مقالات

لماذا على بوشوارب أن يستقيل؟أحميدة عياشي

لم يوفق أويحيى في دفاعه عن بوشوارب، وبدا خطابه ديماغوجيا وخاليا من الصدق والصدقية، ليس لأن بوشوارب يدرك في أعماقه أنه ليس بريئا إلى أن يثبت العكس، وأن الشخصيات التي تم فضحها في قضية أوراق بنما لم تمس بوشوارب وحده بل طالت شخصيات معروفة من ملوك وأمراء ووزراء في العالم، وظهر أويحيى وكأنه يسبح ضد التيار في الوقت الذي قدم فيه أكثر من مسؤول غربي استقالاتهم بعد أن انكشف أمرهم للرأي العام، لأن المسألة هنا أخلاقية أكثر منها سياسية، وإذا ما تأكد ما ذهبت إليه “الحياة الجزائرية” من أنّ بوشوارب يكون قد اقترح تقديم استقالته بعد فضيحة بنما، فإنه بذلك فعل عين الصواب لأنه بهذا يعيد الاعتبار لسلوك أخلاقي على السياسي أن يتحلى به في حالة إخفاقه أو في حالة ظهور شبهات قد لا تسيء إلى دلالة المنصب السياسي الذي يتولاه فقط بل إلى المؤسسة التي ينتمي إليها، ولم نر هذا السلوك إلا نادرا عند سياسيينا وإطاراتنا في الحكم والإدارة، وهذا ما يجعل الرأي العام لا ينظر إلى السلطة بعين الثقة والرضا، والدليل على ما أقول هو أن الرأي العام لم يقتنع ببراءة خليل على الرغم من تبييضه السياسي لأن الرجل لم يقدم استقالته عندما انفجرت قضية سوناطراك بل تمت إقالته، وفي حالة إذا كان وزير الطاقة ضحية تلاعبات افتعلها الدياراس، فلماذا إذن لا يستقيل رئيس الحكومة لأنه يكون قد توّرط في الاعتداء على إطار نزيه حتى وإن كان وراء ذلك الدياراس؟!.
إن تقديم المسؤول المتورط أو المشتبه فيه استقالته يعد خطوة إيجابية في المؤسسات الجزائرية، إذا ما كان بوشوارب فعلا أقبل على ذلك لأنه بهذا الأمر سيزيل الحرج على السلطة ورموزها، ولقد لاحظنا كيف أخطأت جريدة محترمة مثل “لوموند” عندما أدرجت الرئيس بوتفليقة في فضيحة بنما، وهذا ما تطلب منها تقديم الاعتذار، ولذا يكون من الخطأ أن يغض أصحاب القرار النظر عن ما حدث ويتعاطون معه باستسهال، لأنه يمكن أن يترتب عن هكذا رد فعل أو تعاطي تصرفات خطيرة، تؤدي هي بدورها إلى تعقيدات لا يحمد عقباها في ظل ظروف محلية وإقليمية منتجة للتوترات وحالات عدم الاستقرار التي لا تزداد إلا تشبعا في ظل أجواء اللامبالاة وأخذ الأمور بعدم الجدية.
يتفق المسؤولون السياسيون في الجزائر على أن البلد يمر بأحرج لحظة على مستوى التهديدات التي تتعاظم مع كل يوم وباتت تحيط به، ولا يمكن في ظلها من أجل الحد منها إلا أن يأخذ الحكم زمام المبادرة، التي تحرر الطاقات وتغيّر السلوكات وتمنح للخطاب السياسي لغة جديدة هي غير اللغة التي تعوّد على استعمالها، وكشفت عن حدودها وعقمها وإنتاجيتها المضادة، مثل اللغة التي توسلها زعيم الأرندي وهو يدافع عن بوشوارب دونما اقتناع، ولهذه الأسباب كلها على بوشوارب أن يستقيل وعلى السلطة أن تقبلها
http://www.elhayatonline.net/article52846.html

كلمات مفتاحية