مقالات

فضائح عقارات المسؤولين الجزائريين في كتاب باريس-الجزائر: علاقة حميمية

ليس فساد الذمة بالأمر الجديد على البشرية عبر العصور، ولا نهب الأموال والاختلاسات والاستحواذ على أملاك الدولة ظاهرة طارئة لا في الجزائر ولا في العالم، هذه من طبيعة البشر، لكن ما يلفت النظر ويبث مشاعر الخوف والهلع هو أنّ هذه الظاهرة المرضية في تسيير مقدّرات الأوطان واستباحتها على مسمع ومرأى العالم، دون خوف أو خجل، إنّ هذه الظاهرة المرضية والمقلقة التي أضحت تنخر الجزائر لم يسبق لها أن بلغت مثل هذا الحجم المهول في اتّساع نطاقها بحيث لم يُستثنَ قطاع ولا مستوى من مستويات هرم الدولة، حتى قيل أنّ الديمقراطية الوحيدة التي شهدتها الجزائر هي ديمقرطية الفساد والنّهب والرّشوة، أو كما عبّر عن ذلك وزير الثقافة والاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي بالقول: “سيسجّل التّاريخ أنّ الفساد والافلات من العقاب شكّلا أبرز معالم عهد حكم بوتفليقة، بحيث رفعهما وجعل منهما أدوات السلطة”.
منذ سنين والمواطن يرى بأمّ عينيه كيف يتّجه بلده نحو الهاوية حيث شلّت معظم القطاعات الحيويّة للدّولة، وممّا يزيد من حنق وغضب المواطن أنّه يشاهد – عاجزا – كيف أنّ مرتكبي هذه الجرائم يتصرّفون بصلف وغطرسة دون حتّى محاولة التستّر وهم يختلسون الأموال وتهريبها إلى الخارج لشراء عقارات ومحلاّت تجارية لا يحلم أغنياء أوربا باقتنائها، ورغم علم العام والخاص، يرى المواطن كيف أنّ الغلابى من المبلّغين عن الفساد يلقى بهم في غياهب السجون ظلما وعدوانا بينما كبار الحيتان الذين أصبحت أسماؤهم تتصدّر الفضائح في البلاد وخارجه، كيف أنّهم يسرحون ويمرحون أحرارا دون أيّة متابعة قضائيّة ناهيك عن معاقبتهم… نعود فنقول أنّ ما كان يعرفه المواطن وهو يتألم على ما آل إليه وضع بلده، جاء كتاب Paris- Alger une Histoire passionnelle للصحفيين من تلفزيون TF1 Christophe Duboisو Marie Christine Tabet ليؤكدا بالتفصيل، ما كان معروفا ضمنيا، بل ويرى المتتبّعون أن ما حواه الكتاب لا يعدو إلاّ أن يكون الجزء الظاهر من جبل الفساد العائم وأنّ ما خفي هو أعظم. وللوقوف على حجم هذه الظاهرة الفتّاكة نورد بعض ما جاء في الكتاب المذكور، ونقتصر على الفصل المُعنوَن Alger- sur-Seine، وهي إشارة إلى ما يملكه ساسة البلاد على ضفتي نهر السين، بعاصمة الجنّ والملائكة.

[فيديو] ملخص عن الفضائح العقارية لبعض المسؤولين الجزائريين كما وردت في كتاب (باريس ــ الجزائر: علاقة حميمية)

يوم الاثنين 26 يونيو- جوان-، 2006، كان عبد السلام بوشارب على موعد بشارع سان جيرمان في باريس بأحد مكاتب التوثيق الشهيرة، وذلك لاستكمال إجراءات شراء عقار تعود ملكيته لأحدى العائلات الثريّة من شمال فرنسا، وتقع الشقة في 21quai de Montebello (باريس 5)، في واحدة من أكثر المناطق الساحرة في باريس، تمنح غرفة الصالون إطلالةً بانورامية على نهر السين وباعة الكتب العتيقة المشهورة وكاتدرائية نوتردام ومقر البلدية المهيب. في تلك الفترة كان الوزير الحالي للصناعة والمناجم لبوتفليقة عضوا في البرلمان الجزائري.
في الواقع، اشترى الوزير شقتين بذات العمارة، بالطابق الأول: الشقة الأولى مساحتها 82 متر مربع، وتتألف من قاعة انتظار، ومكتب استشاري، ومكتب آخر” والشقة الثانية بمساحة 74 متر مربع، تتكوّن من “مدخل، وغرفة طعام، ومطبخ، وثلاث غرف نوم” بمساحة إجمالية قدرها 156 متر مربع. وهكذا يكون الوزير قد اكتسب هذه البقعة الجميلة في قلب باريس السياحية بمبلغ يفوق بقليل 1 مليون يورو (€ 1180000)، أي أكثر من 120 مليون دينار بالسعر الرسمي (190 مليون في السوق السوداء).
دفع بوشوارب مبلغ 580 ألف€ نقدا، أما المتبقي أي € 600000، كان بصيغة قرضِ مدّته سنة واحدة فقط – لدى فرع ليل من Crédit du Nord ساحة Rihour. وهو استثمار ثبت أنّه كان بمثابة صفقة ممتازة، حيث تقيّم وكالات العقارات اليوم عقار الوزير الجزائري بأكثر من 3 ملايين أورو.
من أين جاءت هذه الأموال؟ السيرة الرسمية للوزير عبد السلام بوشوارب، – وهي متاحة على الموقع الإلكتروني لوزارة الصناعة والمناجم -، لا تقدّم أيّ تفسير لذلك.. !! وبالتأكيد لا يمكنه براتبه كوزير، يتقاضى ما بين 3 ألاف إلى 4 ألاف يورو شهريا – إبرام هذه الصفقة وشراء الشقة كما أن سيرته الذاتية CV لا تشير إلى أيّ نشاط آخر غير نشاطه السياسي:
بوشوارب حاصل على شهادة في جراحة الأسنان، وعضو في التجمّع الوطني الديمقراطي (RND)، -الحزب المساند لنظام الحكم،على غرار حزب جبهة التحرير الوطني (FLN ،(ترأّس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الجزائري قبل دخوله أوّل مرّة في الحكومة، وعمل سابقا في وزارة الصناعة 1996-1997، ثم كمندوب للعمل بين عامي 2001 و 2002، وعاد إلى البرلمان في 2012. وقاد في عام 2014، الحملة الانتخابية لبوتفليقة لولاية رابعة كمسؤول الاتصال، وبصفته الرجل الثالث في حكومة سلال، استرجع سيطرته على وزارته المفضلة – الصناعة -، التي ألحق إليها قطاع المناجم .
ولدى استجوابه من قبل مؤلفي الكتاب، أكّد الوزير أنّ الأموال المستثمرة في فرنسا بيضاء ناصعة كالثلج لا تشوبها شائبة، موضّحا بالقول “أنا مقيم في فرنسا منذ عام 1978، وقد قدمت إليها كطالب ثم أنشأت مؤسسة” كما يشير الوزير إلى نشاط تجاري له في الجزائر “قبل أن يضيف:”لقد ذكرت ذلك بعناية شديدة في إعلاني عن ممتلكاتي كبرلماني وكوزير”. أمّا الجواب عن طبيعة نشاطه التجاري ومع من يقيمه؟ يقول الوزير “ليس لدي أي شيء أخفيه. ليس لدي مشكلة في ذلك “، دون مزيد من التفاصيل.
كبار المسؤولين الجزائريين La naomenklatura يعشقون الحياة الباريسية
.عبد السلام بوشوارب ليس الرّجل السياسيّ الوحيد من كبار المسؤولين الذي يملك موطئ قدم على الضفّة الشرقية أو الغربية الرّاقية بالعاصمة الفرنسية، سلف بوشوارب في وزارة الصناعة، شريف رحماني الحاكم السابق لبنك الجزائر، كان جارا له بنفس الطابق من العمارة رقم 23-25، شارع سنجر في المقاطعة 16، كلاهما اشترى شقّة في نفس المبنى، غير أنّ بوشوارب باع شقّته في 2006 بمبلغ € 905000.
تبرهن طريقة اقتناء الشقّة الشهيرة من قبل شريف رحماني في شارع سنجر على عملية تمويه بالغة الاتقان، ففي 7 يوليو- جويلية – 1997 شكّل كلّ من رضا. ب، وبن يوسف. ب، شركة عقارية SCI للحصول على شقة في 23-25 شارع سنجر في باريس (الدائرة ال16)، الأوّل محاسب، يعمل لدى صديق شريف رحماني، الذي يملك العديد من الشركات في فرنسا، والثاني هو سائقه، وهذه الأسماء تم استخدامها فقط، مثل استخدام الشركة العقارية SCI ، لخلط الأوراق ومحو الآثار، قصد إخفاء أسماء المشترين “الحقيقيين” والاستفادة من المزايا الضريبية.
في 2003، سجّل مكتب الضبط بالمحكمة التجارية في باريس تغييرا في الحالات، حيث تولّت زبيدة بن طاهر، زوجة شريف رحماني، إدارة الشركة العقارية (بعد أن أوكلتها لفترة وجيزة إلى واحدة من شقيقاتها). وبعد ذلك بعام، تحوّلت الشركة العقارية بعنوان 23 شارع سنجر” إلى شركة “FO-MM” (التي ترمز إلى الأحرف الأولى لكل واحد من أبناء شريف رحماني الأربعة)، ليتم نقل مقرّها على بعد مائتي متر، 6 شارع Lekain في باريس (16)، حيث تملك أسرة رحماني شقة أخرى، مدمجة في شركة عقارية تحت اسم MMFO. وكما هو الحال في لعبة Bonneteau ، فلا بدّ من تتبّع الأوراق التي تنتقل من يد إلى أخرى. فبعد تشكيلها في 25 يونيو 2001 من قبل مولود ب، وهو اسم آخر تمّ استعماله من قبل رحماني، سمحت هذه الشركة SCI (التي تمّ دمجها مع شركة FO-MM) بشراء شقة من غرفتين (26 متر مربع) بمبلغ 79000 €، ما يعتبر صفقة جد رابحة بالنظر إلى سمعة المنطقة (سعر المتر المربع الواحد قد تضاعف ثلاث مرات منذ ذلك الحين).
في 14 مارس 2008، وقّعت زبيدة بن طاهر رحماني هبة تمنح بموجبها SCI FO-MM لاثنين من أبنائها، تقدّر قيمة أسهمها بـ 581272 €، مبلغ لا يعكس القيمة الحقيقية للعقار، وهكذا أصبحت عائلة رحماني عن طريق لعبة نقل حصص شركة العقار، على رأس ممتلكات عقارية معتبرة في باريس.
وكذلك بالنسبة لشريف رحماني، على غرار عبد السلام بوشوارب، لا تشير سيرته الذاتية إلى أي نشاط آخر غير عمله السياسي.
السيد زيدي ل هو الشخص الذي نظّم عملية شراء شقة شارع سنجر لفائدة الوزير السابق: يقول “التقيت شريف رحماني هناك قبل أربعين عاما. كنت طالبا، وكان يعمل بولاية الجزائر العاصمة، وكان رحماني يبحث عن بيت يسكنه في باريس، وطلب مني البحث له عن شقة، ولم أكن لأرفض له الطلب، فاشتريت هذه الشقة عن طريق القرض، وحوّلت له أسهم الشركة العقارية ولم يكلّفه ذلك شيئا، وسدّد القرض بفضل مداخيل الإيجار لتلك الشقة، ولم أره لمدّة خمسة عشر عاما. ” ماذا استفاد هذا – الرجل الأعمال – من العملية؟ هل ساعده شريف رحماني على استعادة إدارة مطاعم مسجد باريس؟ هل فتح له أبواب النشاط التجاري في الجزائر؟ أسئلة تبقى بلا جواب، أما السيد الزيدي فقد نفى تلقّيه أيّ مقابل للخدمة التي قال أنّه أسداها للوزير.
وقد أضاف شريف رحماني عدوّا آخر له في فرنسا في شخص نايلي بن عنيبة (Benaniba) ، وهو مواطن فرنسي من أصل جزائري، كان يعمل لدى ل الزيدي، وأكّد نيلي مشاركته في المعاملات المالية التي أثارت شكوكه وانتهى به الأمر إلى اعتبار أنّ مستخدميه لم يتصرفوا على نحو سليم من الناحية المالية. وبهذا الخصوص يقول انّه توجّه في إحدى المرّات إلى شقة 23-25، شارع سنجر، الكائن بالطابق الثاني، الذي يحتوي على غرفة رئيسية، وعدّة غرف نوم وشرفة” وأنّه كان يحمل طردا يبدو ذا قيمة كبيرة”، كان ذلك في 2002. ويواصل: “كنت في السيارة مع زايدي ل … توقفنا بجانب شارع سنجر، فطلب مني حمل اثنين من الأكياس البلاستيكية إلى الشقة، وأوضح لي أن بداخلها 400 ألف أورو وهي موجّهة للوزير. ” حامل الأكياس يؤكّد أنّ شريف رحماني لم يكن موجودا في ذلك الوقت في الشقة، كما يؤكد عدم مشاهدته هذه الأموال. والسؤال المطروح، إذا كانت هذه الأموال موجودة حقا، إلى من كانت موجّهة؟ هذا جنون يقول زايدي، لم يسبق لي أن دفعت فلسا واحدا لشريف رحماني!
رواية نايلي بن عنيبة تتواصل عبر رحلة جوية إلى الجزائرر.
في 23 أكتوبر 2002، رافقه زايدي إلى مطار باريس شارل ديغول، حيث يصعد السيد نايلي إلى الطائرة رفقة إبراهيم ب.، السكرتير الخاص لشريف رحماني، في اتجاه الجزائر العاصمة، وبينما يأخذ مكانه بالدرجة السياحية، كان مقعد الوزير في الجزء الأمامي من الطائرة، ولدى وصوله الى العاصمة الجزائرية، وجد نايلي بن عنيبة سيارة وسائق بانتظاره ، لتنقله إلى البليدة، حيث كان له موعد مع موثق أسرة رحماني، الأستاذ عبد اللطيف كشوت. الهدف: توقيع عقد بيع شقة يملكها في الجزائر العاصمة، عبارة عن عقار فخم يتألّف من عشرة غرف (أكثر من 300 متر مربع)، يقع في واحدة من المناطق الأكثر تميّزا في الجزائر العاصمة، قرب القصر الرئاسي بالمرادية، كان قبل ذلك ملكا للدولة.
وقد بِيع له هذا العقار بتاريخ 27 ديسمبر 1998 بمبلغ 420987 دينار (حوالي 4 ألاف يورو)، ويؤكّد السيد بن عنيبة أن امتلاكه لهذه الشقة ليس سوى غطاء تم استخدامه ليتمّ الاستيلاء على العقار التابع لأملاك الدولة لحساب شريف رحماني، الذي كان حينذاك يتولّى منصب وزير مسؤول عن ولاية الجزائر الكبرى، وهنا أيضا لم يظهر اسم الوزير، وبعد أربع سنوات من شراء هذا العقار التابع للدولة يلتقي بن عنيبة السيدة زبيدة بن طاهر، زوجة شريف رحماني، في مكتب الموثق، وتحصل السيدة زبيدة على الشقة مقابل مبلغ € 20000 (سيتم تسجيل البيع رسميا يوم 3 يونيو 2003). وفي اليوم نفسه، يباع إلى مالك آخر …بمبلغ 800 ألف يوير، ويقول بن عنيبة أنّه كان ينبغي أن يحصل هو على 300 ألف يورو، لكنه لم يلمس ذلك المال أبدا حسب إفادته.
اكتشاف امتلاك المسؤولين عقارات في فرنسا تعدّ الحلقة الضعيفة بالنسبة للقادة في النظام الجزائري، على غرار اسم عمّار سعداني، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، وأحد المقرّبين من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يتداول اسمه منذ أشهر على شبكات التواصل الاجتماعي والصحف الجزائرية.
قام نيكولا بو، مدير التحرير السابق لمجلة بقشيش، بكتابة مقال على الموقع الكتروني Mondafrique في 22 أبريل 2014، بعنوان ” الشقق الباريسية المشبوهة للأمين العام لجبهة التحرير الوطني.”
تلا ذلك مقالان آخران للتفصيل في ملف عقار سعيداني بفرنسا والذي يقال أنه معتبر، ويكشف أنّ سعداني تحصّل منذ 2012، على شهادة إقامة لمدة 10 سنوات في فرنسا، الأمر الذي يزعج كثيرا جبهة التحرير الوطني التي تبنّت طويلا خطابا مبالغا فيه بتشدّقها بالروح الوطنية ومناهضتها لفرنسا، فإذا به يكشف المقال أنّ رئيس الحزب الذي يملك جواز سفر دبلوماسي – قد طلب شهادة إقامة لتفتح له الطريق للتحرّك بهدوء في فرنسا.. !!
التوقيت الذي تمّ فيه تسريب القضية، لم يكن مجرد صدفة ولاحتّى عفويّا، فقبل شهرين، في 3 فبراير 2014، عشيّة الانتخابات الرئاسيّة، عقد عمّار سعداني مقابلة غير منشورة مع TSA الصحيفة إلكترونية (كل شيء عن الجزائر)، يتهجّم فيها بشدّة على أحد المسؤولين الذين ليس من اليسير التعرّض لهم، الجنرال توفيق، رئيس مديرية الاستعلام والأمن DRS ، الذي يتّهمه سعيداني بمحاولة زعزعة استقراره هو وجبهة التحرير الوطني، ومنع ترشّح جديد لعبد العزيز بوتفليقة، من جملة الهجوم على الجنرال التوفيق قول سعداني “لقد كانت العديد من الأحزاب ضحايا تدخّل الأمن الداخلي. […] ويتمّ ذلك دائما تحت أوامر من توفيق. هذه حقيقة واقعة، في حين لو قمنا بتقييم مهام الأمن الداخلي في بعض القضايا الهامّة سنجد أنّ هذا الجهاز قد مني بفشل متكرر.
“للأسف، بدلاً من الاهتمام برعاية أمن البلاد، انشغلت هذه المصلحة بالشؤون السياسية والعدالة والإعلام”، وهي اتهامات غير مسبوقة في تاريخ البلاد. ويخلص سعداني بالقول: “إذا ما حدث لي مكروه، أحّمل توفيق المسؤولية عن ذلك “، من جهته ينفي نيكولا بو أن يكون قد تمّ استخدامه من قبل جهاز DRS، الذي يملك هو الآخر ممتلكاته في فرنسا. وحسب مقرّبين من سعداني، لا تعدو القضية مسألة انتقامية منظّمة، مثلما هو الأمر في كثير من الأحيان في الجزائر، بحيث يصعب تمييز الصّادق من الكاذب.
ما هي طبيعة هذه الممتلكات؟ كما هو الحال بالنسبة لشريف رحماني، فقد تمّت المعاملات عبر شركة عقارات SCI تحت اسم جميل ‘شجرة الزيتون”L’Olivier، الكائن مقرها 48 شارع la Bienfaisance باريس (8). وكان عمّار سعداني، أحد الشركاء: تمّت عملية البيع في 13 نوفمبر 2009 بحضور ابنته، كنزة، مديرة الشركة العقارية ومقرّها في لندن، ويقع العقار الباريسي في شارع فيكتور هوغو في Neuilly-sur-Seine ، المدينة الأكثر ثراءً في فرنسا: وهي شقة من 100 متر مربع وتتألف من أربع غرف منها ثلاث غرف نوم. ووفقا للمعلومات التي تحصّل عليها مؤلفو الكتاب، بلغ ثمن البيع 665 ألف يورو.
وفقا لعقد البيع، قام عمار سعداني بالإجراءات الأولى مع البائع، باسمه الشخصي، خاصة من خلال توقيع اتفاق البيع، قبل إنشاء SCI سرية. من أين حصل عمّار سعداني على هذه الأموال؟ بصفته رئيس سابق لمجلس النواب، وثالث أقوى مسؤول في الدولة، يعتبر عمّار سعداني شخصية ذات نفوذ لكنه مع ذلك ليس معروفا عنه الثراء، ولذا يطرح السؤال: هل يملك حساب بنكي في فرنسا؟ وهل دفع مبلغ الشراء نقدا؟ محاميه Me Jean-Yves Dupeux, يؤكد أنّ سعداني يملك حقا شقة في نويي يستعملها لدى تنقلاته في فرنسا، لكن الشقة تستعمل من قبل ابنته وينفي المحامي أيّ عملية اختلاس لأموال الدولة من قبل موكّله.
بناء على طلب من سعداني رفع محاميه دعوى تشهير ضد الموقع Mondafrique. ورغم المعلومات التي تناقلتها الصحافة الجزائرية، وتساؤلاتها حول ممتلكات عمار سعداني في فرنسا، لم يفتح أي تحقيق بهذا الشأن.
أما عبد المالك سلاّل رئيس الوزراء الحالي، حتى وإن لم تظهر أيّ معلومات تفيد بأنه يملك أيّ عقارما باسمه في باريس إلا أنّ أحد أفراد أسرته المقرّبين قد استثمر في العاصمة الفرنسية، في 27 أبريل 2007، ويتعلق الأمر بابنته – ريم – التي اشترت شقة في أحد الشوارع الأكثر غلاءً في العالم، -الشانزليزيه -. وبينما تقول انّها تعمل محلّلة وتقيم في لندن، على بضعة أمتار من بارك كنسينغتون، الأكثر تميّزا في العاصمة البريطانية. فقد أصبحت -ريم – منذ ذلك اليوم تملك شقتين (عبارة عن استوديوهات) تقع في معرض ” « Arcades des Champs-Élysées », ” إحدى العناوين المرموقة، والواقعة بجوار فندق كلاريدج.
الاستوديوهان تمّ تحويلها إلى شقّة، تتألّف من “مدخل صغير، وغرفة، وغرفة نوم وحمّام ومطبخ، بمساحة إجمالية قدرها 64 متر مربع. وتمّ البيع بمبلغ 000 860 EUR، يشمل أيضا شراء الأثاث، كله أثاث جديد: أريكة (3600 €)، كراسي جلدية (1600 €)، تلفزيون البلازما (1899 يورو) … المبلغ الإجمالي 000 16 يورو.
مرّة أخرى يطرح السؤال: من أين أتت بالأموال؟ هل كان ل- ريم سلاّل- أموالا مدّخرة، أم تلقّت دعما من عائلتها؟ منذ عام 1975، تولّى والدها – عبد المالك سلاّل – مناصب رسميّة عالية، انتقل خلالها من رئيس مكتب الوالي إلى وزير (الداخلية والشباب والأشغال العامة والنقل …)، ثم مديرا لحملة بوتفليقة ورئيسا للحكومة منذ عام 2012. وعلى غرار وزراء آخرين، ليس لديه أيّ نشاط معلوم في القطاع الخاص. أمّا ابنته، فهي متزوّجة من رجل أعمال لبناني- رمزي الاسمر- يعمل لحساب شركة نفطية في لندن، وقد طلبنا توضيحا من مكتب رئيس الوزراء، عن طريق أمانة رئاسة الحكومة لكن لم يتم الاستجابة لدعوتنا.
هناك وزير سابق آخر، – محمد شريف عباس – ، المسؤول عن المجاهدين، وأحد المدافعين المتحمّسين عن وعلى السيادة الوطنية، الذي قيل أنّه هو الآخر قد اختار قبل بضعة أشهر الإقامة في منطقة ليون.
إلى جانب ذلك،فإنّ العديد من الجنرالات المتقاعدين، يملكون هم أيضا من خلال أبنائهم أو عبر أشخاص يتمّ استخدام أسمائهم للتمويه، على عقارات، أو يزاولون أعمالا تجارية في فرنسا، حيث تتداخل بكل حميمية شؤون البزنس والنشاطات السياسية.
هذه الظاهرة لا يمكن الاستهانة بها
الاستثمارات الجزائرية في فرنسا تطرح سؤلا كبيرا: كيف يتمّ تهريب هذه المبالغ الضخمة خارج البلاد؟
فمن المعلوم أنّ الدينار عملة غير قابلة للتحويل، ومن ثمّ يستحيل تحويل أي نقد أجنبي ما لم يوافق البنك المركزي الجزائري على ذلك، من جهتها تنص المادة 8 من القانون المتعلق بالقواعد الواجب تطبيقها على التعاملات التجارية مع الخارج وحسابات العملات الأجنبية أنه : “يمنع تشكيل الأصول النقدية والمالية والعقارات من قبل المقيمين من خلال أنشطته في الجزائر”. والغرض من هذا القانون هو منع تهريب رؤوس الأموال إلى الخارج. وفقا لعدة مصادر التقى بها مؤلفا الكتاب، فإن رجال الأعمال و من أجل تجميع سيولة نقدية يعمدون بشكل منهجي إلى المبالغة في إصدار الفواتير المضخمة “، الأمر سهل وبسيط يقول المراقبون، لتحقيق ذلك يكفي إنشاء فرع لشركة بفرنسا، والإعلان مثلا عن مبلغ 120 يورو لشراء 100 كغ من البطاطا التي لا تفوق تكلفتها 100 يورو. ثم يقدّم المقاول الفاتورة إلى البنك المركزي الجزائري، الذي يمنح إذنًا بالدفع. يتم تحويل الـ 120 € إلى أوروبا، ثم يتم تحويل الفرق إلى حساب في لوكسمبورج. »، إلى جانب هذه الطريقة الخفيفة، هناك عدّة طرق أخرى، أكثر دهاء تخصّ الأصول التي يملكها مسؤولون جزائريون باليورو. فبعض الجنرالات والوزراء يتلقّون عمولات أثناء عقدهم صفقات عمومية تدفع لهم هذه العمولات مباشرة في فرنسا أو في حسابات خارجية.
في معظم البلدان الأوروبية، لا ُيمنع دفع الأجر للوسطاء، شريطة الإعلان عنها للسلطات الضريبية. في فرنسا فإنّ بيرسي Bercy هي التي تقوم بجمع هذا النوع من المعلومات السريّة التي لا يعرف الجزائريون عنها أي شيء.
معظم القادة الجزائريين لديهم في واقع الأمر تصاريح الإقامة في فرنسا. كان عبد السلام بوشوارب، عندما اشترى شقة جميلة بـ quai Montebello ، يملك شهادة الإقامة الفرنسية، أي ما يعادل تصريح الإقامة لمدة 10 سنوات، منحت له في عام 1997 …
أما الرأي العام في الجزائر (المواطنون) فلا يستسيغون ميول قادتهم، الذين يطنبون في انتقاد المستعمرة السابقة، وتضخيم الروح الوطنية وفي الوقت نفسه يتسارعون بداية كل عطلة أسبوعية إلى باريس لقضاء وقتٍ ممتعٍ وتكديس أموالهم في بنوك الخارج.

تلخيص تلفزيون رشاد | قناة العصر

http://rachad.tv/2015/04/ملخص-عن-الفضائح-العقارية-للمسؤولين-ال/

كلمات مفتاحية

9 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • والله اشك حتى في المجاهدين ومن قالوا عنهم انهم مجاهدين؟كيف ؟يحبون فرنسا ويموتون فيها؟ يقلون جهدنا فرنسا وحاربنا وهي عدو لنا لكنهم لا يسبقهم اليها من لم يجاهد؟يفخرون ويعتزون باللغة الفرنسية وينكرون اللغة العربية التى هي عزهم وكرماتهم؟يتكلون عن الوطن والوطنية لكنهم يقدسون وطن المستعمر العذو؟لم افهم هل كلهم ” خونة للوطن؟ ام ان كل خائن مجاهد وكل مجاهد خائن؟

  • كل هذها النهب والسرقة والتحايل وتحويل الاموال الى الخارج وياتي وزير السكن والعمران يحاسب المواطن البسيط على امتاتكه شقة صغيرة في الاخر الدنيا ويحاسبه ويحاكمه .ياحكام الهف حاكمو انفسكم وحاكمو الرؤوس الكبيرة .شقة في باريس تعادل حي بالكامل في الجزائر وعادي لا يحاسب صاحها ولا يحاكم…اين تذهبون من الله……..