سياسة

عمار بن عودة :العربي بلخير ومن معه ورّطو بوضياف و قتلوه

“العربي بلخير ومن معه ورّطوه.. وأعداء الوطن اغتالوه”
بوضياف كان قادرا على إخراج الجزائر إلى بر الأمان لأنه كان شخصا ديمقراطيا
حذرته من حزب فرنسا وهو رد بالتزام الصمت
بوضياف يشبه آيت أحمد في العزيمة والثبات على الموقف
يتحدّث العقيد عمّار بن عودة عضو جماعة الـ22 التاريخية في هذا الحوار، عن علاقته مع الرئيس الراحل، المجاهد المغتال “محمد بوضياف”، وذلك في الذكرى الرابعة والعشرين لتوليه رئاسة المجلس الأعلى للدولة يوم 16 جانفي 1992، كما يسرد شهادته بشأن ظروف تولي “سي الطيب الوطني” كما أطلق عليه رفقاء السلاح يوما، مهمته الوطنية الأخيرة بعد استقدامه من المغرب تلبية لنداء الوطن إثر استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد.

كنتما معا في مجموعة الـ22 التي خطّطت لتفجير ثورة نوفمبر 1954، كيف تعرفت إلى الراحل محمد بوضياف وكيف كانت علاقتكما؟
تعرّفت إليه في قسنطينة عام 1947 في المنظمة السرية، وتحديدا في الاجتماعات التي كانت تعقد دوريا، هو كان مراقب المنظمة في الشرق، قبل أن ينتدب مناضلين آخرين في موقعه من أمثال فرطاس محمد، وابراهيم شرقي، ويعود إلى العاصمة ويبقي على العربي بن مهيدي في قسنطينة، أما علاقتنا به فكانت علاقة ود واحترام، وهو كان إنسانا صارما مندفعا(يبتسم)، وبالطبع كنا نحترمه فقد كان يكبرنا سنا، أما بالنسبة للانضباط فكان حريصا جدا على تأدية مهامه كما يجب، فيتابع مدى استيعاب المناضلين للدروس ويسهر على السير الحسن للتطبيقات الميدانية لدروس حرب العصابات التي كانت تقدمها المنظمة لمناضليها، فكان يطرح الأسئلة ليتأكد من درجة الاستيعاب ليقرر هل يكرر الدرس أو التطبيق على أرض الواقع ..أم لا، بالنسبة لنا كان مراقبا “واعر” بمعنى صعب ..(يبتسم )
إذن كان متحمسا للكفاح المسلح؟
أجل، بالنسبة له مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار وحبه للوطن لا يضاهيه شيئ، كان مستعدا للتضحية بكل شيء في سبيل الوطن، وحماسه كان كبيرا فهو الذي نظّم الثورة، وهو الذي أحضر مراد ديدوش، رابح بيطاط والعربي بن مهيدي من وهران، كان العقل المدبر وحجر الزاوية في اجتماع الـ22، وهو الذي اقترح الاتصال بمصالي الحاج ورافقه في المرة الأولى مصطفى بن بولعيد، وطبعا مصالي رفض، قبل أن يكرر الأمر مرة ثانية رفقة كريم بلقاسم. وهو الذي اتخذ أيضا زمام المبادرة للاتصال بالمركزيين، فبوضياف كان مهندس الاتصالات في المجموعة، وكثير من قراراته كانت صائبة، ومع ذلك فقد ارتكب أخطاء بالتأكيد.
هل من خطأ واضح مثلا؟
مثل خطأ ذهابه إلى القاهرة، ولو مكث في الحدود كان أحسن، فعندما وصل هناك وجد بن بلة وآيت أحمد ولم يصلح بينهما، وبالطبع ربما ذلك لم يكن ممكنا، فهما كانا يوما مسؤولاه في المنظمة السرية، ومع ذلك بوضياف كان أقرب إلى آيت أحمد لأنه كان يرفض الديكتاتورية، أما بن بلة فكان معجبا كما هو معروف بنموذج الرئيس جمال عبد الناصر.
إذن لذلك سجن الراحل محمد بوضياف في شهر جويلية سنة 1963 إبان حكم الرئيس الراحل أحمد بن بلة؟
محمد بوضياف تعرّض للظلم بسبب عدم موافقته لبن بلة في الرأي، هو كان على نفس الخط مع آيت أحمد وأراد الديمقراطية، أما بن بلة فحاد عن مبادئ أول نوفمبر 1954 فيما يتعلق بمبدأ القيادة الجماعية، وخصومة القاهرة بينه وبين بوضياف استمرت، وبالمناسبة عندما سجنا معا بعد اختطاف الطائرة كانا متخاصمين.
الراحل محمد بوضياف اختار المنفى طويلا، ولم يعد إلا ليساهم في إنقاذ الجزائر مرة أخرى في ظرف صعب عام 1992، بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، هل كنت على علم باستقدامه لرئاسة المجلس الأعلى للدولة؟
لا لم أكن أعلم بذلك، أنا كنت معارضا للمجموعة التي استدعته.
هل كان قبول الراحل بوضياف بترأس المجلس الأعلى للدولة توريطا له ؟
بالتأكيد، فبوضياف عندما قبل القدوم اشترط قيادة جماعية، لكن ليس هو من اختار الجماعة التي تعمل معه (يقصد أعضاء المجلس)، هو كان يتفق مع علي كافي وتيجاني هدام ولكن لا يتفق مع علي هارون ورضا مالك.
لكن قرأنا في حوارات عديدة أن هارون استدعى بوضياف؟
لا أبدا، الذي قرّر استدعاء بوضياف هو العربي بلخير، وخالد نزار والهادي خذيري.
هل قابلت الرئيس الراحل محمد بوضياف بعد تنصيبه؟
قابلته في مكتبه بصفتي كنت واحدا من عمداء الاستحقاق الوطني، وأخطرته برغبتي في مغادرة الرئاسة، فسألني ولماذا؟ فقلت له لأن حزب فرنسا هو الذي أحضرك وأنا لا أعمل مع حزب فرنسا، وأنا هنا أحاربه منذ 1979 (بعد موت بومدين)، ثم أوصيته ثلاث مرات بالحذر على نفسه قبل أن أغادر المكتب.
وبماذا ردّ عليك ؟
رفض استقالتي، ولكنه لم يعلق على تحذيري له من حزب فرنسا، بل ظلّ صامتا.
إذن اعتقدت أنهم ورّطوه مع حزب فرنسا التي حاربها يوما؟
نعم ورّطوه، العربي بلخير وجماعته كانوا هم جماعة فرنسا، وإذا قال الشاذلي بن جديد يوما “أعطني حريتي أطلق يداي” كما قال شقيقه، فإنه لم يكن يقصد الاستقالة، وإنما كان يقصد التحرر من تلك الجماعة (العربي بلخير، نزار، مساعدية، بلوصيف..)، أولئك كانوا العصبة التي خنقت الرئيس وزرعت نفوذها في مفاصل الدولة.
إذن لذلك اتخذ خالد نزار القرار بتوقيف المسار الانتخابي دون الرجوع إلى الرئيس الشاذلي؟
عندما يقول نزّار”أنا اتخذت القرار بتوقيف المسار الانتخابي”، هذا يعني أنه خرج على سلطة الرئيس، والرئيس لم تبق له سلطة على الناس الذين عيّنهم، الشاذلي تعهد بإجراء انتخابات شفافة، وإذا كان استقال بمحض إرادته، فلأنه أحس بأنه لم تبق له كلمة في الذي سيحصل، ثم هل وقّع الشاذلي بالفعل استقالته؟ نحن لا ندري إذا كان هو لم يكتبها ولم يقرأها؟. وقد قلتها في حوار سابق الشاذلي كان توصل لاتفاق مع الفيس بعد لقاء بين ممثله طالب الإبراهيمي والمرحوم عبد القادر حشاني وقد قبل الطرفان باقتراح منح الفيس ثلاث حقائب وزارية، ولكن الأصداء القادمة من باريس برفض هذا القرار هي التي أخلطت الأوراق.
متى كانت آخر مرة التقيت فيها الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، وهل لمّح أو قال شيئا بشأن استقالة محتملة؟
آخر مرة التقيت فيها المرحوم بن جديد كانت قبل دورة الانتخابات التشريعية، لم يكن موضوع الاستقالة هذا واردا أبدا، وقد قابلته في إطار عمل يتعلق بتكريم مناضلين ليبيين من أصدقاء الثورة الجزائرية (منحهم وسام الاستحقاق)، وقد تناقشنا في مواضيع شتى من بينها، الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتطور الأمور، ولكن لم ألمس منه أي نية للاستقالة.
لنعد إلى الراحل محمد بوضياف، هل كان قادرا على تسيير البلاد في تلك الظروف ووسط تلك الأجواء المشحونة؟
نعم كان مسيرا جيدا، ومحنكا ويجب أن لا ننسى أنه خريج حزب الشعب الذي عجزت فرنسا عن مقاومة سلاحه الأول في تكوين المناضلين، ألا وهو حب الوطن، وهو أيضا خريج “لوس” المنظمة السرية، كانت له الموهبة والكفاءة، كما كنا نقول، كان قادرا على “تخليص الحرير من السّدرة” (نبات شوكي)، وأعتقد أنه كان سيعود إلى مبادئ أول نوفمبر، مثله مثل آيت أحمد، فكلاهما كانا قادرين على العودة للمبادئ لأنهما يمتلكان العزيمة والثبات.
أين كنت يوم اغتيل المرحوم محمد بوضياف في 29 جوان 1992 بعنابة؟
كنت في العاصمة، وقد اتصل بي صديق من قصر الثقافة على هاتف منزلي وأخبرني، ولم أصدق أنهم اغتالوه. حتى سمعت الخبر في التلفزيون.
من الذين اغتالوه؟
أعداء الوطن والوطنية هم من قتلوه، فرنسا كانت تخشاه جدا.
ولكن السؤال الذي يطرحه الشعب، من هم أعداء الوطن، الكل يعلم أن بومعراف أطلق النار على الرئيس، لكن التساؤل يطرح حول الأسرار التي يمكن أن يكشفها الزمن؟
هذا صعب جدا الآن، والزمن وحده كفيل بكشف لغز الجريمة، ولكن ما فعله الضابط بومعراف ليس فعلا معزولا بالتأكيد، أعداء الوطن فقط من يمتلكون المصلحة في قتله.

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/269018.html

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق