مقالات

نورالدين المالكي :شكرا شكيب خليل!!

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

“جزى الله الشدائد كل خيرٍ ::: عَرفتُ بِهَا عدوي من صديقي“

ومن كلام الإمام الشافعي رحمه الله اقتبست العنوان، فجاء على وزن “شكرا شكيب خليل” بك عرفنا المنصفين من المجحفين.

أثار رجوع وزير الطاقة الأسبق، شكيب خليل، إلى الجزائر زوبعة من الانتقادات، وزاد حدة الانتقادات، زيارة خليل إلى زاوية بنهار في ولاية الجلفة، حيث امتعض الكثيرون من الزيارة على أساس أن شكيب خليل سرق أموالا عمومية خلال وجوده على رأس وزارة الطاقة والمناجم.

انتقاد شكيب خليل:
من حق أي مواطن جزائري يشتبه أن شكيب خليل اختلس أموالا عمومية، أن ينقد دخوله بتلك الطريقة، واستقباله الرسمي من طرف والي وهران، ثم من طرف رئيس زاوية بنهار في ولاية الجلفة، لأن الأمر يتعلق بأموال الشعب، وليس أموالا خاصة بشكيب خليل، من حيث المبدأ هذا النقد مقبول، ودليل حرص المُنتقدين على المال العام.

السرقة في الشَرع والقانون:
المتعارف عليه أن السرقة تعتبر من الكبائر شَرْعًا ومُجَرَّمَة قانونا، في القرآن الكريم يقول الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } الآية 38 من سورة المائدة، أما في السنة النبوية الشريفة فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”، من الناحية القانونية نصت المادة 350 من قانون العقوبات “كل من اختلس شيئا غير مملوك له يُعد سَارقا” ونصت المادتين 353 و354 على الظروف المشددة لجريمة السرقة.

قرينة البراءة:
تنص المادة 45 من دستور الجزائر لسنة 1996: “كل شخص يُعتبر بريئا حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانـته، مع كل الضمانات التي يتطلبها القانون”، أما على صعيد القانون الدولي فتنص المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية” وتنص المادة 14، الفقرة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: “من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئاً إلى أن يثبت عليه الجرم قانونياً”، وكل من المعاهدتين الدولتين انضمت لهما الجزائر، هذا ما يجعل شكيب خليل بريئا، إلى غاية إدانته من محكمة مختصة، وهذا ما لم يحصل لحد الآن.

اختلال الموازين:
العجيب الغريب أننا وجدنا كل يتامى الجنرال توفيق والمتعاطفين معه هم الذين ينبرون لمهاجمة شكيب خليل، خاصة أن توفيق هو المتهم بفبركة ما يشاع من اختلاسات ضد شكيب خليل، وكان يجب أن يترك الأمر بين يدي العدالة هي التي تجرم وتبرئ.

والغريب أيضا أن أنصار الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، والرئيس السوري الحالي بشار الأسد، وأنصار خونة الجمهوريات الانقلابيين ينتقدون شكيب خليل، وهذا قمة التناقض، على فرض أن الأدلة قائمة ضد شكيب خليل، وتم تقديمها للمحاكمة التي أدانته فهو مرتكب لجرم السرقة الشنيع، بالمقابل كل من “بشار، والقذافي، والانقلابيين” ارتكبوا جريمة “الخيانة العظمى” وجرائم ضد الإنسانية، وكل هذه الجرائم هي أشنع وأقبح من جريمة السرقة، فالإنكار على السرقة – وهو حق – يسبقه الإنكار على القتل وإزهاق الأرواح بالباطل، فلسان من ينتقد شكيب خليل ويدافع عن الأسد والقذافي كقول الشاعر:

(قتل امرئٍ في غابةٍ جريمةٌ لا تُغتَفر ::: وقتل شعبٍ آمنٍ مسأَلةٌ فيها نظر).

كلمات مفتاحية