مقالات

فنّانونا بين إرهاب السياسة وإرهاب الطرقات !

حين فكرت في أن أكتب هذا المقال ، قلت لنفسي أي شيء مختلف قد يمكنني أن أكتبه عن رحيلهم، فكرت! ترددت !، كتبت بعض الكلمات لكن في النهاية كان ذلك غير ملائم في رأي! إذن دقائق قبل موعد النشر مزقت مقالي وكتبت مجددا ! فيما سلم الفن من تبعات تصفية حسابات السياسة في الجزائر خصوصا إبان العشرية السوداء التي غدرت بملك الراي العاطفي الشاب حسني الذي اغتيل أمام بيته عام 1994 ولا ندري حتى الآن من قتله هل الإسلاميون أم السلطة و كذلك المغني الأمازيغي معطوب الوناس في 1998م وغيرهم هاهي حوادث المرور تتبع الأسرة الفنيّة ولا تزال مصائبها تلمّ بها من حين إلى آخر من أجل تغييب نجومها التي آن لها أن تأفل مع تجاوز السرعة المسموح بها في طريق الفن !!!!
فقبل خمسة عشر سنة غادرنا عاشق القطط ومتألق من متألقي الطابع الشعبي الفنان كمال مسعودي، ذاك الفنان الذي شهد له بتواضعه وبساطته وصدقه واستقام أغانيه التي كانت دائما تعبر عن تجاربه في الحياة …شمعة كمال التي كان يتغنّى بها انطفأت ذات مساء إثـــر حادث مرور بالعاصمة ، وكان آخر ما قيل عنه ردّه عن سؤال المنشط المطرب سيد علي دريس حول حفظ أغاني الحاج العنقى بأنّه من الأفضل له حفظ آيات من القرآن الكريم يجدها ذخرا له يوم القيامة ! عميد الأغنية الشاوية علي ناصري الملقب بــكــاتشو هو الآخر غادرنا قبل خمس سنوات إثر حادث مروري بباتنة أيام فقط بعد إقامته مهرجان جميلة ، كاتشو أيضا رسمت له مسيرته الفنية حبّ الجزائريين ورضاهم عن أغانيه المحترمة ، كيف لا وهو من قرر اعتزال الغناء بعد عودته من الحج في 2005 كما أن الإعلام كتب عنه وصيته لأولاده بعدم الاتجاه نحو الغناء كيف لا وهو من أدى صلاة العصر وكان متجها إلى بيته لمشاهدة مباراة المنتخب الوطني … و ليس ببعيد عن أول أمس فقط غيّب الموت نجم الراي الجزائري الشاب عقيل الذي كان متجها إلى المغرب في حادث مروري آخر يهز مشاعر الأسرة الفنية ! طريقة موت الشاب عقيل لا تختلف عن سابقيه من حسني ومعطوب كمال و كاتشو وغيرهم خاصة أولائك الذين غنّوا عن الوطن بصدق إلا أن ما كتبه التاريخ له كان مختلفا تماما، فإن كان قد ألبس فنانّي العشرية لباس الاغتيال و شكر لكمال آخر ما قال، وزكّى لكاتشو آخر ما وصّى به، فلن يجد لعقيل ما يشكره على ما نوى وهو متجه لإحياء حفل فنّي صاخب بقصر النجوم إلا أن يدعوا له ولفنانينا بالرحمة والمغفرة.

جمال الدّين بوشة