سياسة

لا حكومة سياسية ولا حكومة تقشف

السلطة أدارت ظهرها للموالاة وللمعارضة

لا حكومة سياسية ولا حكومة تقشف
لم تكن الحكومة الجديدة القديمة “توافقية” مثلما دعت إليه بعض أحزاب المعارضة، و”لا حكومة وحدة وطنية” كما رغب سلطاني لعودة حمس إليها، ولا حكومة أزمة مثلما تقتضيه الوضعية المالية الصعبة للجزائر، لقد بقيت الحكومة بعد التعديلات الجديدة عليها بلا طعم ولا لون سياسي لها، في وقت تكاد البلاد “تختنق”.
تعامل الرئيس بوتفليقة مع التغيير الحكومي بمنطق عدم وجود أي أزمة في البلاد، لا مالية ولا اقتصادية ولا سياسية ولا أمنية، وهو بذلك أدار ظهره كلية ليس فقط لمطالب أحزاب المعارضة التي كانت تنادي بحكومة وحدة وطنية، ولكن أيضا حتى لأحزاب الموالاة التي دعت، على لسان عمار سعداني، إلى حكومة سياسية. إذ بقدر ما تراجع اللون السياسي لممثلي القطاعات الوزارية الثقيلة، رغم تواجد ممثلي 4 أحزاب سياسية في الحكومة، بقدر ما ازداد نفوذ “الإدارة” في دواليب منظومة الحكم، ما يؤشر أن الطبقة السياسية، مولاة ومعارضة، لا تأثير لها داخل دوائر صنع القرار، ومع ذلك لا خوف على حكومة سلال في طبعتها الجديدة القديمة من ضمان الأغلبية في البرلمان عند عرض برنامجها.
ورغم أن بوادر الأزمة المالية جراء تراجع أسعار المحروقات قد حطت برحالها وبدأت المؤشرات الاقتصادية تتلون باللون الأحمر، غير أن هذه التحديات لم ترم بظلالها في تركيبة الحكومة، فباستثناء دمج بعض الوزارات مع بعضها، على غرار الشبيبة والرياضة والتهيئة العمرانية والسياحة، دون معرفة على أي أساس جاء ذلك، فإن التغيير الذي صاحب وزارتي المالية والطاقة، وهما العصب الحساس في ميزانية الدولة، لا يخرج عن سياق تدوير المنصب أكثر منه ضمان الفعالية، بحيث يفتقد الوزراء الجدد للخبرة في إدارة الأزمات، سواء لوزير المالية أو وزير الطاقة الجديدين، وهو ما يعني أن السلطة لا تملك في جعبتها بدائل لحل الأزمة وتنتظر فقط عودة أسعار البترول للانتعاش مجددا.
إن اقتصار التعديل الحكومي على بعض الحقائب دون أخرى، وعدم الانتقال إلى التغيير الشامل، يعني أن السلطة لم تستشعر بعد خطر الأزمة، سواء في شقها الاقتصادي المتميز بتدني أسعار المحروقات بنسبة 50 بالمائة وعدم وجود مؤشرات لانتعاشها في المدى المنظور، أو في شقها السياسي، حيث وصلت قوى المعارضة إلى إعلان القطيعة مع كل مبادرات السلطة، وفي مقدمتها رفض تعديل الدستور، وهو ما قد يجعل من “التعديل الحكومي” محدود الفعالية والتأثير، بالرغم من أن السلطة تسعى من ورائه لإعطاء جرعة أكسجين للجهاز التنفيذي لمواجهة الركود وتوسع دائرة الغضب الشعبي في العديد من الولايات، ما يفهم منه أن الجزائر لا تريد أن تغادر منطقة “الترقب والانتظار”.

www.elkhabar.com/press/article/15756/لا-حكومة-سياسية-ولا-حكومة-تقشف/

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق