مقالات

الجزائر: إلى متى هذا العبث؟ رشيد زياني شريف

مرة أخرى يفلح النظام بمكر ودهاء في صد الأنظار عن جوهر الأزمة والتستر عن حقيقة وأبعاد فشله وفساده وجر المواطنين نحو الهوامش والتعمية على جسام الأمور، منها طبيعته الانقلابية اللا شرعية، وذلك من خلال توجيه الأنظار والجهود بخبث كبير نحو أصل وزيرة التربية، مع اعتقاد شبه يقيني أنه لم يك يجهل هذا الشق من المسألة، فتعمد استفزاز المواطنين من خلال مثل تلك التعيينات، لشخصيات لا تمت بصلة لقيم الجزائر وشعبها، ونجح في ذلك التعتيم على أمور أكثر خطورة، فيما يخص وزيرة (التربية)، بن غبريط أو وزيرة الثقافة، نادية شرابي لعبيدي صاحبة شركة ‘بروكوم أنترناسيونال’ للانتاج السينمائي، ومخرجة و كاتبة لفيلم الامهات العازبات ‘وراء المرآة’، والسكوت على توجهاتها الفرنكوفيلية الاستئصالية المدعمة من فافا، والمعروفة بإنتاجها الثقافي ‘المميز′، وهي التي تربعت على رأس مركز البحوث طيلة ربع قرن، قيامها بعمل الإقصاء والرقابة والإذلال بحق كل مخالفيها بل وتعيين العشرات من قبيلتها مع إبعاد الكفاءات غير المندمجة في قالبها الاستئصالي.
في خضم هذه الحروب العبثية المستنزفة للجهود والعقل والاتزان، كدنا أن ننسى أننا أمة أخلاق وقيم، ولا يمكننا مهما اختلفنا مع هذه الوزيرة أو مع غيرها ممن نعمل على فضح جرائمهم بحق الشعب، ومحاربة كل معاول الهدم، أقول رغم ذلك، ليس من أخلاقنا اتهامها بما ليس فيها أو بحسب الشبهات والأقاويل (ومن ثم اتهام الأسرة بكاملها، وما لذلك من اثر على أناس لا نعرفهم)، خاصة إذا ثبت انها تهم غير صحيحة، أقول ذلك، بعد تقصي العديد ممن أثق بهم من المحيط الجغرافي والثقافي والجامعي، وأكدوا لي عدم صحة الخبر، ليس من الموضوعية ولا من قيم أمتنا الانزلاق نحو القذف والتشنيع بناء على ‘شائعات’، لأننا في هذه الحالة سنفتح الباب أمام كل ‘مريض نفسي’ لفتح سجلات الحالة المدنية وتصيد الأسماء، وتتبع الاشتقاقات الاسمية والأوهام لترصد ‘اليهود’ والنصارى’ والمجوس بيننا، وبذلك نغوص في العبث الذي خطط له لصد أنظارنا عن جسام الأمور.
هل يعقل أن نسقط هذا السقوط المروع في أفخاخ هذا نظام، فبعد افتضاح كرنفال 17 نيسان/ أبريل، من تزوير ومقاطعة، جعلته يبدو هزيلا ومعزولا، إلا من العالفين الانديجن، ودول الاعتلاف، فرنسا وما جاورها، اهتدى أباليس هذا النظام إلى حيلة استفزاز المواطنين من خلال تعيين وزراء لا صلة لهم بهذا الشعب ، فبدل أن تجتمع الإرادات الخيرة المعارضة لهذا العبث والإجرام والتوصل إلى كلمة سواء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، نجد الطاقات تستنزف عبثا في حروب (طواحين هواء) مرهقة ومضللة، لا يأتي من ورائها إلا المزيد من التطاحن والبغضاء والابتعاد عن الآمال المعقودة على الطبقة الغيورة على وطنها، إلى متى نبقى على هذا الوضع، ألم يحن الوقت لنتفق على أولوية الأولوياتـ، والاجتماع حول المبادئ التي لطالما عبر معظم مكونات المجتمع عن ضرورتها، وإرجاء المسائل التي يمكن ان تنتظر إلى حين تخليص الوطن من القمع والهوان والعبث والتفكيك.
من غير الجائز ولا المعقول أن نحرم مواطنينا من الأمل في غد أفضل، من العبث القاتل أن نخطيء تحديد الأهداف، وتضييع الوقت والجهد والغرق في مستنقعات، لا يمكن ان نلوم غيرنا عليها.
د. رشيد زياني شريف
عضو المجلس الوطني لحركة رشاد في الجزائر
http://www.alquds.co.uk/?p=166028