مقالات

العسكرو “الدًمُ _ قراطية” الجديدة؟ عبد العالي رزاقي

قد تكون مقولة عمرو بن الخطاب الشهيرة: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” تأسيسا لمفهوم الحرية في العلاقة ما بين الحاكم والمحكوم، وقد يكون قول الرسول محمد (صلعم) لقريش أثناء فتح مكة: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” توضيحا لمفهوم الرأي والرأي الآخر (لكم دينكم ولي ديني)، وقد يكون الحديث النبوي الشريف: “من حمل علينا السلاح فليس منا” سيفا ذا حدين يستخدمه أصحاب الفتاوى لصالح الإرهاب والانقلابيين في الوقت نفسه، فالحالة المصرية الراهنة لا شبيه لها إلا في مسيرة حكم العسكر في تركيا ما بين 1945 و2008م، فكيف نقرأ تاريخنا الإسلامي دون الانحياز للمذاهب والطوائف والحكام؟.

.

المسجد والكنيسة؟

أغلب المؤرخين يعيدون الفضل إلى عمرو بن العاص (592 -682م) في تحرير الأقباط من عبودية البيزنطيين، وبالرغم من أنه كان حاكما لمصر ويوصف بداهية العرب إلا أن ابنه عبد الله أخطأ في حق أحد الأقباط المسيحيين فاشتكاه إلى الخليفة عمرو بن الخطاب الذي حكم بالقصاص من واليه في مصر وابنه واعتبر هذا الحكم قطيعة بين العبودية والمواطنة، وهكذا صارت الكنيسة القبطية منظومة دينية لا تقل أهمية عن المسجد في الإسلام فأصبحت مستقلة عن النظام القائم لكنها كانت تشارك في صياغة دساتير بعض الثورات ومنها دستور 1919م، غير أن جنرالات انقلاب 3 جويلية 2013م أقحموها فيه مثلما أقحموا الأزهر كذلك، ويدور حديث في دوائر حكمهم بأنهم قد “يدسترون المسيحية” لتكون الدين الثاني الرسمي للنظام المصري بعد الإسلام، بمعنى آخر أن مصر ستكون أول دولة عربية يعترف دستورها بالمسيحية دينا لفئة من مجتمعها وهو في نظر البعض مغامرة قد تعجل بانفصال الكنيسة عن المسجد وتعزيز مواقف المسيحيين المطالبين بالانفصال أو الحكم الذاتي، وما يقوم به العسكر حاليا من حصار لغزة وتفجير الأنفاق قد يتوسع ليأخذ جزءا من الحدود الفلسطينية ليحولها إلى شريط أمني.

المفارقة الأولى أن إسرائيل والسعودية تقومان بدور مشبوه في إقناع أمريكا والغرب بمساعدة الحكم الانتقالي حتى تقوم مصر بدور “الدركي” في المشرق العربي بعد أن تعترف الجامعة العربية بالكيان الصهيوني في نهاية المفاوضات الإسرائيلية _ الفلسطينية في الأراضي المحتلة، والمفارقة الثانية أن مصر وقطر هما الدولتان العربيتان الوحيدتان من بين 74 دولة طالبت من “دولة الفايس بوك” معلومات عن مواطنيها المستخدمين له، والمفارقة الثالثة أن الدعم الخليجي لمصر ليس بسبب وصول الإسلاميين إلى الحكم وإنما بسبب الصراع بين بعض هذه الدول (السعودية وقطر) أو بسبب الولاء (الكويت والسعودية) أو بسبب التنافس التجاري والسياحي .

لم أكن أتصور أن يأتي يوم يصير فيه المصري عدو المصري ولا توجد لهذه العداوة والكراهية في التاريخ العربي والإسلامي ما يشبههما سوى الصراع المفتعل بين الشيعة والسنة في العراق ولبنان والبحرين، فالتاريخ يسجل لنا أن الرسول محمد (صلعم) خاطب أهل مكة أثاء فتحها قائلا: “يا معشر قريش ما تظنون أنني فاعل بكم؟ “وحين ذكروه بأنه” أخ كريم وابن أخ كريم ” قال: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” فماذا لو قالها العسكر للإخوان المسلمين أو قالها الإخوان للعسكر؟، وماذا لو قال العسكر لـ”المرشد العام للإخوان” مثلما قال الرسول لسيد قريش: “من دخل بيته فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن، ومن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن”، وفي رواية أخرى: “من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو أمن، ومن دخل المسجد فهو آمن”، فهل مرجعية الانقلابيين غير إسلامية وهل قيادة الإخوان يهمها الحكم أم الإطاحة بمن سرقوا الثورة ؟.

.

بالانتخاب لا بالانقلاب

شعار ديمقراطي حقيقي يثير الكثير من الإعجاب والتقدير لصاحبه محمد الهاشمي الحامدي الذي حمله تيار المحبة في تونس وهو “بالانتخاب لا بالانقلاب” لو أن النقابات والجمعيات التونسية التفت حوله عوض التطلع نحو الانقلاب لربما أنقذوا تونس من التطرف والسقوط في التجربة المصرية التي شوهت التجربة الجزائرية في إقصاء الإسلاميين.

عندما وقعت أحداث الثلاثاء 11 سبتمبر 2001م قامت أمريكا بإنشاء جهاز أمن في 11 سفارة أمريكية في الوطن العربي، وحين وقعت أحداث تيڤنتورين في جانفي الماضي سارعت اليابان التي فقدت 10 من رعاياها إلى إنشاء جهاز أمني في 5 دول عربية (مصر _ الجزائر _ السودان _ المغرب _ جيبوتي) إلى جانب أجهزة أخرى في دول إفريقية، والهدفان الأمريكي والياباني يراد منهما إعادة تنظيم أمنهما في الوطن العربي حتى تتم حماية مصالحهما خاصة وأن هناك دولتين تقومان بمهمة أمنية لصالح أمريكا وهما الجزائر في المغرب العربي ومصر في المشرق العربي فهل تتحالف سلطة البلدين لمحاربة التيار الإسلامي؟ وهل تقوم السعودية ودول الخليج بتمويل هذه الحملة التي بدأت من مصر؟.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/176936.html

كلمات مفتاحية