سياسة

اردوغان، الربيع العربي والعرب وهاجس عودة الخلافة.!!محمود حمانه

اردوغان، الربيع العربي والعرب وهاجس عودة الخلافة.

من يقرأ عن مناقب وإخلاص رئيس الوزاء التركى رجب طيب اردوغان لوطنه وشعبه وحرصه على الدفااع على الإسلام والمسلمين في جميع انحاء الدنيا ويذود عن العرب نيابة عن قادتهم ،يتسآل هل اردوغان هو العربى الأكثر عروبة من هؤلاء وما هو السر الذى يجعله يشعر بهذا الإلتزام المفرط حيالهم؟فالبطولة والشهامة والرجولة لا وطن لها ولالون ولا جنس ولا عنوان.فكما كان صلاح الدين الأيوبى عظيما فحرر بيت المقدس من دنس الصليب،عاهو اردوغان يقدم اليوم النموذج الذى لاترغب فيه الأنظمة العربية العميلة القائمة على الخيانة والتى في تصرفات اردوغان المثل السيئ كونه عراها امام شعوبها واقام عليها الحجة بأن البعبع الغربى الذين ظلوا يضخمون في فكر الشعوب لعقود طويلة يتهاوى وبمكن إسقاطه بفضل عزيمة الرجال.
اردوغان كان الوحيد من بين زعماء العالم المسلمين وغير المسلمين منهم الذى يعث بوزير خارجيته الى بورما ليقف على احوال المسلمين فيها الذين يتعرضون الى حملة إبادة ممنهجة والتصفية العرقية على يد البوذيين تحت حراسة الشرطة والجيش والذى طرد اعضاء البعثة الدبلزماسية لبورما من انقرة كأول رد فعل على حملات التقتيل فيها بل وذهب الى ابعد من هذا حينما هدد بورما بحملة عسكرية إذا لم تتوقف السلطات عن جرائمها.
وهو الذى وبخ بن يامين ناتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى اثناء زيارته لتركيا قبل ما يقرب من العامين على الوحشية التى يتعامل بها الجيش والمستوطنون المسلحون مع سكان قطاع غزة كنوع من العفاب كونهم إختاروا التيار الإسلامى الذى تمثله حماس فى اول إنتخابات شهدوا هم بنزاهتها ولكنهم إنقلبوا على الديمقراطية التى ظلوا ينادون بها وملؤوا الدنيا من اجلها ضجيجا وجلبة حينما لم تأت بما كانوا يتوقعون.
وهو الذى عاب على ساركوزى ايام كان رئيسا لفرنسا على تلكأ الحكومة الفرنسية للإعتراف بجرائم الجيش الفرنسى في الجزائر إبان الإحتلال وذلك خلال اول زيارة له لأنفرة.
وهو نفسه الذى وجه صفعة للبرادعى الذى حاول الإتصال به هاتفيا راقضا المكالمة بحجة أنه وزيرا في حكومة غير شرعية إغتصبت الحكم في مصر.
وهو اردوغان اردوغان ذاته الذى يسعى اليوم لمعاقبة الإنقلابيين في مصر من خلال الجهود التى تبذلها الديبلوماسية التركية النشطة بالضغط على الإتحاد الأوروبى كي يتخذ موقفا جادا من هذه المسألة.وإذ يرافع من أجل عودة الرئيس الشرعى محمد مرسى لا يدافع عن شخص بل يناصر قضية لها ما لها من تداعيات على مستقبل التجربة الديمقراطية في العالم العربى والإسلامى التى بدأ يستعر بعض روادها الخطر الذي يتهددها على ضوء هبة الجماهير في تونس المنددة بالإنقلاب ،وهي الحقيقة التى يتعمدون التكتم عليها.وهو الذى ارسل قافلة المساعدات لغزة ايام محنتها في وقت سارع فيه القادة العرب بالقوف الى جانب اليهود،فأغلقت المعابر وتبادلوا المعلومات الإستخباراتية فيما أصطلح على تسميته بالإرهاب للتضييق على القطاع وتسهيل عمليات القمع والإبادة من قبل اليهود.
هذه المناقب التى لا تصدر إلا عن الرجال والعظماء تشكل في نظر تلك النظم ومن يوالونها من الرعاع وسماسرة الفكر المحسوبين على الليبيرالية والعلمانية والقومية لائحة إتهام تجعلهم يناصيبونه العداء طبعا بإيعاز من الغرب واليهود كونه يشكل الخطر الذى يهدد كيانهم بسبب مناهضته للمشروع الصهيونى ووقوفه الة جانب المستضعفين في الأرض وذلك بحكم طبيعتهم التى تأنف العزة وتركن للعبودية وتعشق التبعية لحد الهوس وتسعى في ظلام الواليس والمؤمرات كما تسعى الخفافيش في ظلام الطبيعة.
الحكام العرب ومن ينتسبون لجمهور المفكرين والمنظرين يكرهون اردوغان لأنه يسبب قلقا دائما لليهود ويقض مضاجع ساستها ويتصرف معهم كما يتصرف الأستاذ مع التلميذ البليد.
اردوغان لا يمثل خطرا على هؤلاء لأنه يرفض الإذعان للغرب بل لأنه وطنى مخلص ومدرك لمدى جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه بسبب الثقة التى وضعها الشعب التركى فيه الذي يعتبر نفسه خادما له لا إمبراطورا عليه.وهذا هو بالذات ما يؤرقهم ويشغل تفكيرهم إذ يخشون من أن تصيب شعوبهم المتعطشة للحرية عدوى الديمقراطية بسبب تعلقها بهذا الرجل.ومن هنا كانت الحملة الشرسة التى شنها ضده الإعلام العربى والجزائري على وجه التحديد الذى حمل تصريح وزير الخارجية مدلسى :”بأن الجزائر ليست في حاجة لمن يعطيها دروسا في الوطنية”.امر غريب والله.. كرد فعل خسيس على الموقف المشرف لأردوغان ضد ساركوزى وكأن اردوغان طعن في الذات الإلهية او أساء الى احد اقاربهم وهو الذى يدافع عن الثورات العربية بفضل نظرته الثاقبة نيابة عن شعوبها وقادتها المشغولين بتبديد المال العام وإنتهاك الأعراض وتكميم الأفواه والزج بالشرفاء في غياهب السجون وتقطيع اوصال الدولة ورهن مستقبل الأجيال إرضاءا لليهود…
وبما أنهم لا يستطيعون التطاول على اردوغان كونهم يعلمون بأن هذه هي الحقيقة وأن ما يقوم به هو بالذات ما تطمح اليه شعوبهم،فقد ركزوا حملاتهم على رغبة تركيا في السعى لإعادة بعث الإمبراطورية الإسلامية من جديد وهو الأمر الذى ما زال يسمح لهم بهامش ولو يسير من المناورة وتظليل الشعوب نظرا للتحريف الذى طال تاريخ الخلافة بسبب إحتكار اليهود للإعلام الذى صور العثمانيون بأنهم دمويون..ورغم أنه لم يصدر عن اردوغان ما يوحى بهذا وأن ما قام به يعود للوازع الخلاقى وما املاه عليه ضميره ،إلا أنها تبقى الوسيلة المتاحة امامهم لتأليب الراى العام العربى والإسلامى عليه لذات الإعتبار.وحتى وإن كان هذا صحيح،ما الضرر من خلافة ستعيد الى المسلمين مجدهم الضائع وللعرب كرامتهم المهدورة وتحرر العقول من العبودية الفكرية والشعوب من نير الإستعمار الجديد؟لأن العبرة ليست أن تعيش في ظل ملكية او جمهورية او إمبراطورية لا تألوا فى مؤمن إلا ولا ذمة وتتآمر عليه ’ولكن أن تشعر بأنك بين ايد امينة تسهر على سلامتك وراحتك ومستقبلك .
وبما ان كل هذا يتعارض مع مصالحهم ،فلن يتاوانوا للنيل منه والكيد له ولا غرابة في هذا،ففى الوقت الذى تنافس فيه ركيا الدول الصناعية الكبرى وتضغط بثقافتها وعلومها وثقلها الإقتصادى وكبرياء شعبها لدخول النادى الأوروبى كشريك في صناعة القرار لا كعميل،يعمل نظراؤه العرب على وأد الثورات وإخماد جذوة الكفاع وكسر عنفوان الشعوب وإجهاض اي حراك تحررى نصرة للصليب وخدمة للمشروع الصهيونى ويخوفون الناس من عودة الخلافة وما يترتب عنها من خنق للحريات في تصورهم لأنهم يعلمون بأنهم سوف يكونون اول المتضررين منها ويغفلون او يتغافلون على أنه تعذر على اليهود إقامة وطن قومى لهم بقلسطين ايام كانت الخلافة قائمة وايام كانت الكيانات العربية الحالية المسماة تهذبا دول جسدا قويا واحدا منضويا تحت راية لا اله الا الله محمد رسول الله.وهذا لوحده كاف كوسام على جبين العثمانيين الذين لم يبيعوا المقدسات مقابل عروش واهية بعد أن سلبهم الغرب الكرامة والرجولة.
وكما قاوموا في الماضى العلماء والمفكرين والشرفاء العاملين على نهضة هذه الأمة ،فنصبوا لهم المشانق بعد محاكمات شكلية وزجوا بهم في السجون والمعتقلات وضيقوا عليهم الخناق تارة بأمر من موسكو وتارة اخرى بإيعاز من الولايات المتحدة ،هاهم اليوم يعادون اردغان لذات الإعتبارات لأن غريزة الخيانة اقوى لديهم من القيم الإنسانية ناهيك على ن يكون لهم وازعا دينيا اصلا.
جنرالات الجزائر قاموا بالدوس على خيار الشعب في 11 يناير 1992 من أجل أن تبق فرنسا هى المهيمنة على الجزائر ولغتها لغة الإدارة وتصريف الأعمال،والملك حسين ظل طيلة حياته ينقل محاضر جلسات جامعة الدول العربية الى السفارة الأمريكية في بلاده ليتم تحويها فيما بعد الى إسرائيل كي تبقى على إطلاع مستمر بما يمكن ان يدبر لها من قبل العرب.
والسيسى لم يشذ عن هذه القاعدة،فقد قام بالإنقلاب على الشرعية في مصر لأنه كان يحز في نفسه أن يرى أبناء عمومته من اليهود يتهددهم الخطر الزاحف عليهم من مصر ما بعد مبارك.فشغل الجيش بالسياسة وأبعده عن الحدود وقدم سيناء على طبق من فضة للكيان الصهيونى كانت اول بوادر هذه الخيانة قتل 04 اشخاص وجرح ما لا يقل عن 10 آخرين على إثر قذيفة أطلقتها طائرة إسرائيلية دون طيار …
وعلى ضوء كل هذه الحداث المأسوية التى تعيشها مصر،بإمكان من وقعوا في فخ الرعب من عودة الخلافة أن يتفلسفوا ما شاء لهم أن يتفلسفوا حول هذا الموضوع الذى يفوق في تعريته لمزاعم العروبيين والقومجيين واشباه اللبيراليين والعماجيين ورواد التظليل الإعلامى والعهر السياسى اى موضوع أحر.

محمود حمانه,موظف متقاعد-الجزائر

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق