سياسة

تسيير احتياطي الصرف سر لا يباح به

تغيير النظام السياسي لم يزد شيئا في مجال الشفافية
تسيير احتياطي الصرف سر لا يباح به
bankaldjazair

لما سئل الخبير التونسي، عمور طهاري، المسؤول في صندوق النقد الدولي، الإثنين الماضي، خلال النقاش الذي أعقب محاضرة كان ألقاها عما إذا أحسنت الجزائر التصرف عندما أودعت المليارات من الدولارات في حساب الخزينة العامة الأمريكية مقابل معدل فائدة ليس بالمغري، أجاب الخبير بأنه يفضل أن يجيب زميله محمد لكصاسي محافظ بنك الجزائر المركزي.
لم يشك أحد من الحضور أن يغامر لكصاسي بالإجابة عن سؤال يدخل في اختصاص ”جهة أخرى” في إطار ”مقتضيات المصلحة الوطنية” التي أصبحت موضة جزائرية صرفة تخفي تحتها – وفي آن واحد- الكثير من التساؤلات والمخاوف. لو كان لكصاسي وزيرا في الحكومة أو مديرا في شركة عمومية، لهان الأمر، لكن لحسن حظه ليس كذلك. وكان الأفضل له ألا يترك مناسبة كهذه تفوت دون أن يقوم بإبعاد أي شبهة عن هذا الملف المصنف في خانة ”أسرار الدولة التي لا يباح بها”.
قبل سنوات خرج المحافظ السابق للبنك، حاج ناصر، الذي كان سببا في مجيء لكصاسي إلى البنك، ويخلف بعد فترة عبد الوهاب كيرامان الذي لوثت سمعته فضائح ”آل خليفة وجماعته”، عن صمته منتقدا سياسة البنك التي بالغت في تطبيق إجراءات سلامة وحذر أدت إلى ما حدث من تجاوزات أهدرت بها مليارات الدينارات.
نفس الكلام أعاده أويحيى بعدما أجلسه بوتفليقة على كرسي الاحتياط في 2006 واستبدله ببلخادم في رئاسة الحكومة، مهاجما غياب إرادة سياسية في تحمل مسؤولية المخاطرة المطلوبة في قطاع المال والأعمال، وتسريح أو بالأحرى ”تدوير” الألفي مليار المكتنزة في البنوك العمومية لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني البطيئة. شيء لم يفعله عندما عاد إلى منصبه بعد عامين، بل زاد على ذلك بتشديد الشد على الحزام !
اقتصاديا، توفر احتياطي صرف مريح يعني ”ضمانا لاستقلالية القرار السياسي والاقتصادي”، وورقة في ”مفاوضات كسب ود ودفع البلاء” و”طلبا للدعم الخارجي”. وكل ما اعتاد عليه الجزائريون سماعه من ”أنصاف المعلومات” حول هذا الموضوع، لا يخرج عن أن ”التسيير الحذر للموارد سيسمح للبلاد بضبط أهدافها الاقتصادية على المدى المتوسط”.
أما، ما لا يقوله المسؤولون، فهو أن تدهور الوضع الاقتصادي العالمي ”سيؤدي لا محالة إلى تقليص قدرة البلاد على الادخار”، أي أن كل دولار يذهب لغير محله، لن يعود إلا بالـ”تيربولات” ! رواية البنك المركزي بخصوص نفس الموضوع، تشير إلى أن التطورات الاقتصادية والمالية للبلاد المسجلة خلال السنة الجارية تندرج في إطار منحى يتميز بنمو قوي للناتج الداخلي الخام خارج مجال المحروقات الذي من المنتظر أن يسجل 5 أو 6 بالمائة سيما جراء برامج الاستثمار العمومي المرصود له رقم معلن يقدر بـ150 مليار دولار…
إن ارتفاع احتياطي الصرف الذي وصل إلى مستوى قياسي لامس 140 مليار دولار، لم يستغل بالطريقة الأنجع من جانب السلطات العمومية. فبدل استثماره في خلق شركات جديدة وعلاج شقيقاتها المريضة بإصلاحات صحيحة، أو على الأقل استعمال الفائض منه في استثمارات اجتماعية لطمأنة المواطنين ولامتصاص البطالة، وجدنا أن العكس هو ما حصل.
فقد سارعت الحكومة إلى وضع أموالنا في البنوك الأمريكية وشراء سندات الخزينة الأمريكية، كما اتجهت نحو التسديد المسبق للديون الخارجية، وشراء الأسلحة، متناسية تردي مستوى أداء البنوك في البلاد، بفعل غياب سياسة سليمة للاقتراض، أفرز فضائح ونتائج فظيعة لا تحصى، والاستكانة لتقلبات قطاع المحروقات رافقه تجاهل قطاعات أخرى لا تزول مثل الزراعة والسياحة، إلى جانب عدم التدقيق في دراسات جدوى المشاريع التي أدت إلى بذل جهود استثمارية لم تؤت النتائج المرجوة منها، لكنها أحيت شركات أجنبية كانت في طريقها نحو الإفلاس !

 المصدر :الجزائر: جلال بوعاتي
2009-05-16

http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=157002&idc=30&date_insert=20090515&key=1

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق