سياسة

ثماني سنوات تمر على الاستفتاء : مصالحة افتقدت إلى ”مصارحة”

الأطراف المعنيون به يتحدثون إلى ”الخبر”
”ميثاق المصالحة فشل في دفن الأحقاد”
طلبت ”الخبر” من الأطراف المعنية بميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الذكرى الثامنة للاستفتاء الذي جرى بتاريخ 29 سبتمبر 2005، تقييم مسار سنوات من تطبيق المشروع، فكانت آراؤهم متفقة بخصوص فشله في دفن الأحقاد وحل الأزمة الأمنية، وحتى رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنطيني قال إن الميثاق تجاهل 15 ألف شخص من معتقلي الصحراء، رغم أنه حقق 95 بالمائة من أهدافه.

علي بن حاج
”المصالحة الوطنية مخادعة كبرى”
قال نائب الجبهة الوطنية للإنقاذ المحلة، علي بن حاج، إن ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في الذكرى الثامنة للاستفتاء عليه، لم يحقق أهدافه المنشودة، مضيفا ”نحن نعتبره مخادعة كبرى لأن المصالحة عند العقلاء الذين يقيّمون معناها الحقيقي يكون برأب الخصام بين طرفين، وأصل الأزمة سياسي والحل السياسي لم يتحقق لغاية اليوم”.
ووصف القيادي في ”الفيس” المحظور علي بن حاج وهو يقيّم لـ”الخبر” مسار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، بـ«الإقصائي”، وقال إن من صاغوا بنوده اهتموا بالجانب الأمني لا أكثر ولا أقل، وأهملوا جوانبه الواسعة، فلم تتوفر، حسبه، مصارحة بين الأطراف المتخاصمة مثلما تقتضيه المفاهيم الصحيحة لمعنى المصالحة.
وأوضح بن حاج أنّ ميثاق السلم والمصالحة لم يقتلع الأزمة من جذورها، ومازال الذين نزلوا من الجبال ممن لبّوا نداء السلم يعانون في الجوانب الاجتماعية، دون الحديث عن منعهم من التمتع بحقوقهم السياسية وهو ما ورد في المادة 26 من الميثاق، وقال ”هو ميثاق لمخادعة كبرى، برّأ الجلاّد وجرّم الضحية”.
ولا يعقل، حسب علي بن حاج، أن يمنع المستفيدون من ميثاق المصالحة الوطنية من الترشح للانتخابات الوطنية، فتلجأ السلطة إلى زبر قوائمهم رغم ما فيه من مخالفة للدستور والمواثيق الدولية التي وقعت عليها الجزائر، مضيفا ”ويتحدث الرئيس بوتفليقة عن ضرورة تكيف الدولة مع القوانين الدولية، فكيف نمنع من حقوقنا السياسية في ظل غياب أحكام قضائية، هي جريمة عظمى يعاقب عليها القانون”.
ويتساءل علي بن حاج عن الدواعي التي تدفع بالقائلين إن ميثاق السلم والمصالحة (في إشارة إلى فاروق قسنطيني) حقق 95 بالمائة من أهدافه، في الوقت الذي لم يجلس فيه الخصوم إلى بعضهم ولم يقع نقاش واسع مع المعنيين بالميثاق، مثلما حدث في دول مثل جنوب إفريقيا وإسبانيا والشيلي التي عرفت صراعات داخلية، فتصارحوا ليتصالحوا، حسبه.

جمعية المفقودين
”ميثاق المصالحة الوطنية ظلم كثيرا عائلات المفقودين”
اعتبرت جمعية عائلات المفقودين أن ميثاق السلم والمصـــــــالحة الوطنية أضرّها كثيرا وساهم في تعميم الحقيقة للكشف عن المتـــــــــهمين في فقدان أبنـــــــائهم. وقالت رئيـــــــــسة الجمعية إن القانون الذي اعتــــــــــمد في فيفري 2006 بأمـــــرية رئاسية كـــــــــــــرّس سياسة اللاّعقاب في حق المتسبّبين في أزمة المفقودين رغم أنّه أمر معارض للدستور.
واتهمت رئيس جمعية العائلات المفقودين نصيرة ديتور في اتصال مع ”الخبر”، صــــــانعي ميثاق السلم والمصالحة بصد الأبواب أمامهم لرفع شكاويهم ضـــــــــدّ من تصفهم بـ”رجال الدولة” المتســــبّبين في أزمة المفقودين، واستغربت سر المادة 46 من الأمر رقم 06-01 المؤرخ في فيفري 2006.
وتنص على أنه يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة من 250 ألف دينار إلى 500 ألف دينار، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كـــــــتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطـــــــــــنية أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية الجزائــــــــرية الديمقراطية الشعبية، أو لإضــــــــعاف الدولة، أو للإضرار بكـــــــــــــــرامة أعـــــــــوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحــــــــــافل الدولية.
وقالت نصـــيرة ديتور إنّه بهذه المادة، تقوم السلطة بإهانتهم وتمنعهم من كشف الحقيقة، ”فبعد 8 سنوات من تأسيس ميثاق السلم والمصالحة مازلنا نعجز عن إظهار الحقيقة، وسنبقى نطالب بشتى الطرق بأمرين اثنين: الحقيقة وتطبيق العدالة”.
وأوضحت المتحـــــدثة ”ورغم كل ما تعانيه عائـــــــلات المفقودين، يطل رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان فاروق قسنـــــــــــطيني علينا ليقول إن الميثاق نجــــــــــــح، كيف ذلك وهو نفس المسؤول الذي يتسر على تقرير أعده سنة 2005 كتــــــــــب فيه إن هـــــــناك 6145 مفقود، فأين هو التقرير؟”.

رئيسة المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب
”ميثاق السلم لم يحمنا نفسيا”
أعطت المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب تقييما سلبيا لمسار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في مجال التكفل بهذه الفئة، ورأت، في المقابل، أنّه إيجابي في جانب استتباب الأمن. وأشارت رئيسة المنظمة فاطمة الزهراء فليسي، إلى أن بنود الميثاق لم تراع جوانب التكفل السليم بـ«نفسية” ضحايا الإرهاب.
واستنكرت رئيس المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب في تصريح لـ”الخبر”، السماح بموجب ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لصانعي العشرية السوداء بالظهور بكل حرية عبر وسائل الإعلام المرئية والحديث عن مشاركتهم في سنوات الدم والدمار.
وقالت فليسي إن الميثاق ”فارغ” باعتباره لم يؤمّن ”الحماية النفسية” لضحايا الإرهاب، مضيفة إن أغلب الشكاوى التي تتلقاها من ما يزيد عن 80 ألف ضحية، تصبّ في تساؤلهم حول كيفية السماح لهذه الفئة بالظهور دون رقابة وهم الذين دمروا حياتهم، حسبها.
فاروق قسنطيني
”ميثاق السلم تجاهل 15 ألف معتقل في الصحراء”
أوضح رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، أن الميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية قد استوفى جميع إجراءاته، ومن الضروري اتخاذ تدابير تكميلية فيما يخص بعض الفئات التي عانت من المأساة الوطنية.
وقال قسنطيني لـ”الخبر”، إن الميثاق حقق كل أهدافه و«من الضروري اتخاذ تدابير تكميلية لتشمل فئات عانت من المأساة الوطنية لم يتم ذكرها في الميثاق، ومنهم 15 ألف شخص ممن اعتقلوا في الصحراء والأشخاص الذين تم سجنهم ثم أطلق سراحهم دون محاكمة، وآخرين تكبدوا خسائر مادية خلال سنوات التسعينات”.
الجزائر: خ. بودية

http://www.elkhabar.com/ar/politique/357978.html

ثماني سنوات تمر على الاستفتاء حول مسعى بوتفليقة
مصالحة افتقدت إلى ”مصارحة”
الثلاثاء 01 أكتوبر 2013 الجزائر: محمد شراق

مرت أول أمس الذكرى الثامنة للاستفتاء حول ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي تم يوم 29 سبتمبر 2005، ذكرى لا تأتي كل سنة إلا لتصطحب معها سؤالا: هل حقق الرئيس بوتفليقة مبتغاه؟ الإجابة توزعت بتوزع المواقف بين أنصار الرئيس وبين خصومه، على مدى ثماني سنوات زج خلالها بالمصالحة الوطنية في غياهب موازين القوى تارة وفي دائرة ”بزنسة” ومصالح تارة أخرى.
المشتغلون على ملفات المصالحة، في شتى دول العالم، يجمعون على أن الانطلاق من المفهوم الحقيقي للمصالحة، هو العامل الأساسي والوحيد لإيصال مسعى المصالحة نحو الهدف المرجو منها، والهدف المرجو من المصالحة المتعارف عليه، هو الوصول إلى حالة وجدانية في المجتمع تنم عن رضا جميع الأطراف التي كانت متصارعة، فهل تحقق ذلك في الجزائر؟ وهل ما قامت به السلطة، مصالحة وطنية حقيقية توغلت في أذهان الجزائريين فتقبلوها بعد مصارحة بالنوايا الحقيقية؟
وعرفت المصالحة في الجزائر مسارا تقنيا بحتا، اختزل في معالجة ملفات تقنية، الواقع يؤشر على أنها لم تحقق حالة الرضا العام وسط الجزائريين، ولكنها حاولت إيجاد ميكانيزمات تقنية لمعالجة فترة ما بعد الإرهاب، معالجة استهدفت فئات معينة وغفلت عن فئات أخرى، وليس لب المآخذ اللصيقة بمسعى الرئيس هو إقصاء هذه الفئات، ولكن المآخذ تكمن في أن المصالحة بمعنى إزالة حالة الاحتقان في المجتمع لم تتحقق، بينما بقي مسعى الرئيس بوتفليقة رهين تجاذبات، واستعمالات سياسية متى دعت الضرورة إلى ذلك، بينما مرت ثماني سنوات لتكتشف بعض الأطراف المتنازعة أن المصالحة افتقدت إلى مصارحة بالنوايا.
وحتى وإن تم الإقرار بأن المصالحة هي تلك التي تبناها الرئيس، فأغلب الملفات التي ضمنها في ميثاق 2005 لم تعرف حلا جذريا، من حيث بقي ملف المفقودين مفتوحا وإن أغلقته السلطات، بمبدإ تعويضات قسمت عائلات المختفين قسريا، تماما كما بقي معتقلو الصحراء ومطرودون من العمل في رحلات ذهاب وإياب من وإلى اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، من حيث وضع رئيسها فاروق قسنطيني في مواجهة حرجة مع الجميع منذ بدء تنفيذ قانون مصالحة شكل عنوانا لمادة دسمة لدى الموالين للرئيس في رئاسيات 2009.
ورغم ما يسميه الحقوقيون ”بإخفاقات” قانون المصالحة، يروج الخطاب الرسمي لنجاحات ”باهرة”، لم تبق حبيسة الداخل ولكنها آلت الى التصدير، أو هذا ما ظل وزير الخارجية السابق مراد مدلسي يسوّق له، وبدا أن أسهم المصالحة الجزائرية ارتفعت بارتفاع درجة حمى ”الربيع العربي”، دفعت الليبيين والتونسيين، إلى طلب ”تجربة المصالحة في الجزائر” وفقا لتصريحات وزراء في حكومة أويحيى السابقة، لكن الواقع يؤكد أن الليبيين اختاروا لأنفسهم ”أنسب صيغة” للمصالحة، ويتعلق الأمر بتبني ”العدالة الانتقالية” التي سنوا لأجلها قانونا ينتظر فقط التنفيذ، وتبنى العدالة الانتقالية على: أولا: تحديد المسؤوليات في الأزمة بوضوح وشفافية خاصة إذا عرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتحميل المسؤولية للطرف المعني، على أن يعفو عنه المجتمع بعدئذ. وثانيا: جبر الضرر للضحايا. وثالثا: إصلاح المؤسسات التي كانت سببا في أحداث حصلت. وهي الآلية التي تعمل عليها ليبيا وتونس بعدما عمل بها المغرب عام 99.
بالنسبة لمسار المصالحة في الجزائر، لم تحدد المسؤوليات في الأزمة الدموية التي انخرطت فيها البلاد بوضوح، ولم يتم جبر الضرر لكافة الضحايا، ولم تصلح المؤسسات المتسببة في الفوضى كما يجب، ولعل هذا ما يدفع فاروق قسنطيني إلى تقييم المصالحة دوما على مقاس ”المصالحة حققت نجاحا.. لكن مازال”.
ومعلوم أن العديد من الأطراف طالبت بتنفيذ هذه الآلية ”العدالة الانتقالية” في الجزائر بعد الإعلان عن استفتاء المصالحة، على رأسها رابطة حقوق الإنسان، لبوجمعة غشير، غير أن المسعى عارضته أطراف أخرى على غرار حركة مجتمع السلم والتجمع الوطني الديمقراطي بدعوى أنها ”تعيد فتح المواجع”.. مواجع بقيت مفتوحة منذ 2005 بالنسبة لفئة معينة من السياسيين، ويتعلق الأمر بمنع عودة مناضلي الفيس إلى العمل السياسي، كعقوبة ”جماعية” ينتقدها الكثيرون ممن يفضلون العقوبة الفردية بحظر العمل السياسي حصرا على من تلطخت أيديهم بالدماء.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/357970.html

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق