سياسة

النظام الجزائري ينتهج سياسة المكيالين إزاء بارونات الفساد !!

فضيحة ‘سوناطراك2’ تسير نحو وأدها حفاظا على رجالات بوتفليقة حيث يسعى النظام إلى ارتكاب الخطأ لطمس معالم الجريمة حماية للرجل الأول شكيب خليل.
الجزائر- يزعم النظام الجزائري رفع راية مكافحة الفساد المتغلغل بين أجهزته وحاشيته إلا أن غالبية الجزائريين باتوا مقتنعين أن هذا مجرد ذر للرماد على العيون يأتي في سياق حملة الانتخابات أو بالأحرى تجديد الولاية لبوتفليقة.
ما يزال الرأي العام الجزائري يترقب مسار تسارع سقوط بارونات الفساد في يد القضاء المحلي، بعين الشك والريبة، وينتظر التأكيد على حسن نوايا السلطة في محاربة الظاهرة التي هزت سمعة البلاد، وألحقت أضرارا خيالية بالمال العام.

وفيما تنتظر الجزائر استعادة “الفتى الذهبي”، عبد المومن خليفة من السلطات البريطانية، بعد استنفاده كل سبل الطعن، يبقى وزير النفط السابق، شكيب خليل، حرا طليقا في أميركا، بعيدا عن أيادي الحساب والعقاب. وهو ما يثير الشك والريبة في نوايا السلطة وفي مكاييلها المتعددة في التعاطي مع ظاهرة الفساد.

هذا وتتجه فضيحة ” سوناطراك 2 ” إلى التمييع وطمس معالم الجريمة، في ظل بقاء الرجل الأول في الملف، وزير النفط السابق، شكيب خليل، متمتعا بكامل حريته بمقر إقامته بالولايات المتحدة الأميركية، ودون أي خطر من إمكانية الإحضار القسري. فالأنتربول الدولي لم يدرج اسمه في قائمة المطلوبين، بسبب الخطأ الإجرائي في مذكرة الإحضار القسري التي سبق للقضاء الجزائري أن وجهها إلى هيئة البوليس الدولي. وهو الخطأ الذي يثير المزيد من الجدل والتشكيك في إرادة سلطات البلاد إحضار شكيب خليل.

ويرى المتابعون للشأن الجزائري أن الخطأ الإجرائي كان “متعمدا” من قبل السلطات الجزائرية، ولو كان غير ذلك لاستدركت السلطات القضائية الأمر، سيما بعد المراسلة التي وجهها الأنتربول للجزائر، موضحا الخطأ الإجرائي ومطالبا بتصحيحه.

ويقول معارضون أن شكيب خليل المقرب من بوتفليقة وأحد رجالات ثقته في المراحل السابقة، لا يمكن أن يسقط في فخ الحساب والعقاب لمكانته عند الرجل الأول في البلاد، ولإمكانية كشفه حقائق جديدة قد تجر مقربين آخرين من المحيط الضيق لبوتفليقة.

وما يعنيه ذلك من تشويش كلي على سيناريو الذهاب إلى الولاية الرئاسية الرابعة. ويضيف هؤلاء: ” من غير المعقول أن يخطئ رجال متمرسون في سلك القضاء في مثل هذا الإجراء، لأن القوانين واضحة وصريحة وليس فيها أي لبس أو غموض، لو لم تكن هناك نوايا مبيتة لإلهاء الرأي العام، والحفاظ على سلامة الرجل حرا طليقا في شيكاغو”.
ويذهب البعض إلى إدراج الاستغناء عن خدمات وزير العدل السابق، محمد شرفي، في حكومة سلال الحالية، وكذا التغيير الذي مس هرم هيئة المحكمة العليا، في خانة إرادة طمس الحقيقة، وقطع الطريق على أية ارادة تسعى لأن يأخذ القضاء مجراه الطبيعي لا سيما وأن مصادر عديدة أكدت أن رئيس المحكمة العليا السابق رفض الاضطلاع بالملف وأسر لمقربيه، بأنه ” لن يفتح ملف رجل قريب من بوتفليقة، وبوتفليقة هو الذي وضعني في هذا المنصب “.

كما أن وزير العدل الحالي، الطيب لوح، رفض في العديد من المناسبات التعليق على القضية “، وهو ما يعني أن الملف صار محصنا وبعيدا عن التداول العادي، عكس ملفات مجمع الخليفة، التي ينتظر فتحها حسب تبعاتها وصداها السياسي، ويرجح أن يكون الأمر بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أبريل القادم، كي لا تنغص سيناريو العهدة الرابعة.

لكن رغم ذلك تبقى المفاجآت غير السارة ورادة في أية لحظة، فكما فاجأت السلطات البريطانية، بتسليم الخليفة للسلطات الجزائرية، قبل نهاية الشهر الجاري. يمكن أن تتفاجأ بتفاصيل جديدة عن ملف ” سوناطراك 2 “، باعتبار القضية بحوزة القضاء الإيطالي أيضا، الذي يبحث تورط شركات إيطالية في رشاوى وعمولات تكون قد سلمتها إلى مسؤولين كبار في سوناطراك الجزائرية وفي وزارة النفط، وإلى شكيب خليل تحديدا.

فضيحة سوناطراك 2:
مسؤولون في قطاع الطاقة الجزائري وعلى رأسهم وزير القطاع الأسبق شكيب خليل، وهو أحد رجالات بوتفليقة، تلقوا رشاوى من طرف شركتي “سايبام” الإيطالية و”أس أن سي لافالين” الكندية
فالتسريبات والشهادات الجديدة لمدير البناء والهندسة الأسبق في شركة سايبام، بييترو فاروني خلال فترة حبسه، والتي تضمنت لأول مرة القيمة المالية التي حصل عليها، شكيب خليل لقاء حصول الإيطاليين على مشروع غازي بحاسي مسعود ستحرج من دون شك السلطات الجزائرية، وقد تدفع القضاء الإيطالي إلى طلب شكيب خليل، إلى روما، وهناك قد “تقلب” الطاولة على محاولات حماية الوزير السابق.

وكانت صحيفة “لاريبيبليكا” الإيطالية، قد أفادت بأن بييترو فاروني، وخلال فترة حبسه التي دامت أربعة أشهر، تم عرضه ثلاث مرات أمام محققي الادعاء بمحكمة ميلانو. حيث أكد فاروني، الذي استفاد من الإفراج وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية مجددا، بأنه وبغض النظر عن كل ما قيل وسيقال إلا أن لديه اليقين من أمرين مؤكدين وهما أن المسؤول الأول في مجمع ” إيني ” باولو سكاروني التقى مرتين بأحد الوسطاء، إحداهما في ميلانو والثانية في باريس.

وأضاف بييترو فاروني خلال عملية الاستجواب بأن اللقاءات من أجل الحصول على صفقة مشروع الحقل الغازي “منزل لجمت” بمنطقة حاسي مسعود، تمت بين شكيب خليل شخصيا، والوسيط، من جهة، وباولو سكاروني المدير التنفيذي للمجمع “إيني” المعروف بتسمية “الكلب ذو ستة أطراف”.

وذهب المتحدث إلى حد التأكيد على أن شكيب خليل، وبعض من أقاربه وحاشيته، استفادوا من العمولة التي دفعتها “إيني” لقاء الحصول على المشروع ” منزل لجمت” والمقدرة بـ 41 مليون أورو.

إلى ذلك كشف تقرير لمجلس المحاسبة، أن قيمة الجباية غير المحصلة لسنة 2011 قاربت 100 مليار دولار، وهو رقم خيالي، يشير إلى غياب الشفافية في تسيير أموال الدولة، حسب أحد الخبراء الاقتصاديين.

وقال التقرير إن “بعض النقائص في إجراءات التحصيل بالتراضي والقسري بالنظر إلى الإطار القانوني والتنظيمي أفضت إلى مبالغ كبيرة لم يتم تحصيلها بقيمة تقدر بـ100مليار دولار”.

وقال الخبير الاقتصادي، والقاضي السابق في مجلس المحاسبة عبدالرحمن مبتول، إن “هذا رقم كبير جدا خاصة أنه لا يأخذ في الحسبان الشركات التي تعمل في الخفاء”. وأضاف “قمت بدراسة في 2012 خلصت فيها إلى أن القطاع الاقتصادي غير الشرعي يسيطر على 62 مليار دولار من الكتلة النقدية ولا يدفع الضرائب”. وأكد أن هذا يعني أنه ليست هناك شفافية في تسيير أموال الدولة، ويعني أيضا أن الفساد أصبح معمما، ما يتماشى مع تقارير المنظمات الدولية، مثل شفافية دولية، والبنك الأفريقي للتنمية، الذي تحدث في آخر تقرير له عن تحويل 73 مليار دولار من الجزائر نحو الخارج بطرق غير قانونية بين سنتي1980 و2009 “.

هذه المؤشرات وغيرها، تكون وراء تصنيف منظمة الشفافية الدولية، في تقريرها لسنة 2013، للجزائر في المرتبة 94 من بين الدول الأكثر فسادا في العالم، بحصولها على 36 نقطة من أصل 100. متقدمة بعدة مراتب عن تصنيف العام الماضي.

http://alarab.co.uk/?id=11237

كلمات مفتاحية