سياسة

عسكر للبيع

أيُعقل أن يتصرف كبار قادة العسكر من المجموعة الانقلابية بهذا السفه مع قدرة عجيبة على تدمير البلد وتقسيم الشعب وإضعاف الجيش والفجور في الخصومة؟

الانقلاب العسكري كشف لنا حقيقة بعض القادة المسيطرين على الجيش المصري: سفالة وطيش وانحياز أعمى وتقسيم للبلد وحقد وعمالة، فهم صمام أمان الكيان الصهيوني وخيرة جنوده وحماته، وهم اللاهثون وراء المال الحرام، يبيعون مستقبل البلد لمن يغدق عليهم أكثر.

ظننا أن الكنز الإستراتيجي للكيان الصهيوني (المخلوع مبارك) قد رحل، فإذا بالانقلاب يكشف لنا عن حقيقة مذهلة: بعض كبار قادة الجيش المصري تجاوزوا “الكنز” بمراحل، إنهم أدوات إسرائيل في تحطيم مصر وتركيعها، ويبقى أنه (مبارك) “صاحب الفضل” في زرعهم.

لسنا بحاجة بعد اليوم لخبراء ومراكز دراسات صهيونية ليكشفوا لنا مدى ما تحقق لإسرائيل من فتح عظيم بهذا الانقلاب، تكفينا متابعة مسلسل العار، وأعني به طريقة إدارة الانقلابيين للحكم في مصر..

الانقلابيون مستعدون للتضحية بمؤسسة الجيش برمتها والبلد بكامله حفاظا على مصالحهم وامتيازاتهم ونفوذهم وثرائهم، إنهم أشبه بعصابة خطفت بلدا ورمت به في نفق مظلم.

والمطلوب ثوريا ليس إخراج الجيش من المعادلة السياسية وحسب، بل وإخراجه من البنية الاقتصادية لمصر، وفك الارتباط بينه وبين عالم المال، حيث تضخمت صناعاته وتجارته وصار ليس منافسا للقطاع الحكومي والخاص وحسب، بل وأكثر فعالية وتأثيرا في معاش الناس، وهذا أحد أهم أدوات طغيانه وسيطرته.

كما إنه ليس هناك ما هو أخطر على الجيش (داخليا) من المخابرات، تورده مهالك الحرب على الإرهاب ترعبه ترقبه تفزعه تضلله وتسوقه في الأخير.

وهذه حقيقة مرة، عندما يمسك قادة المخابرات بناصية الجيش، فسترى منه ما يسوء كل حر شريف، يتعمدون تحقيره وإذلاله وإهانته وتحويله إلى مؤسسة تابعة، ولم يكره كثيرون في شعب مصر جيشهم، أو بالأحرى قادة المؤسسة العسكرية، مثل هذه المرة، وتحديدا منذ تدخلهم للإطاحة بالرئيس مرسي.

ولأمر ما عين مبارك المخلوع السيسي مديرا للمخابرات الحربية قبل فترة، فهو ولي نعمته الذي مهد له طريق الصعود “المدوي” و”المريب”.

والناصريون مولعون بتقديس القوات المسلحة (فزعيمهم كان انقلابيا عسكريا) ولا يرضون بهم بعيدا عن السياسية، ولم يحكم مدني منهم بلدا عربيا.

والسياسيون اللبراليون (الإقصائيون) فاشلون خائنون للحرية والديمقراطية لا امتداد لهم شعبيا، فلا يحكمون إلا على ظهر دبابة..

والأسوأ من هذا وذاك، أنهم ظلوا لعقود من الزمن فوق النقد والمحاسبة والمسائلة، حتى صار من يتعرض لبعض قادتهم مصدر تهديد للأمن القومي، وفساد بعض أوساطهم، بما أضر كثيرا بالوضع في سيناء، بعيد عن الكشف والتحقيق.

واستبد هذا الشعور بكثير من الثوار والقوى السياسية بكل توجهاتها، فكان منهم أن رضوا بالمجلس العسكري حاكما لسنة ونصف، بعد أن استلم التكليف من مبارك المخلوع، ليعيدوا دولته بعد الإطاحة بمرسي، وكانت هذه سذاجة وسطحية وقلة وعي لا تُمحى من تاريخ ثورة مصر.
http://alasr.ws/articles/view/14486

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق