مقالات

ثقل الفساد وصدمة الهوية الممزقة !أحميدة العياشي

صورتان تداولتهما وسائل الاتصال الاجتماعي في لحظتين متقاربتين، عن وزير الطاقة السابق شكيب خليل، الأولى صورة شاب بشارع حسيبة بن بوعلي وهو يصرخ وكأنه يلاحق خليل على متن سيارة “حاكموا خليل” لم نتبيّن ملامح الشخص وزملاؤه ولا نرى خليل في الفيديو، قد يكون المشهد حقيقيا وقد لا يكون، إلا أنه في كل الحالات يعبّر عن غضب جامح ضد المسؤولين الذين ارتبطت أسماؤهم بملفات الفساد خلال العشرية، والشاب الذي كان يندّد بطريقته بالفساد، كان سلوكه أقرب إلى التعبير عن العجز في تغيير وضع يتسم بغياب العدل والعدالة، وضع كئيب يعكس صورة محزنة عن جزائري اليوم، كونه لم يعد ذلك الجزائري في الستينيات والسبعينيات الذي كانت هويته مرتبطة بالتاريخ، تاريخ حربه التحريرية التي كانت تمنحه الشعور بالاعتزاز والكرامة، والاعتزاز على أنه أصبح مضربا للمثل في الشجاعة والمقاومة ونبل الأخلاق الثورية والتي لم تكن تعني إلا الانتصار للقيّم، وبالتالي مناهضة الظلم واللامساواة والفساد والجور والقابلية للاستعباد. أمّا الصورة الثانية فهي أيضا لشكيب خليل، لكنها مناقضة تماما للصورة الأولى، إنه يبدو مكرّما ومعزّزا في إحدى زوايا الرحمانية ببلدية بنهار التابعة لوسارة، وكأن المراد منها الرد على أثر الصورة الأولى قصد محوه، وتقدم خليل وهو يرتدي الزي التقليدي ذي اللون الأبيض، رمز الطهر والملائكية، والقصد من وراء هذا هو تبييض صورة وزير الطاقة السابق، بحيث كان محاطا برجال الدين الصوفيين داخل مسجد الزاوية، وقد علق على الوضع الاقتصادي في الجزائر بصورة متفائلة، وهذا ما يكشف عن صورة الجزائري آخر غير الجزائري الغاضب، الجزائري الذي يزكي كل ما تريد السلطة أن يزكى عن طريق الرمزية الدينية، ومن هنا نجد أنفسنا أمام نوع من الوعي الممزق. الجزائري فقد هويته الأولى ذات الطابع التاريخي القائم على الأسطورة والمثالية الثورية، ليجد نفسه بدون هوية أو بهوية مبتذلة، غامضة، متعادية مع نفسها، متنافرة، منقسمة على نفسها، مغتربة عن واقعها، متصدعة ومتحاربة مع ذاتها لأنها تعرّضت خلال الثلاثين سنة الأخيرة للتخريب من الداخل وإلى التشكيك، وبالتالي وصلت حد النفور من نفسها إلى درجة الكراهية الذاتية.
http://www.elhayatonline.net/article52356.html