سياسة

لا ترفع رأسك يا أبّا! سعد بوعقبة

عندما جاء الرئيس بوتفليقة إلى الحكم، قبل 16 سنة، أطلق تعبيرا مؤثرا في الجزائريين “ارفع رأسك يا أبّا”! كان الجزائري وقتها مطأطأ الرأس! وتكاد رقبته تنكسر لشدة انحناء الرأس… كانت البلاد غارقة في الدماء والدموع… والعالم بأكمله بعضه يضحك علينا وبعضه يبكي معنا شفقة وحزنا على ما آلت إليه بلاد الشهداء!
كانت عبارة “ارفع رأسك يا أبّا” لها وقع سحري في الرأي العام، لكن المعنى الذي كان بوتفليقة يقصده بالعبارة المذكورة أعلاه ليس هو المعنى الذي فهمه الشعب الجزائري واستأنس به.. لأن الرئيس كان يقصد معنى آخر، لتعبير يختلف عما فهمه الشعب!
الرئيس بوتفليقة هو نفسه فوجئ بالمعنى السياسي الذي أعطاه الشعب الجزائري لعبارة “ارفع رأسك يا أبّا”، ولذلك حكى لأحد مقربيه السياق الذي قيلت فيه هذه العبارة.. وهو أن سكان مدينة فاس المغربية المحافظة، في مرحلة من مراحل التاريخ، كان سكانها يقيمون الحد على كل من يمس بالأخلاق العامة والآداب، كأن يأتي أحدهم فاحشة الزنا أو الخمر… فيقوم أعيان المدينة بإلباس الفاعل لباسا خاصا وحمله على ظهر حمار متجها بوجهه إلى مؤخرة الحمار والطواف به في الشوارع والأزقة الرئيسية للمدينة ليتفرج عليه الناس كفاعل سوء، وليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه أن يأتي الفاحشة في هذه المدينة المحافظة.
ذات يوم وقع ابن أحد كبار تجار المدينة وأعيانها في فاحشة الزنا، وكان شابا وجيها وحبوبا وغنيا، فأقيم عليه الحد بحمله على ظهر الحمار والطواف به في الأزقة.. وخرج التجار وأعيان المدينة إلى الأرصفة للتفرج على هذا الزاني والعربيد، وكان بينهم كبير تجار المدينة.. ويا لها من صدمة عندما رأى كبير التجار ابنه على ظهر الحمار مطافا به في أزقة المدينة وشوارعها، وأمامه المنادي يصيح في الناس: “يا ناس تفرجوا على هذا الزاني والعربيد”!
طأطأ التاجر رأسه من شدة الخجل من وضع ابنه، عندما رأيا بعضهما البعض، فصاح الابن في أبيه: “ارفع رأسك يا أبّا.. فالأمر كان مع ابنة حاكم المدينة.. وليست أية واحدة”!
هذه الحكاية تجعلنا نقول: كم كنا مخدوعين في عبارة “ارفع رأسك يا أبّا”!
لقد كان وضع الجزائر قبل سنة 1999، عندما جاء بوتفليقة إلى الحكم، يشبه حالة الفعل المخل بالحياء في مدينة فاس… وكان العراك بين الإسلاميين والسلطة في الشوارع يجعل الشعب الجزائري يطأطئ رأسه خجلا مما يحدث.. وها هو بوتفليقة يحضّر نفسه لمغادرة الحكم في الجزائر، وحال هذا البلد أسوأ من حاله سنة 1999، ويشبه إلى حد بعيد حكاية سكان فاس والزناة والحمار.. وحكاية “ارفع رأسك يا أبا” !
http://www.elkhabar.com/press/article/104592/%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%B1%D8%A3%D8%B3%D9%83-%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D8%A8%D8%A7/

كلمات مفتاحية

تعليق واحد

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • بين عشية وضحاها أصبحت الزوايا هي المرجعية الدينية للوصول الى كرسي المرادية والتحكم في مصير أربعين مليون جزائري . الشرط الوحيد هو أن تطوف بها سبعا لغسل عظامك من الآفات وتاريخك من السرقات وتلبس برنوس الشتاء وتشرب حليب الشاة وتأكل تمر الصحراء , وبذلك تكون على مقربة من القبة البيضاء ويصطف حولك الرعاع والغلمان والنساء . لقد أخطأ ماركس حين قال أن الدين أفيون الشعوب, لأنه فهم التدين المغشوش أنه دين ولو عرف أن الإسلام ضد دين القشبية والجهل والدجل وإستغباء الناس لكان أول الداخلين فيه وكان ملهما له في تحرير الشعوب وبناء النهضة وبسط العدل . ويا ليت قومي يعقلون .