سياسة

الجزائر تدخل العالمية من بوابة الفســــــاد!!

50 سنة من الإنجازات تنتهي بفضائح
سوناطراك تدخل الجزائر العالمية من بوابة الفســــــاد
سوناطراك البقرة الحلوب للجزائريين، تحيي عامها الخمسين من التأسيس نهاية ديسمبر الجاري، في ظروف متميزة داخليا ودوليا. فبعد أن كانت تمثل اللؤلؤة التي استخسرتها وتحسرت فرنسا على التخلي عنها للجزائريين بما تحوز عليه من ثروات، حتى أنها مددت من عمر الحرب لأجلها، أصبحت وبعد مرور نصف قرن من تأسيسها حديث العام والخاص، لتنضم لقائمة الشركات سيئة السمعة دوليا بملف فساد ثقيل جاء في مسلسل من الفضائح تداولته جميع وسائل الإعلام الدولية وشد إليه عددا من المتفرجين فاق المدمنين على تتبع الأفلام والمسلسلات. أدخلت سوناطراك الجزائر العالمية من بوابة الفساد والإرهاب، فبعد أن كانت دول العالم تخلط بينها وبين دول إفريقية مثل نيجيريا لتوفرها على البترول والغاز، أصبحت تحدد بالموقع ويشار إليها بالأصبع بعد دخولها في قضايا فساد دولية، وتعرضها لاعتداء إرهابي عالمي بتيڤنتورين، تحدثت عنه جميع دول العالم وكان لكل منها موقف تجاهه، تباين بين مؤيد لموقف الجيش الجزائري في التعاطي مع الاعتداء الإرهابي ومعارض لردة فعله السريعة، حيث فضل الهجوم على الإرهابيين دون تفاوض. سوناطراك التي تأسست سنة بعد استقلال الجزائر، وكان ذلك في 31 ديسمبر من سنة 1963، تطفئ شمعتها الخمسين وهي تعد ما نهب منها من أموال الشعب الجزائري، في مسلسل لحلقتين سوناطراك 1 و2، قضيتان تفجرتا منذ 2010 في ظروف مميزة، أهمها ارتفاع المداخيل التي تضخها للخزينة بعد ارتفاع قياسي لأسعار البترول تخطى عتبة الـ100 دولار للبرميل وعائدات تجاوزت في معدلها الـ60 مليار دولار سنويا، وتحضيرا لرئاسيات لا تزال الضبابية تغمرها، حيث استعملت هذه الملفات في مساومات سياسية كبيرة، تم اتهام مسؤولي دولة كبار بالضلوع في الاستفادة من الأموال المنهوبة، على رأسهم وزير الطاقة والمناجم السابق، شكيب خليل، ومسؤولون لم يسلم منهم حتى شقيق رئيس الجمهورية. بالرغم من أن الأموال المنهوبة ملك للجزائريين، إلا أن من فجّر قضية سوناطراك 2 والمتعلقة بالرشاوى المدفوعة من فرع شركة “ايني” إلى مسؤولين جزائريين، كان القضاء الإيطالي، ليحرج السلطات الجزائرية التي سارعت إلى تدارك الأمر، وتعلن عن تحقيقات قالت عنها إنها كانت بصدد القيام بها سريا ويؤكد النائب العام لمجلس قضاء الجزائر، زغماتي، ضلوع شبكة دولية في نهب أموال سوناطراك، وتلقي رشاوى في تعاملات مع شركات دولية بوساطة من ابن أخ وزير الخارجية السابق، فريد بجاوي، المتواجد حاليا بدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما فضّل شكيب خليل البقاء بأمريكا بعد أن أكد بأنه مستعد للمثول أمام القضاء الجزائري بشروط تبعد زوجته وأبناءه عن القضية، لتتداول فيما بعد معلومات لم يتم التأكد بعد منها، عن تراجع القضاء الجزائري عن مذكرة توقيف الوزير وإشعاره الأنتربول بهذا القرار. مسلسل الأنتربول و200 مليون دولار رشاوي ينتهي “بالعفو عما سلف” وتوالت القضايا المفجرة على مستوى سوناطراك خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فبعد أن كانت صفحة بيضاء طوال خمسين سنة، بالرغم من أن النهب يعود وبشهادة من إطارات من داخلها إلى سنوات عديدة وبمستويات مختلفة، إلا أن شمعتها الخمسين جاءت لتسجل اسم مسيّريها في قائمة البحث لهيئة الأنتربول، حيث أصدرت شهر أوت مذكرة بحث عن 20 متورطا في قضيتي سوناطراك 1 و2، وأصبحت سوناطراك بذلك مصدر قلق للعديد من الدول المتواجد بها المبحوث عنهم مثل أمريكا ودول أوروبية كثيرة وغيرها. وفي انتظار معاقبة المتورطين في قضايا فساد الشركة الوطنية، تبقى الصحف تتكلم عن رشاوى وعمولات تقارب الـ200 مليون دولار، منحت لإطارات ومسؤولين جزائريين والوسيط المتمثل في فريد بجاوي، في صفقات تم منحها لفرع الشركة الإيطالية “ايني” بالجزائر “سايبام”. واتهم شكيب خليل في العديد من القضايا منها منح صفقة إنجاز المحطة الكهربائية لحجرة النص للشركة الكندية “أس أن سي لافالان” بامتيازات كبيرة قدمت لهذه الأخيرة، دون احترام قانون الصفقات، إلى جانب قضايا فساد أخرى، نفى شكيب خليل تورطه فيها، محملا المسؤولية، في حوارات وجهها من الولايات المتحدة الأمريكية لوسائل إعلام وطنية، إلى اللجان المسؤولة عن منح الصفقات في شركة سوناطراك وسونلغار وفروعهما. لكن أسطورة هذه القضية العنكبوتية، ستنتهي، حسب ما تخطط له العدالة الجزائرية الآن، وحسب المعلومات التي تم تداولها دون تأكيد، إلى سحب مذكرة القبض الدولية في حق الوزير السابق، شكيب خليل، بحجة أن الدعوى المقدمة للأنتربول كان يشوبها العديد من الأخطاء في الإجراءات المعتمدة من طرف العدالة الجزائرية. القاعدة تختار سوناطراك للانتقام من أعدائها ولم تسلم الشركة الوطنية حتى من مخططات فرع القاعدة بالمغرب العربي، حيث قامت هذه الأخيرة باختيارها للانتقام من العديد من الدول الأجنبية، من خلال اعتدائها على الموقع النفطي لتيڤنتورين يوم 17 جانفي من هذه السنة، ليجري بالموقع دم 34 أجنبيا من دول مختلفة أهمها اليابان والنرويج وبريطانيا، ما دفع بالشركات المتواجدة في الموقع وهي البريطانية “بريتيش بيتروليوم” والنرويجية “ستاتويل” إلى الرحيل من الجزائر في انتظار عودة رسمية لهما للموقع، بالرغم من مرور حوالي سنة كاملة على هذا الاعتداء. وجاء هذا الأخير، ليشجع العديد من الشركات الأجنبية على توجيه استثمارات نحو بلدان أخرى، بالرغم من الأهمية التي توليها لاستغلال حقول النفط بالجزائر، حيث مازالت تنتظر إلى غاية الآن وبعد المصادقة على التعديلات المحفزة للاستثمار الأجنبي في قانون المحروقات، صدور النصوص التطبيقية التي تسمح بالإعلان عن المناقصة الدولية الرابعة، للتنقيب والكشف عن البترول في الجزائر. محرك ربيع عربي جزائري تم إخماده وكادت سوناطراك أن تكون محرك ربيع عربي في الجزائر، بعد أن انطلقت احتجاجات بالجنوب بداية هذه السنة، انطلاقا من الأغواط، لتنتقل العدوى إلى الولايات الأخرى، ويجبر الوزير الأول عبد المالك سلال على الخروج عن صمته، ويعلن باسم الحكومة عن قرارات لامتصاص غضب شباب هذه المناطق، الذي ثار على عدم تشغيله في شركة سوناطراك وفروعها بالرغم من تواجد آبار نفطها في الولايات المعنية والتي تبقى بلدياتها أفقر بلديات الوطن. الأزمة الأوروبية.. أموال في مهب الريح وتخفيض لأسعار الغاز لم تسلم سوناطراك من تداعيات الأزمة الاقتصادية في أوروبا، التي انطلقت سنة 2008، حيث وفي غياب ضمانات فعالة لتأمين تعاملاتها التجارية مع العديد من المجمعات الأوروبية التي أعلنت إفلاسها، مثل السويسري “بيتروبلوس” الذي باعته شحنات من النفط بقيمة 250 مليون دولار دون أن يسدد لها المتعامل السويسري أي فلس، لم تستطع سوناطراك استرجاع أموالها من زبائنها، ما جعلها تخوض العديد من المعارك الخاسرة في المحاكم الدولية، حتى بالنسبة لمراجعة الأسعار والتخفيض منها، المسألة التي أصبحت ضرورة تحتمها الوضعية الاقتصادية للدول الأوروبية والمتأثرة خزائنها بالأزمة، حيث مازالت هذه الأخيرة تهدد الجزائر بتغيير وجهة تزودها بالغاز والبترول من دول أخرى أقل سعرا في حال عدم تراجع الجزائر عن سياسة العقود طويلة الأجل، ما تم تأكيده من خلال قيام إيطاليا بتخفيض كمياتها المستوردة من الغاز بداية هذه السنة. كما أرجع وزير الطاقة انخفاض صادرات الجزائر من الغاز، إلى تجنب الجزائر بيعها بأسعار منخفضة، بالرغم من تأكيده انخفاض الإنتاج بحاسي الرمل، الذي يعدّ أكبر حقل غازي.

التصريحات الأخيرة لوزير الطاقة تشير أيضا إلى وجود حجم يتراوح بين 8400 و14.000 مليار متر مكعب من غاز “tight”، ما يمثل قدرات إجمالية من الغاز غير التقليدي تتراوح بين 28.400 إلى 34.000 مليار متر مكعب. سوناطراك تعلن سنويا عن عدد من الاكتشافات يقدر بين عشرة إلى ثلاثين اكتشافا، لكن هذا العدد يبقى غير هام مقارنة مع الحجم المسترجع والمسوق والمتمثل في الاحتياطات المؤكدة الهامة. كما تبين أيضا بأن غالبية الاكتشافات تبقى معقدة وصغيرة الحجم ويتواجد معظمها في المناطق التي تم استغلالها وتعد حاليا من المناطق الأكثر إنتاجا، رغم مجهودات البحث المدعمة في مناطق خارج هذه الأخيرة، مثل شمال البلاد أو التنقيب عن البترول في عرض البحر وحقول في كل من تندوف وبشار وتاوديني، حيث لا تسمح المخاطر التقنية لاستغلال هذه المناطق بإطلاق برنامج تنقيب مكثف. استنادا إلى الأرقام الصادرة عن قطاع الطاقة، نجد أن إجمالي إنتاج المحروقات في الجزائر قد بلغ ذروته بين سنتي 2007 و2008، ليبدأ في الانخفاض تدريجيا إلى يومنا الحالي. ويرجع ذلك إلى التأخر في تطوير الحقول التي تم اكتشافها سنوات التسعينيات والألفين، ويؤكد ذلك الانطلاق مؤخرا في الإنتاج من طرف حقول مثل “المارك” بمنزل لجمات وغاسي طويل ورورد النص بقدرة إنتاج متوقعة بـ200 ألف يرميل يوميا من البترول، زيادة على إنتاج 10 ملايير متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، وتقديرات أخرى لإنتاج غازي سيصل بين سنتي 2016 و2017، انطلاقا من مناطق لاهنات وتوات ورڤان وتيميمون بما يقارب 16 مليار متر مكعب سنويا، ما سيجعل من حجم الإنتاج الإجمالي الإضافي المتوقع على المدى القصير والمتوسط يصل إلى ما حجمه 26 مليار متر مكعب من الغاز وحوالي 9 ملايين طن سنويا من المحروقات السائلة. ما هي التحديات التي واجهتكم وأنتم على رأس سوناطراك؟ التحديات كانت عديدة، وسأبدأ بذكر تلك المتعلقة بالحفاظ على مجهود البحث عن المحروقات، وذلك بالتعاون مع الشركات البترولية الدولية التي دخلت شريكة مع سوناطراك في إطار قانون المحروقات لسنة 1986، بتقديمها تقنيات جديدة كانت سوناطراك تفتقر لها نتيجة نقص الموارد المالية. يأتي هذا إضافة إلى مشروع تحديث سوناطراك آنذاك “بروموس”، الذي بادر به من سبقني على رأس الشركة، والذي خص عصرنة إجراءات العمل المعمول بها وإعادة تأهيل الكفاءات الوطنية وتكوينها. كل هذه الجهود سمحت بمضاعفة احتياطات الجزائر من المحروقات، لتصل إلى مستواها الذي سجلته قبيل تأميمها سنة 1971. التحدي الثاني تمثل في تأمين إطارات الشركة وعمالها، إلى جانب منشآتها والمحافظة على استقطاب الاستثمارات الأجنبية في مجال الشراكة، التحدي الذي نجحت الهيئات الأمنية في تجسيده. أما التحدي الثالث فتمثل في حرب الأسعار، حيث نزل سعر البرميل إلى أقل من 10 دولار انطلاقا من 1998، كل دولار كان له آنذاك وزنه على الاقتصاد الوطني وكان من المستحيل التخفيض من الإنتاج أو السماح بمفاجآت لتخريب أنابيب نقل البترول والغاز التي يمكن لها توقيف صادراتنا أو تموين السوق الداخلي. ما هي الوضعية الحالية لحقول البترول والغاز الجزائرية؟ لدينا حقول يتم استغلالها وتنتج منذ ثلاثين إلى خمسين سنة، وهو مؤشر لقدمها والمتسبب الرئيسي في انخفاض الإنتاج المسجل خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب تأخر الاستثمارات لتحسين معدل استرجاع المحروقات الذي يساهم بصفة فعالة في الرفع من إنتاجها، خاصة من حقول حاسي مسعود وحاسي الرمل. ويبقى السؤال المطروح هو هل أن تدارك التأخر في مجال تطوير الحقول الجديدة المكتشفة، زيادة على تلك التي سيتم اكتشافها مستقبلا، سيمكن الجزائر من رفع احتياطاتها الحالية وإنتاجها الإجمالي وكم من الوقت وهل سيكفي ذلك فقط لتغطية العجز المسجل منذ سنة 2008 أو في أحسن الأحوال الاحتفاظ بمستوى الإنتاج الحالي لسنوات أخرى. في الأخير، يجب الاقتناع بأنه لا بد من تطوير التكنولوجيات الحديثة للانتقال على المدى المتوسط أو الطويل إلى مرحلة استغلال الغازات غير التقليدية والطاقات المتجددة على المدى المتوسط والطويل. 1000 مليار دولار من عائدات المحروقات لم تشفع للجزائريين بومدين “أممها” والشاذلي “استهلكها” وبوتفليقة “بددها”
لم تبخل حقول البترول والغاز المكتشفة في صحراء الجزائر على مواطنيها، بضخهم حوالي ألف مليار دولار، طوال خمسين سنة، أي منذ تأسيس سوناطراك سنة 1963، غير أن حكامها ورؤساءها الذين تداولوا على السلطة طوال هذه الفترة، لم يفلحوا بسياساتهم الاقتصادية المختلفة في تسيير وتوزيع ثروة البترول على الجزائريين بالعدل، وعجزوا عن تجسيد سياسة ناجعة لتنويع موارد الاقتصاد الوطني الذي مازال، بعد نصف قرن من الاستقلال، يرتكز في ميزانيته على نسبة تجاوزت السبعين بالمائة من مداخيل عائدات المحروقات. وتداول على توزيع ثروة الجزائريين سبعة رؤساء منذ الاستقلال، منهم من عمّر لأكثر من عهدتين إلى ثلاثة، ليريد آخرهم، وهو عبد العزيز بوتفليقة، الترشح لعهدة رابعة. ومن بين هؤلاء، رؤساء تقشّفوا لتسيير وضعية أزمة مع انخفاض في أسعار البترول، وآخرون بذروا مداخيل كانت محدودة لتشجيع استيراد كماليات بحجة تنويع غذاء الجزائريين، ومنهم أيضا من لم يستطع مواجهة أزمة بعد نزول أسعار البترول. ورغم أن عدد سكان الجزائر غداة الاستقلال لم يتعد الـ12 مليون نسمة، إلا أن ذلك لا يشفع لبوتفليقة الذي تضاعفت مداخيل البترول في عهده الثلاثة بخمس عشرة مرة مقارنة بتلك المسجلة بعد الاستقلال، في الوقت الذي وصل حاليا عدد السكان إلى حوالي 38 مليون نسمة (37,9 مليون نسمة إلى غاية جانفي 2013)، ما يمثل 3 مرات فقط عدد سكان ما بعد الاستقلال. وفي حصيلة حسابية قامت بها “الخبر”، استنادا إلى إحصاءات من الجمارك، فإن حصة الأسد في ما ذرته بقرة حلوب الجزائريين منذ الاستقلال، عادت إلى الرئيس بوتفليقة الذي أنفق منها أكثر من 600 مليار دولار، ليعود بالجزائريين إلى نقطة الانطلاق قبل الاستقلال لكي لا نقول إن المستوى التعليمي والتربوي غداة الاستقلال أحسن من أن يقارن بمستوى مدارسنا وجامعاتنا الحالية، الأمر الذي لا يمكن أن يفهم من طرف الجزائريين عندما تقول لهم إن دولارات الستينيات ليست مثل دولار الألفينيات ومعدل صرفها مغاير وعدد سكانها تضاعف، إلا أن الإنجازات المحسوبة على عهد بوتفليقة لا تشفع له، ويمكن اختصارها في طريق سيار ابتلع أكثر من 16 مليار دولار، ليهترئ ويعاد ترميمه من خزينة الدولة دون محاسبة المخلّين بذلك لا لشيء إلا لوفرة الأموال في الخزينة، إلى جانب ميترو وترامواي الجزائر، مشاريع عمّرت لأكثر من سنوات لترى النور في أجزائها الأولى فقط. قبله، يشهد للرئيس اليامين زروال الذي حتى وإن لم يحكم الجزائر لفترة طويلة، حيث تقلد منصب الرئيس في الفترة الممتدة بين سنتي 1994 و1999، إلا أن تدهور الوضع الاقتصادي في عهدته لا يمكن تجاهله، خاصة أن القطاع العام بدأ في تسجيل شلل عام على مستوى شركاته، مقابل شروط جديدة للأفامي تسببت في مراجعة قيمة الدينار بنسبة 50 بالمائة وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواد الاستهلاكية. ولم يفلح زروال، آنذاك، بخزينة ضخ فيها قطاع النفط ما قيمته 53,51 مليار دولار، في تفادي غلق العديد من الشركات الوطنية التي تم الانطلاق في خصخصتها، وضياع العديد من مناصب الشغل وارتفاع معدل البطالة. الشاذلي بن جديد هو الآخر لم ينجح في توظيف أموال البترول لصالح الجزائريين، حيث وبعد ارتفاع سعر البترول وبدل أن يستغل مبلغ 146,62 مليار دولار تغذت بها خزينة الدولة في عهدته في الاستثمار والتنمية وتنويع موارد الاقتصاد الوطني، فضّل تنويع أكلات الجزائريين من كماليات، ليستورد الفواكه الاستوائية والأجهزة الكهرومنزلية وغيرها، حيث يتذكر الجزائريون فترة حكمه بتعميم أكل الموز على جميع الشرائح، زيادة على عدم الاستقرار السياسي آنذاك. الرئيس الراحل هواري بومدين الذي تولى الحكم سنة 1965 بعد انقلاب على سابقه احمد بن بلة، حكم لمدة ثلاث عشرة سنة، بلغت إجمالي مداخيل البترول فيها ما يقارب 33 مليار دولار خصصها أساسا لإنشاء البنى القاعدية من مستشفيات، وجامعات ومدارس ومصانع ثقيلة في جميع القطاعات خاصة بالنسبة لقطاع الطاقة الذي سارع إلى تأميمه سنة 71، لينزع احتكار إنتاجه وتسويقه من الشركات الفرنسية ما وتّر العلاقات بين البلدين، غير أن استرجاع السيادة على الممتلكات النفطية للجزائر ساهم في توفير سيولة هامة للبلاد، سمحت بدعم بقية القطاعات الصناعية والزراعية وانطلاق الجزائر في تنويع مصادر تمويل اقتصادها خاصة من القطاع الفلاحي. غير أن حلم هواري بومدين في جعل الجزائر “يابان العالم العربي” وإخراجها من دائرة التخلف التي وضعها فيها الاستعمار الفرنسي لم يتحقق، لتصبح الجزائر وبعد مرور أكثر من 50 سنة على استقلالها “سوق الصين”.

http://www.elkhabar.com/ar/autres/dossiers/371580.html

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق