مقالات

تغيير من الأسوأ إلى الأسوأ!

كتبت إحدى الصديقات الليبيات على جدارها الفايسبوكي رافضة لأشكال الظلم والفساد التي تبعت الثورة الليبية وخصوصا المعاملة الخاصة التي يعامَل بها سكان سرت في ظلّ حكومة علي زيدان قائلة : “وهل نحن هنا السبعين ألفا المبشرين بالجحيم !؟ و الممنوعين من السفر إلى الفردوس، الغير لائقين للانخراط في ركب “الشهادة”، فقط لأننا نحمل فصيلة الدم “سرت” جردوا أرواحنا حتى من حقها في النوم بسلام…” إلى أخر ما قالت.
كما كتبت إحدى السوريات المواليات للأسد ورافضة الأوضاع التي آل لها العالم العربي: ” أنـا علوية أنـا سنية أنـا درزية أنـا شيعية أنـا إسماعيلية وبالنهاية أنـا مسلمة دعونا نكُن كالبنيان المرصوص يا إخوتي العرب في وجه أمريكا والصهيونية في وجه الاستعمار وندافع عن كرامتنا وأرضنا وعرضنا وننسى طوائفنا وتفرعاتنا ولنتذكر معاً شهادة أن لا اله إلا الله ومحمد رسول الله!” أُعْجِبَ بكلامهما من أُعجب و علّق من علّق فيما اكتفيت أنـا بالصمت التزاما بقول نبيّنا “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت”!
فالأولى مرهونة بتبعات الثورة الليبية المجيدة التي حولت ليبيا إلى خراب وهاهي اليوم تتساءل عن هذا الانقسام والشتات والتمييز الذي أرجعت تهمته للدين وتبعاته وأما الثانية فهي تريد القيام بتحدٍّ ضد الفوارق الدينية و السياسية التي قست الأمة العربية إلى طوائف… ولأنني لا أفقه في السياسة شيئا سوى الخضوع للنظام والصمت وعدم الكلام، ولا في الدين أيضا سوى وجوب طاعة المحكوم للحاكم وعدم الخروج عنه وإلا فأنا كافر كفرا مخرجا من الملّة…
يبقي الصمت من فضة إن كان كلام هؤلاء من ذهب، نعم أنا ألتزم بما علموني إياه! في النهاية أنا أعلم أنّ ما يقوم به العالم العربي اليوم بين رهان الاحتجاجات المطالبة بالحرية والديمقراطية وتحدي الأنظمة لن يكون إلا نقمة على كلاهما آجلا أم آجلا، فالشعب الآن يعيش حالة من الهستريا التي ربما هي أكثر ضررا لدى حكّامه وولاة أموره في النهاية نحن أمام معادلة مستحيلة الحل، نريد تغير الأسوأ إلى الأسوأ منه مع فقدان القليل مما نملك ، ومع هذا فنحن لا نعلم بالعواقب الوخيمة التي تنجر عن هذه الثورات الأهلية المصحوبة بتيارات غربية إسرائيلية ! هذا وإن كانت الجزائر، تونس، اليمن ومصر قد نجحت ولو نسبا في تخطي العقبة واحتمال الوضع!! فغليان الشارع العربي لا زال يبعث بإنذاراته لرؤوس الفساد في كل بلد و شبر من ترابنا العربي العزيز وربما ينتقل الأمر إلى الدول المجاورة من القارتين الأسيوية والإفريقية فمن بلاد الشام إلى تركيا ومن ليبيا إلى مالي …
وهكذا ستظل رياح الربيع تبعث بما لا تشتهيه سفن الفساد من عواصف المطالبة بإسقاط النظام وعواطف دعمه، بطبيعة الحال لن تصل هذه الرياح إلى بلاد الجنّ والملائكة ولا بلاد العمّ سام ولا العاصمة المزعومة تلّ أبيب لأنّه في النهاية لن يكون صراع العرب فيما بينهم إلا خدمة لأولئك الذين تربّصوا ولا زالوا يتربّصوا بهم حتى الهلاك.

جمال الدّيـن بوشـة