سياسة

رشيد مسلي :طلب تسليمي إلى الجزائر طلبا بائسا وتافها

المحامي رشيد مسلي ” للحياة ”
لهذه الأسباب .. لن تسلمني إيطاليا للجزائر
يتحدث المحامي رشيد مسلي، الذي طلبت الجزائر من السلطات الإيطالية تسليمه لها، في هذا الحوار ، عن ظروف توقيفه وظروف محاكمته في الجزائر ، ولماذا تطالب الجزائر بتسليمه ، وما هو موقف السلطات الإيطالية من طلب التسليم ، وهل سيتم تسليمه أم لا.
تم توقيفك من طرف السلطات الإيطالية تنفيذا لقرار بالقبض أصدرته الجزائر ضدك، كيف تم توقيفك ولماذا ؟
تم توقيفي في المركز الحدودي الايطالي ” سان برناردينو ” من طرف الشرطة الإيطالية التي أبلغتني بوجود أمر دولي بالقبض علي أصدره النظام الجزائري في 2003. كنت أعلم بوجود هذا الأمر لأنه تم التدقيق في هويتي عدة مرات من طرف شرطة الحدود في عدد من الدول، التي تجاهلت فيما بعد طلب النظام الجزائري .
على ماذا يرتكز الملف القضائي الجزائري في ملف طلب تسليمكم ؟
إذا عدنا للوقائع ، حسب مضمون الأمر بالقبض، فأنا متهم من طرف العدالة الجزائرية بعقد اجتماع في دلس ( ولاية بومرداس ) مع مجموعة إرهابية كنت أنا أميرها المزعوم، و كان هذا حسب زعمهم في جوان 1999.
وأنني حاولت تزويد هذه المجموعة انطلاقا من سويسرا بهواتف وكاميرات رقمية ووسائل اتصال.
إذن أنا متابع بتهمة ” الانتماء لمجموعة إرهابية تنشط في الخارج “.
مشكلة من قام باختلاق التهم أنه لم ينتبه إلى أنني في جوان 1999 كنت معتقلا في سجن تيزي وزو، وأنني لم ألجأ لسويسرا إلا أواخر سنة 2000؟
المشكلة الثانية للإدعاء ، وهي مهمة جدا من وجهة نظر القانون، هي أن الأشخاص الآخرين المتابعين في هذه القضية المفبركة، ابراهيم لادادا وعبد الكريم خيضر والذين كانا معي في السجن في جوان 1999، برأتهم محكمة الجنايات بالجزائر العاصمة “لعدم جدية الملف” في حين أنه تم الحكم علي في نفس القضية ب 20 سنة سجن غيابيا سنة 2004. كيف يعقل أن يبرأ القضاء المتهمين الأساسيين لعدم جدية الملف ويحكم على ثالث في نفس القضية ب20عاما سجنا؟
في 2008 صدر حكم ثان في نفس القضية ولنفس الوقائع، وهو ما يتعارض مع أبجديات القانون ويجعل طلب التسليم مليئا بالترهات والتناقضات التي لا يقبلها عقل، إنه طلب يائس حقا.
لكن قبض عليك في 1996 بتهمة الإرهاب، وهذا قبل أن تغادر نحو سويسرا وقبل الحصول على حق اللجوء السياسي، بماذا اتهمت في 1996؟
تم إعتقالي بطريقة غير قانونية في 1996، ثم صدر حكم ضدي وسجنت بعد أن زعموا أنني إرهابي خطير وأنني كنت في حالة فرار منذ 1994.
المضحك في الأمر أنني كنت قد التقيت عدة مرات نفس قاضي التحقيق الذي كان مكلفا بالتحقيق في قضية أولى ضدي سنة 1994. وكنت في نفس الآن أدافع عن متهمين في قضايا أخرى، فكيف أكون فارا من العدالة بينما كنت في الوقت نفسه أترافع بشكل مستمر أمام المحاكم وألتقى بجميع القضاة؟
أكثر من ذلك كنت أحصل على تراخيص لزيارة وكلائي من مكتب نفس قاضي التحقيق الذي ذكرته.
لا يمكن أن تسمع بغرائب كهذه إلا عند السلطات القضائية في الجزائر.
لكن ما هي القضية التي اتهمت بها مع هؤلاء الموقوفين؟
الانتماء لجماعة إرهابية، أي أنني كنت إرهابيا حسب زعمهم في قضية ثانية 1996.
في سنة 1996 صدر ضك حكم بالسجن 3 سنوات …
في 31 جويلية 1996 تم توقيفي بشكل غير قانوني. كنت يومها مع إبني وصهري في طريق عودتي إلى بيتي على متن سيارتي وفجأة قطعت سيارة مدنية الطريق أمامي ونزل منها أشخاص مسلحون بزي مدني وقاموا بالقبض علي دون الإفصاح عن هويتهم أو إظهار إذن قضائي، وأخذوني إلى مركز سري تبين لي فيما بعد أنه ثكنة شاطونوف.
اتهمت في تلك الفترة بمقابلة إرهابيين في الجبل .. التهمة هي أنك، بصفتك محاميا، صعدت للجبل، في ضواحي خميس الخشنة، والتقيت بإرهابيين هناك، وهذا حسب اعترافات إرهابيين تائبين؟
طبعا لم يكن ذلك صحيحا، فقد تعرض بعض المتهمين الذين كنت أدافع عنهم لتعذيب شديد، وأرغموا على الاعتراف بأني كنت شريكا لهم.
الغريب في الأمر أنني أنا الذي كنت توسطت لأحد المتهمين الذي كان يرغب في تسليم نفسه للنائب العام ليستفيد من ظروف التخفيف ويطلق سراحه كما وعدوا، لكنهم نكثوا وعدهم واعتقلوه.
لقد التقيت بموكلين آخرين يختبؤون خوفا على حياتهم. والمعروف أن مكتبي كان يقع في منطقة عين الطاية، قرب الرويبة، وأحيانا أتنقل في بعض المناطق بالولاية وألتقي بموكلي في مناطق خارج المدينة لكن ليس في الجبل. قصة الجبل كانت حجة لتوقيفي، كانوا يريدون القبض علي بأي ثمن فقط لأن نشاطي الحقوقي واتصالاتي مع منظمات دولية ودفاعي عن المظلومين يزعجهم بشدة.
في قضية طلب تسليمك إلى الجزائر، قلت بأن الطلب الذي قدمته الجزائر ناقص وفيه عيوب قانونية ..
نعم ، لهذا طلب القضاء الإيطالي من الجزائر موافاته ببعض التوضيحات الخاصة بالملف، وتزويده بالأحكام وبعض الوثائق الأخرى الخاصة بالإجراءات القانونية التي تبرر طلب التسليم .
كما يجب على وزارة العدل في الجزائر أن تقوم بشرح أسباب الحكم علي للمرة الثانية سنة 2008 عن نفس الوقائع وفي نفس القضية؟ ولماذا توجد العديد من التناقضات والعيوب القانونية في طلبها الرسمي ؟ وكيف يخلى سبيل المتهمين معي في نفس القضية ويطلق سراحهم في حين يحكم علي ب 20 عاما سجنا؟
وهذه كلها أسباب تجعل من طلب تسليمي إلى الجزائر طلبا بائسا وتافها لا يمكن لأي قاض يحترم وظيفته أن يلقي لها بالا.
ما هي هذه الوثائق ؟
مثلا النص الكامل للأمر بالقبض الدولي الصادر ضدي، فكيف يقوم النظام بإرسال الصفحة الأولى والصفحة الثالثة من الأمر فقط؟
أين بقية الصفحات؟ ولماذا لم يرسل الوقائع المنسوبة إلي في هذا الأمر؟
هل تريد القول أن الوقائع تتناقض مع طلب التسليم ؟
نعم، ولذلك لم يرسلوا النص بالقبض كاملا مثلما فعلوا مع الشرطة الدولية الانتربول.
لأن الأمر الأصلي يزعم بأنني أمير لتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والجهاد ( جي أس بي سي ) في دلس، لكن هذا لم يذكروه في طلب التسليم. لأنهم يعلمون أن القاضي الإيطالي سيطلب إثبات ذلك.
كما أنهم لم يبعثوا بقرار الإحالة الذي يعطي موجزا عن القضية ويشير إلى تعذيب الأشخاص المتهمين في مراكز الأمن لانتزاع اعترافات تورطني.
هذه الوثيقة ( قرار الإحالة ) أهم وثيقة لكنهم لم يرسلوها.
متى أرسلت الجزائر طلب التسليم للسلطات الإيطالية ؟
أرسل في 25 آوت حسب وثائق الملف، وأرسلوا بعض الوثائق ( الأخرى ) في 7 سبتمبر، لكن القضاء الإيطالي كان قد طلب منهم توضيحات وإرسال وثائق أخرى. وحسب ما فهمت طلب منهم إرسال الحكمين الذين صدرا ضدي، سنة 2004 وسنة 2008، اللذان يتعلقان بنفس القضية.
ما هو موقف القضاء الإيطالي من هذين الحكمين الصادرين ضدك سنة 2004 و2008 ؟
حسب شهادة السوابق العدلية التي أرسلتها وزارة العدل الجزائرية، فإن الوقائع والتهم المنسوبة إلي في الوثيقة تعود إلى يوم 1 جانفي 1996، في حين أن طلب التسليم يتحدث عن وقائع تعود تارة لشهر جوان 1999 وتارة أخرى إلى سنة 2002 وهذا تناقض واضح في التواريخ والأفعال.
كيف يمكن لهم أن يطلبوا تسليمي استنادا لقضية حكم علي فيها بالسجن 3 أعوام ؟ هذا ليس منطقيا ويثبت الطابع السياسي للمتابعة.
3 أعوام قضيتها ظلما في السجن بسبب رفضي للظلم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الجزائر، التي كانت ترتكب يوميا وبشكل فظيع.
هل حصل القضاء الإيطالي على هذه التوضيحات التي طلبها من السلطات القضائية الجزائرية ؟
لا أعتقد ذلك لأن المحامي الإيطالي المكلف بقضيتي كان سيبلغني بذلك إن كان قد حصل.
على كل حال، كل ما يقدمونه من وثائق لا يفيد في شيء بل يظهر فراغ ملفاتهم وطابعها السياسي المحض ويجعلهم مهزلة أمام الرأي العام الدولي. لقد حدث نفس الشيء في قضية الدكتور مراد دهينة الذي سجنته السلطات الفرنسية 6 أشهر في انتظار وصول الوثائق من الجزائر.
وعندما وصلت تلك الوثائق خاصة قرار الإحالة كان يتناقض تماما مع طلب التسليم.
كان قرار الإحالة كارثي بكل المقاييس، وتثبت براءته من الاتهامات الموجهة له بدل إدانته إلى حد أن النائب العام لمحكمة باريس، الذي كان في البداية متحمسا جدا لتسليم مراد دهينة، وصف الطلب “بالمسخرة”.
وكان غاضبا جدا من زملائه في الجزائر الذين ورطوا معهم العدالة الفرنسية في قضية اتضح أنها كانت كيدية الهدف منها قمع كل صوت يعارض سياسات النظام الحاكم في الجزائر.
ما هو موقف السلطات القضائية الإيطالية من طلب تسليمك للجزائر ؟
من حيث الموضوع، فإن السلطات القضائية الايطالية لم تبث بعد في طلب التسليم. ولحد الآن، اتخذت السلطات القضائية الإيطالية قرارات فقط فيما يخص إرجاع الأشياء والأغراض التي حجزت مني خلال توقيفي ( حاسوبي، وهاتفي المحمول).
كما أمرت برفع قرار وضعي تحت الإقامة الجبرية، وفي الحالتين، كان قرارات العدالة الإيطالية إيجابية مما يؤشر أنهم مقتنعون أن طلب النظام الجزائري سياسي بامتياز يهدف لثنيي عن مواصلة نضالي الحقوقي والسياسي.
على ماذا يرتكز ملف هيئة دفاعكم أمام القضاء الإيطالي في مواجهة طلب التسليم ؟
ليس لدي هيئة دفاع، إنما محامي واحدا تم تنصيبه تلقائيا من قبل المحكمة ، وقد فهم بسرعة هشاشة طلب السلطات الجزائرية. لقد أعطيته أنا شخصيا كل وثائق الملف، لعلمي بأن وزارة العدل الجزائرية لن ترسلها إلى العدالة الإيطالية.
لماذا تعتقد ذلك ؟
لأن ذلك سيضعف موقفها وينسف الاتهامات الموجهة ضدي.
توجد عدة وقائع ودلائل قانونية تظهر ضعف المتابعات ضدي. ويجب أن أشير إلى أننا هنا أمام قضاة محترفين يحترمون وظيفتهم، وأن العدالة الإيطالية مستقلة والقضاة لا يصدرون أحكاما تحت الطلب.
نفيتم التهم التي وجهت لكم من طرف القضاء الجزائري، تلك التهم التي تمت محاكمتكم على أساسها. ما هي حيثيات التهم الموجهة لكم؟
علي أن أذكرك بأن هذه الاتهامات الموجهة ضدي جاءت بعد الشكاوي التي قدمتها باسم ضحايا التعذيب والاعتقال التعسفي إلى هيئة الأمم المتحدة وهذا مباشرة بعد وصولي إلى سويسرا سنة 2000، وقد أصدرت الإجراءات الأممية الخاصة المعنية بحقوق الإنسان بشأنها العديد من القرارات التي تدين النظام الجزائري. كقضية علي بلحاج وعباسي مدني الذين اعتبرت لجنة حقوق الإنسان الأممية أن اعتقالهما تعسفي وظالم، ودعت الجزائر إلى تعويضهما عن حرمانهما من حريتهما 12 عاما كاملة.
يبدو أن نشاطي السياسي في إطار حركة رشاد والحقوقي في إطار مؤسسة الكرامة يغضب نظام الجزائر ويجعله يحاول إسكاتي بكل الطرق، ومحاولة تلفيق تهمة الإرهاب ضدي بهدف شل حركتي ونشاطي في الدفاع عن حقوق الإنسان ونزع المصداقية عن عملي لدى الهيئات الدولية .
طبعا ذلك من المستحيلات لأنه ببساطة مشهود لي أمام كل المدافعين عن حقوق الإنسان بالنزاهة والمهنية…ناهيك أنني أدافع عن كل مظلوم بغض النظر عن خلفياته السياسية أو العرقية أو الدينيه…
وستجدني أدافع حتى عن جنرالات الجزائر وكبار مسؤوليها إذا ما تعرضوا لأي ظلم…فأنا كنت أدافع عن ضحايا الظلم الليبيين في عهد القذافي واليوم أدافع عن بعض أركان نظام القدافي الذين تنتهك حقوقهم الأساسية.
الحقوقي النزيه يدافع عن كل مظلوم دون النظر لأي شيء آخر.
التهم التي وجهت لكم تتمثل في الانتماء لجماعة إرهابية وإرسال معدات وأجهزة الكترونية من سويسرا ..؟
مرة أخرى ، هذه اتهامات باطلة تماما، مثل الزعم بأني كنت أميرا لمجموعة إرهابية في دلس وعقد اجتماع في جبال المنطقة.في الوقت الذي كنت فيه بالسجن .
هل يصدق عاقل أن تسمح السلطات السويسرية لأحد أن يقوم بأعمال إرهابية انطلاقا من أراضيها؟
الغرب كله يخوض حربا شرسة على ما يسمى الإرهاب فكيف يعقل أن يسمح لمحامي معروف وحركاته مرصودة أن يتعاون مع إرهابيين مفترضين في الجزائر؟.
تربطك علاقة عائلية بالسيد عباسي مدني . هل كنت محاميا لعباسي فقط ام للفيس ؟
لا ليس لي أي علاقة عائلية مع الشيخ عباسي مدني، لكني كنت أحد محاميه ومحامي أعضاء آخرين بارزين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ.
كنت يومها ضمن المحامين الأوائل رفقة المحامي محمد طاهري وعلي زويتة. بعد ذلك انضم إلينا عدد من المحامين بينهم علي يحي عبد النور و المرحوم عمار بن تومي، وشعبان عبد الرزاق، نقيب المحامين في البليدة، عبد القادر براهيمي وحتى المرحوم جاك فرجاس. كانت هيئة الدفاع عنهم مشكلة من أكثر من 20 محاميا، واحد منهم فقط كان محاميا ينتمي للفيس، أما الأغلبية فكانون مثلي، لا ينتمون لأي حزب سياسي. إنما يدافعون عن أشخاص اعتقلوا ظلما بسبب نشاطهم السياسي المشروع قانونا “آنذاك”، والدليل أن الجبهة الإسلامية فازت بانتخابات ديسمبر 91 وقيادتها الرئيسة معتقلة في البليدة.
ما هي الإجراءات التي تنوي القيام بها لمواجهة الحكم الصادر ضدك ومواجهة طلب تسليمك ؟
فيما يتعلق بالأحكام الغيابية التي صدرت عن المحكمة الجنائية، فإن الاجراء الوحيد الممكن في القانون الجزائري هو معارضة الحكم أمام النيابة العامة المختصة، وهذا يفترض حضور الشخص وهذا غير ممكن بالنسبة لي في ظل نظام يسجن جنرالاته الذين يعارضونه كما حدث للجنرال حسين بن حديد مؤخرا..
بالنسبة للإجراء الجاري أمام محكمة النقض في” تورينو ” فإن القضاة سيفصلون في القضية بناء على الملف الذي “قد” يرسله النظام الجزائري. بلا أدنى شك فإن المحامي سيكشف التناقضات التي تملأ الملف ويثبت سخافة التهم الموجهة إلي.
هل هيئة دفاعك تدافع عنك بصفتك الشخصية أم بصفتك المدير القانوني لمؤسسة الكرامة؟
مثلما ما سبق وذكرت لك ، لدي محام واحد عينه القضاء الإيطالي تلقائيا لمساعدتي، وبالتالي أنا لم أدفع سنتيما واحدا لا من جيبي و لا من جيب مؤسسة الكرامة الحقوقية التي أترأسها إدارتها القانونية، ولا من جيب حركة رشاد الذي أنا أحد مؤسسيها.
http://www.elhayat.net/article37996.html

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق