مقالات

غياب «الإجماع» حول انتقال السلطة دفع بوتفليقة إلى تغييرات أمنية حساسة

حملة التغييرات التي أقرها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وطاولت في البداية محافظي الولايات ثم مسؤولين في الحكومة وبعدها قادة في الاستخبارات والأمن الرئاسي، أعادت طرح تساؤلات في البلاد حول أسباب هذه الحملة «المفاجئة»، خصوصاً أنها شملت مسؤولين أمنيين مرتبطين بمهمة حماية الرئيس شخصياً ومقار الرئاسة وملحقاتها، إضافة إلى جهاز مكافحة التجسس. ولم يكد النقاش يهدأ حول التغيير الحكومي الجزئي الذي طاول ثلاثة وزراء من بينهم عمارة بن يونس، أحد أبرز حلفاء الرئيس، حتى أصدرت الرئاسة قرارات أكثر أهمية بدأت بإعفاء مسؤول دائرة الأمن والحماية في رئاسة الجمهورية اللواء جمال كحال المعروف بلقب «مجدوب»، والذي خلفه العقيد ناصر حبشي. ومعلوم أن اللواء مجدوب شغل هذا المنصب منذ نحو عشر سنوات، وكان قبل ذلك نائبا للقنصل الجزائري في باريس.
كما أعفى بوتفليقة قائد «الحرس الجمهوري» اللواء أحمد مولاي ملياني، وعين بدله الفريق بن علي بن علي قائد الناحية العسكرية الخامسة.
وسربت أوساط مقربة من الرئاسة معطيات أن التغيير الذي طاول هذين الجنرالين مرده «إخلال في أداء المهمات»، ما فتح باب تأويلات كثيرة حول ارتباط الأمر بأمن الرئيس، غير أن عائلة اللواء مجدوب سارعت إلى إصدار بيان رأت فيه إن «إقالته من منصبه ليس في أي حال عقوبة على إخلال في المهنة، كما صور ذلك بعض وسائل الإعلام». وتتولى دائرة الأمن والحماية مهمة حماية الرئيس ومقار تابعة له، فيما يشكل «الحرس الجمهوري» التابع للجيش جهاز الدفاع الأول ويتولى إلى ذلك، مهمات متعلقة بالتشريفات.
غير أن الملفت في التغييرات المتسارعة، هو إنهاء مهمات الجنرال علي بن داود من على رأس مصلحة الأمن الداخلي ومكافحة التجسس التابعة لمديرية الاستعلام والأمن (الاستخبارات)، وتعيين خلف له هو العقيد بوقشابية عاشور الذي كان يتولى منصب ملحق عسكري في سفارة الجزائر في تركيا. وعيّن بن داود في منصبه في خريف عام 2013 ، في وسط ما اعتبر يومها، محاولة من الرئيس لإعادة ترتيب البيت الداخلي لجهاز الاستخبارات عشية الانتخابات الرئاسية في نيسان (أبريل) 2014 والتي أسفرت عن إعادة انتخابه لولاية رابعة. ويومها حل بوتفليقة الذي يحظى بصلاحيات في الدستور تمنحه صفة وزير الدفاع وقائد أعلى للقوات المسلحة، المصلحة المركزية لأمن الجيش وألحق مركز الاتصال و الصحافة بقيادة الأركان، ثم أجرى تغييرات على رأس مديريتي الأمن الخارجي والداخلي، وعين الجنرال محمد بوزيد في منصب الجنرال رشيد لعلايلي (عطافي)، ثم عين الجنرال علي بن داود في مكان الجنرال بشير طرطاق (عثمان)، أي أن الأخير عمر في منصبه لسنتين فقط.
وتدل هذه الخطوات المفاجئة إلى أن الرئيس قرر إحداث تغييرات داخل الجهازين المرتبطين مباشرة بالرئاسة، إذ لا تمكن قراءة هذه التغييرات الأمنية بمعزل من التغيير الذي طاول الطاقم الحكومي وسلك الولاة، في مؤشر محتمل إلى غياب الإجماع حول فكرة انتقال الحكم بعد مغادرة بوتفليقة منصبه سواء قبل نهاية ولايته أو في حال أكملها إلى غاية 2019 .
ويرى مراقبون أن كثيراً من مراكز القوى كانت تتوزع على هذه المؤسسات الرسمية التي طاولها التغيير، سواء في الجانب السياسي أو في الجانب الاقتصادي والتجاري والذي كانت له انعكاسات مباشرة على الحياة اليومية للمواطنين، وفقاً لأمزجة وأهداف دوائر القرار في الرئاسة والجيش.

الإثنين، 27 يوليو/ تموز 2015 الجزائر – عاطف قدادرة

www.alhayat.com/Articles/10226226/غياب–الإجماع–حول-انتقال-السلطة-دفع-بوتفليقة-إلى-تغييرات-أمنية-حساسة

كلمات مفتاحية