سياسة

تعديل الدستور بنكهة فضائح الفساد ومرض الرئيس والعهدة الرابعة

الدستور الجديد سيقرّر إما بتصويت برلماني أو عبر استفتاء شعبي ; تعديل بنكهة فضائح الفساد ومرض الرئيس والعهدة الرابعة

يأتي موضوع تعديل الدستور في سياق تاريخي غير مسبوق، فهو في الأساس لم يكن ناجما عن إرادة السلطة إجراء هذا التعديل بما يخدم تطلعات الشعب ويؤسس لبناء الدولة الحديثة المنشودة منذ الاستقلال، بل جاء كضربة استباقية فضل بوتفليقة اللجوء إليها عوض انتظار زوبعة الربيع العربي، حيث أعلن الرئيس عن حزمة إصلاحات سياسية على رأسها تعديل الدستور.
ويبدو أن السلطة والتي تأخرت في إقرار تعديل دستوري شفاف يضمن تحقيق النقلة النوعية المطلوبة ويجمع تطلعات الجزائريين على اختلاف مشاربهم، تواجه اليوم مزيدا من التحديات والضغوطات ليس مرض الرئيس آخرها، حيث أن غياب بوتفليقة لمدة قاربت 3 أشهر، جمد مشروع تعديل الدستور، وعطل عمل عديد المؤسسات وحقق تراكما غير مسبوق في أولويات الحكومة اليوم.
إلى ذلك، يدعو تفشي ظاهرة الفساد والكشف عن قائمة أسماء تضم كبار المسؤولين في الدولة، السلطة، إلى إعادة النظر في عديد القوانين والتشريعات لمنع وتحصين الجزائر من ظاهرة نهب المال العام وفرص الإفلات من العقاب، ولعل مسألة منع الشخصيات التي تحوز جنسية دولة أجنبية من ممارسة مهام قيادية في هرم السلطة، أبرزها، كما أن إقرار عقوبات رادعة بينها الإعدام في حق من يستبيح سرقة أموال الشعب، هي موضوع آخر مطروح وواقعي، على أساس المطالب بإعادة إقرار الإعدام في حق المجرمين، وسارقي الأموال ليسوا استثناء.
ومن السياقات المصيرية والواضحة لمسألة تعديل الدستور، هي قضية إقرار عهدة رابعة لبوتفليقة بما يضمن للجهات التي بايعت صراحة لعهدة رابعة، تحقيق مصالح ضيقة على حساب مصير البلاد وشرعية الديمقراطية التي جعلوها شعارا دائما لحملاتهم الانتخابية سابقا، وتحديدا وزيرين في حكومة سلال وهما عمار غول وعمارة بن يونس، رئيسي حزب تاج والحركة الشعبية، كما يجب الانتباه إلى أن تعديل الدستور ليس متعلقا بالمادة 74 المتعلقة بتحديد العهدة الرئاسية، حيث أن عهدة الرئاسة هي مجرد نقطة من عديد النقاط الواجبة المراجعة والتعديل، لتحقيق الازدهار المرجو.
في ذات الشأن، وجب الوقوف عند قضية أخرى على أهمية محورية فيما يخص تعديل الدستور، هي قضية العلاقة بين مؤسستي الرئاسة والجيش على وجه خاص مؤسسة المخابرات، ففي الجزائر يعلم الجميع أن مجيء بوتفليقة إلى الحكم خلق نوعا من سلطة برأسين، تفسير هذا مرده لأسباب تاريخية كون الجيش الجزائري سليل جيش التحرير الوطني نشأ قبل الجمهورية، ويعتبر رجالاته أي محاولة لإقصاء دورهم في المشهد السياسي، خط أحمر، لا يمكن تجاوزه تحت أي مسمى كان، حيث أن التعديل الجديد لا يتوقع أن يحمل جديد، في مسألة أولوية السياسي على العسكري، التي طرحت قبل وبعد الاستقلال، وستبقى أهم تحد أمام صناع القرار في الجزائر، وأمام أطياف المجتمع الجزائري الذي لا يعرف على مسألة تعديل الدستور، سوى بعض مما ينشر في الصحافة الوطنية.
بعيد عن كل ذلك، يبقى إعداد الدستور وتعديله، رهانا حقيقيا أمام الجزائر، للوصول إلى بناء نظام حكم قائم على الفصل بين السلطات، يكرس مبدأ التداول السلمي على السلطة، يكرس استقلالية القضاء، إقرار دولة القانون وإبعاد الرئاسة عن تجاذبات الصراعات الجهوية والشخصية، حيث أن تعديل الدستور ضرورة قانونية وسياسية في كافة الأنظمة الدستورية، حيث أنه القانون الأساسي للدولة وهو قابل للتعديل، ولعل أهم نقطة في هذا الموضوع، هو صياغة القواعد الأساسية للدولة وفقا لأوضاعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقت إصداره، وليس وضع دستور على قياس السلطة وحسب طموح الأجنحة المتصارعة فيها.
زرواطي اليمين
http://djaridati.com/ar/index.php/%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%AB.html

كلمات مفتاحية