مقالات

مفارقات عجيبةǃ سعد بوعقبة

لاحظوا أن التهمة التي وجهت إلى الجنرال بن حديد “إفشاء أسرار عسكرية اطلع عليها خلال عمله”، هي التهمة نفسها التي وجّهها السادات، رحمه الله، إلى الفريق المرحوم سعد الدين الشاذلي بعد تصريحاته ضد السادات وسياسته؟ǃ هل أصبح وضع بوتفليقة في الجزائر يشبه وضع السادات في مصر؟ǃ وأن وضع بن حديد يشبه وضع الفريق سعد الدين الشاذلي؟ǃ لسنا ندري:
أولا: شاءت الصدفة أن ألتقي اللواء بن لوصيف سنة 1992 قبل اعتقاله بـ24 ساعة، وطاف بي خلال 4 ساعات كاملة عبر الأسباب التي دعي من أجلها إلى المحكمة العسكرية في البليدة.. كان ذلك في يوم خميس.. وكان استدعاؤه إلى البليدة يوم السبت حيث تم سماعه وإيداعه الحبس.
وتشاء الصدف أن أكون آخر جزائري يجالس سعد الدين الشاذلي في بيته بأعالي العاصمة، قبل أن تطرده جماعة بوضياف إلى بلاده ويحاكمه مبارك بتهمة إفشاء أسرار عسكرية.. وهو الذي كان يعطي التعليمات لمبارك في الضربة الجوية التي يعتبرها مبارك أهم إنجاز.. لأن سعد الدين الشاذلي كان قائد أركان ومبارك قائد سلاح الجو.
آخر ما قاله لي سعد الدين الشاذليǃ الوقت الذي قضيته بينكم في الجزائر جعلني أحمل عواطف خاصة لهذا البلد.. لا أعتقد أن من يحكمكم الآن يمثل خلاصة شعبكم الأبيّ.. أغادر إلى بلادي ولا أقبل أن يحميني من لا يمثل الشعب الجزائري الأبيّ.
وشاءت الصدف أن أقابل الجنرال بن حديد يوم الأحد الماضي، أي قبل اعتقاله بـ48 ساعة، كان ذلك في بيته بعمارة ببن عكنون حيث يسكن شقة في الطابق الأرضي، وكأنه حاجب عمارةǃ وهو أكفأ ضابط مجاهد في تاريخ الجيش الوطني الشعبي.. كان يتوكأ على عصاه، لأنه تعرّض حديثا لجلطة أحدثت بعض الخلل في رجله وطريقة حديثه.. وعرفت منه أنه يعالج هذه الجلطة بالتأهيل الحركي للأعضاء التي أتلفتها الجلطة.
كان متخوفا من ردة فعل خصومه التقليديين بخصوص تصريحاته.. ووضع في حسابه حتى حكاية التصفية الجسدية، وليس السجن فقط.. وقال: إنه سعيد بأن يهب كهولته للجزائر مثلما وهب شبابه لها أيضا قبل 50 سنة.
ثانيا: الكلام الذي قاله بن حديد أصبح الآن بالفعل كلاما خطيرا عندما تمت متابعته بسببه على أنه أسرار عسكرية أفشاهاǃ فمعنى هذا الكلام أن ما قاله بن حديد هو بالفعل أسرار عسكرية خطيرة، وإفشاؤها يتطلب المعالجة.. لكن تتطلب أيضا أن يفتح تحقيقا فيما قال، يخص الوقائع والرجال الذين تحدث عنهم.. لأن الأمر يتعلق بأحداث خطيرة وليس بحوادث بسيطة.. وكل العقلاء يعتقدون أن القول بأنه أفشى أسرارا عسكرية فيه خطورة أكثر مما قال بن حديد نفسهǃ
سيكتب التاريخ أن الجنرال بن حديد أكفأ ضابط مجاهد وأنظف ضابط متقاعد، سجن في عهد بوتفليقة بسبب آرائه في الأحداثǃ تماما مثلما سجن أول لواء مجاهد، وهو بلوصيف، من طرف رقم واحد في جبهة التحرير، وهو المجاهد الرئيس بوضيافǃ
إنها المفارقات العصيبة.. ولا أقول العجيبة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

bouakba2009@yahoo.fr

www.elkhabar.com/press/article/91649/مفارقات-عجيبةǃ/

[hr]

النيابة العسكرية تحت المجهر
غموض كبير حول سجن “الجنرالات”!
الجزائر: حميد يس / 23:00-2 أكتوبر 2015

يلف غموض كبير مصير اللواء عبد القادر آيت وعرابي والعميد حسين بن حديد، أحدهما في الخدمة والثاني في التقاعد، واللذين يوجدان رهن الاعتقال حاليا، بسبب تضارب الأخبار حول التهم الموجهة لهما وعدم وضوح الجهة التي حركت الدعوى ضدهما.

تحرص وزارة الدفاع على تبليغ المعلومات أولا بأول، بشأن نشاط وحدات الجيش في محاربة الإرهاب والتهريب والهجرة غير الشرعية. بينما أظهرت العكس تماما في قضيتي الجنرالين حسان وبن حديد، مع أن الأمر يتعلق لأول مرة باعتقال ضابطين كبيرين في ظرف شهرين، وهو ما يمنح الحالتين صفة “القضية غير المسبوقة”. وفي كلتا الحالتين، ساد غموض كبير الطريقة المتبعة في توقيفهما (اعتقال في الشارع أم استدعاء للخضوع للتحقيق؟). كما لم يتضح بشكل جلي إن كانا في الحبس المؤقت أم في الحجز تحت النظر، وهل هما في مكان تحت إشراف هيئة مدنية أم عسكرية؟
فآيت وعرابي متهم بـ”إتلاف وثائق عسكرية” وبـ”مخالفة تعليمات القيادة العسكرية”، حسب ما أفاد به محاميه ميلود ابراهيمي، على إثر زيارته في مكان تواجده. واحتدم جدل حاد حول الأفعال المنسوبة له، وحول سلامة الإجراءات القانونية المتخذة ضده، خاصة ما اتصل بتحديد المحكمة العسكرية التي ينبغي أن تحاكمه.
وبينما احتج نقيب محامي العاصمة، عبد المجيد سليني، على “خرق حقوق” آيت وعرابي، صمت وكيل الجمهورية العسكري لدى نفس المحكمة، مع أن قانون الإجراءات الجزائية (المادة 11) يعطيه الحق في إحاطة المواطنين ببعض تفاصيل القضية عن طريق وسائل الإعلام.
ويوضح نفس القانون أن ممثل النيابة “بإمكانه إطلاع الرأي العام بعناصر مستخلصة من الإجراءات، على أن لا تتضمن أي تقييم للاتهامات”. ويؤكد القانون على أهمية أن يؤدي ممثل النيابة هذا الدور “تفاديا لانتشار معلومات غير صحيحة”.

للتذكير، فالنيابة المدنية اختارت التواصل في موضوع سوناطراك 2، والأمر الدولي باعتقال شكيب خليل عن طريق ندوة صحفية، عقدها النائب العام، بلقاسم زغماتي، في صيف 2013، بغض النظر عن سلامة الإجراءات المتبعة ضد وزير الطاقة سابقا.
وبناء على هذا المفهوم لتبليغ المعلومات عن القضايا التي يعالجها القضاء، وبما أن القضاء العسكري والقضاء المدني كلاهما معني بتطبيق قانون الإجراءات الجزائية، ينبغي على النيابة العسكرية أن تطلع الجزائريين، على الأقل، بطبيعة التهم الموجهة لآيت وعرابي والأفعال المتابع بسببها.

نفس الشيء كان يفترض أن يتم مع قضية بن حديد. فالرجل مارس مسؤوليات كبيرة في الجيش، والتهم التي يشاع أنه يقع تحت طائلتها، ليست هينة. فإذا كان فعلا متابعا من طرف وزارة الدفاع، وإذا كانت التهمة هي “إفشاء أسرار عسكرية”، فينبغي على النيابة العسكرية أن تتحدث لتضع حدا للتأويلات والتخمينات التي تربط ملاحقة بن حديد بمواقفه السياسية وتصريحاته النارية ضد رئيس أركان الجيش ڤايد صالح، وشقيق الرئيس ومستشاره السعيد بوتفليقة وضد الرئيس نفسه، وعلي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات.

www.elkhabar.com/press/article/91645/غموض-كبير-حول-سجن-الجنرالات/