سياسة

10 آلاف حالة تعفن في مستشفيات الجزائر

لم يكن عبد الحكيم، البالغ من العمر 25 سنة، يعلم أن خضوعه لعملية جراحي لاستئصال الزائدة الدودية في إحدى مستشفيات الجزائر، سيكون منعطفا حاسما في حياته الصحية، فبعد العملية التي وصفت بالناجحة، لم يمرّ أسبوع فقط حتى بدأ الانتفاخ يظهر في بطنه، وحين قام بإجراء الفحوصات وجد قطعة من الضمادات نسيها الفريق الطبي داخل جسمه أثناء إجراء العملية، وهو ما استلزم إجراء عملية جديدة لنزع الضمادة، مما تسبب بتعفن الجرح وأدى إلى وفاته.

ورغم أن الحكومة الجزائرية تخصص مبالغ مالية طائلة، قدرت بحسب بعض المصادر بنحو 5.5 مليار دولار سنويا لقطاع الصحة، فإن حالة مستشفياتها كارثية. وتتعدد المشاكل التي يعاني منها المريض الجزائري، بدءا من الإجراءات البيروقراطية داخل المستشفيات، وصولا إلى تردي الخدمات العلاجية، وأهمها انعدام النظافة وقلة الاهتمام بالمرضى، مما يتسبب بالإصابة بأمراض جديدة جراء انتشار الجراثيم والفيروسات، بسبب غياب وسائل التعقيم.

وتشير آخر الإحصائيات إلى نحو 18% من المرضى الذين يعالجون في المستشفيات الجزائرية، وقعوا ضحايا الإصابة بأمراض أخرى خطيرة، وتفيد مصادر طبية إلى أن 50% من العيادات والمؤسسات الصحية عبر الجزائر لا تمتلك أدوات تعقيم.

بينما تشير تقارير إلى أن 45% من الممرضين لا يعقمون أيديهم كما ينبغي، في حين أظهر تقرير ميداني قامت به وزارة الصحة أن الجزائر تسجل سنويا عشرة آلاف حالة تعفن استشفائي أو عدوى، وهو ما يكلف خزينة الدولة عشرة آلاف دولار لعلاج كل مريض.

مشروع إصلاح الصحة
وفي إفادته للجزيرة نت، وصف البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لتطوير الصحة والبحث العلمي، الوضع في المستشفيات الجزائرية بـ”الكارثي”، وتساءل عن “السر في استمرار مشروع إصلاح القطاع الصحي منذ 1999 الذي لم يحقق أية نتائج تذكر”.

فالقطاع الصحي، بحسب خياطي، “عرف منذ هذا التاريخ تغيير 11 وزيرا لكن لا شيء تغير، ومعاناة المريض لا تزال مستمرة”، والسبب برأيه “غياب قنوات الحوار بين ممارسي الصحة وبين السلطات”.

وأضاف “مع كل تغيير وزاري يريد الطاقم الجديد فرض رؤيته في الإصلاح دون الرجوع إلى ممارسي المهنة، وهذا الأمر يعتبر إقصاء، والنتيجة استحالة تحقيق الأهداف المحددة للنهوض بهذا القطاع”.

وبحسب خياطي فإنه “من غير الممكن النهوض بالقطاع دون وضع سياسة عامة، من خلال تنظيم ندوة وطنية تجمع كل منتسبي المهنة، ويتم من خلالها تشريح واقع القطاع، وتقديم بدائل وتصورات ووضع أهداف وإستراتيجية للسنوات الثلاثين المقبلة. ويجب وضع قانون جديد للصحة، لأنه من غير المعقول، بحسب خياطي، أن يسير القطاع بقانون شرع في 1985 ونحن في سنة 2013”.

ويشير إلى أن “انتشار العدوى داخل المستشفيات خاصة وسط بعض الأقسام الحساسة، مثل قاعات الإنعاش، والولادة، ومصالح طب الأطفال حديثي الولادة، سببه عدم تأهيل الممرضين والمسؤولين عن المعدات الطبية على مستوى غرف العمليات والإنعاش”.

منظومة مختلة
في حين يعتقد رئيس نقابة التمريض غاشي الوناس، في حديثه للجزيرة نت أن “الإشكال غير مرتبط بالممرضين، ولكن يتعلق بخدمات النظافة”، لأن “هناك مواد جديدة للتنظيف لا يتقنون استخدامها، لعدم حصولهم على تأهيل وتدريب مناسبين، فتنظيف حجرة عمليات جراحية ليست كتنظيف قاعة انتظار، لأن العملية تخضع لمعايير ومقاييس علمية”، مؤكدا أن “مسؤولية مكافحة الأمراض الناتجة عن الفيروسات المتنقلة هي مسؤولية الجميع”.

وبرأي الوناس فإن “أية إصلاحات لن تنجح دون أن تبدأ على مستوى وزارة الصحة، التي تحتاج لإصلاحات عميقة، قبل أن يتم الشروع في إصلاح المستشفيات والمؤسسات الصحية”.

من جانبه أكد عضو النقابة الوطنية للصحة العمومية خميس علي للجزيرة نت أن “النقابة طالبت منذ سنوات بضرورة إعادة النظر بشكل شامل في طريقة تسيير وعمل المستشفيات الجزائرية”، لأن المنظومة الصحية تعاني من اختلالات كبيرة سواء على مستوى التنظيم، أو مستوى الخدمات”.

وأضاف علي أن “النقابة اقترحت إعادة النظر في قانون الصحة”، وبرأيه فإن “التعديلات الجزئية التي أدخلت على القانون كان لها أثر سلبي، وسهلت تحويل المرضى من العلاج في القطاع العام إلى القطاع الخاص”، الذي قال عنه إنه “يمارس سمسرة على حساب المرضى”.

وأكد خميس أن “قلة الإمكانيات وغياب الوسائل هو السبب المباشر في انتشار الفيروسات، فلا يمكن تزويد فريق طبي كامل بعلبة واحدة من أدوات الجراحة”.

وقد حاولت الجزيرة نت الاتصال بمدير الوقاية، وبالمكلف بالإعلام على مستوى وزارة الصحة، لأخذ وجهة نظرهم، دون أن تتمكن من الحديث معهم.

المصدر:الجزيرة
http://www.aljazeera.net/news/pages/b1ebe56f-82a9-4e96-8065-dd3806296e2b

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق