سياسة

6 مليارات دولار منحت بالتراضي لأجانب وخواص

”الاستثناء” الذي حوله المسؤولون إلى قاعدة في منح الصفقات العمومية
newtrain-algeria
يعتقد بعض المختصين أن الحجم المالي للصفقات العمومية التي منحت بالتراضي لمقاولين أجانب وخواص، في السنوات الأخيرة، يزيد عن 6 مليارات دولار، معظمها في مجالات البناء والأشغال العمومية والنقل والصحة والمحروقات والفلاحة.
تعرّف النصوص القانونية التراضي بأنه الطريق ”الاستثنائي” لإبرام الصفقات العمومية حيث يتم تخصيص ومنح الصفقة لمتعامل متعاقد واحد دون الدعوة الشكلية للمنافسة، لكنها تقيد ذلك بحالات معينة أهمها الخطر الداهم مثل ما هو الحال لمواجهة آثار الكوارث، وضرورة التموين المستعجل، والأهمية الوطنية للمشروع، أو بسبب تقدم مقاولين لا تتوفر فيهم الشروط اللازمة.
غير أن المؤسسات العمومية المشرفة على منح المشاريع حولت هذا الخيار الاستثنائي إلى قاعدة كثيرا ما استعملت للتغطية على مخالفات كبيرة في تسيير المال العام. ففي إطار التحضير للمهرجان الثقافي الإفريقي 2009، المقرر تنظيمه بالجزائر شهر جويلية القادم، نص قرار مشترك بين وزارتي الثقافة والمالية على عدم إخضاع نفقات التأهيل والتحضير المادي للمهرجان، إلى قانون الصفقات العمومية، وإقرار بدل ذلك منح المشاريع بـ”التراضي”، بما فيها خدمات الإيواء والإطعام وتنظيم حفلات الافتتاح والاختتام وغيرها.
ويلاحظ أن الشركات الأجنبية تأتي في مقدمة من يستفيد من عقود التراضي، حيث كشفت فضائح المجموعة الأمريكية ”هاليبورتون” أن أهم الصفقات التي منحتها إياها مؤسسات وهيئات جزائرية، تمت بالتراضي، مثل بناء مستشفى عسكري جامعي بقسنطينة بأكثـر من 10 ملايير دينار، ومركز البحث في الإجرام ببوشاوي، ومشروع آخر في الحقل البترولي لحاسي بركين بورفلة قيمته 2,1 مليار دولار. وقبل أيام قليلة، فتحت المديرية العامة لمركب أرسيلور ميتال عنابة تحقيقا في ملف الشركة التركية ”أفاس”، الحائزة على صفقة الشحن ونقل المواد الخام من منجم الونزة والميناء نحو الوحدات الإنتاجية للمركب، بصيغة التراضي، تفوق قيمتها 35 مليار سنتيم قابلة للتجديد سنويا، دون وجود أي طابع استعجالي يدعو لذلك.
وصدر عن مجلس الوزراء العديد من القرارات المماثلة منح فيها بالتراضي لمؤسسات خاصة في الغالب لإنشاء وتجهيز مباني هيئات وطنية مثل المجلس الدستوري ومجلس قضاء الجزائر العاصمة. كما منحت بالتراضي حق استغلال وتسيير مصالح عمومية كبرى مثل مطار الجزائر الدولي هواري بومدين لصالح شركة تسيير مطارات باريس، وتسيير شبكات المياه بالعاصمة لمجمع ”سويز” الفرنسي، ومنها أيضا إنـجاز 25000 سكن اجتـماعي موجهة للتأجير وللقضاء على السكنات غير اللائقة على مستوى ولاية الـجزائر، وشراء نحو 300 حافلة لنقل الطلبة، بالإضافة إلى استيراد أجهزة طبية من الخارج.
وفي آخر اجتماع لمجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، استمع إلى عرض قدمه وزير الداخلية لأجل اقتناء وصيانة عتاد متنوع موجه للجماعات المحلية عن طريق التراضي، وغيرها من الصفقات التي منحت بالتراضي في قطاعات أخرى كقطاع البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال. ومنذ انطلاق مشروع الطريق السيار شرق – غرب، تم تسجيل تحفظات عديدة من بينها اعتماد صيغة التراضي في منح صفقة الإنجاز، ويجري نفس الأمر أيضا على تسيير الجماعات المحلية. ففي بلدية واحدة في ولاية بجاية عالجتها مؤخرا العدالة، ثبت تبديد أزيد من 146 مليار سنتيم، عن طريق إبرام 128 صفقة عمومية بالتراضي دون المرور عبر المناقصات مثلما يقتضيه القانون.
هذا الأمر أصبح يشكل الدافع الأساسي للمقاولين والخبراء الماليين لانتقاد ”المخالفات” التي يقولون إنها أصبحت تحكم تسيير ومنح الصفقات العمومية، واتهموا الأجهزة الحكومية صاحبة الصفقات وأيضا جماعات نافذة باستغلال النفوذ وتطويع التشريعات المعتمدة للفوز بهذه الصفقات وإقصاء منافسيهم. حيث تلجأ المؤسسات المانحة للصفقة إلى عرض محدود أو التصريح بعدم ملاءمة العرض، وبالتالي إلغاؤه حتى تتمكن الجهة العمومية صاحبة الصفقة من منحها عن طريق التراضي.

 المصدر :الجزائر: عبد النور بوخمخم
http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=157003&idc=30&date_insert=20090515&key=1

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق