سياسة

التعليم في الجزائر بين إهمال السلطة والقائمين عليه وإعراض اولياء الأمور !! محمودحمانه

-تمخضت إمتحاناتشهادتي التعليم المتوسط والثانوي كغيرها من الشهادات الأخرى على نتائج كارثية.
-كان الأمر سيكونعاديا لو أن معدل الرسوب جاء، كما جرت العادة ،بنسب معقولة،ولكن أن يتعرض الطلابلإنتكاسة،فهذا امر يتطلب الوقوف عنده والتبصر فيه والبحث في اسبابها كموضوع اراهمن الأهمية بحيث يستحق اكثر من مجرد الإستنكار عابر ولكننا تعودنا أن نتناولالقضايا المصيرية بكثير من اللامبالاة وأن نمر عليها مرور الكرام كغيره من المواقفالحاسمة الأخرى وكأن الأمر لا يعنينا.
-السبب يكاد يكونمعلوما لدى العام والخاص وهو أن الإضراب الذي قام به الأساتذة على مدى ما يربو علىالشهرين كان له آثاره المدمرة هذه المرة كي لا يتحجج المضربون بعدم رغبة الطلاب فيالتحصيل العلمي للتقليل من وقع المصاب،وهي الذريعة التى يلجؤون اليها للتهرب منمسؤولياتهم في كل مرة يشعرون فيها بتقصيرهم في حق الأجيال القادمة وفي حق الوطنوالأمة لأن مسؤولية المعلم كمربي تبقى قائمة في جميع الأحوال كونه تقع على عاتقهمسؤولية ترغيب الطالب في التعلم كما كان الحال عليه ايام كان الرجال رجالا يحركهمالرادع الأخلاقي والضمير الحي وشعورهم بأنهم مدينين لهذه الأمة بما وصلوا اليه منمقام علمي وإجتماعي.وهو الإحساس تفسه الذي نلمسه كما لمسناه في الماضي حتى عندأعداء الأمة من الغزاة والمستعمرين الذين يفرقون بين الإعتبارات الشخصية وبينمسؤولياتهم الأخلاقية كمربين لديهم رسالة كونية مقدسة لابد من إيصالها لمستحقيهامهما تجشموا من عناء وركبوا من اخطار ولاقوا من معاناة وجحود…
وإذا كان عزوفالطلاب عن الدراسة النتيجة الحتمية والطبيعية لجملة من العوامل السياسية والأكاديمية،فقدزاد الإضراب المفرط الذي اصبح البديل عن قيام المعلمين بواجباتهم المهنية الطينةبلة وكأن الطالب في حاجة للمزيد من العوائق،إذ يكفي أن نعود للمناهج التربوية وكيفأعدت ولأي غرض كي ندرك بأنه ضحية السياسة التعليمية القائمة على تخريب العقلوتغييب الضمير ودمار الأخلاق وفساد الهمة وضياع الذمة وخراب الأمة ،في النهاية قبلأن يحاسب على مسؤوليته فيما وصل اليه وعلينا أن نعامله على هذا الأساس.
موقف الوزارة الوصيةساهم بشكل كبيرفي تضخيم المأساة والرفع من معاناة الطلاب في صورة التعليماتالصادرة من قبلها والقاضية بالتشديد في أسئلة الإمتحانات للرفع –على حد زعمها-متنمستوى التعليم الذي أصيب في الصميم على مدى عدة عقود بسبب الأضرار الناجمة عنالتذبذب المتعمد للمناهج،وذلك دون إعداد الطلاب الإعداد الذي يتناسب وهذهالتعليمات والتعديلات المتكررة في كل سنة دراسية ويمكنه من مواجهتها دون متاعب.فلمامامهم من سبيل سواء اللجؤ للعنف للتعبير عن نقمتهم تجاه عدم تفهم المسؤولينالقائمين على القطاع لوضعهم والصعوبات التى يواجهونها لمتابعة الدروس بعد توقف عنالدراسة لمدة شهرين متتاليين.
ومن هنا يتضح أنالطلاب ضحية الصراعات السياسية والإجتماعية في مجتمع يدين الضحية ويعفو عنالجلاد،بين الوزارة الوصية وهيئة التدريس التى ارأ بها أن تتحول لمعول هدم فيمتناول السلطة دون وعي منها وهو امر غير مقبول لأنه من المفروض أن يبق قطاعالتربية خارج هذه التجاذبات وأن تراع وضع الطلاب عند إتخاذ اي قرار غير مدروس لأنرفع المستوى لا يكون بهذه الطريقة بأي حال من الأحوال،كما أنه ليس من الحكمة أنتعالج المشاكل بتوظيف الحسابات الشخصية خاصة حين يتعلق الأمر بقطاع يقوم عليهمستقبل الأمة وأن المرونة التى أدخلتها الوزارة على تلك التعليمات للتخفيف منوطأتها وإمتصاص غضب الطلاب بإعتماد علامة 9من 20 كمعدل للنجاح فيه من الإساءة لهماكثر مما تسببت فيه التعليمات نفسها بإعتبارها جزأ من الحلول الترقيعية التىالفتها السلطة في غياب ديناميكية تعليمية رشيدة ولا تقل خطورة عن تداعيات الإضرابكونها تجعل الطالب يثق في قدراته ومؤهلاته الوهمية،وهو امرا غير مرغوب فيه نتظرالتدعاياته المستقبلية على مساره التعليمي والوظيفي من بعد…
نحن لا ننكر حقالأستاذ في اللجؤ للإضراب حينما يشعر بأن هناك غبنا في حقه وذلك كوسيلة تأتى فيالمقام الأخير لتحسيس السلطات لقضاياه وحين إنسداد ونفاذ كل الاسبل القانونيةالأخرى مع مراعاة الحد الأدنى للخدمات المنصوص عليه قانونا وهو ما لم يتم العملبه.
ولكن الملاحظ هو أنالمضربين وجدوا في الإضراب هذه المرة سندا قانونيا للتهرب من أداء واجباتهمالوظيفية وهو التصرف المعتاد لديهم حتى قبل طرح مشاكلهم المهنية،إذ كثيرا ما سمعناعن معلمين واساتذة يستغلون اوقات الدوام الرسمي لتسيير اعمالهم التجارية على حسابمستقبل الطلاب،ثم يعودون للمطالبة بما يسمونه”مستحقاتهم المالية”وأنااتسآل عن أي مستحقات يتكلمون وتحت اي بند يمكن إدراجها في غياب إنجاز الخدمة التىتبررها عملا بمبدأ المحاسبة المالية المعروف؟
هذا التفريط ليستقصيرا في القيام بواجباتهم التى وظفوا من أجلها فحسب،بل يبين الى اي مدى أصيبتالأخلاق وأنه لم يعد هناك مجالا للقيم التى كثيرا ما تغنوا بها.وإذا كانوا قدتمكنوا في تصورهم من لي ضراع السلطات وإجبارها للإذعان لمطالبهم،فهذا في الحقيقةليس إنتصارا لأن السلطات نفسها أقل إكتراثا بمستقبل الطلاب والتعليم وتتعمد تعفنالأوضاع داخل المؤسسات النربوية كإستراتيجية لديمومة النظام السياسي القائم بعدالرعب الذي ادخله الربيع العربي في نفوس صقور المؤسسة العسكرية الحاكمة ونسفالطمأنينة التى ظنوها ابدية لإعتقادهم المخطئ في أن الشعب وصل لمرحلة بات فيهاعاجزا عن النهوض من جديد.
صحيح أن التعليم جزأمن ألزمة المتعددة الجوانب التى تعود عليها المواطن منذ عقود ولكن هذا لا يعنى ولايمنع أن نتدخل كي ننقذ ما يمكن إ نقاذه خاصة أن الأمر يتعلق بقطاع هو المؤسس لكلالقطاعات وأن مستقبل البلاد يتوقف عليه وأن اي عثرة تصيبه تأثر بها الأمةكلها.لذا،فإن الأمم ومنها التى نشترك معها في الدين والتاليخ واللغة إستطاعنالقيام من كبوتها لأنها حافظت على الإستقرار داخل المنظومة التربوية وهو ما نفتقراليه في الجزائر مع كل أسف حيث نعاني من ازمة فكر.ولكم أتحسر حينما الاحظ بأنالمطبات التى يقع فيها الطلاب لا تكاد تثير حفيظة أولياء الأمور للتعبير عن قلقهموإنشغالهم لما آل اليه التعليم في بلادنا للذود عن مستقبل أبنائهم الذي لا يقومكما يتوهمون على الخبز والعمل بل على مناهج تربوية سليمة ومواكبة للعصر وللتطوراتتحصن الأجيال ضد تبعات التحديات المطروحة امامهم دفاعا عن الوطن والعقيدة ..
كنت سألقي باللائمةعلى المجتمع او ما يسمى”بالمجتمع المدنى” ولكننى عدلت عن رأي وقد تذكرتبأنه لا وجود لهذا او ذاك وإنما مجموعة من الناس يعيشون ليومهم وقد إنقطعوا عنالزمان إنقطاعا كأنه ليس لهم امس ولا غد وأن الأمور في البلاد تسيرها رحمة اللهتعالى الذي نسأله ونحن على ابواب الشهر الكريم أن يحفظ ما تبقى لنا من أخلاق وهمةورجولة…
محمودحمانه،موظف

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق