سياسة

الظاهر والخفيّ في مهمّة سعداني

ترتيب أوراق الرئاسيات والدستور والحكومة والبرلمان
سيناريوهات “التغيير” ومفاجآت “التطهير” داخل الأفلان وخارجها

أنهت جبهة التحرير الوطني “صداع الرأس”، لكنها أبقت على السوسبانس خارجها، خاصة في ما يتعلق بالدور الذي ستلعبه قريبا، في ما يخصّ تحديدا ملف رئاسيات 2014. وقد أبقى الأمين العام الجديد للأفلان، في أولى تصريحاته، بعد تزكيته وتنصيبه بالأوراسي، الباب مفتوحا، حيث لم يفصل نهائيا، لا بالتصريح ولا التلميح، بشأن “مرشح الحزب” لكرسي رئاسة الجمهورية.

ومع إنهاء أزمة القيادة في الحزب الحاكم سابقا، والتي استمرّت ثمانية أشهر، بعد الإطاحة ببلخادم، بدأت الآن الاستفسارات بخصوص الشروع في رسم الخارطة السياسية المقبلة، في ظلّ مؤشرات ظاهرة وأخرى ما زالت خفية أو مُبهمة أو غير منتهية التعليب.

مرحلة “كسر العظام” داخل الحزب العتيد، انتهت بترتيب ظاهري للأوراق المبعثرة منذ جانفي الماضي، ويُنتظر أن يشرع قريبا “أفلان سعداني” في تجنيد “القواعد” لإنارة جزء من الغرفة المظلمة في ما يتعلقّ بالمرحلة الممهّدة لرئاسيات 2014.

لكن أوساط متابعة، تتساءل عن السيناريوهات التي بإمكان عمار سعداني أن يُخرجها من تحت برنوس الأفلان، في وقت اختارت فيه “جماعة بلعياط” على قلـّتها “التمرد والعصيان” بعدما أعلنت “عدم اعترافها” بسعداني واجتماع الأوراسي، الذي أثار جدلا ونزاعا قانونيا و”سياسيا” قبيل عقده، بين الإدارة ممثلة في مصالح وزارة الداخلية، والعدالة ممثلة في مجلس الدولة.

سيشرع الحزب الحاكم سابقا، خلال الفترة القادمة، في مهمة تعبيد الطريق نحو 2014، وسيُساعده في هذا الدور، الأرندي، الذي لا يُستبعد أن يعرف نفس المصير قريبا، لتزكية أمين عام جديد، يخلف أحمد أويحيى، المستقيل من قيادة الحزب، ما جنـّبه الإقالة التي أنهت مهام عبد العزيز بلخادم من على رأس الأفلان.

ويتساءل مراقبون عن “التخريجة السياسية” التي سيتولى تنفيذها الأفلان، موازاة مع حديث كواليس وصالونات، يطرح عدّة سيناريوهات لتحضير و”تطهير” المرحلة القادمة، بينها تمرير التعديلات “الجوهرية” التي ستعلن عنها لجنة مراجعة تعديل الدستور، داخل البرلمان، بعد أن تكون قيادة الأفلان الجديدة، قد سوّت “أزمة” الهياكل النيابية المتفجّرة خلال ولاية عبد الرحمان بلعياط كمنسق وطني للحزب.

المهمة الأكثر تعقيدا وأهمية، هي موقف الأفلان من رئاسيات 2014، التي لم يبق عن موعدها الرسمي سوى أشهر معدودة، فنقطة التلاقي بين “الأشقاء الفرقاء”، هي دعم الرئيس بوتفليقة، والتأكيد على أنه الرئيس الشرفي للحزب، لكن كلّ المتخاصمين بمن فيهم سعداني أرجؤوا الفصل في “مرشح الجبهة” إلى إشعار آخر.

سعداني، أكد في أول تصريحات له بعد تزكيته خلفا لبلخادم: “سنواصل دعم بوتفليقة، لست مرشح الجيش وسنـُكمل مهمة بلخادم”.. وهو ما يعطي الانطباع أن الأمين العام الجديد للأفلان، أمّن كلّ خطوط الرجعة، ولم يحسم خيار الحزب، ما يدفع إلى رسم سلسلة من علامات الاستفهام والتعجب.

عارفون بخبايا الحزب الواحد سابقا، لا يستبعدون سيناريو لجوء الأفلان، إلى التسويق لـ “تمديد عهدة الرئيس” وبالتالي “تأجيل الرئاسيات” إلى موعد يتمّ الاتفاق عليه “جماعيا” وفق مبررات لا يختلف عليها اثنان، وإن كان هذا السيناريو يصطدم بتصريحات سابقة لوزير الداخلية، عندما أكد أن الانتخابات الرئاسية ستـُنظم في وقتها المحدّد.

من بين السيناريوهات الأخرى المطروحة سياسيا: إعلان الأفلان عن مرشحها للرئاسيات، وقد يكون الأمين العام السابق، عبد العزيز بلخادم، كـ “مرشح اتفاق” داخل القيادة الجديدة للحزب، وذلك بعد تصفية هيئة أركانه، بإبعاد الأصوات المناوئة للرجل أو تلك التي بإمكانها معارضته، من تشكيلة المكتب السياسي وعزلها داخل اللجنة المركزية وهياكل البرلمان والحكومة أيضا، التي قد تخضع لتعديل حكومي قريب يُبعد الوجوه “المغضوب منها” أو تلك التي لم تعد تشكل “الإجماع” بين المتنازعين داخل الجبهة.

ترشيح الأفلان لبلخادم، أو “فارس” آخر، سيكون بطبيعة الحال، في حال أعلن الرئيس الشرفي للحزب عن عدم ترشحه لعهدة جديدة، وهو ما لم تخفه معظم الشخصيات القيادية في جبهة التحرير، أولها بلخادم، الذي فنـّد رغبته في “منافسة” بوتفليقة، بعدما اتهمه خصومه بمحاولته تكرار “هروب” سابقه علي بن فليس بالأفلان للترشح باسمها في رئاسيات 2004.

إنهاء أزمة الأفلان، هو بداية لبروز مؤشرات مرحلة سياسية جديدة، ستقرؤها الأيام المقبلة، بلسان سعداني في الدور الأول، وكذا بلخادم الذي انسحب في المنعرج الأخير من الترشح لمنصب الأمين العام، وأيضا شخصيات أخرى، من عيار بلعياط وعبادة وقوجيل وبومهدي وسي عفيف ومعزوزي، وكلهم “دينامو التخلاط والتخياط” داخل حزب سيحرّك الطبقة السياسية ويوقظ النائمين إيذانا بالاستعداد لمتغيّرات وترتيبات قادمة.

هذه مجرّد سيناريوهات حسب ما يسجله مراقبون، فقد تصنع الأحداث مفاجآت ليست في الحسبان، وسط “استقالة” شخصيات ثقيلة من التموقع، وشروع آخرين في تسخين العضلات، موازاة مع بروز أرقام فاعلة لا يُمكن تجاهلها، بينها حسب متابعين، الوزير الأول، عبد المالك سلال، الذي تولى “بإتقان” تسيير المرحلة “الحرجة” في غياب الرئيس بوتفليقة الذي كان متواجدا بفرنسا للعلاج.

سلال الذي أدار المرحلة بقرارات “شعبية” وزيارات ميدانية إلى الولايات ووجد نفسه في “فم المدفع” أثناء أسابيع من مرض الرئيس، نجح حسب أوساط مراقبة، على الأقلّ، في اختطاف الأضواء وتعزيز سيرته الذاتية، وترجيح كفته بالنسبة إلى الكثير من الدوائر، وأصبح في نظر ملاحظين أحد المترشحين لمنصب رئاسة الدولة.

قد يستحدث التعديل الدستوري المقبل، منصب نائب رئيس الجمهورية، ومن الأسماء المرشحة له، عبد المالك سلال، الذي من الممكن أن يكون هو أيضا مرشح الأفلان للرئاسيات، كمرشح حرّ، في وقت ترسم علامات استفهام حول محلّ شخصيات مثل أحمد أويحيى ومولود حمروش وعلي بن فليس من إعراب “دفـّة الاحتياط” التي قد يُلجأ إليها أو يتمّ التخلي عنها في انتظار مباراة قادمة!

كواليس اجتماع اللجنة المركزية

– حظي عمار سعداني أمس الأول عشية عقد دورة اللجنة المركزية بفريق من الحرس الشخصي التحقوا به في حدود الساعة الخامسة مساء.

– تأخر عقد دورة اللجنة بأكثر من ساعتين بسبب عدم حصول جناح أحمد بلمهدي على قرار رفض تعليق رخصة عقد الدورة، حيث كان من المقرر أن تنطلق الأشغال في حدود الساعة التاسعة، غير أنها تأخرت إلى غاية الحادية عشر والربع.

– عرف فندق الأوراسي تعزيزات أمنية مكثفة بالمداخل والمخارج بإشراف من المسؤولين السامين بأمن العاصمة.

– استبعد العياشي دعدوعة عضو اللجنة المركزية الذهاب إلى مؤتمر استثنائي للحزب بسبب الوقت الضيق الفاصل بين تعيين الأمين العام والتحضير للرئاسيات.

– حضر كل من السعيد بركات، محمود خودري، رشيد بن عيسى، الطيب لوح، الهاشمي جيار، جمال ولد عباس وموسى بن حمادي أشغال الدورة، فيما سجل غياب كل من عمار تو، رشيد حراوبية وعبد العزيز زياري.

– شوهد حبة العقبي ممثل الرئيس بوتفليقة في فندق الأوراسي، حيث تقربت “الشروق” منه لمعرفة ما إن كان قد حضر ليمثل الرئيس غير أنه أكد أنه مناضل جاء باسمه.

– سجل غياب ديناصورات الأفلان على غرار صالح قوجيل وعبد الرحمان بلعياط الحدث، وبدا الأمر وكأنه صراع بين الأجيال تغلب فيها الجيل الحالي.

– انسحب السعيد بوحجة دقائق قبل عقد اجتماع الدورة، وقال لـ “الشروق” إنه قدم ترشيحين الأول لبومهدي والثاني لبورازم، غير أنه انسحب بعد أن رأى أن شمل الأفلان لم يجتمع.

– انسحب مصطفى معزوزي من الترشيحات بعد أن أعلن ترشحه دقائق معدودة هو الأخر قبل عقد الدورة، وقال لـ”الشروق” إنه قرر الترشح لتكريس الديمقراطية.

– لم تتوقف دموع معزوزي عن الانهمار منذ أن أعلن الانسحاب من دخول غمار الترشح للأمانة العامة للحزب العتيد، حيث لوحظ بعد انتهاء الأشغال وهو يكفكف دموعه.

– قال رشيد بن عيسى لـ”الشروق” أنه حضر اجتماع الدورة لأنه مع الأفلان وليس مع أي جناح وأنه بحضوره دورة بومهدي لم يخدع أحدا.

– عبر ولد عباس عن تمنياته بالتوفيق لعمار سعداني الذي قال حتى قبل فتح باب الترشيحات أنه الأوفر حظا وأنه هو الأمين العام.

– أدخل الحزب العتيد تقليدا جديدا في أشغال دورة اللجنة المركزية يتعلق بمنح أحد أعضائها شرف قراءة الفاتحة التي تكفل بتلاوتها الشيخ بربارة بدل المقرئين الذين كانوا يعتمدون في كل مرة.

– لم يجد عبد الحميد سي عفيف من رد على سبب انسحابه من الترشيحات، وقال إنه يحتفظ بها لنفسه، رغم أنه كان المنافس الأكثر إزعاجا غير أنه لوحظ وهو يرفع يده لتزكية سعداني.

– رفض الأستاذ حفصي وهو أستاذ جامعي ترشيح سعداني أمينا عاما للأفلان، وقال لـ”الشروق” إنه يرفض أن يكون سعداني رئيسه لأنه ليس من مستواه، ومعلوم أن حفصي هو الوحيد الذي كان ضد تزكية سعداني.

– أحضر منظمو الدورة صندوقين شفافين وضعا في مقدمة القاعة قصد استغلالهما في الانتخاب، غير أنهما لم يستعملا بعد أن تقرر تزكية سعيداني لعدم وجود مرشحين.

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/176493.html

كلمات مفتاحية