سياسة

”الأسواق الباريسية” في خيال الحكومة فقط!

الباعة الفوضويون يعودون إلى الشارع
”الأسواق الباريسية” في خيال الحكومة فقط!
شهر رمضان يشرف على نهايته ولم يسعف الجزائريين الحظ لاقتناء ولو مرة واحدة كيلوغراما من البطاطا من الأسواق الباريسية التي وعد بها وزير التجارة والوزير الأول، ما عجل بعودة ظاهرة الباعة الفوضويين واحتلالهم مجددا بعض الأرصفة، وأدى أيضا إلى تجدد المواجهات في بعض الأحياء التي تطبق فيها بصرامة تعليمة منع البيع على الأرصفة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تغض السلطات العمومية الطرف عند عودة الطاولات للانتصاب، حتى إذا اطمأن أصحابها بها تدخلت لإزالتها بالقوة؟
ملايير صرفت لإنشاء فضاءات “خاوية على عروشها”
الحكومة تفشل في القضاء على التجارة الفوضوية
لم تتمكن الحكومة من طي ملف القضاء على التجارة الفوضوية بشكل نهائي، بعد مرور أشهر على تطبيق المخطط الميداني، وعادت العربات والشاحنات لتحتل الأرصفة والطرقات قبل وخلال شهر رمضان. كما تحولت الفضاءات التجارية التي استحدثتها البلديات إلى مجرد بنايات خالية من المواطنين بسبب سوء التخطيط للنشاطات التجارية التي تضمها أو لكونها في مناطق شبه معزولة.
تعيش أغلب المدن وفي مقدمتها الجزائر العاصمة وقسنطينة وعنابة ووهران حالة كر وفر بين التجار الفوضويين ومصالح الأمن، بعد عودة المئات منهم إلى النشاط بسبب غياب الحلول الاستعجالية التي وعدت بها الحكومة. ووجدت مصالح الأمن نفسها أمام حرب شوارع بسبب المطاردة اليومية وحجز البضائع التي يعرضها هؤلاء، خصوصا ما تعلق بالخضر والفواكه والمواد الغذائية والألبسة.
ويرى متتبعون لملف القضاء على التجارة الموازية أن “الحكومة فشلت في احتواء الوضع، بالنظر إلى أن الملف مقسم بين وزارة التجارة ووزارة الداخلية، خصوصا على مستوى البلديات التي وجدت نفسها في مواجهة ملف شائك نظرا إلى مشكلة نقص العقار”.
وغابت “الأسواق الباريسية” التي وعدت بها السلطات لتكون الفضاء الذي يجمع التجار من أجل عرض بضائعهم في فضاء مفتوح في الأحياء، يكون منظما بالشكل الذي يسمح لهم بعرض ما يلزم في وقت محدد، وتكون العملية مؤطرة من طرف المصالح البلدية.
وفي الوقت الذي يتفاءل فيه وزير الداخلية والجماعات المحلية بسير العملية، قائلا إن “ القضاء على الأسواق الفوضوية وتعويضها بأسواق جوارية مغطاة فاقت ﻧﺴﺒﺔ 90% ﻣﻦ من الأهداف التي سطرتها وزارة اﻟﺪلداخلية بالتنسيق ﻣﻊ مع وزارة التجاﻟﺘﺠﺎرة”، يعكس الواقع معطيات مغايرة تماما، حيث لا تزال هذه الأسواق الجوارية التي صرف عليها الملايير بعيدة كل البعد عن دورها المطلوب، ولا توفر ما يلزم للمواطنين، وتعرض في أغلبها منتجات هو في غنى عنها، وأصبحت هذه الأخيرة خاوية على عروشها ولا تلبي الهدف المطلوب منها على عكس ما يصر عليه دحو ولد قابلية.
وبلغة الأرقام فإن وزارة الداخلية أحصت 2500 نقطة بيع سوداء تشغّل 200 ألف شخص، وهو ما جعلها تخطط للقضاء على هذه الظاهرة التي نتجت عنها عدة ظواهر سلبية في المجتمع، ما حول المدن إلى “بازار” كبير. كما تتكبّد خزينة الدولة خسائر كبيرة تقدّر بـ400 مليار سنويا بسبب التجارة الموازية. وعلى الرغم من رصد 47 مليار سنتيم كميزانية خاصة بإنشاء أسواق بالجملة للخضر والفواكه منذ 2009. ومع أن الأرقام الرسمية تتحدث عن إحصاء أكثر من 2 مليون تاجر شرعي، كان ينشط أغلبهم ولا يزال في بيع المواد الغذائية وبيع الملابس.
وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية كشف عند انطلاق حملة القضاء على التجارة الموازية أن “امتصاص التجارة الفوضوية لا يعد عملية ظرفية ولا عملية لاستعمال القوة”. مضيفا يومها بأن النشاطات التجارية ستصبح تمارس على مستوى “فضاءات مرخص لها” وأن كل التجار الفوضويين سيستلمون في مرحلة أولى “تراخيص لممارسة نشاط تجاري”، وبإمكان نفس التجار في مرحلة ثانية أن يتحصلوا على سجل تجاري”، لكن ذلك لم يحدث وظلت وعود الداخلية والحكومة مجرد حبر على ورق بعد مرور أشهر طويلة على انطلاق العملية، وأحست بأن الملف ثقيل وهي عاجزة عن تسييره كما يجب وفي الظرف المحدد.
http://www.elkhabar.com/ar/watan/347456.html
بعد هدنة دامت بضعة أشهر
عودة المواجهات بين التجار الفوضويين والأمن

تعرف العديد من المساحات التجارية الفوضوية ببلديات العاصمة حالة من الفوضى نتيجة عودة الباعة غير الشرعيين إلى نشاطهم بالأسواق التي تم إزالتها قبل رمضان، ما أدى إلى حدوث مواجهات بين هؤلاء التجار ومصالح الأمن التي ترابط ببعض الأحياء كبلوزداد وباش جراح وباب الوادي وميسوني وغيرها، يحدث هذا في الوقت الذي غضت فيه النظر على أسواق بلديات أخرى حيث يزاول التجار نشاطهم بطريقة عادية.
عاش السوق الفوضوي لحي الديار الخمس ببلدية المحمدية، مشادات عنيفة بين مصالح الأمن وبعض الباعة الفوضويين مساء أول أمس، بسبب إقدام رجال الأمن على طرد الباعة من أمام واجهة أحد فروع المركز التجاري “الربيع” الكائن بذات الحي، حيث رفض الباعة جمع سلعهم ومغادرة المكان الذي اعتادوا ممارسة نشاطهم فيه باعتباره مصدر رزقهم الوحيد في غياب البديل، ولكن إصرار مصالح الأمن على طردهم وحجز سلعهم حوَّل السوق إلى ساحة اشتباكات بين الطرفين، الأمر الذي استدعى حضور قوات إضافية للأمن التي قامت بفض النزاع وطرد كل الباعة من المكان. نفس الحال شهده سوق باش جراح، حيث حاول التجار العودة إلى نشاطهم بعد الإفطار لكن مصالح الأمن تصدت لذلك، الأمر الذي نتج عنه وقوع مشادات بين مصالح الأمن والتجار، استعملت فيها القنابل المسيلة للدموع من أجل تفريقهم، كما تم تسجيل حالات من الجرحى والإغماءات وسط المارة بالطريق، ليتطور بعدها الوضع إلى قطع للطريق وتراشق بالحجارة بين التجار ومصالح الأمن.
وخلال الجولة التي قادت “الخبر” إلى سوق باب الوادي الذي يعرف انتشارا كبيرا لعناصر الأمن الذين يمنعون التجار من عرض سلعهم، قال أحد التجار إنهم تلقوا تطمينات من قبل الجهات المحلية بالسماح لهم بمزاولة نشاطهم في العشر الأواخر من رمضان، غير أن ذلك لم يجسد بعد، وأشار ذات المتحدث إلى أن عناصر الأمن تنتشر بعد الإفطار مباشرة إلى غاية الرابعة صباحا، ونفس الصورة بسوق بلوزداد وميسوني، حيث يتواجد الأمن بقوات كبيرة من أجل منع عودة هؤلاء إلى نشاطهم. على عكس كل هذا تماما، فإن الأسواق الأخرى ببلديات كل من براقي والكاليتوس وباب الزوار وبرج الكيفان وجسر قسنطينة وأسواق أخرى تعرف عودة هؤلاء الباعة لنشاطهم في صورة عادية، حيث عادت التجارة إلى سوق براقي كسابقها ونفس الشيء بكل من أحياء متاريس وأولاد الحاج، وسوق 1600 مسكن حي عدل ومدخل مدينة الكاليتوس، وقد أصبحت كل هذه الأماكن تعرف انتشارا رهيبا للباعة الفوضويين الذين حولوا الطرقات إلى أسواق مفتوحة، متسببين في زحمة واكتظاظ كبيرين، بالإضافة إلى المناوشات الكلامية والمشادات.
وعادت هذه التجارة الموازية لأسواق كل من عين النعجة بجسر قسنطينة ودرقانة ببرج الكيفان وصوريكال بباب الزوار، حيث احتل الباعة جميع الأرصفة، وقد أجمع هؤلاء التجار بأن “فشل السلطات في إيجاد حل لهم دفعهم إلى العودة، بالإضافة إلى تأخر مؤسسة باتيميتال في إنجاز السواق التي وعدت بها”.
http://www.elkhabar.com/ar/watan/347459.html

كلمات مفتاحية