإعلام الدولية عن إمكانية وصول الربيع العربي إلى الجزائر لم يجد مسؤولونا سوى الإجابات الجاهزة التي يقدمها أي فرد وهي أن الجزائر عرفت ربيعا قبل اليوم وعاشت ويلات عشرية سوداء قبل الجميع ولذلك فالجزائريون متعبون ولن يتحركوا، كما أن الجزائر تملك الأموال وهاهي تضخها لصالح الشباب.
كل ما سيق هو كلام صحيح إلى حد ما، لكن هل هذه الإجابة تنبع من تحليل معمّق للمجتمع الجزائري وعن دراية لما يحدث داخل المجتمع وهل قامت السلطات فعلا بالأبحاث اللأزمة لتأكيد هذه التخمينات والفرضيات؟ طبعا لا، لأنها قدمت إجابة جاهزة لتسيير مرحلة ما دون الاكتراث بما سيأتي. وهاهو مرض الرئيس يأتي كحدث غير متوقع ليعيد خلط الأوراق ويضع البلد على شفا هوة سحيقة السقوط فيها يعني دخول حقبة جديدة من عدم الاستقرار.
عندما تعود إلى ما يراه المحللون والعارفون بالتحولات الجيوستراتيجية فإنك تكتشف أن الاستقرار النسبي الذي تتمتع به الجزائر هشّ إلى أبعد الحدود لأنها معنية بتحولات دولية كبيرة مرتبطة بمشاريع عالمية ويستحيل أن يبقى بلد في منأى عن هذه التحوّلات لاسيما وهو ينتمي إلى بلدان العالم العربي والإسلامي، فما يصطلح عليها الثورات العربية بدأت في إنتاج أنظمة مغايرة لتلك التي سادت لأكثر من أربعين عاما، الدول الكبرى بدءا بالولايات المتحدة التي بدأت في ضبط إيقاع وجهة هذه الدول وإدخالها ضمن سياق محدّد ينهي الجدل الذي حصل عند بدايتها وهو أن الغرب لم يتوقع مثل هذه الانتفاضات.
الطبيعة تخشى من الفراغ وترفضه والجزائر لا تريد أن تملأ الفراغ ومن يحكمون الجزائر لا يريدون الاقتناع بأن عهد التفرد بالسلطة واحتكارها وخياطتها على المقاس قد انتهى ووجب الحذر ، فإما التكيف مع الوضع والمشاركة في السلطة بأساليب عصرية وإما تعريض البلد للخطر وإقحامه في صراعات لن تبقى وطنية خالصة فالمتربصون كثر والذين يريدون الاصطياد في المياه العكرة ينتظرون الانقضاض على الفريسة.
نعم الجزائر في خطر وبين من يريد مصادرة الحكم ومن يطالب بتحريره هوة كبيرة وبقاء هذا الصراع في مرحلته الحالية يهدّد وحدة الجزائر ويعطي إشارة سلبية لمن يريد تفجير الوضع، ولا ننسى أن حدود الجزائر الشاسعة أصبحت برميل بارود. وبنظرة متأنية فإننا نكتشف أمرا غاية في الخطورة، فنحن محاصرون من كل الجهات حدود جنوبية مشتعلة وشرقية قابلة للانفجار وغربية هي محل مساومات، سؤال وجب على كل جزائري طرحه، هل تعي السلطات في الجزائر الأخطار التي تحدق بالبلد؟ أم أنها تعيش مرحلة الثقة المفرطة وأننا بعيدون عن الأزمات؟
بقلم : عبد الحكيم زموش

http://djaridati.com/ar/index.php/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9/4211-%D8%A8%D9%8A%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%86-%D9%82%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%B7%D8%B1%D8%9F.html

كلمات مفتاحية