سياسة

الاقتصاد الجزائري.. ريعي خانق للحريات

صنفت تقارير دولية الجزائر ضمن الدول الأكثر خنقا للحريات في المجال الاقتصادي، فبعد أن أدرج تقرير التنافسية العالمية الجزائر في المرتبة مائة من أصل 148 دولة، جاء تقرير معهد فريزر الكندي الذي وُصف بأنه “صادم”، بعد أن صنف الجزائر في المرتبة 119 عالميا.

تقرير معهد فريزر (وهو مؤسسة مستقلة غير ربحية مختصة بالأبحاث المتعلقة بالاقتصاد والعلوم السياسية) صنف الجزائر في المرتبة 119، بمجموع 4.71 نقاط من أصل عشر نقاط، بجانب دول مثل: بورندي وأفريقيا الوسطى وتشاد وأنغولا وجمهورية الكونغو، واعتمد المعهد في تصنيفه على مقياس واحد من عشرة، وكلما كان عدد النقاط أكبر كان ذلك دليلا على مستوى الحرية الاقتصادية.

واعتمد التقرير في تقييمه على عدة جوانب تتعلق بحجم الإنفاق الحكومي، وحرية التبادل التجاري، والسياسات النقدية، إلى جانب الإجراءات الحكومية التجارية، وصنف التقرير الدول على أساس السياسات المتبعة في إقامة المشاريع، كالتسهيلات التجارية، ونظام الضرائب والسياسات المتبعة في تشجيع الحرية الاقتصادية، إلى جانب الإجراءات الحكومية ومدى مرونتها والقوانين الموضوعية على الملكية الأجنبية للأعمال.

واعتمد التقرير على معطيات رسمية تصرح بها الدول، وكذا تقييم خبراء المعهد بناء على معلوماتهم الخاصة.

الاستثمار الأجنبي
وفي حديثه للجزيرة نت يؤكد الدكتور سليمان ناصر الباحث المتخصص في البنوك والصيرفة الإسلامية أن “هذه التقارير فيها جانب كبير من الصواب”، وفي رأيه “هناك مظاهر كثيرة لذلك، في مقدمتها قاعدة الاستثمار على أساس 49% للمستثمر الأجنبي و51% للمستثمر المحلي”.

ويرى ناصر أن “دولا نامية وأخرى متقدمة تطبق هذه القاعدة، وربما تمنح نسبة أكبر للشريك المحلي”، ويضيف “لكن الجزائر لا تصح لها هذه القاعدة، لأنها بحاجة ماسة إلى رأس المال الأجنبي للنهوض باقتصادها، وتحريك عجلته، التي بقيت معطلة بعد خمسين سنة من الاستقلال، رغم الإصلاحات العديدة، وبعد أن فشل رأس المال الوطني في تحريكها”.

ويتابع “الجزائر ليست السويد أو فنلندا أو غيرهما من البلدان التي حققت مستويات عالية من النمو حتى تستغني عن الاستثمار الأجنبي، لأنها في مثل الظروف التي تمر بها، يجب أن تنظر إلى الاستثمار الأجنبي من جوانبه الإيجابية، والمتمثلة في تشغيل اليد العاملة، وتخفيض معدلات البطالة التي بقيت مرتفعة بين أوساط الشباب، وكذلك الاستفادة من التكنولوجيا التي يجلبها الرأسمال الأجنبي، بشرط تطويرها ثم إنتاجها بعد ذلك محليا بعد التحكم فيها”.

وأضاف “هذه القاعدة جعلت المستثمر الأجنبي يتردد كثيرا قبل الدخول إلى السوق الجزائرية، لأنه على يقين من أنه لن يستطيع فرض سياسته في ظل تلك القاعدة، ما دام لا يملك أغلبية رأس المال، سواء عند الدخول في شراكة جديدة، أو عند شراء أسهم في المؤسسات العمومية القائمة”.

والدليل على ذلك، يقول ناصر “فشل خصخصة بعض البنوك العمومية بسبب تردد المستثمر الأجنبي، على غرار خصخصة بنك القرض الشعبي الجزائري، التي بقيت تراوح مكانها منذ السنوات الأولى من هذه الألفية”.

والحل الأمثل حسب الدكتور ناصر لمعضلات الاقتصاد الجزائري، هو المزيد من الانفتاح على العالم، بداء بتعديل قاعدة الاستثمار على أساس منح نسبة أكبر للمتعامل الأجنبي.

ويتساءل، لماذا لا يمنح النسبة كاملة لملكية رأس المال، مع شروط يتفق عليها مع الحكومة، في مقدمتها الاعتماد على اليد العاملة المحلية، خاصة في الوظائف التي لا تحتاج تأهيلا عاليا.

اقتصاد ضعيف
من جانبه يشير الدكتور فارس مسدور أستاذ الاقتصاد بجامعة سعد دحلب بالبليدة إلى أن “الجزائر ليس لديها مستوى اقتصادي مميز، وبالتالي الحديث عن كونه خانق للحريات هو حديث هامشي”.

ويضيف “نحن لم نصل إلى أن نصدر خارج قطاع المحروقات أكثر من مليار دولار، وبالتالي اقتصادنا هو اقتصاد ضعيف خارج قطاع المحروقات”.

ورغم ذلك يشدد مسدور في حديث للجزيرة نت على “ضرورة العمل على تطوير الاقتصاد الجزائري في شقه المتعلق بإطلاق الحريات للمستثمرين”.

وبخصوص قاعدة الاستثمار الأجنبي التي يعتبرها بعض المتابعين عائقا كبيرا في جلب الاستثمار الأجنبي إلى الجزائر، أوضح مسدور “الاقتصاد الجزائري ليس اقتصادا مميزا وقويا، وقاعدة الاستثمار الأجنبي تتسبب عاما بعد عام في فقدنا الكثير من الامتيازات الاستثمارية الأجنبية، التي يمكن لها أن تساهم في مكافحة البطالة، وترقية المؤسسات الاقتصادية الجزائرية التي تنشط خارج قطاع المحروقات”.

وحسب مسدور فإن “الحكومة الجزائرية تستند الآن على نقطة أساسية وهي الفائض المالي”، ولكن هذا الفائض المالي في رأيه “لن يصمد أمام بعبع الاقتصاد العالمي”.
ياسين بودهان – الجزائر
http://www.aljazeera.net/ereports/pages/6764d456-fc97-45ce-84a2-85118206f3e6

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق