مقالات

سلطة ومعارضة و”حرامية ” !!عبد العالي رزاقي

ما الذي يدفع بالرئيس بوتفليقة إلى التخلي عن أقرب رجالاته الذي فتح العهدة الثالثة له ودافع عن العهدة الرابعة وحتى الخامسة، وهل هو ضحية “المشاركة” في “جامعة صيفية ” للمعارضة أم أنه ضحية التحالف المصري – الجزائري ؟ وهل انتصر من أبعدوه عن خلافة “الشاذلي بن جديد” دستوريا؟.

الحقيقة التي لا تقال؟

يعتقد الكثير من المتتبعين للشأن الجزائري بأن دعم السلطة الجزائرية للسلطة المصرية للهيمنة على القرار السياسي العربي ستكون له تداعيات خطيرة على التجربة الجزائرية في المصالحة ومحاربة الإرهاب، فمصر بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي تريد إغراق الجزائر في “الشأن الليبي” و”الشأن الصهيوني”، فهناك ضغوط حقيقية وعمل إعلامي مصري تضليلي لإقحام الجزائر فيما يجري ما بين التيارات الإسلامية والقيادات المعادية لها في ليبيا، وهناك دعوات للجزائر لاحتضان “المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية” بالادعاء بأن الموقف الجزائري يوفر ضمانات أكثر للطرفين، وهناك من يرى أن إعادة الاعتبار لـ”الإرث اليهودي” و”المسيحي” هو مؤشر على “بداية التطبيع” ومحاولة التفاف مصر على “القرار العربي” والدفع بالجزائر نحو “مبادرات… في دول “ملغمة” هو بمثابة “شباك” لاصطيادها.

الجزائر لا تعتبر “الإخوان المسلمين” تنظيما إرهابيا ولا تعتبر الأحزاب السياسية الاسلامية منظمات إرهابية فالإرهاب مرتبط بأشخاص أو بالقاعدة وما عدا ذلك فهو عمل سياسي؟.

يبدو أن عبد العزيز بلخادم المحسوب على التيار الإسلامي والذي له خصوم في المؤسسة العسكرية حسب تصريحاته يكون قد وقع في “شباك” من يريدون إزاحته من قائمة “المنتظرين”لخلافة بوتفليقة.

وعندما قال عمار سعداني إن الأمن يتدخل في الشأن الحزبي تصدى له الكثير ومنهم بلخادم فهل مطالبة الرئيس بإزاحته من الحزب ليست دليلا على أنه لا يوجد حزب صغير وآخر كبير وإنما هناك “سلطة خفية” تسير الأحزاب من وراء ستار نوافذ المرادية أو تاقارة.

أي مستقبل للمعارضة؟

إذا كانت الأحزاب ذات الأغلبية البرلمانية لا تستطيع تولي سلطة وتعيين وزراء الحكومة فكيف نطلب من المعارضة أن تسقط حكومة؟ وهي تدرك أنها ليست من الأحزاب الحاكمة وإنما هي مجرد “حاشية محشوة” في “محتشدات رسمية” ممنوعة على المواطنين مثل نادي الصنوبر وموريتي.

إنه من حق الأحزاب التنافس السياسي للوصول إلى السلطة ولكن ليس من حقها التنافس لأخذ الأغلبية بـ”التزوير” ثم تتحول إلى أصوات في البرلمان لتزكية حكومة ليست لها علاقة بها، فإنهاء مهام بلخادم من حزبه دون تقديم وثائق “تثبت خيانته العظمى” هو بمثابة كشف المستور فيما يسمى بالديمقراطية، فالرئيس بوتفليقة بالرغم من أنه رئيس شرفي لجبهة التحرير الوطني إلاّ أنه يتمتع بصلاحيات تتجاوز صلاحيات الأمين العام والمكتب السياسي واللجنة المركزية.

أعتقد أنه منذ اجتماعات مجموعة أحزاب”العقد الوطني” بقيادة كل من عبد الحميد مهري وأحمد بن بلة في روما عام 1994 والتي سماها أحمد عطاف وزير خارجية حكومة أحمد أويحيى بـ”اللاّحدث” لم تشهد السلطة موقفا موحدا مثل موقف أحزاب التنسيقية ولهذا لجأت السلطة إلى إغراقها بـ”مبادرات”الأحزاب المحسوبة عليها، وهاهي اليوم تقصي أحد رموز الرئيس الذي كان وسيطا أساسيا بينه وبين التيار الإسلامي فهل قطع الرئيس صلة الرحم مع الإسلاميين الذين كان بلخادم في اتصال دائم معهم، بعد أن تجرأت حركة حمس على إعطاء الكلمة لعلي بن حاج في تجمع لها دون استشارة “الوسطاء” وأين كان هؤلاء حين صعد الرجل الثاني في الانقاذ منبر أول تجمع إسلامي رسمي؟.

شرعية”من يحكم من”؟

إذا اعتبرنا إقصاء بلخادم من حزبه لأسباب كثيرة من بينها مصافحته علي بن فليس وتأسيسه لخلايا انتخابية في الكثير من الولايات فإن تحريره اليوم من الولاء للسلطة يجعله أكثر قدرة على التحرك سياسيا بدون إحراج الرئيس وحاشيته لكن هناك من يعتقد أن إنهاء مهام بلخادم من “نضاله الحزبي” في اللجنة المركزية بمثابة دعم لمرشحين محتملين من السلطة التنفيذية لرئاسيات قد تكون مسبقة.

تملك الجزائر مؤهلات بشرية وجغرافية واقتصادية لأن تكون قطارا لقاطرات الوطن العربي وقوة فاعلة في المغرب الغربي وإفريقيا لكن عجز قياداتها في تسيير الشأن العام حوّل السلطة فيها إلى مجرد “كرسي” يتسابق إليه الجميع سعيا إلى”راتب خيالي وفيلا في المحتشد وحراسة أمنية”، ولا أحد يفكر في مستقبل البلاد أو العباد.

يبدو أن أصحاب القرار فقدوا بوصلة الحكم على الآخرين فباتوا ضحية قراراتهم وصارت الجزائر معرضة لأي هزة “سياسية أو اقتصادية أو أمنية” لأنهم لا يفكرون بالاعتماد على مراكز البحث أو الخبراء وإنما على “الولاء”، ومن يقرأ مذكرات هيلاري كلينتون وزيرة خارجية أمريكا المرشحة لخلافة باراك أوباما سيدرك لماذا تراجعت السياسة في الجزائر وتقلص دورها في المحافل الدولية فكلينتون تؤكد على أنها لجأت إلى الأساتذة المختصين لتسيير وزارتها وتحدثت بإسهاب عن كيفية المحافظة على المصالح الامريكية، هل سبق لأي وزير خارجية أو داخلية أو إعلام أن اعتمد على خبراء في تسيير الأزمات، ولا أعتقد أن هناك تفكيرا جديا في إنشاء مجلس لهذا الغرض لأن كل وزير يفكر في الصفقة التي يبرمها مع هذه الشركة أو تلك دون اللجوء الى التقصي حولها.

من هم الحرامية؟

تلقيت سؤالا من أحد القراء يتحداني في الإجابة عنه بصراحة وهو “من هم الحرامية في السلطة الجزائرية؟” والإجابة باختصار هي حين نقتنع بوجود معارضة أو تشكيل جبهة فهذا بداية تحديد مفهوم المعارضة، وحين نفترض أن السلطة هي التي تفرزها الصناديق في المواعيد الانتخابية فإننا نحدد مفهوم السلطة ، أما الحرامية فهم كل حزب له وجهان متكاملان: الوجه الأول تمثله الأحزاب التي ليس لها مقاعد في المجالس الشعبية أو البرلمان ولم تدخل الانتخابات أو شاركت فيها وفشلت في الحصول على مقاعد وتعلن رسميا أنها في صف المعارضة أو السلطة وتستغل الجهتين إعلاميا، والوجه الثاني تمثله الأحزاب الممثلة في البرلمان أو المجالس الشعبية والتي تتنقل من المعارضة إلى السلطة أو العكس وأحيانا تكون “هنا وهناك” لتقتات من فتات المنابر الاعلامية للطرفين وهي تشكل خطرا على الديمقراطية، والمشكلة في الجزائر هي أن الهيئة التنفيذية هي التي يعينها الرئيس وليس ما تفرزه الصناديق.
http://www.echoroukonline.com/ara/articles/214369.html