سياسة

عودة بوتفليقة لن تنهي الازمة في الجزائر

توقيت عودة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد غياب 12 اسبوعا، كان مفاجئا للجميع، بمن في ذلك رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك السلال الذي اضطر لقطع زيارته الى مدينة تيزي وزو، والعودة للعاصمة على متن مروحية. الاشارات الوحيدة لعودة الرئيس كانت من خلال الانتشار الامني في مطار بوفاريك، ونشر الحواجز الامنية ودوريات الشرطة والجيش وعناصر الامن الرئاسي على طول الطريق للمطار.
لا يبدو الرئيس بوتفليقة قادرا على استئناف مهامه فورا، فالصور التي تم بثها، اظهرته جالسا على كرسي متحرك مع المسؤولين في الدولة بقاعة الشرف في المطار، ولم تظهر صوره لدى نزوله من طائرته الخاصة. وكما قال بيان الرئاسة فان بوتفليقة عاد ليستكمل فترة الراحة واعادة التأهيل، ومن المتوقع ان يكون احضر معه فريقا طبيا واجهزة خاصة للتأهيل الوظيفي.
حالة الرئيس المرضية حددت الخيارات التي يمكن ان يتخذها، فالسيناريو الاول في هذه الحالات في العالم، هو ان ينسحب الرئيس من الحياة العامة بهدوء، ويعلن عجزه عن مواصلة مهامه، ويتم تنظيم رئاسيات مسبقة من خلال تطبيق المادة 88 من الدستور.
هذا السيناريو يبدو مستبعدا، والسيناريو الثاني، هو ان يتدخل الجيش ويستلم السلطة ويسلمها لشخصية مدنية تحظى بالقبول على غرار ما حصل في مصر مؤخرا، لكن تجربة مصر وما تبعها من سلبيات من جهة، اضافة الى النتائج السلبية التي نتجت عن تدخله السابق عام 1992 من جهة اخرى، تجعل هذا السيناريو مستبعدا ايضا.
ـ السيناريو المتوقع تطبيقه هو استكمال الرئيس بوتفليقة فترته الرئاسية الى موعد الانتخابات المقبلة في نيسان/ابريل 2014، وتقليص نشاطه الى الحد الادنى. الاشكال في هذا السيناريو هو في ما سينجم عنه من بطء في وتيرة العمل في الدولة، خاصة ان كل القرارات الوزارية يجب ان تمر على الرئيس، وذلك بعد ان نزع الصلاحيات من رئيس الوزراء واستحوذ عليها. فقد باتت التعيينات في السلك القضائي، والترقيات في صفوف الجيش والامن، وتعيين السفراء والقناصل، وغيرها من القرارات الهامة مؤجلة لانها تنتظر توقيع الرئيس.
من الامور المتوقع الغاؤها نتيجة مرض الرئيس، مشروع الدستور الجديد، حيث من الصعب عرض الدستور على استفتاء شعبي، قبل اشهر معدودة من الانتخابات الرئاسية، ولن يكون من الحكمة تمرير التعديلات من خلال مصادقة البرلمان فقط.
رغم هذه الصعوبات، الا ان فريق الرئاسة يفضل هذا السيناريو، فعودة الرئيس الآن تعطي الفريق الرئاسي الوقت الكافي لترتيب امور الانتخابات وتهيئة مرشح يشكل استمرارية لفترة بوتفليقة، بعد الفيتو على ترشيح شقيقه السعيد بوتفليقة. وتتجه الانظار الى ترشيح رئيس الوزراء الحالي عبد المالك السلال ورئيس الوزراء الاسبق عبد العزيز بلخادم.
هذه الفترة ستترافق مع مواصلة سياسة الاغداق بالصرف من خلال تنفيذ مشاريع استثمارية مبرمجة منذ فترة واستمرار منح التعويضات والمنح لموظفي القطاع العام، رغم حساسية الوضع المالي اثر تراجع مداخيل الجزائر 20 بالمئة هذا العام بسبب تراجع الانتاج النفطي والغازي.
هذه السياسة الاقتصادية، اضافة الى تراجع الحضور الدبلوماسي والسياسي على الساحتين الاقليمية والعالمية سيضعان ضغوطا كبيرة على اي رئيس بالمرحلة المقبلة.
اليوم، النظام الجزائري يمر بازمة، والاشراف المزمن للعسكر على النظام وادارته استهلك نفسه بشكل لم يعد قادرا على التجدد، فالآليات الدستورية تخضع للتسويات التي يتوصل لها الجيش. وهذه الازمة لا يوجد لها حل على المدى القصير ولا الطويل. وهذا ما يجب ان تتصدى له الجزائر بعسكرييها ومدنييها.
http://www.alquds.co.uk/?p=64092

كلمات مفتاحية

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق