سياسة

السلطة تريد “تركيع” الصحافة

غلق مصادر للمعلومات ومقاضاة للرأي وتحرش ومساومة بالإشهار
الجزائر: ح.سليمان

كانت ممارسة السلطة إلى وقت ليس ببعيد تقتصر في تضييقها على وسائل الإعلام، على غلق مصادر المعلومات وحجب نشر الأخبار والتحقيقات، بحجة الإخلال بالأمن والنظام، انتقل التضييق بعد إصدار قانون الإعلام الجديد، إلى منع التعبير عن الرأي، بعدما أقدمت وزارة الدفاع على مقاضاة صاحب عمود “نقطة نظام” سعد بوعقبة، وسجن مدوّن شاب بالمؤسسة العقابية لسركاجي، فقط لأنه عبّر في صفحته بـ”الفيسبوك “عن رفضه للعهدة الرابعة.

عادت السلطة إلى نفس الممارسات التي ظن الجميع أنها ذهبت مع عهد الحزب الواحد، بحيث عادت آلة الترهيب إلى قطاع الإعلام لحمل رجال مهنة المتاعب على ممارسة “الرقابة الذاتية”، ليس على الأخبار التي يريدون نشرها، بل في منعهم من التعبير عن “الرأي” المخالف لتوجهات السلطة الحاكمة. ويعد هذا السلوك الجديد من الخطورة بمكان، لكون ممارسته لم تقتصر على وسائل الإعلام التقليدية (صحف مكتوبة)، بل شمل أيضا التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي مثل “الفيسبوك” وغيرها. ورغم أن التقرير الأخير لمنظمة “محققون بلا حدود”، قد وضع الجزائر في مرتبة غير مشرّفة عالميا، من حيث حرية الصحافة بعد تدحرجها بثلاث مراتب في ظرف سنة واحدة (المرتبة 122 في 2012 إلى 125 في 2013)، غير أن ذلك لم يحرج السلطة في شيء من هذه العودة للوراء، بالرغم من أن الجزائر حققت مراتب أحسن منها في منتصف التسعينات.
وتنظر السلطة ربما إلى مثل هذا التراجع في مجال حرية الصحافة بمثابة “انجاز” تحققه، رغم أنه أضحوكة تضاف إلى أكذوبة تحقيق الإقلاع الاقتصادي، رغم ما صرف عليها من ملايير الدولارات. كيف لا يكون هذا تحرشا وتضييقا على الصحفيين والمدونين الممارس من قبل السلطة مع سبق الإصرار والترصد، وقد اختير له ظرف زمني له أكثر من دلالة، بحيث نزلت “الآلة” العقابية والتهديدات، عشية اليوم الوطني للصحافة الذي أقرته السلطة في 2013، لكن ليحتفل به لأول مرة، ليس بتحرير الإشهار وفتح الفضاء السمعي البصري ومنح مزيد من الحرية لمهنة المتاعب والوسائط التكنولوجية الأخرى، وإنما من خلال عودة تكميم أفواه الصحفيين وسجن المدونين، وربما إعادة لجان القراءة، خصوصا بعدما اتهم بيان وزارة الدفاع بأن هناك “تحاملا” إعلاميا على المؤسسة العسكرية.
والغريب في الأمر، أن المتابعات المسلطة من قبل السلطة الحاكمة على الصحف والصحفيين والمدونين، لم تعد تقتصر على تهم القذف والشتم، وهي التهم المعمول بها كالعادة عالميا ضد الصحفيين، بل انتقلت التهم إلى متابعة الصحفيين بـ”تهديد النظام” و”المساس بالأمن الوطني” وتهديد استقرار البلاد، وغيرها من القوالب الجاهزة التي ينتظر “لبسها” لأي صحفي، حتى وإن كان يشتغل في جريدة حائطية، وهو ما حدث خلال مرض الرئيس، حيث منعت صحف من الصدور وفرض حصار على المعلومات وصمت كل مؤسسات الدولة، وكأن معرفة صحة الرئيس ليست حقا من حقوق المواطن في الإعلام. هذا السلوك يؤشر إلى “تغول” السلطة بشكل مخيف وغير مسبوق في عصر تسميه “تنفيذ الإصلاحات السياسية”. لكن عندما تقول منظمة “محققون بلا حدود”، إن ما أعلنت عنه الحكومة الجزائرية من إصلاحات وقانون للإعلام مجرد “حبر على ورق”، ففي ذلك أكثر من دليل أن السلطة التي لا تستطيع التقدم إلى الأمام لا تصاب بالتكلس فحسب، بل تريد صحافة بلا طعم ولا ورائحة، لتبقى هي في الكرسي. فهل بعدما “صحرت” هذه السلطة الحياة السياسية وكسرت الأحزاب والمنظمات، جاء الدور الآن على ما تبقّى من ثمار انتفاضة 5 أكتوبر 88، وهي الصحافة المستقلة والخاصة؟
http://www.elkhabar.com/ar/politique/362035.html

سجن صابر سعيدي وعلوي وملاحقة عبود وتهديد بوعقبة
المطلوب من الصحافة أن “تدخل في الصف”
الجزائر: عثمان لحياني

لا يحل اليوم الوطني للصحافة في الجزائر والصحافة بخير، ضاق صدر السلطة بكتابات الصحفيين وانتقادات المدوّنين، وعاد مقص الرقيب والتهديد بالعدالة إلى الواجهة.
أربع حالات على الأقل، تعطي بوضوح مؤشرا على واقع حرية الصحافة وحرية التعبير في الجزائر، وترسم معالم التحوّل في التعاطي “البوليسي” للسلطة مع الصحافة والصحفيين وصحفيي المواطنة (المدوّنين). ففي أوت 2012، اعتقل المدوّن صابر سعيدي الذي عارض ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة، وأحيل على المحاكمة بتهمة الإشادة بالأعمال الإرهابية ونشر تسجيلات تحريضية، قبل أن تتثبت المحكمة في أفريل 2013 من أن التهمة الموجهة إليه باطلة بعد تسعة أشهر من الحبس الاحتياطي، وتصدر حكما بالبراءة في حقه. تلتها قضية هشام عبود، حيث تم منع طبع جريدتي “جريدتي” و”مون جورنال” بسبب تضمنهما مقالا حول الوعكة الصحية للرئيس بوتفليقة، قبل أن تصدر النيابة العامة تهمة المساس بأمن الدولة وتهديد السلامة الترابية، على خلفية حوار نشره هشام عبود في صحيفته، واضطر الأخير لاحقا إلى توقيف الصحيفتين، وتشريد الصحفيين العاملين فيها. وفي الخامس أكتوبر الماضي، منع صحفيون من حق التجمع في ساحتهم “ساحة حرية الصحافة” وسط العاصمة، عندما كانوا بصدد وقفة للمطالبة بالديمقراطية والحريات واحترام الدستور.
وفي السياق، جاءت قضية المدوّن عبد الغني علوي التي بدأت تأخذ اهتماما متزايدا على صعيد الهيئات الدولية المهتمة بالحريات وحقوق الإنسان، لتؤشر على ضيق صدر السلطة، بعدما اتهم علوي بالإساءة إلى شخص الرئيس بوتفليقة نتيجة نشره صورا مركبة لرئيس الجمهورية على مواقع التواصل الاجتماعي. وتزامنت هذه القضية مع مقال كتبه الصحفي سعد بوعقبة في “الخبر”، استفز وزارة الدفاع الوطني التي أصدرت بيانا انتقدت فيه مضمون المقال وهاجمت “رأي” بوعقبة ووصفته ب”التطاول والتحامل والتجريح”، وهددت بملاحقته قضائيا، هذا عدا الملاحقات القضائية والتهديدات التي يتلقاها مراسلو الصحف في عدة ولايات من أشخاص وهيئات رسمية وغير رسمية.
لا تؤشر هذه القضايا على خلل في العلاقة بين السلطة والصحافة فحسب، لكنها تؤشر على تشوش صورة الصحافة ودورها المجتمعي في منظومة السلطة، وليس أكثر دلالة على ذلك من كون الجزائر استهلكت على مدار 50 سنة، 33 وزيرا للاتصال، والعجز عن تكريس القوانين الصادرة المتصلة بالإعلام والصحافة. كما أن تصريحات وزير الاتصال الجديد عبد القادر مساهل، الذي قال إن “دور الصحافة هو الدفاع عن المصلحة الوطنية”، يفسر أن السلطة تريد من الصحافة دورا محددا وفي اتجاه واحد.
واللافت أن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل المقبل، يحيى “جراح” السلطة في رئاسيات 2004، ويستدعي لديها مشهد انفلات الصحافة ضد خياراتها السياسية في ذاك الاستحقاق الرئاسي، وهو ما يمكن أن يفسر رفع العصا وزجر الصحف والصحفيين من قبل السلطة في الفترة الأخيرة، الذي يتصل بمحاولتها رفع مستوى حساسيتها من “الصحافة “ لدفع هذه الأخيرة إلى خفض منسوب النقد الحاد، وإبقاء الصحافة في الخط المعتاد.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/362029.html

المحامي المتخصص في قضايا القذف خالد بورايو لـ”الخبر”
“التأسيس ليوم الصحافة ديماغوجية”
الجزائر: حميد.يس­­­
وصف المحامي خالد بورايو، المتخصص في قضايا القذف وجنح الصحافة، اختيار “يوم وطني للصحافة” والاحتفال به في 22 أكتوبر من كل عام، بـ”المناورة هدفها التوظيف السياسي للإعلام، لأغراض ديماغوجية”.
قال بورايو في اتصال مع “الخبر”، إن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة صاحب مبادرة تأسيس “يوم وطني للصحافة”، “شخص لا يؤمن أساسا بحرية التعبير والصحافة، ولا يمكن أن نفهم هذه المبادرة على أنها شعور بإيمانه بأهمية الإعلام، وإنما هي مناورة سياسية وديماغوجية يشاركه فيها الفاعلون في البلاد الذين لا يؤمنون بحرية الصحافة، ولا يحترمون هذه المهنة”.
وأوضح المحامي أن فترة حكم الرئيس بوتفليقة، التي دامت 14 سنة، “تميزت بتدهور وضعية الصحافة وباضطهاد الصحافيين، يكفي فقط الإطلاع على القانون العضوي المتعلق بالإعلام الذي صدر مطلع 2012، والذي كان أحد مشاريع ما سمي بالإصلاحات السياسية، لنتأكد أنه لا يحمي مهنة الصحافة ولا الصحفي ولا مصادره، ولا يعتني بحرية التعبير، ولازال الصحافي ينظر إليه كمشتبه من طرف السلطات”.
وأضاف المحامي: “لاحظوا معي أن الرئيس لم يطلق على المناسبة يوما لحرية الصحافة، بل يوما للصحافة. وقد استند في التأسيس لهذه المناسبة، إلى صدور أول عدد من جريدة المقاومة الجزائرية التي كانت رمزا لحرية الشعب الجزائري. ونلاحظ أيضا أن حرية الإعلام منعدمة في بيان بوتفليقة، الذي يعلن فيه عن اختيار 22 أكتوبر من كل عام يوما وطنيا للصحافة.. ألسنا أمام ديماغوجية إذن؟ّ”.
ومعروف أن المتزلفين للرئيس بوتفليقة المنتفعين من سنوات حكمه، يقولون إن السجون خلت من الصحافيين في عهد سابع رؤساء الجزائر، ويفسّرون ذلك على أنه احترام للإعلام والصحافيين من جانب بوتفليقة. حول ذلك، يقول بورايو: “إذا كان التوقف عن سجن الصحافيين بسبب مقالاتهم صحيحا، فالمتابعة القضائية لم تتوقف، فضلا عن أن كل قضايا القذف التي توبع فيها الصحافيون من طرف السلطات العمومية، خسرناها وانتهت في معظمها إما بالعقوبة المالية أو السجن مع وقف التنفيذ. دعني أضيف لك شيئا آخر.. في البلدان التي تزدهر فيها الحريات، تتقادم جرائم الصحافة بعد ثلاثة أشهر، بينما تتقادم بعد سنة كاملة في الجزائر”.
واللافت أن المسؤولين، في مناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير المصادف لـ3 ماي، يخوضون في الموضوع دائما من زاوية “ضرورة أن يتقيد الصحافي بأخلاق المهنة ويبتعد عن القذف والشتم”، ونادرا ما يتحدثون عن غلق مصادر المعلومات الرسمية ويغضون الطرف عن التقليص المتزايد لهوامش الأداء الإعلامي بحرية، في المؤسسات الإعلامية العمومية.
ولاحظ المحامي بورايو أن التاريخ الذي اختير للاحتفال بالصحافة، “يصادف اليوم العالمي للتأتهة، وهو اختيار يعكس حقيقة وضعية الصحافة في الجزائر التي لم تخرج من مرحلة التأتهة”. وأضاف: “لا يمكن بهذه المناسبة التي أريد لها زورا أن ترمز لحرية التعبير، إلا التنديد بحبس عبد الغني علوي الذي تتابعه السلطة بسبب التعبير عن رأيه، ونندد أيضا بتهديد الصحفي سعد بوعقبة بمتابعته قضائيا”، مشيرا إلى أن جهاز القضاء “لازال يعاني من ضغط السلطات في قضايا القذف المرفوعة ضد الصحافيين”.
أما عن مشروع قانون النشاط سمعي البصري، الذي يراه البعض “مؤشرا على وجود إرادة سياسية في الانفتاح”، فيقول عنه المحامي: “عندما تختفي الحريات الأساسية وتغيب الممارسة الديمقراطية، ويستشري الفساد في كل مفاصل الدولة، يصبح أي قانون صادر عن السلطة مسخرا لأهدافها وسياساتها، ولا يمكن أن نتوقّع منه شيئا لصالح الحريات”.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/362033.html

وزير الاتصال سابقا عبد العزيز رحابي لـ “الخبر”
“القراءة الأمنية هي السائدة في النظرة للإعلام”
عاطف قدادرة

قال وزير الاتصال والثقافة الأسبق، عبد العزيز رحابي، إن ممارسات السلطة تجاه حرية التعبير تعكس “وجود قراءة أمنية محضة أعادتنا إلى الخلف مدة 20 عاما”، ويعتقد رحابي أن هناك تناقضا بين الخطاب والتطبيق “تأسيس يوم وطني للصحافة بمقابل تخويف الجزائريين بالتهجم على المدونين والكتاب الصحفيين”. ويقارن رحابي في حديث مع “الخبر” بين فترة التسعينات والمرحلة الحالية “أعتقد أننا لم نصل إلى فترة حضيض مثل التي نحن عليها اليوم، لا خلال الأزمة السياسية والأمنية، ولا فترة ما بعد دستور التعددية مباشرة”.
ويلاحظ عبد العزيز رحابي أنه “في الوقت الذي يتراجع مؤشر الحريات في الجزائر، بشكل أثّر على أداء الإعلام، في الوقت الذي يتقدم الإعلام العربي والمغاربي، لاسيما في تونس والمغرب”. ويذكر رحابي أن “مسؤولين عرب كانوا يهنئون الشاذلي بن جديد على تجربة الإعلام في الجزائر، لكن منذ سنة 2000 شهدنا تحوّلا بارزا بترويج السلطة بأن الحرية هي التي أدت بنا إلى الأزمة”، وبعد ذلك يقول “انخرطت السلطة في عملية تخويف الجزائريين بأننا نعيش الهاجس الأمني، وأن الخروج من الشرعية الثورية هو انتقال إلى الشرعية الأمنية مباشرة”، ويختم بملاحظة أن “رئيس الجمهورية نفسه خلال الأشهر الستة الأخيرة، كان نشاطه الأكبر مع رئيس أركان الجيش، ما جعل النظرة ككل أمنية محضة”.
http://www.elkhabar.com/ar/politique/362032.html

ضيق صدر أم تحذيرات استباقية…؟
الجيش يرد على الصحافة بثلاثة بيانات في ثلاثة أشهر
الثلاثاء 22 أكتوبر 2013 الجزائر: عثمان لحياني
أصدرت وزارة الدفاع ثلاثة بيانات في ثلاثة أشهر، وهي المعروفة بـ”الصامتة الكبرى”، لتوضيح مواقف أو الرد على كتابات صحفية تخص الجيش، جاءت في توقيت سياسي حساس ميزه مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل المقبل.
في نهاية شهر جوان الماضي استدعت رسالة نشرها عضو مجموعة الـ22، محمد مشاطي، في جريدة وطنية، إصدار وزارة الدفاع الوطني بيانا أعلنت فيه رفضها دعوات وجهت إلى الجيش عبر الصحافة للتدخل في الشؤون السياسية، وذكر البيان بالمهام الدستورية للجيش. وفي 25 سبتمبر الماضي أصدرت وزارة الدفاع الوطني بيانا تضمنته افتتاحية مجلة الجيش، ردت فيه على ما وصفته “ببعض الأطراف والأقلام تناولت هذه المواضيع بشكل يتنافى والعمل الصحفي النزيه من خلال إصدار أحكام مسبقة وتقييم للحالة السائدة في صفوف المؤسسة العسكرية معتمدة على معلومات مغلوطة ومصادر مجهولة لا صلة لها بالجيش”. وانتقدت قيادة الجيش حينها ما وصفته بـ”التأويلات المغرضة الرامية إلى التشكيك في وحدة الجيش وتسعى إلى زعزعة الاستقرار وزرع الشكوك”، وطالبت “أصحاب هذه التأويلات بتحري الحقيقة”.
وتلا ذلك البيان الذي صدر الجمعة الماضي، والذي هددت فيه وزارة الدفاع بالملاحقة القضائية للصحفي سعد بوعقبة بعد نشره عمودا ساخرا تطرق فيه إلى لقاء رسمي بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ونائب وزير الدفاع وقائد أركان الجيش الفريق قايد أحمد صالح، ووصف البيان ما جاء في المقال بـ”التجريح والتطاول وتهجم وتحامل على الجيش”.
يقرأ العقيد السابق في الجيش، حملات رمضان، البيانات الأخيرة للجيش بأنها “مرحلة جديدة في إستراتيجية الجيش الإعلامية تكون قد بدأت، وفق رؤية تدخل حيز التطبيق، تقضي بتفعيل عمل خلايا الاتصال الولائية وهيئة الاتصال المركزية”، ويربط بين هذا التوجه والتغييرات التي تمت على مستوى قيادة وهيئات الجيش الشهر الماضي، وقال: “مديرية الاتصال التي انتزعت من الاستخبارات إلى رئاسة الأركان دليل قاطع على أن الجيش بصدد تغيير نظرته والتفاعل مع أية مواقف أو آراء تخصه”. وقال: “أعتقد أن مرحلة الصمت ولت، ووزارة الدفاع رأت أن تدافع عن الجيش في سياق دولي متغير، يفرض على الجيوش أن تتحدث وأن يسمع صوتها”. وتوقع العقيد السابق، حملات رمضان، في هذا السياق الجديد، أن “تصدر قيادة الجيش ووزارة الدفاع مزيدا من الردود والتوضيحات على كل ما يتصل بالجيش، وسيكون هناك رد على كل من يتحدث في الجيش”. ولمح العقيد فرحات إلى أن هذه البيانات تفرض على “الساسة والمثقفين والإعلاميين التعاطي بمسؤولية مع ما يتصل بالجيش”.
ويعتقد مراقبون أن التطرق للجيش والمؤسسات الأمنية الرديفة لم يعد طابو سياسيا وإعلاميا، كما كان في وقت سابق، يفسر ذلك حملة سياسية قادتها أحزاب وشخصيات طالبت برفع يد الجيش عن الشأن السياسي، وكذا تحول المؤسسة العسكرية إلى موضوع صحفي وتحاليل يومية بعد التغييرات التي أقرها بوتفليقة في الجيش، وربما شعرت قيادة الجيش بأن سقوط هذا الطابو قد يقلص من “القداسة السياسية” التي أضفتها مرحلة مكافحة الإرهاب على المؤسسة العسكرية. وهو أمر لافت في البيانات الثلاثة الأخيرة التي أصدرتها وزارة الدفاع، من خلال حرصها على التذكير بشكل مستمر بأن “الجيش ساهم في إنقاذ الجمهورية من الانهيار والسقوط تحت ضربات الإرهاب”.
لكن قراءات أخرى رأت في بيانات الجيش تحذيرا عاقلا، تسعى من خلاله المؤسسة العسكرية إلى الاحتفاظ لنفسها بأكبر قدر من “الهيبة”، و”رد فعل استباقيا” عشية الاستحقاق الرئاسي الذي تكون فيه المؤسسة العسكرية طرفا رئيسا وفاعلا، – كما اعتادت – في انتقاء مرشح السلطة وصناعة الرئيس.

http://www.elkhabar.com/ar/politique/362031.html

كلمات مفتاحية