مقالات

سجّل… أنا من الاخوان المسلمين | عبد العزيز كحيل

الانتماء لجماعة الاخوان المسلمين تهمة لا أنفيها وشرف لا أدّعيه، ذلك أنها ليست كيانا دينيا فحسب إنما هي رمز لانبعاث الاسلام ونهضة الأمة ،قد اجتمعت فيها محاسن الاحزاب والجمعيات والحركات والنوادي الجادّة والملتزمة، وغدت عبر السنين عنوانا للايجابية الفردية والاجتماعية وللعمل العميق الهادئ المتواصل، تثقّف العقول وتزكّي النفوس وتنشّط الرجال والنساء والنقابات والحياة الدينية والسياسية والرياضية والعلمية، إنها دعوة ربانية اكتملت مقوّاتها وجاءت في أوانها بعد أن ظنّت أطراف عديدة أن عهد الاسلام قد ولّى إلى غير رجعة، فوقفت في وجه موجة التغريب العاتية وأحيت المعاني الدينية وأعادت للمسلم شخصيته وتميّزه، وركّزت على العمل الشعبي بدل النخبوي وعلى الجماعي بدل الفردي وقد قيّض الله تعالى لها قائدا ملهما اجتمعت فيها خصائص قوية ومواهب فذّة قلما تتوفّر في إنسان واحد ، فصارت محضنا تربويا يتخرج منه الرجال الصادقون ذوو الفهم العميق والأخلاق الرفيعة والنشاط الدائب، همّهم الاصلاح وخدمة الأمة،تنوّعت وسائلهم بين التربية والعمل الخيري والسياسة وتأليف الكتب وشغل ما أمكن من ساحات التواجد الواعي المثمر لإحياء ما اندرس من معالم الحق واستئناف الحياة في سبيل الله والتقدم بالأمة في مسارات الرفاهية والرخاء والشهود الحضاري، كلّ ذلك بأرقى الوسائل والأدوات والأساليب من كلمة طيبة وحوار لا يقصي أي طرف وأعمال ميدانية تجسّد مبادئ الجماعة وأخلاقها وفكر نيّر معتدل .

لقد كان من ثمرات دعوة الاخوان امتلاء المكتبة العربية بأدبيات حيّة تواجه العلمانية المتوحّشة من جهة والتطرف الديني من جهة ثانية، وتحبّب الدين للناس وتبيّن شموله وامتداد أحكامه إلى جميع مجالات الحياة الدنيا، وإنما لاقت تلك الادبيات انتشارا عالميّا وترجمت إلى لغات الارض عندما سقتها الجماعة بدماء علمائها وأبنائها على يد الطواغيت بتهم سافرة البطلان، من عبد القادر عودة إلى سيد قطب، فامتزج مداد العلم بدم الشهادة لتكتب الجماعة صفحات ناصعة من العطاء والتضحية في صفّ الامة وفي وجه الدكتاتورية، تضع الخطط العلمية المستقبلية للإقلاع الحضاري، وتنشط على أكثر من صعيد مع دعاة الحرية وحقوق الإنسان، وتخدم المجتمع المحلي والأقليات الإسلامية، وكان و ما زال من ثوابتها تحقيق الوحدة العربية والإسلامية وإحياء الخلافة الاسلامية في نهاية المطاف مع الانخراط الواعي في الانسانية العالمية.

لم تحد الجماعة يوما عن المنهج السلمي رغم اتهام الانظمة الاستبدادية لها بممارسة العنف، رغم عجزها عن إثبات ذلك بأدنى بيّنة، وقد كانت محاكمات عهد فاروق وفترة عبد الناصر زاخرة بتلك التهم غير أن المحاكمات المتتالية لم تكشف أيّ مسؤولية للجماعة و قادتها في أي حادثة قتل أو عدوان، بل كان الاخوان ضحية للعنف هنا وهناك فلم يزيدوا دوما عن احتساب ما أصابهم عند الله والمضي في طريقهم المرسوم، لم يحملوا السلاح سوى لمقاتلة الانجليز في مصر والصهاينة في فلسطين، فهم رافعو لواء الجهاد من أجل الأمة، أما الارهاب فهو دائما صنعة الانظمة الاستبدادية العميلة كما تثبت هذه الايام العصيبة مرة أخرى، كما أنه لا علاقة للإخوان بتكفير الناس كما يروّج خصومهم، بل التكفير ديدن بعض الفصائل الغبية المنتسبة للإسلام والتي تستخدمها الانظمة الجاهلية لتشويه الدين ودعاته ورموزه.

فهل ستموت دعوة هذه معالمها؟ وهل يخجل أيّ حرّ من إعلان انتسابه إليها؟ وهل يؤثّر في مبادئها وبرامجها ما يعتريها من محن قاسية ومؤامرات دنيئه يجتمع في تنفيذها العسكر المتجبّرون والكنيسة الحاقدة وشيخ الازهر – عضو لجنة السياسات في حزب حسني مبارك وواحد ممن كانوا يحضّرون لتوريث الرئاسة لجمال مبارك – وفصيل إسلامي مشهور بغبائه وبغضه لجماعة الاخوان حسدا من عند نفسه؟ إن هذه الجماعة الربانية كالذهب الابريز لا تزيده محنة النار إلا تألّقا، لآن الامة تراقب وتحسن التمييز بين المحق والمبطل و الاصيل والزائف، وقد تنادى كثير من الاحرار في البلاد العربية والإسلامية والعالم كله بمساندتها في محنة مصر الحالية والدفاع عنها وكشف المؤامرة عليها وعلى الامة وعلى الاسلام ذاته، لعلمهم أنها منخرطة في مشروع الامة التحرري والإنمائي ومنحازة للحرية ودعاتها ، بينما انحاز غلاة العلمانيّين وبعض جهلة الاسلاميّين إلى الانقلاب والعسكرة والدكتاتورية، فكيف لا أفخر بجماعة اختارت الحرية وصندوق الانتخاب وصفّ الشعب وثبتت على ذلك رغم التهديد والوعيد والتآمر المحلّي والإقليمي والدولي المكشوف؟ إنّها أثبتت فوزها على البندقية في معركة الحرية والكرامة ، وتجاوزها لعقلية اللحية والسواك والانحناء للمتغلّب ليركب الظهر ويمرّغ الأنف، وفوزها على المؤسسة الدينية الرسمية التي تدعو إلى الاخلاق في خطابها الباهت بينما تدور مع المصالح الضيقة أينما دارت…والشعوب تلاحظ هذا كلّه وتراقبه ولن تنساه، لان البندقية ستسقط حتما أما القلم والكتاب واليد الطاهرة فستبقى ترفع التحدّي وتتصدّى للانقلابيّين والمغفّلين والحاقدين ، تدعمها الجماهير التي اختارت الاخوان كلما أتيح لها ان تختار بحرية،في مصر وغيرها من البلاد، وتكلؤها العناية الالهية التي تدبّر شؤون الكون.

سترتفع الاصوات تعلن افتخارها بجماعة الاخوان العاملة الصابرة المحتسبة وتبنّيها لخطّها الصامد أمام الانقلابات والخذلان…فما لي لا أعلن بجلاء أني من الاخوان المسلمين، و إن لم يربطني بهم أيّ انتماء تنظيمي ؟ قضيتي هي قضيتهم: الاسلام والحرية وقضايا الامة ورفض الوصاية العسكرية والغربية… وليكن هذا غصّة في حلوق العلمانيّين الجاحدين، وقذى في عيون المغفّلين الحاقدين الذين ستدور عليهم الدورة من غير شكّ. عبد العزيز كحيل

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • بعد أن قام أول كيان لليهود في فلسطين سنة 1948، بمؤامرة عالمية، فقد صرح أول رئيس وزراء (إسرائيل) بن غوريون؛ بأن حربنا السابقة كانت حرب تجريبية لنتعرف فيها الأعداء من الأصدقاء، ونحدد في ضوء ذلك مستقبل علاقاتنا، فوجدنا أن أعداءنا الحقيقيون هم الإخوان المسلمون الذين حاربونا بلا هوادة، وبكل بسالة وجرأة وعنف، ولولا مساعدة أصدقائنا في المنطقة والخارج لما نجحنا بقوتنا الذاتية، فمن هنا سنعمل مستقبلاً القضاء على الإخوان المسلمين الذين يشكلون خطراً حقيقياً على دولتنا الناشئة، وسنتعاون مع أصدقائنا لإنجاز هذه المهمة الكبيرة. ومن هنا نفهم لماذا كل هذه الحرب الشعواء الدائرة على الإخوان المسلمين بالأمس واليوم وغداً.. ولنا وقفة أخرى مع هذا الموضوع المهم إن شاء الله.