سياسة

مستشفيات الجزائر “أوسخ” من الشوارع

الدخول للعلاج والخروج بأمراض جديدة
10 آلاف حالة عدوى بالمستشفيات سنويا بسبب التعفنات
تقدّر أوساط صحية عدد الأصابات بالأمراض وهم داخل المستشفيات بسبب العدوى، بما لا يقل عن عشرة آلاف حالة سنويا، أي بنسبة 30 بالمائة من المرضى قاصدي العلاج، مرجعة المسببات إلى تعفّنات وانعدام النظافة. وتجمع آراء من استجوبتهم “الخبر” حول الموضوع، ضرورة التحرك بسرعة لإزالة هذه الأسباب المؤدية إلى الموت وإيجاد الحلول، من خلال إيلاء العناية للجوانب المتعلقة بالنظافة وتعقيم التجهيزات ومراجعة شروط الالتحاق بالتمريض خاصة بالمؤسسات الصحية العمومية.

لا يتوفر بالجزائر ولا مستشفى واحد تحترم فيه مقاييس النظافة
نصف الممرضين لا يغسلون أيديهم أثناء عملهم

يقول البروفيسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة، عن التعفنات الاستشفائية، أنها ظاهرة خطيرة وتطرح مشاكل كبيرة في الجزائر، خاصة وأن تكوين الأطقم الطبية وشبه الطبية ليس في المستوى. مضيفا أن النتيجة،حسبه، هي عدم مراعاة بعض شروط النظافة في مكافحة الميكروبات والفيروسات داخل المستشفيات، وخاصة وسط بعض الأقسام الحساسة مثل قاعات الإنعاش والتوليد ومصالح الأطفال حديثي الولادة، مما يضاعف إصابات المرضى بها.وكانت وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات قد أجرت تحقيقا ميدانيا بيّن أن الجزائر تسجل سنويا عشرة آلاف حالة تعفن استشفائي أو عدوى، وأن ذلك يكلّف خزينة الدولة أموالا طائلة للتخلص منها. كما أوضح ذات التحقيق أن هذه الأمراض تكلف 80 مليون سنتيم لعلاج مريض واحد. وللحد من الإصابات، أكد خياطي على ضرورة تكوين المشرفين على تسيير الأقسام الطبية المعنية بالأمر بصفة خاصة من أطباء وممرضين، مع توفير حد أقصى للنظافة ووسائل التعقيم بتلك الأقسام. ويستدل خياطي بنتائج دراسة أجريت على مستوى الأوساط الاستشفائية بالعاصمة، أكدت أن 45 بالمائة من عمال شبه الطبي (الممرضين) لا ينظّفون أيديهم كما ينبغي، وهي الأسباب المباشرة، حسب ذات المتحدث لتنقّل الفيروسات والميكروبات داخل المستشفيات، ناهيك عن عدم احترام المقاييس المتّفق عليها دوليا والتي تحرص عليها دوما المنظمة العالمية للصحة والممثلة في ممرات نقل أغطية المستشفيات المتسخة التي يمنع بتاتا أن تمر عبرها الأغطية النظيفة، لكن رغم هذه التوصيات الصارمة يؤكد خياطي أنه لا يتوفر بالجزائر ولو مستشفى واحد تحترم فيه ذات المقاييس.
تغيير ضمادات كلّفه حياته
من الحوادث التي كانت التعفنات الاستشفائية وراءها حادثة الشاب “سمير” الذي تسبّب سقوطه من إحدى الصخور المتاخمة لشاطئ البحر الذي كان يتردد عليه رفقة أصدقائه، في إصابته بجرح على مستوى فخذه تمت معالجته بإخاطة الجرح وإخضاعه لمضادات حيوية على أن يقصد المستشفى كل يومين لتغييرها. لكن عدم توفر النظافة بالمصلحة التي كان يغيّر بها ضماداته، حيث شهد أخوه الذي كان يرافقه أن علبة العتاد الطبي التي كانت تستعمل عند تغيير الضمادات، كانت أشبه بسلة مهملات، ناهيك عن درجة الحرارة المرتفعة مع تزامن حادثته مع عزّ حر الصيف، وهو ما تسبب في تعفّن جرحه وارتفاع درجة حرارة جسمه التي لم تنفع معها مضادات الحرارة في خفضها، كما لم تنفع أية مضادات حيوية مع الفيروس الذي اخترق جسم الشاب الذي أسلم روحه لبارئها.
صدأ بمشرط يتسبب في تعفّن جرح مريضة
تسبّب المشرط الذي استعمل في عملية جراحة على مستوى الكلى خضعت لها سيدة في الستين من عمرها في تعفّن الجرح مما تطلب نقلها على جناح السرعة إلى أحد مستشفيات باريس. وحسب ما استقيناه من أبناء المريضة، فإن الضحية خضعت لعملية جراحية بمستشفى عاصمي، وطمأن الطبيب عائلتها بأنها ستترك المستشفى في ظرف ثلاثة أيام، وفعلا انصرفت لترجع إليه بعد 48 ساعة في حالة خطيرة، حيث تسبّب لها تعفّن الجرح في حمى وآلام حادة لكن لم يستطع الفريق الطبي إسعافها، فقرّر أبناؤها نقلها على جناح السرعة إلى فرنسا، وهناك أكد لهم الأخصائيون أن الأمر يتعلق بتعفن حدث خلال إجراء العملية. وبعد التحقيق تبيّن أن الأدوات الجراحية المستعملة أكلها الصدأ.
الجزائر: ص. بورويلة

رئيسة مصلحة الأوبئة والطب الوقائي بمستشفى مصطفى باشا لـ”الخبر”
زوار المستشفيات أكبر جالب للفيروسات

ترى البروفيسور بديعة بن حبيلس رئيسة مصلحة الأوبئة والطب الوقائي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، أن زوار المريض يساهمون بشكل كبير في انتقال الفيروسات له، داعيـة إلى ضبـط جداول تلك الزيارات قدر المستطاع.

ما هي أكثر حالات العدوى أو التعفن الاستشفائي التي يتعرض لها المرضى بالمستشفى؟
تعتبر مصالح الإنعاش من أكثر الأقسام الاستشفائية التي يتعرض فيها المريض للإصابة بمختلف التعفنات بالجزائر، وهذا أمر معروف ومتداول كذلك عبر مستشفيات مختلف دول العالم لكن بدرجات متفاوتة، إضافة إلى أقسام الجراحة التي تشهد يوميا إجراء عشرات العمليات الجراحية والتي يتعرض أصحابها إلى الإصابة بتلك التعفنات بسبب نقص ملحوظ في نسبة المناعة لديهم.
وما هي الأسباب المباشرة لتلك التعفنات؟
يجب أن نعلم أن التعفنات التي تصيب المرضى المقيمين بالمستشفيات راجعة إلى انتشار الجراثيم وهي أنواع من الطفيليات والفطريات وفيروسات ويجب أن نعرف أن تلك الجراثيم تنتقل عبر طرق متعددة منها الهواء الذي نستنشقه والمعبأ بآلاف الميكروبات، كما قد تنتقل عن طريق العدوى مثل انتشار عدوى داء السل، وتعتبر الأيدي أكثر الوسائل نقلا للفيروسات، خاصة وأننا نحمل بها الأدوات الطبية وتلك الخاصة بالجراحة. وأشير هنا إلى أن غالبية منتسبي الصحة لا يغسلوا أيديهم بين عملية جراحية وأخرى، ناهيك عن أن عملية تعقيم العتاد الطبي المستعمل في الجراحة لا تتم بصفة جيدة وهو ما يفتح المجال للتعفنات الاستشفائية.
كيف تحدث تلك التعفنات ؟
يجب أن نعرف أن جلد أو بشرة الإنسان ينتج إنزيمات تمنع دخول الجراثيم، لكن مجرد حدوث جرح ولو صغير جدا ، يعتبر بوابة لدخول ملايين الفيروسات وخروجها وهي لا ترى بالعين المجردة، كما قد تتسلل تلك الفيروسات عن طريق الإبر أو المشرط أو المنظار الذي يستعمله الطبيب أو المقص وحتى الخيط الذي يستعمل في الجراحة. وفي الوقت الذي ينصح الطبيب بالمضادات الحيوية للقضاء على حالة التعفن الواقعة، هناك نوع من الفيروسات مقاوم للمضادات الحيوية.
ما الذي يجب فعله في حال وجود مقاومة للمضادات الحيوية ؟
طبعا الانتقال إلى مضاد حيوي أكثر تركيزا وقوة وهنا أفتح القوس لأشير بأن هناك ثلاثة أنواع من الفيروسات، النوع الأول وهو المقاوم للمضاد الحيوي العادي، كما أن هناك المتعدد المقاومة والذي من شأنه أن يقاوم ثلاثة أنواع من المضادات الحيوية، حيث أنه في حال اكتشاف الطبيب لوجود مقاومة للمضاد الحيوي الذي نصح به للمريض ينصح ثانية باستعمال مضاد حيوي أكثر قوة، لكن هناك نوع مقاوم لكل أنواع المضادات، وهي الحالات التي لا نملك معها فعل أي شيء ومصير صاحبها الموت المحتم.
كيف نقلل من هذه التعفنات؟
أود أن أنبّه إلى مسألة تعتبر المتسبب الرئيسي في حدوث التعفنات الاستشفائية والممثلة في زوار مريض المستشفى، حيث أن كل زائر يجلب معه ميكروبات يتلقاها المريض، إضافة إلى تلك المتوفرة بجسمه. علما أن جسم المريض يحمل في الأصل آلاف الميكروبات باعتبار أن جسم الإنسان يحتوي على عدد من الميكروبات تساهم في تشغيل ميكانيزم الجسم وعددها أكثر من عدد خلايا الجسم. ولأن المريض لا يملك المناعة الكافية لمقاومة تلك الميكروبات تتسبّب له هذه الأخيرة في تعفنات.
ويكفي أن نعرف أنه كلما زاد عدد الزوار زادت بالتالي أعداد تلك الميكروبات التي لا يملك المريض قوة لمحاربتها. وعليه أوجه ندائي لأهالي المرضى بالحد قدر الإمكان من الزيارات، ونكتفي بالسؤال عنه لدى أفراد عائلته أو بالهاتف، وإن حدث وزاروه فليكن العدد قليلا شريطة أن لا يلمسوا لوازمه ولا يجلسوا على سريره مثلما نراه حاليا.
الجزائر: حاورتها ص. بورويلة

العملية تحتاج إلى مؤسسات مؤهلة
تنظيف غرف العمليات الجراحية يتم بطرق بدائية
تجاهلت مصالح وزارة الصحة في السنوات الأخيرة، شقا هاما في ملف إصلاح المستشفيات والمتعلق في وضع حد لاستفحال حالات الإصابات الاستشفائية، ومن بين ما أهملته الوزارة منح تنظيف المصالح الحساسة لمؤسسات متخصصة.
طرق تنظيف حجرة عمليات جراحية ليست نفسها طرق تنظيف قاعة انتظار، فالعملية يجب أن تخضع لمعايير ومقاييس علمية، فبعض مواد التنظيف غير قابلة للاستعمال في مواقع معينة، دون الحديث عن هيئة ولباس المكلف بالتنظيف، كل هذه الأمور شبه مغيبة في مستشفياتنا. فرغم ظهور مؤسسات تنظيف متخصصة غير أن ثقل البيروقراطية والمحسوبية في منح الصفقات حال دون اضطلاعها بعمليات التنظيف على مستوى المستشفيات، حتى أن بعض هذه الأخيرة تعاقدت مع شركات خاصة، لكن سرعان ما يتم إلغاء العقد أو عدم تجديده لأسباب مجهولة. فيروي أطباء وخاصة جراحون، أنه في بعض المستشفيات يتم تنظيف غرف العمليات الجراحية من قبل عاملات النظافة اللائي يستعملن طرق بدائية في التنظيف لافتقارهن للتكوين وأيضا للوسائل الضرورية لذلك. هذا الوضع ساهم بقسط كبير في استفحال الإصابات الاستشفائية، لتصل إلى مستوى رهيب أدى الى حالات وفاة كان يمكن تفاديها. الجزائر: فاروق غدير

وزير الصحة الأسبق السعيد بركات يعترف
“الشارع أنظف من مستشفياتنا”
اعترف وزير الصحة الأسبق، السيناتور السعيد بركات، أن انعدام النظافة بمستشفياتنا بلغ حدا خطيرا. جازما أن “الشارع في بعض الأحيان أنظف من المستشفيات”. ولمحاربة انتشار الأمراض الاستشفائية أو الحد منها على الأقل بادرت الوزارة في 2010 إلى بعث فريق من المفتشين عبر عديد مستشفيات الوطن للتحقيق في مسببات العدوى والتعفنات ولم تزل لحد الساعة النتائج الميدانية التي توصلت إليها مجهولة. ويشار إلى أن بركات كان تطرّق لخطورة الأمراض الاستشفائية بالجزائر، حيث أجزم في أحد تصريحاته للصحافة بأن “الشارع بات أنظف من بعض المؤسسات الاستشفائية ببلادنا”. مضيفا أن المريض يدخل تلك المستشفيات لغرض العلاج من مرض معين، فيخرج مصابا بمرض آخر ناتج عن التعفنات. كما يقر بركات أن المريض الذي يصاب بالعدوى بالمستشفى يكلف الدولة 80 مليون سنتيما، إضافة إلى مصاريف العلاج من المرض الذي دخل من أجله المستشفى. ص.ب

مجلس أخلاقيات مهنة الطب
30 بالمائة من مرضانا معرضون للعدوى

أوضح الدكتور امحمد بقاط بركاني، رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الطب، أن 30 بالمائة من المرضى بالمستشفيات تعرضوا لعدوى المستشفيات، في الوقت الذي لا تتعدى فيه النسبة بالدول الأوربية 10 بالمائة.
وأضاف في تصريح لـ “الخبر” أن تدهور نوعية بعض العتاد الطبي المعتمد عليه في مستشفياتنا والذي أصابه الصدأ، إلى جانب انعدام النظافة في قاعات الجراحة وراء انتشار التعفنات، حيث أن مرضانا يخرجوا من المستشفى بعد انتهاء فترة استشفائهم بأمراض استشفائية غير تلك التي دخل من أجلها للعلاج.
كما أشار بركاني إلى الوضعيات التي يتم بها تغيير الضمادات والتي وصفها بسوء في التكفل بهؤلاء المرضى مما ينجر عنه تعفنات من شأنها أن تكون خطيرة.
ص.ب

“ميكروب” ينهي حياة الاقتصادي صلاح موهوبي
دخل الدكتور صلاح موهوبي للجزائر، وهو إطار تقلد مسؤوليات حساسة، وباحث أثرى الساحة الأكاديمية بالعديد من الكتب والمقالات، مستشفى بني مسوس في حالة حرجة لإجراء غسيل الكلى، لكنه بدل أن يلقى العناية اللازمة، زادت معاناته بعد أن أصيب داخل المستشفى بجرثومة نتيجة انعدام شروط النظافة بالقسم الذي كان يقيم فيه. ولم يكن الدكتور صلاح وحده داخل القسم، حسب صهره، فقد كان يجاوره مريض آخر، انتقل إلى بارئه هو الآخر، بعد أن أصيب بالحمى وضيق التنفس وهي نفس الأعراض التي عانى منها الدكتور صلاح.
يروي صهره بأسى وحزن، كيف أن قسم أمراض الكلى الذي كان موجودا به الدكتور صلاح، لا توجد فيه مناوبة بعد الرابعة مساء، رغم أن مريض الكلى قد يحتاج في أي لحظة إلى الإسعاف نظرا لحساسية المرض. ويضيف أن القسم تنعدم فيه تماما شروط النظافة وتنبعث منه روائح كريهة. والأدهى من ذلك، أن الأطباء سمحوا لعائلته بإخراجه من المستشفى، لكن حالته تضاعفت في المنزل، وبعد إعادته إلى المستشفى، قال الأطباء أنهم أخطأوا في التشخيص وما كان يجب عليهم السماح له بالخروج.
وتابع صهره “لم يجد الدكتور صلاح وهو في سكرات الموت بعد أن أصيب بنوبة قلبية طبيبا يقوم بإنعاشه، وأدخل إلى مصلحة الاستعجالات وترك يحتضر حتى الموت.
الجزائر: محمد سيدمو
http://www.elkhabar.com/ar/autres/investigation_khabar/356258.html

كلمات مفتاحية