مقالات

هل لغم الرئيس الإدارة والجيش؟

إن طريقة تسيير مرض الرئيس والتعتيم الذي رافقه,كل ذلك يعكس دسائس الحكم والصراعات الخفية الجارية بين سلطة عسكرية أمنية تقليدية قوية ومعها عتاة الإدارة القدامى,وتقابلها سلطة بوتفليقية جديدة ركّبها الرئيس على مدى أكثر من عقد من الزمن.
هاتان السلطتان أو الزمرتان يتصارعان في الخفاء وباقي الشعب والنخب والأحزاب ماهم إلا ديكور ما يسمى بالجمهورية الديمقراطية الشعبية.
لكي نستطيع أن نفهم تغير موازين القوى ودوائر إتخاذ القرار في الجزائر في العقد الأخير,يجب علينا أن ننظر بتمعن للمعطيات الجديدة, والواقع الجديد داخل دواليب مؤسسات الدولة,فمنذ مجيء الرئيس وهو يضع ترسانة قوانين تقويه ليضع رجالاته في كل المواقع, تحسبا ليوم معلوم,رجال المال والأعمال,رؤساء دوائر,ولاة,سفراء,وزراء,مدراء,رؤساء جامعات,أحزاب,قضاة… وكثير من الترقيات المدنية والعسكرية كانت محسوبة,هاته السياسة جعلت الكثير يهمس أو يجهر بالقول وينتقد رائحة الجهوية والتعيين حسب الولاء المتصاعدة من مطابخ قصر المرادية.
وعندما مرض الرئيس ترك شرعية الولاء خلفه تتجمع في معسكر وتحارب بشراسة لخلافته,ولهذا فلا عجب أن تكون الحياة السياسية ملغمة الآن,من جهة هناك ألغام الرئيس في كل المواقع وهي ستعارض أي مرشح خارج معسكر مؤسسة الرئاسة,هي ألغام أكاديمية وديبلوماسية وإدارية وعسكرية ومالية نسجت مايشبه الكيان القوي, وهي تدفع بمرض الرئيس نحو الأمام لتقترب من الإنتخابات الرئاسية القادمة, وحينها تنفذ مخططها للتوريث وسترشح أحد الرجال من معسكرها ليحفظ ويحافظ على المصالح.
لهذا فهم يعارضون تفعيل الدستور لنقل الحكم من الرئيس إلى شخص آخر, وهو ماسيفقدهم هامش المناورة والتجنيد لفائدة مرشحهم للرئاسيات.
إن ألغام الرئيس هذه تعقد أية تسوية للعبة الحكم في الجزائر أو فتحها لباقي الجزائرين خارج ديوان المطبلين الذي يسخنه أمثال بلعياط وبلخادم وبوقطاية, كم أن الولاة ورؤساء الدوائر والقضاة ورجال الأعمال والضباط والإعلاميين المنتمين إلى معسكر الرئيس يشكلون عقبة كبيرة أمام كل جنرال أو سياسي يريد التخلص من إرث الرئيس ويعود بالجزائر إلى أحضان الشرعية الأمنية.
وهذا ما قصدته بتغير حدث في مواقع إتخاذ القرار منذ مجيء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم. إن كاسحات الألغام المضادة لمعسكر الرئيس لا زالت متموقعة في مراكز قوى تقليدية,لها قوتها وهيبتها ولها رأيها ومرشحها كذلك,وهم يحكمون بالشراكة وبالتوازنات مع معسكر الرئيس حتى الآن, وإن كان الرئيس بوتفلية قد لعب بدهاء لإقتطاع جزء من قوتهم لصالح معسكره.
إنهم يلعبون مقابلة حامية الوطيس ضد فريق الرئيس وقد يسجلون أهدافا كما فعلوا في قضية نهب سوناطراك وفي تسيير ملف مرض الرئيس,لكن يبقى أهم سؤال وهو إلى أي مدى سيتمكنون من تفكيك وتحييذ ألغام الرئيس؟ وهل ستساعدهم فرنسا أم أن هولاند يكون قد حسم أمره وأبرم صفقته مع أحد الفريقين على طريقة الدعم لمن يدفع أكثر؟؟.

أحسن بوشة