سياسة

“إضعاف جهاز المخابرات يساعد على تصاعد النشاط الإرهابي”

حوار أحمد عظيمي، لـ”الخبر”

يرى الخبير في الشؤون الأمنية، أحمد عظيمي، بأن الجزائر انتصرت على الإرهاب عسكرية وأمنيا ولكن ليس عقائديا، مشيرا في مقابلة مع “الخبر” إلى أن اجتثاث هذه الآفة يبدأ من قطع الحبل السري بين الجماعات الإرهابية والمجتمع، بإحباط عمليات التجنيد والدعم الذي تتلقاه من بعض أفراده.
كيف تفسرون تنامي النشاط الإرهابي في الجزائر في الأسابيع الأخيرة؟
نحن هزمنا الإرهاب عسكريا وأمنيا ولكننا لم نهزمه عقائديا، وحالنا في هذا حال الذي أطفأ النار ولم يخمد كل الجمرات، وأقصد هنا أن الانتصار على الإرهاب لم يرفق بوضع حد لظاهرة التجنيد والدعم للإرهاب، وما دام الإرهابيون يستطيعون تعزيز صفوفهم بمجندين آخرين، فإن النشاط الإرهابي سيستمر. لذا يجب البحث عن بدائل أخرى، ولا خيار لدينا غير إحداث تغيير عميق عبر تحقيق انتقال ديمقراطي وتطهير السلطة من الفاسدين، وتولي مسؤولين يحوزون على ثقة المواطنين، وطرح أدوات جديدة للقضاء على الإرهاب، أرى أنها يجب أن تنطلق خلال إصلاح عميق في محتوى المناهج التربوية ببلوغ هدف مواطن جديد متمسك بالحياة يحب الوطن ويغار عليه، ولا يختصر الوطن عنده في أغنية يرددها في المناسبات، ويرفق الإصلاح التربوي بإعادة النظر في الخطاب المسجدي، فمثلا الآن يوجد في تناول الجزائريين 300 قناة دينية، كثير منها يروج لخطاب الكراهية والقتل، مقابل خطاب مسجدي متأخر جدا يضم استعمال خطاب لا يفهمه الشارع، إذن من الواجب القيام بتحويرات في هذا الخطاب لترسيخ التسامح الديني والقبول بالآخر. ومن الضروري أيضا إطلاق مراجعة لبرامج التلفزيون وخصوصا العمومية، والقيام بتطهير شبكة البرامج من خطاب العنف والحصص التي تحث عليه ومنع الأصوات المتطرفة من الوصول إلى المستمع.
ألا ترون أن فصل الصيف عامل مساعد على النشاط الإرهابي؟
النشاط الإرهابي غير مرتبط بموسم معين، والمشكل المطروح حاليا هو التراخي الذي يحدث من حين إلى آخر بعد تقلص العمليات الإرهابية، وهذه الثغرات تستغل من قبل الجماعات الإرهابية لإلحاق الأذى بعناصر الجيش، رغم وجود أوامر صارمة من القيادة بتوخي الحيطة والحذر في كل الأوقات.
قول السلطة بالانتصار على الإرهاب ألا يعد هذا سببا لهذا التراخي؟
منذ 10 سنوات والسلطة تروج لخطاب انتصاري على الإرهاب، وتقول إننا انتصرنا عليه لوحدنا، وهذا صحيح في جانب منه، لقد انتصرنا عليه عسكريا، ولكن السلطة القائمة حاليا لم تثمن هذا الانتصار الذي جاء بفضل تضحيات الآلاف من مجندي الجيش وعناصر الأمن، ولقد اعتمدت السلطة سياسات خاطئة بخلق ظروف مساعدة على ظهور بؤر تغذي الإرهاب، ناهيك عن انتشار شعور رافض لهذه السلطة لكونها أهملت شؤون المواطنين، دون أن ننسى العمل الجاري لزعزعة جهاز المخابرات، بينما تتطلب الحرب على الإرهاب عملا استخباراتيا حثيثا، لتحديد موقع الجماعات ومن يمولها، غير أننا لاحظنا في الأشهر الأخيرة كيف تم استهداف الجهاز منذ بداية العهدة الرئاسية الحالية. هذه الحملات أدت إلى إضعاف جهاز المخابرات وضرب معنويات عاملين فيه، والنتيجة ضعف قدرته في استباق هذه الهجمات، وأصبح الجيش تبعا لذلك يعمل في ظلام في غياب معلومات، ويجب ألا ننسى الأثر السلبي الذي خلفه حل جهاز الحرس البلدي، والتخلي عن “قوات الدفاع الذاتي” الذين كانوا يوفرون الدعم والمعلومات للقوات المسلحة. وما أخشاه أن تكون أكثر خطورة في غياب آفاق لقيام تغيير سياسي، وفي ظل الفوضى القائمة في محيطنا الاستراتيجي حيث تتراكم الأسلحة على الحدود، بعكس فترة التسعينات حيث كانت الحدود أكثر أمنا.
ألا يترجم هذا التصعيد الإرهابي فشل سياسة اليد الممدودة تجاه الجماعات الإرهابية ؟
سياسة اليد الممدودة ساعدت في وقت سابق على تخلي الآلاف من المسلحين عن نشاطهم، غير أنه كان يتوجب أن يتم إدماجهم في المجتمع بعد نظر القضاء في ملفاتهم، والمشكل الأخطر حاليا، كما ذكرت في السابق، يكمن في استمرار التجنيد، وما دام ذلك مستمرا، فلا يمكن القضاء على الإرهاب.
هل من الضروري مراجعة خطط مجابهة التهديدات الأمنية عبر تنظيم جهاز المخابرات بدل مقاومة هذه التغييرات؟
أنا لم أقل إنه يجب الإبقاء على الوضع القائم، ولكن أرفض الطريقة التي تتم بها العملية، عبر منح سعداني (أمين عام الأفالان) حق التعرض للجهاز أو عن طريق تسريبات صحفية، وإذا كانت هناك نية للإصلاح، فيجب أن يسند الأمر لخبراء ومختصين لتقييم أداء ووضع المخابرات واقتراح حلول ناجعة، والمرحلية في إنجاز هذا الإصلاح، حتى لا يحدث اختلال. وأرى أن الطريقة التي تتم بها التغييرات حاليا هي عملية تدمير للجهاز من قوى ترى أنه مركز مقاومة لخططها. وكان يجب مثلا إنهاء مهام مسؤولين بطريقة نظامية وليس بهذه الطريق الكرنفالية.

الجزائر: حاوره ف. جمال / 10:00-28 يوليو 2015

www.elkhabar.com/press/article/86469/إضعاف-جهاز-المخابرات-يساعد-على-تصاعد-النشاط-الإرهابي/

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق