سياسة

بالجزائر.. نشطاء الفيسبوك يسبقون الصحافة

يقول ناشطون إن من أسباب تفوقهم على الصحافة التقليدية وسبقهم في نشر المعلومة هو امتلاكهم مصادر قوية تزودهم بالمعلومات حتى من داخل أجهزة حكومية مهمة، وكذلك من ضباط مخابرات سابقين أو في الخدمة.

هشام موفق-الجزائر
تعرف الجزائر ظاهرة مثيرة ربما لم يسبق أن شهدها قطاع الصحافة، تتمثل في تفوق نشطاء إلكترونيين على الصحفيين في نشر معلومات تخص الشأن الأمني والسياسي المحلي.
ولأول مرة منذ انتشار وسائط التواصل الاجتماعي في البلاد، ينشر مدونون ونشطاء أخبارا تعد “سبقا صحفيا”، وتضطر الصحف بعدها بساعات -وأحيانا بأيام- إلى تأكيدها.
وبرزت في الفضاء الأزرق أسماء مشهورة، مثل بن يعقوب بليدي ومحمد الوالي وكريم مولاي وسليم خليل وسامي سعدي، كسرت حظر انفراد وسائل الإعلام التقليدية المختلفة بنشر الأخبار الأمنية الحساسة.
وإذا كان بعض هؤلاء معروف الهوية -كالضابط السابق مولاي، أو السياسي المعارض سعدي- إلا أن أغلب البقية يرفضون الكشف عن هوياتهم أو صورهم أو وظائفهم أو حتى جنسهم.
سبق
ومنذ انطلاق الحملة الثانية للتغييرات التي تشهدها المؤسسة العسكرية، برز اسم محمد الوالي الذي ينفرد بنشر أخبار العزل والتعيين لمسؤولين سابقين.
وأغلقت إدارة فيسبوك حساب الوالي -الذي لا يُعرف إن كان هذا اسمه الحقيقي- ثماني مرات حتى الآن، بسبب حملة تبليغات ضده، وهو يرفض الرد على أسئلة وجهتها له الجزيرة نت، واكتفى بالتأكيد أنه “لا يتواصل مع أي أحد حاليا، لأن طريق التحرير لا زالت طويلة”، على حد قوله.
وبالتحفظ نفسه، يوضح الناشط بن يعقوب بليدي أن “له ظروفا” تمنعه من الكشف عن هويته. لكنه أكد أنه يتلقى معلومات من “مصدر عليم”.

يعقوبي: بعض التسريبات تحتاج إلى
“انتحاريين” دون مسؤوليات أو رقابة (الجزيرة)
ويجزم بليدي أن الصحافة الآن مهما تنوعت مصادرها فهي تبقى ضعيفة، “كونها كانت سابقا تحت وصاية مديرية الإعلام والنشر التابعة للمخابرات”، قبل حلها.
وعن السر الذي يجعله ونشطاء آخرين يسبقون الإعلام في بث معلومات حساسة، يقول بليدي للجزيرة نت “لأن هؤلاء إما ضباط استخبارات سابقون أو ما زالوا في الخدمة، أو أن لهم مصدرا قويا يزودهم بالمعلومات”، رافضا أن يعطي لنفسه تصنيفا ضمن هؤلاء.
صحة
ويوافق هذا الطرحَ الصحفي السابق والناشط الإلكتروني السعيد بن سديرة، ويقول للجزيرة نت “بكل بساطة لدى هؤلاء مصادر من داخل وزارة الدفاع، خاصة بعد فصل مصلحة الإعلام عن جهاز المخابرات وتسريح عدد كبير من عناصرها أو إلحاقهم بمصالح أخرى”.
ويعتقد بن سديرة أن هذا هو السبب الذي دفع بعضهم إلى نشر معلومات صحيحة أو كاذبة، بغرض التشويش على صناع القرار وتوجيه رسائل مفادها أن البلاد تعيش فوضى وتهورا سياسيا غير مسبوق، بحسب رأيه.
لكن الكاتب الصحفي محمد يعقوبي يصف الظاهرة بالـ”صحية”، قائلا إنها تتعلق بـ”حساسية هذه الأخبار التي قد لا تتحملها الصحف، خاصة أن الأمر يتعلق بجهاز المخابرات الذي كان ذكره يثير الرعب في النفوس”.

بو القمح: ناشطو الإنترنت فرضوا أنفسهم
طرفا يحسب له ألف حساب مستقبلا (الجزيرة)
ويشبّه يعقوبي نشاط هؤلاء بما قام به موقع ويكيليكس الذي أنجز ما عجزت عنه كبريات الصحف في العالم، فبعض التسريبات الخطيرة تحتاج إلى “انتحاريين” ليست لديهم مسؤوليات ومنفلتين من الرقابة التي تفرض عادة على المؤسسات الإعلامية، وفق تعبيره.
ويضيف للجزيرة نت “مشكلة هذه التسريبات أنها تخرج في الكثير من الأحيان عن قوانين المعلومة لتتحول إلى دعاية لهذا الطرف أو ذاك”.
وبالرغم من إقراره بأسبقية هؤلاء في نشر معلومات تثبُت صحتها لاحقا، فإن الصحفي المتابع لشبكات التواصل عبد الرزاق بو القمح يدعو إلى التروي في أخذ ما ينشر في هذه الوسائط، ويعتبرها “إشاعات” لا ترقى لأن تكون معلومات صحفية إلى غاية تأكيدها.
ويضيف للجزيرة نت أنه يجب الإقرار بأن ناشطي الإنترنت كسروا احتكار وسائل الإعلام للمعلومة الحكومية، وحتى لقيود المؤسسات الرسمية في الوصول إلى المعلومة، وفرضوا أنفسهم طرفا في المعادلة الإعلامية في البلاد “يحسب له ألف حساب مستقبلا”.

www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2015/9/13/بالجزائر-نشطاء-الفيسبوك-يسبقون-الصحافة

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق