سياسة

عقود تفوق قيمتها 8 مليار دولار وزعت بالتراضي على شركات أجنبية وجزائرية

صفقات أبرمت بالتراضي خارج إطار القانون … أكثر من 100 شركة أجنبية وجزائرية حصلت على عقود تفوق قيمتها 8 مليار دولار مميز
مع بداية الطفرة النفطية الجزائرية الثانية في بداية عهدة الرئاسية الأولى للرئيس بوتفليقة، وجدت الجزائر نفسها في سباق مع الزمن، لإنجاز مشاريع كبرى بعضها استراتيجي، وحتم هذا الوضع منح صفقات كبرى بالتراضي لشركات وطنية وأجنبية، لكن مبرر ضيق ازقت لم يكن مطروحًا دائمًا، حيث منحت صفقات في وزارات الأشغال العمومية والمارد المائية والطاقة بالتراضي دون وجود مبرر، وهو ما سيفح ملفات فساد جديدة. نظر مصالح الأمن، حسب مصدر موثوق، في ملفات 100 شركة بعضها شركات جزائرية، البقية شركات أجنبية من 10 جنسيات من الصين والولايات المتحدة الأمريكية فرنسا، إيطاليا، تركيا، مصر، سوريا، إنجلترا، إسبانيا وكوريا، كل هذه الشركات، حصلت على رخص استثنائية لإنجاز مشاريع وعطاءات، أو رخص تنقيب عن النفط خارج إطار التشريعات المعمول بها قانونا، وهو ما سيفتح العشرات من ملفات الفساد الكبرى ويبلغ حجم المشاريع الكبرى التي منحت خارج إطار القانون في غضون 10 سنوات 8 مليار دولار دون احتساب قطاع المحروقات، وتشير مصادرنا إلى أن المتورطين في قضايا الفساد يبدؤون من منصب رئيس بلدية فوالي إلى منصب وزير، وتشير المصادر إلى أن قيم التلاعب في الصناعة النفطية، لا تقل عن 10 مليار دولار. تُعرّف النصوص القانونية التراضي بأنه الطريق ”الاستثنائي” لإبرام الصفقات العمومية، حيث يتم تخصيص ومنح الصفقة لمتعامل متعاقد واحد، دون الدعوة الشكلية للمنافسة، لكنها تقيّد ذلك بحالات معينة، أهمها الخطر الداهم، مثل ما هو الحال لمواجهة آثار الكوارث، وضرورة التموين المستعجل، والأهمية الوطنية للمشروع، أو بسبب تقدم مقاولين لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة. تحايل على القانون باستغلال الخيار الاستثنائي للظفر بالصفقات غير أن المؤسسات العمومية المشرفة على منح المشاريع، حوّلت هذا الخيار الاستثنائي إلى قاعدة، كثيرا ما استعملت للتغطية على مخالفات كبيرة في تسيير المال العام. ففي إطار التحضير للمهرجان الثقافي الإفريقي 2009، المقرر تنظيمه بالجزائر شهر جويلية القادم، نص قرار مشترك بين وزارتي الثقافة والمالية على عدم إخضاع نفقات التأهيل والتحضير المادي للمهرجان، إلى قانون الصفقات العمومية، وإقرار بدل ذلك منح المشاريع بـ”التراضي”، بما فيها خدمات الإيواء والإطعام وتنظيم حفلات الافتتاح والاختتام وغيرها. ويلاحظ أن الشركات الأجنبية تأتي في مقدمة من يستفيد من عقود التراضي، حيث كشفت فضائح المجموعة الأمريكية ”هاليبورتون” أن أهم الصفقات التي منحتها إياها مؤسسات وهيئات جزائرية، تمت بالتراضي، مثل بناء مستشفى عسكري جامعي بقسنطينة بأكثـر من 10 ملايير دينار، ومركز البحث في الإجرام ببوشاوي، ومشروع آخر في الحقل البترولي لحاسي بركين بورفلة قيمته 2,1مليار دولار. عام 2009 فتحت المديرية العامة، لمركب أرسيلور ميتال عنابة، تحقيقا في ملف الشركة التركية ”أفاس”، الحائزة على صفقة الشحن ونقل المواد الخام من منجم الونزة والميناء نحو الوحدات الإنتاجية للمركب، بصيغة التراضي، تفوق قيمتها 35 مليار سنتيم قابلة للتجديد سنويا، دون وجود أي طابع استعجالي يدعو لذلك. وصدر عن مجلس الوزراء العديد من القرارات المماثلة منح فيها بالتراضي لمؤسسات خاصة في الغالب لإنشاء وتجهيز مباني هيئات وطنية مثل المجلس الدستوري ومجلس قضاء الجزائر العاصمة. كما منحت بالتراضي حق استغلال وتسيير مصالح عمومية كبرى مثل مطار الجزائر الدولي هواري بومدين لصالح شركة تسيير مطارات باريس، وتسيير شبكات المياه بالعاصمة لمجمع ”سويز” الفرنسي، ومنها أيضا إنـجاز 25000 سكن اجتـماعي موجهة للتأجير وللقضاء على السكنات غير اللائقة على مستوى ولاية الـجزائر، وشراء نحو 300 حافلة لنقل الطلبة، بالإضافة إلى استيراد أجهزة طبية من الخارج. تبديد أزيد من 30 مليار سنتيم، عن طريق إبرام 128 صفقة عمومية بالتراضي بوهران وفي آخر، اجتماع لمجلس الحكومة الأسبوع الماضي، استمع إلى عرض قدمه وزير الداخلية لأجل اقتناء وصيانة عتاد متنوع موجه للجماعات المحلية عن طريق التراضي، وغيرها من الصفقات التي منحت بالتراضي في قطاعات أخرى، كقطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. ومنذ انطلاق مشروع الطريق السيار شرق – غرب، تمّ تسجيل تحفظات عديدة من بينها اعتماد صيغة التراضي في منح صفقة الإنجاز، ويجري الأمر أيضا على تسيير الجماعات المحلية. ففي بلدية واحدة في ولاية وهران، عالجتها مؤخرًا العدالة، ثبت تبديد أزيد من 30 مليار سنتيم، عن طريق إبرام 128 صفقة عمومية بالتراضي دون المرور عبر المناقصات مثلما يقتضيه القانون. هذا الأمر أصبح يشكل الدافع الأساسي للمقاولين والخبراء الماليين لانتقاد ”المخالفات” التي يقولون إنها أصبحت تحكم تسيير ومنح الصفقات العمومية، واتهموا الأجهزة الحكومية صاحبة الصفقات، وأيضا جماعات نافذة باستغلال النفوذ وتطويع التشريعات المعتمدة للفوز بهذه الصفقات وإقصاء منافسيهم. حيث تلجأ المؤسسات المانحة للصفقة إلى عرض محدود أو التصريح بعدم ملاءمة العرض، وبالتالي إلغاؤه حتى تتمكن الجهة العمومية صاحبة الصفقة من منحها عن طريق التراضي

مراد محامد

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق