مقالات

الأساتذة المتعاقدون وتكريس منطق الرداءة واللاعدل : جمال ضو

الأساتذة المتعاقدون وتكريس منطق الرداءة واللاعدل…
منذ أزيد من أسبوع أبديت عدم تعاطفي مع مسيرة الأساتذة المتعاقدين، وذكرت أسبابا، ولكن للأسف يبدو أن الأمر بدأ يأخذ أبعادا أكبر وأصبح البعض من السياسيين ومن يتزعمون المعارضة يصورون لنا هذه القضية وكأنها قضية عادلة…الجميع يعرف موقفي من بن غبريط والنظام السياسي في الجزائر، ولكن لا يعني ذلك أن يعارض المرء جهة ما لأجل المعارضة والمناكفة السياسية أو الإيديولوجية…فالمولى عز وجل يقول ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”
إن عدد الأساتذة المتعاقدين 25 ألفا وعدد المناصب المفتوحة 28 ألفا، فلو تم دمج هؤلاء الأساتذة من دون المرور على المسابقة فإن المناصب التي يتنافس عليها عشرات أو ربما مئات الآلاف ممن لم يكن لهم فرصة إيجاد منصب للاستخلاف وتخرجوا منذ سنوات أو تخرجوا هذه السنة ، لا تتعدى 3000 منصبا!. إن الأساتذة المتعاقدين يدوسون على حقوق غيرهم من المتخرجين القدامى والجدد مرتين وليس مرة واحدة. ففي المرة الأولى عندما استطاعوا بشكل أو بآخر أن يجدوا منصب استخلاف أو تعاقد من دون المرور عبر المسابقات أو التحقق من أهليتهم أو أولويتهم على حساب غيرهم ، وربما بعضهم أو كثير منهم عبر وساطات . والمرة الثانية عندما يطالبون بالإدماج مباشرة من دون أن يتنافسوا مع زملائهم ومن تخرجوا معهم في نفس الدفعات. قد يستسيغ المرء أن يتم معالجة بعض الحالات التي لها سنوات في وضع الإستخلاف وهم قلة، ولكن يبقى تساؤل كبير وهو كيف فشل هؤلاء في المسابقات السابقة والتي حتما وندرك أنها أيضا لا تتم بشفافية كبيرة ولكن حتما الحاصلون على معدلات تخرج مرتفعة كان لهم فيها حصة الأسد وهذا منطقي ظاهريا؟. ما ذنب الطالب المتفوق والمؤهل علميا ونفسيا والذي يتخرج هذه السنة في أن يحرم من المنافسة مع غيره؟
مشكلة هؤلاء المتعاقدين تتحملها أيضا الحكومة ووزارة التربية التي كانت تسير قطاعا حساسا وعصبا حيويا في المجتمع عبر توظيف المستخلفين والمتعاقدين بينما آلاف الملايير تنفق في أشياء آخرى لا تعود بشيء إيجابي على المجتمع. ما يجهله كثيرون أن معظم الثانويات والمتوسطات والثانويات لا يجد تلاميذها أساتذة في مواد عديدة ويعيشون تذبذا وغيابات…لأنه لا استاذ مستقر..يدرسون أسبوعا وينقطعون أسبوعا…لا أحد يهتم بأنباء الأهالي..
نحن أمام مشكلة عميقة وليست مجرد مشكلة عابرة، للأسف طريقة تفكير هؤلاء المتعاقدين تثبت بما لا يدع مجالا للشك أنهم بعيدين كل البعد عن هم الأمة الحقيقي، تفكيرهم فقط في مصلحة آنية، وأنا على يقين أنهم لو لم يكونوا متعاقدين لكانوا ضد موقف زملائهم المتعاقدين. نحن أمام نوع من الصدام بين 25 ألف متعاقد ومئات الآلاف من نظرائهم إما المتخرجين حديثا أو ممن لم يجد منصبا للإستخلاف أو التعاقد. هل يعتقد هؤلاء المتعاقدون أن الحل هو في إدماجهم مباشرة وحرمان البقية من المناصب؟ ألن يخرج هذا البقية إلى الشارع وفي ذلك الوقت لن يلومهم أحد؟. هل هناك فعلا من يحرك هذه القضية من أجل صرف نظر عن أشياء أخرى؟
قضية المتعاقدين هي انعكاس لشلل شامل وترهل تام للدولة والتعليم….أي حل لها لن يكون عادلا…ولكن الأعدل أن يتنافس الجميع على المناصب في جو من الشفافية…أما من يطالب بالتوظيف مباشرة من دون مسابقة فهو كمن أستعار كتابا من صديق وعندما سمع بأن صديقه يريد بيعه قال له إذن سأحتفظ به من دون أن أدفع ثمنه؟…بينما هو فقط يحق له أن يحتفظ به إذا دفع ثمنه…والله أعلم