سياسة

انهيار قيمة الدينار بـ 9 بالمائة ينذر بأزمة خانقة

‭*‬مسدور‮: ‬مقبلون‮ ‬على‮ ‬دوامة‮ ‬اقتصادية‮ ‬مشابهة‮ ‬لما‮ ‬حدث‮ ‬قبل‮ ‬أكتوبر‮ ‬88‮
‬انهيار‮ ‬وشيك‮ ‬للقدرة‮ ‬الشرائية‮ ‬وتآكل‮ ‬لأجور‮ ‬الجزائريين
ستتعرض القدرة الشرائية للجزائريين مجددا إلى ضربة قوية، بعد تعرضها لنكسة فعلية جراء ارتفاع الأسعار في الأشهر الأخيرة، إثر انخفاض قيمة الدينار الجزائري بأكثر من 9 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية مقابل الأورو، حيث بلغ سعر صرف الأورو أول أمس، 111,25 دينار رسميا،‮ ‬وهو‮ ‬انخفاض‮ ‬قياسي‮ ‬لقيمة‮ ‬الدينار‮ ‬أمام‮ ‬الأورو‮ ‬منذ‮ ‬الشروع‮ ‬في‮ ‬العمل‮ ‬بالعملة‮ ‬الأوروبية‮ ‬المشتركة‮.‬

ودق خبراء الشؤون المالية والبنوك، ناقوس الخطر بسبب تدني قيمة العملة الوطنية، والتداعيات السلبية لذلك على المنظومة الاقتصادية، لا سيما من حيث العلاقات التجارية وارتفاع فاتورة الواردات، فضلا عن تراجع القدرة الشرائية والمستوى المعيشي للمواطنين، حيث تعرف أسعار‮ ‬السلع‮ ‬المستوردة‮ ‬التي‮ ‬تباع‮ ‬على‮ ‬الحالة،‮ ‬خاصة‮ ‬المواد‮ ‬الغذائية‮ ‬والسيارات‮ ‬والأجهزة‮ ‬الكهرومنزلية‮ ‬ارتفاعا‮ ‬ابتداء‮ ‬من‮ ‬الشهر‮ ‬الداخل‮. ‬

ويرجع الخبير في الاقتصاد، الدكتور فارس مسدور، في تصريحات لـ”الشروق” أمس، انخفاض قيمة الدينار لاعتبارات تقنية، بعيدا عن رغبة الحكومة في تعطيل وتيرة الواردات، فهو نتيجة مباشرة للتضخم الذي بلغ مستويات قياسية في عام 2012، من جهة، وانخفاض سلّة العملات خاصة الدولار الأمريكي، التي يعتمد عليها في تحدي قيمة الدينار الجزائري من جهة أخرى، حيث قد يكون بنك الجزائر الذي يستخدم نظام “التعويم المنظم” قام بضبط قيمة الدينار مقابل العملات الرئيسية، مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى التضخم.

وحذّر مسدور، من التداعيات قريبا، وقال أننا مقبلون على دوامة اقتصادية رهيبة تشبه تلك التي عاشتها البلاد في الخامس أكتوبر 1988، محذّرا من انهيار وشيك في القدرة الشرائية، وتآكل كتلة الأجور والعودة إلى نقطة الصفر قبل 5 سنوات، قبل الشروع في زيادات الأجور.

وأكد المتحدث أن هذا الانخفاض سيؤدي في غضون بضعة أسابيع، إلى ارتفاع حاد في قيمة السلع المستوردة التي تباع على الحالة كـ (السيارات، والأجهزة الكهرومنزلية، والمواد الغذائية)، كما سيكون له تأثير محدود على أسعار المنتجات الاستهلاكية الرئيسية (سميد، حليب، سكر، زيت‮…) ‬بسبب‮ ‬دعم‮ ‬الدولة‮ ‬لهذه‮ ‬المواد،‮ ‬لكن‮ ‬ذلك‮ ‬يجعل‮ ‬الحكومة‮ ‬مضطرة‮ ‬إلى‮ ‬إنفاق‮ ‬مصاريف‮ ‬إضافية‮ ‬للحفاظ‮ ‬على‮ ‬أسعار‮ ‬هذه‮ ‬المنتجات‮ ‬إلى‮ ‬مستوى‮ ‬مقبول‮ ‬في‮ ‬سياق‮ ‬اجتماعي‮ ‬صعب‮ ‬في‮ ‬نظر‮ ‬السلطة‮.‬

ويرى الخبير أن تبنّي الحكومة هذا القرار الذي جاء تحت شعار “منتوج بلادي”، يهدف إلى الحفاظ على فارق السعر بين المنتوجات المحلية والمستوردة، حيث ستكون أسعار المواد المحلية أرخص من المواد المستوردة، وأكد أن إبقاء قيمة الدينار منخفضة تكلّف خزينة الدولة مصاريف إضافية‮.‬

ويؤكد المتحدث أنه من الصعب جدا ألا نربط بين قرار خفض قيمة الدينار ورغبة الحكومة، في الحد من حجم الواردات التي من المتوقع أن تصل إلى مستوى قياسي 60 مليار دولار هذا العام، على الرغم من أن بنك الجزائر لم يتلق تعليمات رسمية لتخفيض قيمة الدينار بشكل حاد، ولكن خطاب الحكومة حول الواردات ربما شجع مصالح لكصاسي، على “ضبط” قيمة الدينار، وأضاف الخبير ذاته أن انخفاض قيمة الدينار سيكون له تأثير محدود على القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، باعتبار أن الجزائر تستورد كل شيء تقريبا يستهلك ولا تصدر سوى القليل جدا، حيث أن المحروقات‮ ‬تمثل‮ ‬98‮ ‬بالمئة‮ ‬من‮ ‬حجم‮ ‬الصادرات،‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬أن‮ ‬الاعتقاد‮ ‬بأن‮ ‬تخفيض‮ ‬قيمة‮ ‬الدينار‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬الظرف‮ ‬قرار‮ ‬اقتصادي‮ ‬بحت‮ ‬أمر‮ ‬غير‮ ‬معقول‮.‬

وشدد مسدور، على ضرورة إعادة النظر في المنظومة المالية، خاصة ما تعلق منها بقيمة الدينار الجزائري، مشيرا إلى جملة من المعطيات استدل من خلالها على “الأزمة” أو الخطر الذي يتهدد العملة الوطنية، كما هو الشأن بالنسبة لاستحواذ ما عبّر عنه بـ”عقلية الشكارة”، وفقدان‮ ‬ثقافة‮ ‬التعامل‮ ‬بالصكوك‮ ‬بين‮ ‬المؤسسات‮ ‬والمتعاملين‮ ‬الاقتصاديين‮.‬

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/182075.html