سياسة

أويحيى يستحق لقب جلاد الإطارات

وحيد بوعبد الله، مدير الخطوط الجوية الجزائرية سابقا، لـ”الخبر”

“أويحيى يستحق لقب جلاد الإطارات”

الجزائر: حاوره محمد سيدمو /
ارتبط اسم النائب السابق عن جبهة التحرير الوطني، وحيد بوعبد الله، بعدة مؤسسات عمومية استراتيجية في الدولة، كان يديرها في فترة التسعينات وبداية سنوات الألفين. هذه المناصب سمحت له بالاقتراب بشكل مباشر من قضية الإطارات المظلومة العائدة إلى الواجهة هذه الأيام، وهو يحاول في هذا “الحوار” سرد روايته للأحداث، وكشف الضغوطات التي كان يتعرض لها مديرو المؤسسات العمومية.

هل تعتبر نفسك واحدا من الإطارات المظلومة بعد أن تم إبعادك من شركة كوسيدار مع مجموعة من الإطارات؟
لأجيب عن سؤالك، أقول إني إطار جزائري دون جنسية مزدوجة ودون إقامة أخرى غير تلك التي في بلدي. وأستطيع بناء على ذلك أن أفتخر بأني خادم للدولة. أنا ذهبت بمحض إرادتي من كوسيدار من أجل الترشح في قائمة الأفالان لتشريعيات 2002 لأني كنت أتعرض لضغوط خارجية غير مبررة من أولئك الذين أرادوا تصفية هذه المؤسسة الاستراتيجية التي تضم 12 ألف عامل، ولا أحد أظنه يرضى عن تشريد كل هؤلاء وعائلاتهم وإلقائهم إلى مصير مجهول.
لكني أذكر أن مهامي قد أنهيت على رأس الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط في عهد الوزير المنتدب للميزانية، أحمد بن بيتور، لأسباب مجحفة. رفعت دعوى قضائية ضده دون نتيجة! رغم تقرير المفتشية العامة للمالية الذي كان لصالحي. وقد استعمل حينها تقريرا مغلوطا سلمه لبلعيد عبد السلام لإنهاء مهامي. وقد أثبت بلعيد عبد السلام عدم النزاهة الفكرية لهذا الشخص.
وبسبب رفضي تضخيم كوطة صحف الجنرال بتشين من الإشهار، قام أحمد أويحيى بإنهاء مهامي من على رأس الوكالة الوطنية للنشر والإشهار، كرجل دون قيمة. وأعترف للمرحوم ياسين بن محمود، رئيس الهولدينغ المالك للوكالة الوطنية للإشهار، أثناء تسليم المهام، أنه مدحني واعترف بمجهوداتي وهذا ما أثر كثيرا في نفسي.

لماذا تعرضت هذه الإطارات للمساءلة، هل بسبب تصفية حسابات معينة أم لأنها فعلا كانت متورطة في سوء التسيير والفساد؟
ما أتذكره أن معظم الإطارات عينوا بالمحاباة أو بسبب كفاءتهم. أنا كنت من الذين جمعوا بين الأمرين، ولا يخجلني أن أعترف بذلك، فهكذا كانت تسير البلاد. خلال تعييني لم يعطني أحد خريطة طريق أو وضح لي الأهداف التي ينبغي أن أصل إليها. نجاحي كان بفضل الفريق الذي اخترته ونزاهتي ووطنيتي، وخاصة للرصيد والخبرة التي راكمتها طيلة سنوات عملي.
أما إنهاء مهام هذه الإطارات فكان لأسباب مجحفة. إما لأنهم كانوا أصحاب كفاءة فوق المطلوب، أو لأنهم رفضوا تقديم خدمات لمسؤوليهم، أو لتصفية حسابات معينة مع عائلاتهم.. أذكر مثلا المدير الذي سبقني في كوسيدار، وهو مؤسس المجمع بالمناسبة.. عوقب فقط لأن شقيقه اللواء تاغيت، قائد القوات البحرية، كان يزعج بمواقفه وكفاءته وصراحته في القول. الكثير منهم رموهم في السجن كأشخاص لا قيمة لهم.

هل يتحمل أحمد أويحيى المسؤولية عن الظلم الذي تعرض له الإطارات، علما أنهم أدينوا بأحكام صادرة عن العدالة؟
كان أحمد أويحيى جلاد الإطارات ومنفذ عمليات الإعدام المهني في حق الكثير منهم، ففي عهد حكوماته عرف رؤساء مؤسسات عمومية مصيرا كارثيا. ليس هو المسؤول الوحيد على كل حال، فهذه الثقافة تم تبنيها على عدة مستويات ،وكثير من الإطارات البريئة ذهبت ضحية أفعال تسيير كانوا مجبرين عليها، أو اتخاذهم قرارات سيئة، وهم معذورون في ذلك لأنه لم يكن يحكم عملهم رؤية أو اتجاه.

ما هو عدد الإطارات التي ظلمت في هذه القضايا في تقديرك؟
العدد كبير، وكثير منهم هاجروا وآخرون تمت إعادتهم إلى مناصبهم بعد أن ألقي بهم في السجن، مثل عبد النور كيرمان الذي أصبح وزيرا ثم أعيد اتهامه أو لا أدري ماذا حصل له..
توليت إدارة شركة الخطوط الجوية الجزائرية.. هل تعتبر هذا المنصب إعادة اعتبار لشخصك بعد إبعادك من كوسيدار؟
تعييني في الخطوط الجوية الجزائرية تقرر من رئيس الجمهورية، الذي أراد لهذه المؤسسة الإصلاح بعد فترة فراغ دامت سنتين، إثر وفاة مديرها محمد طيب بن ويس. وقد تم إنهاء مهامي بطلب مني.

يعاب على فترة إدارتك للخطوط الجوية إدخال موظفين من أقارب المسؤولين. هل هذا صحيح وهل كان يتم تحت طائلة الضغوط؟
توظيف أبناء المسؤولين يعود في كل مرة بسبب بحث الصحافة عن الإثارة ومحاولة زرع الشك حول المسؤولين الجزائريين. هذه الحملة تمت تغذيتها بعد إدماج عمال من شركة خليفة المفلسة. قبل أن يكون هؤلاء أبناء مسؤولين هم جزائريون أصحاب كفاءة ويمثلون موردا بشريا في متناول الشركة. إلى جانب ذلك، قامت الشركة بتوظيف عدة دفعات من الطيارين والمضيفين والمضيفات والعمال التقنيين وعمال الصيانة من أجل تحضير الخلف.

عند مجيئي كانت المديرية التقنية خالية من الإطارات التي فضلت وقتها الذهاب إراديا إلى شركات الخليج، مستفيدة من التكوين الجيد الذي حظيت به في الخطوط الجوية الجزائرية. حوالي 450 عامل تقني غادروا الشركة بسبب الإجراءات السخيفة التي وضعتها الحكومة.. ثم إذا كان من بين 100 عامل وظفوا ابن مسؤول واحد، أين المشكلة؟ أليس لهؤلاء الحق أيضا في التوظيف ؟ أؤكد لكم أنه لم يكن في وقتي تجاوز لحق أي كان، كما أني لم أخضع أبدا لضغوطات لأوظف ابن فلان أو علان.

هل وصلكم أن الديارس كانت تفبرك قضايا فساد ضد شخصيات بريئة لإدانتها؟
فيما يخص الدياراس، أمتنع عن انتقاد مؤسسة شرعية وطنية، قامت بدورها كما ينبغي في محاربة الإرهاب والحفاظ على مقومات الدولة الجزائرية عندما كانت مهددة بالانهيار. شخصيا لا أريد أن أنتقل من قالب “من يقتل من؟” إلى قالب “من فعل ماذا؟”.. هذا خطير جدا، لأن الهجوم على الدياراس هو هجوم على رئيس الجمهورية. عندما نقول “من فعل ماذا؟”، علينا أن نحقق، نحقق في كل شيء.. في الثروات المكدسة بطريقة غير شرعية، في الثروات الموزعة بشكل فاضح على البارونات المالية السياسية مثل ملزي (مدير إقامة الدولة).. في تدمير اقتصادنا، في قضية التبغ، في قضية متعاملي الهاتف النقال، وحول الكثير من القضايا الملتهبة.
أما عن الجنرال توفيق، لا أعتقد أن في الجزائر من تقلد منصبا ساميا كهذا وكان في مستوى أمانته ونزاهته وإخلاصه لرئيس الجمهورية. كان فقدان الثقة بين الرجلين مبرمجا ومعدا في مخابر جد متطورة.. أنا متأكد. المثل القائل “عندما يسقط الثور الجبناء يشحذون سكاكينهم” ينطبق جيدا على حالته. أنا متأكد أن المستقبل سيعطي الحق لهذا الرجل الذي أدى ما عليه طبقا للدستور من مهام كان يرفضها الخائنون والجبناء والفاسدون والحركى. أنا شخصيا أدعم الدياراس، مؤسسة ورجالا، لأنهم قاموا بواجبهم تماما مثلما أدعم من خلفهم في مهامهم.
الآن، لا أحد يمكنه أن يحكم سوى العدالة. أما ضباط الدياراس فقد أنجزوا تقاريرهم التي بقي أكثر من نصفها دون متابعة. عملهم يتوقف فقط عند التحقيق ثم إعداد التقارير، وإذا كانت من أخطاء فيجب مساءلة من قام بمعالجة هذه التقارير، قضائيا وسياسيا وأعطى لها مسارا قضائيا.
الدياراس ليس عدوا، ولا بد من نص قانوني يعطي الحصانة لأفرادها أثناء عملهم، وهذا ينطبق أيضا على الدرك الوطني والشرطة وحرس الحدود والجمارك، وكل القوات التي تدافع عن أمن الحدود ووحدة التراب ومكافحة الرشوة وتبييض الأموال وهروب الأموال وتخريب الاقتصاد الوطني والخيانة العظمى والتهريب والتهرب الجبائي وتجارة العملة وكل ظواهر الإجرام التي تتربص بالجزائريين.

ما رأيك فيما يقوله سعداني وغول من أن قضيتي سوناطراك والطريق السيار هي فبركة من الدياراس ولا أساس لها من الصحة؟
قضيتا سوناطراك والطريق السيار ليستا دون أساس، وإلا فإننا نشتم العدالة الجزائرية التي عالجت هذين الملفين. في المقابل، أنا مع تحقيق قضائي عادل يصنع الفارق بين من هو بريء ومن هو مذنب. بهذه الطريقة فقط يمكن وقف الضبابية وإدخال الجدية والصرامة في علاقة الحكام بالمحكومين. لقد حاكمنا وعاقبنا مرتكبي جرائم سوناطراك 1 والطريق السيار. الآن علينا معرفة المسؤولين عن كل هذا التبذير، وكما يقول المثل: لا يوجد جيوش سيئة ولكن قادة سيئون.

كمسؤول سابق، ما رأيك في الدعوات التي تطالب بإعادة الاعتبار للوزير شكيب خليل؟
إن إعادة الاعتبار لشكيب خليل هي عملية “مشروعة” بالنسبة إلى أصحابها. المشكل في طريقة ذلك مادام الغموض يسود هذا الملف. فيما يخص ملف سايبام، أتساءل عن سبب إبعاد كوسيدار عن صفقة أنبوب الغاز “جي أر 2”، رغم أن عرضها كان أقل 3 مرات، ويمكن أن تربح في العملية مليارين ونصف صافية؟ لماذا شكيب خليل رفض الأفضلية الوطنية لكوسيدار بخصوص مناقصة “جي أر 2”، رغم أنها كانت ستنجز المشروع في الوقت وبالمعايير اللازمة؟.. فيما يخص عمار سعداني وعمار غول، هما قائدا حزبين، ولهما الحق في التصريح بما يعلمانه، وما نطلبه فقط هو أن يكونا مقنعين.
http://www.elkhabar.com/press/article/102922/%D8%A3%D9%88%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%82-%D9%84%D9%82%D8%A8-%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA/

كلمات مفتاحية

شارك بالتعليق

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق