سياسة

أبو جرة سلطاني : طرطاق رجل المرحلة

الوزير ورئيس حركة حمس السابق أبو جرة سلطاني يواصل حواره لـ “الحوار”

سلطاني لـ”الحوار”: تفكيك “الدياراس” ومجيء “الدياساس” طمأن جميع الجزائريين
الهيكلة الجديدة في المخابرات إنجاز كبير ستظهر ثماره بعد سنوات
“الدياراس” كانت تملك أعينا في كل الأحزاب دون استثناء
طرطاق عارف بخبايا الجهاز وهو رجل المرحلة
هناك إجماع في الجزائر حول افتخار جميع الجزائريين بمؤسسة الجيش
العديد من وجوه الحركة الإسلامية يجب أن تختفي
صراع الأجنحة لم يعد موجودا
العلاقات الجزائرية السعودية تخرج من الفتور إلى الحركية

في هذه الحلقة الأخيرة يميط الشيخ ابوجرة اللثام عن علاقة مختلف الأحزاب والاحزاب الاسلامية بالجهاز السابق “الدياراس”، حيث يقول ابو جرة إنه تحرر نوعا ما من هيمنة الدياراس بعد أن اصبح بقبعتين كرئيس لحمس وكوزير، حيث كان يتصل مباشرة بالجنرال توفيق. ويقول ابو جرة إن الدياراس كانت عينها ويدها وحتى رجلها على كل الأحزاب، التي تبقى العلاقة بين كل حزب وهذا الجهاز تختلف لتبتعد عن شراء الذمة السياسية وتسير بـ”التليكومند”.

ابوجرة في هذا الحوار يتحدث عن الهيكلة الجديدة للمخابرات “الدياساس” وما اعطته هذه الهيكلة من ارتياح عام على مستوى الرأي العام والأحزاب والصحافة ميدان المال والأعمال.

العلاقات الجزائرية السعودية .. كيف تنظر إليها؟
تخرج من الفتور الى الحركية، ونحن نبارك هذه الخطوة، لأن تعزيز العلاقات بين الجزائر والسعودية فيه مصلحة لكلي البلدين.

يقال إن العديد من الأحزاب الاسلامية كانت لها علاقة بـ”الدياراس” المحلة سابقا، ما مدى صحة هذه الأقوال؟
أنا أتحدث عن حركة مجتمع السلم، لأني لا أعرف حقيقة الأحزاب الأخرى وجهاز الاستخبارات. فهذا الجهاز كانت عينه ويده وأحيانا رجله -أكرمكم الله- في كل مقرات الأحزاب، لكن كل حزب كان يتعامل مع هذه المؤسسة بالطريقة التي تتماشى وقناعاته ولا تصادر ذمته السياسية ليكون حزبا موجها بـ”الريموند كونترول” أو جهاز التحكم عن بعد أو التليكومند.

حركة مجتمع السلم كانت تدرك أن الوضع الذي عاشته الجزائر بين 1992 و2011 كان وضعا استثنائيا تحكمه منظومة حالة الطوارىء، وقد استغل بعض رجال الداياراس هذه المرحلة لاستخدام النفوذ، والتعسف أحيانا في التعامل مع بعض الأحزاب، والتصرف في بعض القوائم الانتخابية، بالاضافة إلى الحذف والتقديم والتأخير والزبر أحيانا.

عرف عن علاقة حمس منذ عهد الراحل محفوظ نحناح الى عهدكم بعلاقتها مع الجنرال توفيق .. ما صحة ذلك؟
بالنسبة لي كنت أحمل قبعتين، قبعة رئيس حمس وقبعة وزير دولة، فكنت بالقبعة الثانية أتواصل مع هذا الجهاز ورجاله، وأعرف أن فيهم مخلصين كثيرين حموا الدولة الجزائرية من تهديدات جادة، كما اعرف كذلك بعض من كان يتعسف في استخدام النفوذ بحجة حفظ الأمن والتكتم على اسرار الدولة وإدارة مسمى الملفات المختومة بختم “مكتوم جدا”. فبالنسبة لقبعتي كرئيس حركة حمس، ومنذ أن صرت وزيرا للدولة، صارت أحاديثي ومقابلاتي مع هذا الجهاز أو بعض رجاله تتم على المستوى الرسمي وتحت قبعة الدولة.

كيف مثلا؟
أنا كنت اعرف الجنرال توفيق شخصيا ، وعندما يوجد عنصر من عناصر المخابرات الى الحزب ، أقول له من أرسلك، لأني كنت أعرف مسؤوليهم ، ورقم هاتف الجنرال توفيق عندي واتصل به ، وهم يعلمون أنني سأتصل به .

بالنسبة للتغييرات الأخيرة في جهاز الاستخبارات كيف تنظر اليها ؟
هذه التغييرات في جهاز الدياراس تدخل في صميم التحولات التي جاءت ثانية لما بعد رفع حالة الطوارىء سنة 2011، وقد تأخرت 3 سنوات عن موعدها، لأن عصرنة هذا الجهاز كانت أولوية منذ رفع حالة الطوارىء، وبدأت الدولة الجزائرية تعود تدريجيا الى حكم القانون بدل هيمنة الادارة والأجهزة الأمنية، لذلك فإعادة هيكلة هذه المؤسسة اعطت اطمئنانا للرأي العام ولوسائل الاعلام وللأحزاب ولرجال المال والأعمال، ذلك أن تفكيكها لجهاز هيمن على الحياة السياسية الاجتماعية والاقتصادية والادارة لمدة ربع قرن، ثم اعادة تركيبها بصفة نزعت عنها هالة التخويف والترعيب ووضعتها في سياق القيام بالواجبات الأمنية الداخلية والخارجية واللوجستيكية، فتح الباب أمام بداية تأسيس لدولة الحق والقانون التي لا يعاقب فيها أحد على الشبهة أو على اساس الانتماء السياسي وإنما يحظى بمحاكمة قضائية عادلة وفقا لقوانين الجمهورية، وهذا انجاز كبير لا تظهر نتائج ثماره الآن، وإنما يحتاج الى بضع سنوات، وليكتشف كل مواطن الفرق الواسع بين الحبس الاداري واستصدار وثيقة استفسار عن وضع دارت حوله شبهة، وقد جاء الدستور الجديد ليدستر هذا التوجه ويمعن في شرح بعض تفاصيله المتعلقة بحقوق المواطن في التقاضي وفي الاخطار وفي الحبس الاحتياطي وسواها.

بعد رحيل المدير العام السابق للدياراس الجنرال توفيق، جاء اللواء بشير طرطاق على رأس “الدياساس”، كيف ترون هذا؟
طرطاق مساره المهني كان في هذه المؤسسة لوقت طويل، تم ابعاده منها لأسباب قد تكون لها علاقة بالتعجيل بإحالة المدير العام محمد مدين على التقاعد، وكان بلوغه هذه السن فرصة لإعادة هيكلة الجهاز الذي قدرت الجهات المخولة أن الرجل المناسب للمرحلة الانتقالية بين حكم الدياراس وحكم الدياساس هو طرطاق العارف بخبايا ومسارات هذا الجهاز الكبير.

كيف ترون دور الجيش، لا سيما على الحدود الجزائرية؟
هناك اجماع في الجزائر حول افتخار جميع الجزائريين بمؤسسة الجيش الشعبي الوطني، وبتحملها أثقل المهمات منذ الاستقلال وإلى اليوم، كما أن هناك اجماعا آخر على ضرورة تحييد هذه المؤسسة عن الصراعات الحزبية والنأي بها عن الاحتكاكات الداخلية التي تريد بعض الأحزاب أن تحمل ممطرة المؤسسة العسكرية للاحتماء بها من الضعف الذي يصيبها أو من التهميش الذي تحس بها أحيانا. وقد اثبتت هذه المؤسسة قدرتها وجدارتها على حماية الحدود، وعلى ضمان أمن واستقرار ووحدة الوطن.

احدث الجيش ايضا مؤخرا عدة عمليات نوعية، لا سيما في الجنوب، رافقتها عدة زيارات متتالية لنائب وزير الدفاع الفريق احمد قايد صالح، كيف ترون هذا؟
ما تقوم به قوات الجيش، ولا سيما المكلفين بإدارة الشؤون العليا في الميدان، يشرف جميع الجزائريين ويرفع رأسهم عاليا، وقد رأينا ذلك يوم دعا بعضهم الى تخصيص يوم جمعة لتحسيس الشعب الجزائري بضرورة الوقوف المعنوي مع الجيش وقواته الأمنية، والتصنيف الأخير لجيشنا في ترتيب متقدم بين جميع جيوش العالم شرف للجزائر وشرف لشبابنا المرابطين على حدودنا والحارسين لأمننا والساهرين على راحة المواطن

هل نستطيع أن نقول إنا ما اصطلح عليه باسم صراع الأجنحة، ان وجد فعلا، اصبح من الماضي؟
كان شعور كثير من المتابعين أن هناك دولة داخل دولة، وكانت بعض التعيينات في منصاب كثيرة تخضع لشيء من المحاصصة، لا سيما في المناصب الحساسة، لكن هذا الشعور زال تماما بعد تفكيك الدياراس ووضع تركيبة أو هيكلة “الدياساس” أشاع ارتياحا واسعا لدى اطارات كثيرة كانت تدين بالولاء لجهات نافذة في السلطة، بل إن بعضها كان يتحدث باسمهم ويمارس صلاحيات واسعة بانتحال شخصية هؤلاء وهؤلاء ويلعب على مسمى صراع الأجنحة الذي ولى زمانه اليوم.

لطالما سعت الاحزاب الاسلامية للمّ شتاتها، لكن من دون فائدة، وفشلت في العديد من المرات، لماذا في رأيك؟
كانت المسافة بين الأحزاب الاسلامية تقاس بالبرامج والقناعات والرؤيا والأفكار، أما اليوم فصارت المسافة تقاس بالشخصانية والأنانية الحزبية والحديث المعلن عمن يكون القاطرة ومن يركب داخل العربات المقطورة، فصار الجميع بين هذه المتناقضات مسألة في غاية الصعوبة، واعتقادي أن المقاربة الجديدة التي ينبغي أن تكون مفتاحا للحل هي أن تختفي هذه الوجوه المتسببة في الخلافات والنزاعات والانقسامات من الصف الأول وتترك الأمور المهمة للقيادات الوسطى في الصف الثاني ممن لا يعانون لوثة الأنانيات الحزبية ولا مرض الشخصانية ولا الزعم أن هذا الحزب أقدم أو أقول أكثر تمثيلا، لأن الخاسر الأكبر هو المشروع الاسلامي الذين كان وما زال وسيظل حلم جميع أبناء التيار الاسلامي في جزائر الاستقلال.

هل من كلمة بخصوص أوراق بنما التي ظهرت مؤخرا؟
اوراق بنما بهذا الحجم الضخم الذي بلغ 11 مليون وثيقة هو زلزال عالمي كشف عن حقيقتين كانتا مجرد تخمين فصارتا حقيقة مالية واقعية، الأولى أن الفساد العالمي هو الفساد الرسمي، الذي يملك اختام ومؤسسات وباستطاعته أن يحول ملايير الدولارات داخل حاويات، وليس في حقائب دبلوماسية أو تحويلات بنكية، والحقيقة الثانية أن أوراق بنما كشفت عن أن الفاسد اصبح عابرا للقارات وصارت الشركات متعددة الجنسيات شركة متعددة الاختلاسات.

حاوره: عصام بوربيع

الوزير ورئيس حركة حمس السابق أبو جرة سلطاني لـ “الحوار”:

الأفلان والأرندي وزنان سياسيان ثقيلان يحتاجان ثالثا
لكل حادث حديث حول عودتي إلى قيادة حمس
بن غبريط تركت فراغا فتسلل منه المتعاقدون
ما يجري بين أويحيى وسعداني ليس مسألة شخصية
إدارة شؤون الحكم برأسين انتهت مع بداية الدولة المدنية
لابد من تدارك الاختلال قبل وقوع “الاحتكاك” بين الأفلان والأرندي
قرأت إمكانية تعييني وزيرا في الصحفوسمعته ممن يزعمون أنهم مقربون من صناعة القرار
اعتبر الوزير ورئيس حركة حمس السابق ابو جرة سلطاني ان المجموعة التي تنساند رئيس الجمهورية يجب أن تتدارك الاختلال الهيكلي الموجود، من اجل تفادي الاحتكاك بين الأفلان والأرندي، معتبرا أن هذين الحزبين لهما وزنان ثقيلان، لكن يحتاجان الى وزن ثالث لتكتمل الصورة وطنيا ديقراطيا اسلاميا، معتبرا في حديثه عن الصراع الدائر بين اويحيى وسعداني بأنه ليس مسألة شخصية. كما يتحدث ابوجرة في هذه الحلقة عن جماعة مزفران، الذين قال عنهم انهم فهموا رسالة السلطة هذه المرة فكانوا اكثر مرونة، مفسرا غياب ابرز الوجوه عنها لأنهم لم يفهموا الهدف من حضورهم، وحسب ابوجرة فإن مواقف حمس من مختلف القضايا على غرار حزب الله والعلاقة مع تركيا التي وصفت بالمشبوهة، امور تجيب عليها مؤسسة حمس ومن يديرها وليس هو. ولم يستبعد ابوجرة امكانية عودته الى قيادة حركة حمس.

لو نتكلم عن أحمد اويحيى الأمين العام بالنيابة للأرندي ورئيس الديوان برئاسة الجمهورية، وصراعه الأخير مع عمار سعداني الذي هاجمه، وطالب برحيله من الرئاسة، الى غير ذلك من التراشقات، ما رأيك في كل هذا؟
جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وزنان سياسيان ثقيلان، يحتاجان الى وزن ثالث يحدث التوازن بينهما كما حصل في تجربة التحالف الرئاسي مع حركة مجتمع السلم، لتكتمل ألوان العلم الوطني: اسلامي، وطني ديمقراطي. وأعاب التشكيلة القائمة حاليا بعد ابعاد الحركة الشعبية أن الكتلة التي تزعم أنها تساند برنامج رئيس الجمهورية تعاني اختلالا هيكليا في تركيبتها الحزبية، بحاجة الى أن تتداركها قبل أن يتم الاحتكاك بين جبهة التحرير والتجمع خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في 2017. فما يجري بين اويحيى وسعيداني ليس مسألة شخصية انما هو اختلاف لترتيب العربة والحصان أو القاطرة والعربات، مما جعل الرأي العام يتساءل اذا كان الخلاف قد دب الى بيت الحلفاء الاستراتيجيين ولم يعد بإمكان المتتبع أن يفهم التصريحات والتصريحات المضادة ،فأين برنامج رئيس الجمهورية من هذا الخلاف والاختلاف، لاسيما أن مثل هذا الاحتكاك يجري في ظروف غير مناسبة على المستوى الأمني والاقتصادي والتوجهات القائمة التي يريد الرئيس أن يختم مساره في خدمة الجزائر وضمان استقرارها.

ماذا تقصد بالاحتكاك بالضبط؟
جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن أن يقبل المتابع بسطحية ما يسمع من تصريحات تتهم هذا الطرف أو تبرئه، وقد فهم كثيرون من المتابعين للشأن السياسي أن هناك اختلافا جوهريا حول تفسير مفهوم مساندة برنامج رئيس الجمهورية، لأن ادارة شؤون الحكم برأسين انتهت مع بداية الدخول في وضع حجر الأساس للدولة المدنية، ولا بد أن يظهر في الجزائر حزب يحكم ويحاسب أمام الشعب ويحاسب أمام الشعب وأحزاب تعارضه وتنافسه وتتنافس من أجل التداول على السلطة في مفهوم الديمقراطية السلمية. أما أن يظل حزبان يحكمان ولكنهما لا يحاسبان، فهذا وضع كان مقبولا خلال سنوات المأساة الوطنية، ولكن اليوم يجب أن تختفي هذه الصورة، وهو ما يحاول عمار سعيداني التأسيس له انطلاقا مما يطمح الى تحقيقه في انتخابات 2017 الممهدة لرئاسيات 2019.

هناك من يقال أن عدم مشاركة اويحيى او الارندي في اجتماع البيضوية للموالاة هو من فجر الصراع بين سعداني واويحيى ؟ما رأيك ؟
للرجلين برنامجان مختلفان، فالأمين العام لجبهة التحرير الوطني يريد قاعدة سطحية واسعة بغير لون سياسي ولا ايديولوجي يشكل به قاعدة جماهيرية واسعة على غرار لجان المساندة التي لعب دورا رائدا فيها سنوات 1999و2004. أما أويحيى الأمين العام للتجمع فيريد أن يعيد تشكيل التحالف الرئاسي بالمجموعة المنضوية حاليا في تشكيلة الحكومة، ولكل واحد منهما مقاصد مستقبلية من وراء ما يطرحه من رؤية لمساندة برنامج الرئيس، مما نجم عنه غياب التجمع عن تظاهرة الجدار الوطني في القاعة البيضاوية.

ماذا عن ترشيحك الى منصب وزير الشؤون الدينية؟
قرأت هذا في الصحف، وأعلمني بهذا بعض الذين يزعمون أنهم مقربون من جهات مراكز صناعة القرار، ولكن رسميا لم أتلق أي خبر رسميا في هذا الشأن.

هل لو سيعود ابو جرة الى الحكومة لو عرض عليه؟
نحن ننظر الى ما يخدم المصلحة الوطنية في الظرف الاستثنائي، فمساحة التهديدات توسعت، وجبهة المهاجمين للجزائر والملوحين بالتهديدات صارت جادة، ومن واجب كل مواطن أن يكون جنديا يحرص الثغر الذي يقف فيه من دون أن يسأل عن امتيازات شخصية، لأن الواجب الوطني يفرض اليوم تمتين الجبهة الداخلية وتعزيز دور الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن لمواجهة مخاطر صارت تهددنا جميعا على طول الحدود الجزائرية الغربية والشرقية والجنوبية.

يتم الحديث عن داعش أو الدولة الاسلامية كيف تنظرون الى هذا الخطر، خاصة أن البعض اعتبر داعش مجرد فزاعة للسلطة؟
داعش حقيقة موجودة وماثلة، وقد وسعت من نطاقات تحركها لتتجاوز ما كانت قد اسست لأجله وهو اقامة دولة اسلامية في العراق ودول الشام، لتنشر اسلحتها ومقاتليها في بقاع كثيرة من الكرة الأرضية، وقد استفادت من حالة الانفلات الأمني الذي مرت به بعض أنظمة الربيع العربي، ولاسيما تبعثر مخازن الأسلحة والدخيرة في الدولة الشقيقة ليبيا، فلا أحد ينكر وجود داعش وقدرة بعض مقاتليها على الضرب في اي بقعة، ولكن التهويل من شأنها الى درجة الفزع أمر يحتاج الى معالجة سياسية تضع كل شيء في نصابه بغير تهويل ولا تهوين.

من دون شك أنكم تتابعون اضراب الأساتذة المتعاقدين، والذين قاموا بمسيرة من بجاية الى العاصمة، كيف تنظرون الى هذه المسيرة، لا سيما أن العديد اتهم بمحاولة تسييس قضيتهم؟
لا تنسى أنني ابن قطاع التربية والتعليم، وأنا متعاطف مع كل من تعاقد ثم طال هذا التعاقد ليصبح حالة ” سطاتيكو” اي حالة جامدة قارة. وكان ينبغي على الوزارة الوصية أن تضع برنامجا ادماجيا يأخذ في الحسبان الأقدمية الطويلة لتنصيب فائض هذه الكتلة ويتدرج مع المتعاقدين الجدد حتى تصل المدرسة الجزائرية الى حد الاشباع في التأطير، بمعنى أن تقوم الوزارة الوصية بإحصاء وطني لجميع المتعاقدين، ثم تضع رزنامة زمنية لدمجهم الأقدم فالأقدم.

قيام الاساتذة المتعاقدين بمسيرة من بجاية الى العاصمة فهم على أن هناك تسييسا للقضية وتحريكا من وراء ذلك، ما رأيك؟
الطبيعة لا تقبل الفراغ، والوزيرة تركت فراغا للطبيعة، فتسلل منه المتعاقدون ليزحفوا على العاصمة، فوجد بعض الاطراف هذه المسيرة فرصة للتسييس والتخريب والقذف وبأفكار قديمة في اذهان بعض الذين اندسوا في المسيرة ربما ليشوشوا عليها او ليخرجوها عن مطلبها الشرعي الوحيد وهو الادماج الذي يتم في رأيي برزنامة زمنية متدرجة بإدماج الأقدم فالأقدم.

موقف مقري الرئيس الحالي لحركة حمس من عودة شكيب خليل كان هجوميا، وكان مقري من بين الاوائل الذين انتقدوا عودة وزير الطاقة الأسبق، كما انتقد ايضا تكريمه في احدى الزوايا؟ ما رأيك؟
أنا قلت إن أي مواطن جزائري من حقه أن يزور المساجد وكل بيوت العبادة.

لكن التكريم وتوقيت الزيارة استفز مشاعر بعض الاطراف، وصار من حقها أن تبدي وجهة نظرها، كما من واجب الزاوية والمؤسسة المسجدية ككل أن توضح موقفها من مثل هكذا زيارات.

انسحبتم من قيادة حركة حمس، هل من الممكن أن تتحدث لنا عن خلفيات ذلك؟
هذا ليس انسحابا، الحركة نظمت مؤتمرها في ماي 2013، وقد قدرت شخصيا وقتها أن لا أطلب أو ألتمس من المؤتمرين تجديد عهدة ثالثة لي، فتم انتخاب الدكتور مقري رئيسا للحركة لخمس سنوات، وهو يمارس مهامه فيها، بالرؤيا التي رسمها وهو محاسب أمام مؤسسات الحركة لا غير.

تم اعتبار موقف حركة حمس من حزب الله نوعا ما شاذا، كما كانت العديد من الاتهامات لحمس حول العلاقات المشبوهة لها بتركيا، ما رأيك في هذا، خاصة ان تصريحات المجاهد لخضر بورقعة اشارت الى هذه القضية؟
هذه المواقف اسألوا عنها مؤسسات الحركة ومن يديرها، فلست ناطقا باسم حمس ولا استطيع أن اقيم أداءها الا في مجلس الشورى، لأن كل هذه القضايا تدخل في صميم الاجراءات والتنظيمات التي تنص عليها لوائح الحركة والتي هي حق سياسي لأعضائها الذين ينشطون داخل مؤسسة المجلس الشوري الوطني ويقيمون أداءها مرتين كل سنة.

هل سيعود أبو جرة الى قيادة الحركة؟
المؤتمر ما زال بعيدا، سنة 2018، نحن الآن مقبلون على انتخابات 2017، بعدها سننظر الى كل الاوراق، وسيكون لكل حادث حديث.

مزفران 2 .. كيف تابعتموهم، خاصة أن هناك من يقول إنه فشل؟
جماعة مزفران 2 فهموا رسالة السلطة فصاروا أكثر مرونة واختاروا سبيل الموامعة السياسية، ليحينوا ارضية مزافران1، ويحفظوا تماسكهم داخل هذه التشكيلة، وليضعوا بعض الاحتياطات التي تحول بينهم وبين التشتت عشية الانتخابات البرلمانية التي تفصلنا عنها سنة واحدة.

كانت اغلبية الوجوه الثقيلة مثل حمروش وغزالي ومقداد سيفي؟
أكثر الذين تغيبوا برروا غيابهم، اما أنهم ليسوا اعضاء لا في تنسيقية الانتقال الديمقراطي، ولا في هيئة التشاور والمتابعة، وإما أنهم لم يفهموا الهدف من حضورهم هل كمشاركين أم كمساهمين بالرأي أم كداعمين، وآخرون تحججوا بأنهم لم يشاركوا في صياغة مشاريع الأوراق الثلاثة التي اعدت مما يجعل حضورهم غير مبرر، وفي كل الأحوال العبرة ليست بالحضور، ولكن بالنتائج التي تمخض عليها اللقاء في مزافران 2، وفي تقديري الشخصي أن ما صدر عن اللقاء من نتائج يؤكد أن المعارضة ما تزال عاقلة، وأن بعض اطرافها يدفعون باتجاه فتح ثغرة للتفاوض مع السلطة بمسمى الانتقال الديمقراطي المتفاوض عليه.

قمازي ايضا كان غائبا، وكذلك شيوخ الفيس؟
هؤلاء برروا ايضا عدم حضورهم، اذا كنا نحضر باسم الجبهة سنحضر كمؤسسة، أما دعوتنا كأشخاص فنحن لسنا معنيون بالحضور كشخصيات.

حاوره /عصام بوربيع

أبو جرة سلطاني لـ”الحوار”: الزاوية التي استقبلت شكيب خليل كرمت الشيخ نحناح من قبل
خروج القضاء عن صمته أو إجراء ندوة صحفية كفيل بطي قضية شكيب خليل
يحق لوزير الطاقة السابق استلام أي منصب في الدولة بعد أن تتضح قضية سونطراك
قبل الحديث عن كفاءة وخبرة وعلاقات خليل يجب معرفة ماذا جرى
أويحيى لا يتكلم عن فراغ بخصوص الضغوطات الفوقية لإصدار مذكرة توقيف شكيب
يعتبر الوزير ورئيس حركة حمس السابق ابو جرة سلطاني أنه قبل الحديث عن امكانية تولي شكيب خليل لمناصب عليا في الدولة الجزائرية، يجب فهم ما جرى اولا، معتبرا أن اجراء ندوة صحفية أو خروج القضاء عن صمته بالتوضيح للرأي العام مسميات الفبركة أو الضغوطات والمكالمات الهاتفية واستهداف محيط الرئيس من خلال قضية سونطراك، يكفي لإزالة الغموض حول القضية، ومن ثَم يصبح شكيب خليل مواطنا عاديا وله الحق في استلام أي منصب.

ويتحدث الشيخ ابو جرة سلطاني في هذه الحوار عن نظرة شكيب خليل الى المستقبل بعيدا عن محاسبة من قاموا بتشويهه، كما يعتبر أن الزاوية التي استقبلت شكيب خليل مؤخرا هي نفس الزاوية التي كرمت رئيس حركة حمس الاسبق الشيخ محفوظ نحناح سابقا وكرمته هو شخصيا، معتبرا أن من حق شكيب خليل زيارة اي مؤسسة دينية او مدنية او اقتصادية ما دام القضاء لم يتحرك ضده، مشيرا الى أن تنقلات شكيب خليل سوف يبقى فيها الغمز بباطل أو بحق عن الجزء المسكوت عنه، لذلك فنحن بحاجة الى أن نسلط ضوءا قضائيا لتنوير هذه البقعة الداكنة، ثم بعدها يصبح السيد شكيب خليل مواطنا بكامل العضوية في دولته، وعندئد يحق له أن يستلم أي منصب، يستطيع من خلاله أن يقدم قيمة مضافة لدولته وأمته.

عودة وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل ما زالت تفرض نفسها على الساحة السياسية، ما رأيك في هذه القضية؟
أولا نحن اليوم نتحدث عن حدث أخذ حقه كاملا في وسائل الاعلام، وأحدث ضجة واسعة على مستوى الرأي العام الوطني، وعلى مستوى الطبقة السياسية، لأن المواطن الجزائري لم يتعود على هكذا معاملات، وينتظر من الجهات التي اثارت الزوبعة أول مرة أن تقوم بإجراء يرد الامور الى نصابها، والخلاصة اليوم أن الرجل موجود هنا في الجزائر، والذين يتهمونه مثل الذين يبرئونه، يقطع القول بينهما ما يراه القضاء الجزائري واجبا لإنصاف الرجل والإعلان عن أن ما تروج له وسائل الاعلام وما تزايد به بعض الأحزاب ينهيه القضاء الذي بيده الملفات وعنده صلاحيات سلطة التقدير وآليات اصدار الحكم.

احدث استقبال شكيب خليل في احدى الزوايا بالجلفة ضجة كبيرة، لدرجة انه تم استهداف تلك الزاوية؟
كل مسلم من حقه أن يرتاد المساجد، وأن يزور الزوايا في الوقت الذي يحدده هو لنفسه أو تدعوه الزاوية للزيارة أو التكريم، وزيارة شكيب خليل للزاوية المرزوقية لم تكن الأولى، وأعتقد أنها لن تكون الأخيرة، لأنه سبق للزاوية أن كرمت شخصيات وطنية وكثيرة منها الشيخ محفوظ نحناح رحمة الله عليه، ومنها سفير دولة فلسطين، وأنا شخصيات تم تكريمي في هذه الزاوية، فالرأي العام رأى في توقيت الزيارة نوعا من التسييس، وهذا حقه، لكن من حق شكيب خليل أيضا أن يزور أي مؤسسة دينية او مدنية او اقتصادية ما دام القضاء لم يقل شيئا في اتهامه أو في تبرئته.

على ذكر القضاء، تم اصدار اول امس مرسوم انهاء مهام النائب العام بلقاسم زغماتي في الجريدة الرسمية، مع العلم ان انهاء مهامه كان سابقا، ما رأيك في هذا التوقيت، لا سيما أن زغماتي كان وراء اصدار مذكرة التوقيف ضد شكيب، ما رأيك في هذا؟
القضية ليست مربوطة بشخص، ولو كانت في مستوى نائب عام، لأن الدولة الجزائرية قائمة على المؤسسات وليس على الأشخاص، فإنهاء مهام شخص أو احالته على التقاعد أو حتى وفاته لا يغير من مجرى الأحداث شيئا ما دمنا نعيش في دولة تقوم على المؤسسات، وملفات مواطنيها ليست في حقائب أو اشخاص، انما هي محفوظة في أرشيف المؤسسات.

رئيس الحكومة الاسبق سيد أحمد غزالي صرح في “الحوار” سابقا، أنه لا يوجد ما يتهم به شكيب خليل، او ما يدينه، وقال إن ما هو مؤكد فقط هو وجود رشوة في قطاعه، وكان على الأقل حسبه أن تستمع السلطة لشكيب خليل؟
الشعب الجزائري منذ أن فجر وزير أول سابق فضيحة 26 مليار دولار كعمولات، ونحن نطارد سرابات التصريحات المسيسة أو المحزبة أو التي تقذف بها بعض وسائل التواصل الاجتماعي، والدول التي تحترم نفسها لا تدير ظهرها لمثل هذه التصريحات، ولا تخفي رأسها في الرمال، كما لا تبني عليها أحكاما جزافية، وإنما تفتح تحقيقا بشأنها ومساءلة من يصرح بما يدين الآخر أو يتهمه أو يشوه سمعته.

أمور تجري في صلاحيات دولة الحق والقانون التي من أوكد واجباتها حماية مواطنيها من التشويه والقضاء على المسار المهني لمجرد تصريحات تتناولها وسائل الاعلام وتغذيها بعض الجهات التي تبحث عن الاثارة والتوريط وإقصاء الآخر.

شكيب خليل صرح مؤخرا أنه سيفتح صفحة جديدة، ولن يذهب الى مقاضاة من شوهه مثل ما ذهب اليه البعض للمقاضاة؟
قضايا القذف لها ضحيتان، ضحية حق عام وضحية حق خاص، فإذا اتهم مواطن وقدر أن يطوي الصفحة فإن هذا التصريح منه لا يسقط الحق العام لكي يجرؤ من يأتي بعده بالتمادي في تشويه سمعة الأشخاص، أو قذف شخصيات قدمت الكثير للوطن بحجة أن ابناء الجزائر متسامحون، وأن القضاء يدير ظهره للكثير من القضايا التي يعتبرها مجرد تسريبات صحفية.

الحديث عن شكيب خليل تعدى الحديث عن الاتهامات، الى امكانية تبوئه لمنصب معين في السلطة.. هل تراه مرشحا لمنصب ما؟
قبل أن يتم الحديث عن ترشيحه لأي منصب تنفيذي، وقبل أن نتحدث عن كفاءته وخبرته وعلاقاته نحتاج أولا أن نعرف ما جرى، لأن القضية أخذت بعدا دوليا، وسوف يواجه السيد شكيب خليل خلال تنقلاته من يغمز بحق أو باطل هذا المسار المسكوت عنه، فنحتاج أن نسلط ضوءا قضائيا لتنوير هذه البقعة الداكنة ثم بعدها يصبح السيد شكيب خليل مواطنا بكامل العضوية في دولته، وعندئد يحق له أن يستلم أي منصب يستطيع من خلاله أن يقدم قيمة مضافة لدولته وأمته.

شكيب خليل في خرجته الأخيرة قدم حلولا للأزمة الاقتصادية الجزائرية التي قال إنها لن تستمر، ألا ترى ذلك عاملا آخر يسمح بإمكانية شغله منصبا ما كوزير للطاقة مثلا؟
مسألة توضيح ما حصل يتم بواحد من الاجراءين إما أن تعقد ندوة صحفية تسلط الأضواء على حقيقة ما حدث وتطوى مسمى مذكرة التوقيف وينتهي الأمر، وإما أن يبادر القضاء الجزائري باستصدار اجراء يوضح فيه للرأي العام حقيقة مسمى الفبركة والتوصيات الفوقية والمكالمات الهاتفية واستهداف محيط الرئيس.

حتى السيد اويحيى رئيس الديوان برئاسة الجمهورية، صرح مؤخرا أن بلقاسم زغماتي تلقى أوامر فوقية لإصدار مذكرة توقيف شكيب خليل؟
اويحيى كان وزيرا أولا وصار مديرا لديوان رئيس الجمهورية، فله من المعطيات ما ليس عندي، وأويحيى لا يتكلم من فراغ، فإذا صدر منه ما يشير الى ضغوطات فرضت استصدار مسمى مذكرة التوقيف الدولية، فهو يعي ما يقول، وعليه أن يوضح للرأي العام هذه الاشارات الغامضة.

هناك اطراف ذهبت الى ابعد من هذا، وتحدثت عن الجنرال توفيق، مثلما صرح به المحامي محسن عمارة، رغم أن شكيب خليل صرح أنه يرفض مقاضاة الجنرال توفيق، وأشار الى فتح صفحة جديدة، ما رأيك في كل هذا؟
شكيب خليل ينظر الى المستقبل ويريد أن يطوي صفحة الماضي، ولكن هذه النظرة بحاجة الى اقناع الرأي العام الوطني بأن شعار “عفا الله عما سلف” يأتي بعد معرفة الفاعلين والدوافع التي حملتهم على أن يتحركوا في ظرف حساس توجد فيه الجزائر بحاجة الى المزيد من الاستقرار والتعاون لتمتين الجبهة الداخلية، فالمسامح كريم، لكن اذا كان التسامح يبقي ابواب التحرش الاعلامي وصناعة الرأي العام بالتسريبات الصحفية أو القرارات الفوقية، فإن التسامح يصبح جريمة في حق الأجيال القادمة.

• حاوره: عصام بوربيع

…يتبع

كلمات مفتاحية

2 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • كلامك اعتبره غزل للاصحاب القرار من اجل العودة حيث يطبق عليك المقولة لذق البنة مايتهنا حب الكرسي اتساك في مهمتك وداس علي مبادئك وانساك حتى شيبك تصلح للتقاعد ياتشيخ اتركوا المكان للشباب ربي يهديكم