مقالات

الجزائر والسعودية… الضرب تحت الحزام | توفيق رباحي

زيارة العمل المفاجئة التي قام بها يوم الأحد إلى دمشق، عبد القادر مساهل، الوزير في الخارجية الجزائرية المكلف بالعلاقات الإفريقية والمغاربية وجامعة الدول العربية، رسالة إلى دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
منذ انتفاضة قطاع واسع من السوريين على نظام بشار الأسد في آذار (مارس) 2011، ظلت الجزائر على حياد صامت يميل إلى تأييد نظام دمشق باحتشام وصمت، لكنها لم توفد مسؤولا رفيعا بدرجة وزير إلى دمشق. أقصى ما ذهبت إليه أن سمحت بزيارة شخصيات عامة ووفود حزبية وإعلامية إلى دمشق للتعبير عن «تضامن الشعب الجزائري قاطبة» مع «سوريا في وجه المؤامرة الكونية».
منذ عقود حافظت الجزائر على علاقات خاصة مع سوريا.. غير مزدهرة لكنها لم تسمح بنزولها إلى حد التوتر. استقبلت رؤساء حكومات ووزراء سوريين طاردهم نظام البعث والأسد الأب، وآوت مثقفين وأساتذة جامعيين معارضين شرسين لنظام الأسد الأب أو اختلفوا معه في مرحلة ما.
أما الصراع السوري المندلع في ربيع 2011، فلم يكن للجزائر ناقة أو جمل فيه. كان موقفها «مبدئيا» مرتين، مرة قائما على أسطورة الحياد وعدم التدخل في شؤون الغير، ومرة قائما على الرفض المطلق لما سُمِّي الربيع العربي وبتغيير أنظمة الحكم عبر الشارع. وكان موقفا مزاجيا لنظام عسكري ديكتاتوري في العمق ديمقراطي في الواجهة، يتعاطف مع آخر يشبهه ويتعرض للخطر من شعبه وبدعم من حكومات (خليجية) لا تشبه نظامي دمشق والجزائر.
على الصعيد الإنساني لعبت الدور المتوقع فاستقبلت نصيبها من اللاجئين السوريين وأحسنت إليهم قدر ما استطاعت.
آنذاك كانت الجزائر تسوِّق للحكومات الخليجية صورة جاهزة، منطلقة من رصيد طويل من الحياد في الأزمات الدولية والإقليمية: لسنا مع الأسد، فلا تجبرونا على أن نكون معكم!
كان ذلك غير ضار للحكومات الخليجية، والسعودية على وجه الخصوص، طالما أن الجزائر لم تكن نشطة في تأييد الأسد، وإدراكا من الرياض أن الدبلوماسية الجزائرية تراجعت في السنوات الأخيرة وأصبحت قليلة، بل منعدمة التأثير، لأسباب عدّة.
لكن في الفترة الأخيرة، ومع ارتفاع منسوب التوتر مع إيران واشتعال الحرب اليمنية واختلاط الأوراق في سوريا بدخول سلاح الجو الروسي، شعرت السعودية بالحاجة إلى الجميع، حتى إلى الدبلوماسية الجزائرية المتراجعة، فوجدت الجميع تقريبا، إلا الجزائر التي عاندت وأمعنت في العناد ورفض ما يرد من الرياض كالانضمام إلى «التحالف الإسلامي» الذي اعلن عن ميلاده الأمير محمد بن سلمان قبل نحو عام.
ساد توتر صامت في البداية، لكنه صمت لم يعمّر طويلا لأن الأزمات تعددت والتداخل لا مفر منه. واليوم البَلَدان في صراع دبلوماسي صامت، والضرب تحت الحزام. واحدة بواحدة: حاولت السعودية جر الجزائر إلى صفها في الحرب اليمنية لكنها عجزت، فردت بمحاولة عزل الجزائر عن التكتلات والتحركات الإقليمية، فردت الجزائر برفض تأييد تصنيف حزب الله منظمة إرهابية في جامعة الدول العربية.
صعّدت السعودية أكثر فلعبت في القضية الأغلى لدى النظام الجزائري والأكثر صعوبة وحساسية، الصحراء الغربية، من خلال تنظيم قمة خليجية ـ مغربية سريعة، بلا تحضير جيد وبلا مقدمات، أُعلن فيها أن دول مجلس التعاون الخليجي تدعم «الوحدة الترابية المغربية»، وترفض «أي مساس بها».
كانت تلك رسالة واضحة تجاه الجزائر، وردا أكثر وضوحا على موقف الأخيرة من حزب الله، فردت الجزائر بإيفاد الوزير مساهل إلى دمشق بلا سبب دبلوماسي أو سياسي وجيه في هذه الظروف.
نحن الآن في هذا المستوى من التوتر: السعودية لن تغفر للجزائر مواقفها الأخيرة، خصوصا «دعمها» لحزب الله في الجامعة العربية. والجزائر لن تغفر للسعودية مواقفها، خصوصا دعمها للمغرب في قضية الصحراء الغربية، بل وجرِّها دول مجلس التعاون الخليجي إلى ذلك الموقف.
ما كان يجب أن تدركه الرياض هو أن الدبلوماسية الجزائرية تراجعت في السنوات الأخيرة، لكنها لم تفقد قدرتها على المناورة والإزعاج.
هناك داعٍ آخر يبعث على القلق من توتر أكبر بين الرياض والجزائر، هو النفط. فالجزائر، تقليديا، لا تنظر بعين الرضا للدور السعودي في سوق النفط العالمية،. بل يحمّل مسؤولون جزائريون الرياض، في جلساتهم الخاصة، مسؤولية التراجع الكبير في أسعار النفط في السنتين الأخيرتين، ويتهمونها بالبحث والتنسيق مع حلفاء جدد لا يجمعهم الكثير بالسعودية.
هذا الإرباك الحاصل بين البلدين هو من نتائج مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وعجزه عن إدارة الملفات الدبلوماسية بالاهتمام الذي تتطلبه. منذ توليه الرئاسة في 1999 إلى 2012، تاريخ بدء متاعبه الصحية، احتكر بوتفليقة الدبلوماسية الجزائرية وكان بمثابة وزير الخارجية غير المعلن، فكان يطرب لعبارة «عودة الجزائر إلى لعب دورها في المحافل الدولية»، ويعتبر أن ذلك تحقق بفضله هو فقط.
لو كان بوتفليقة في كامل قدراته الذهنية والبدنية، لسارع إلى زيارة الرياض والعواصم الخليجية، واستعمل علاقاته الخاصة وغلّب منطقه الشخصي على منطق الدولة في امتصاص التوتر مع السعودية، خصوصا وأنه لا يرد للخليجيين طلبا، كما عُرف عنه.
أما وبوتفليقة في ما هو فيه، فلم تجد الدبلوماسية الجزائرية إلا العودة إلى تراثها والأسس التي أنجبتها أثناء حرب التحرير وشبّت عليها بعد الاستقلال.
سؤال مشروع: هل يدرك بوتفليقة اليوم أن الدولة التي يرأسها على خلاف عميق مع الدول الخليجية العزيزة جداً على قلبه؟
٭ كاتب صحافي جزائري

http://www.alquds.co.uk/?p=522311

8 تعليقاً

إضغط هنا للمشاركة بالتعليق

  • الموقف الجزائري حقيقة مخزي جدا….ولا يمثلنا كشعب جزائري وانما يمثل عصبة لا يهمها الا نفسها …فوقوف الجزائر مع الدكتاتور باشر الاسد ومع حزب الشيطان يدل على غباء تام للسياسة الجزائرية ونحن الخاسرون …فبشار الاسد رجل مرحلة وسوف يرحل عن قريب وحزب الله نهايته العودة لجحوره ويومئذ يطاطا الخائنون رؤسهم ..وتبا للسياسة الجزائرية …..

    • يا كلب حاب تروح لحرب استنزاف انت قبل ما تحكم خدم عقلك. السعودية خانت العرب و باعتهم لإسرائيل روح شوف مصر يقال فيهم الشر و زير حرب 67 و 73 شكون اكبر واحد شارك فيها بعد مصر ياخي الجزائر و انت عارف تعرف السعودية وين كانت ؟ كانت تمد في البترول لدول اخرى و الدول هذي تمد فيه لامريكا و اليهود. ال سعود مصيكر عليهم الماسونيين غير ما تبعهم راهم حابين بجروا الدزاير البرا برك لانهم فشلوا في هزيمة عصابه يمنية

  • أنا جزائري و أحذر الحكومة الجزائرية و أقول بأن معاداة بلد الحرمين خط أحمر و الوقوف مع المجرم بشار هو بداية النهاية للنظام الجزائري المتعفن الذي أسسته ما يسمى بالمخابرات DRS. الآن DRS دفن في مقبرة الخونة فلماذا لحد الآن تواصلون نهج سياسة المجرم التوفيق. استفيقوا من نومكم و اذهبوا إلى بلاد الحرمين لأداء العمرة فستكتشفوا أن السعودية محقة و أنكم مخطئون مع شعبكم و مع بلاد الحرمين. أما إذا كانت قبلتكم باريس و أخواتها فصارحوا شعبكم بهذا.

  • تحليل مخبول و صحفي مزطل و مأجور…لم لا تقول أن الدبلوماسية الجزائرية داهية و لم تفعل سوى رد الجميل لحماقات السعودية و اتباعها لما قامت بشكل عني باعلان دعم احتلال نظام المخزن الدكتاتوري الملكي للصحراء دون حياء و دون احترام لموقف الجزائر من النزاع…

  • النظام الجزائري مغتصب و فاقد للشرعية ولا يمثل الشعب الجزائري ولذالك يقف مع المجرم بشار لأنه يعلم جيدا أنه سيأتي دوره بعد المجرم بشار وإذا ما قدر الله لا يتوانى للإستنجاد بروسيا وهذا ما يخطط له الغرب لإستنزاف روسيا بأجساد ودماء المسلمين.أما نحن الشعب نطالب هذا النظام وشياتيه بمرحلة إنتقالية لتجنيب الجزائر ما يخطط لها وسيرى النظام وشياتيه مكانتهم بين الجزائريين.

  • ال سعود ورطوا انفسهم و باعوا العرب لإسرائيل و امريكا بجهلهم الجزائر لا تحمي المغفلين . انتو جبتوا انريكا و بنيتولها قواعد عندكم حتى تحميكم هههههه شوف الخزي روحوا جيبوا امريكا تحميكم. قال تحالف عربي قال انت بايع البترول ببلاش و جاي تطلب من الجزائر تدخل في حرب استنزاف اصلا احنا اصولنا امازيغية و مب معروفين بالغباء و اليهود يخافون منا موت لاننا بربر و شعب عنصري روح افرا التاريخ حصل ايش في نصر عام 73 في ميناء الأدبية بين الجيش الجزائري و اليهود..
    نصيحة لا تتكلموا على العداء بين المغرب و الجزائر لانو موجود الا في الاعلام و الإعلام ما يصدقو الا الجاهل الجزائريين لو يخيروهم بينكم و بين المغاربة راح نختار المغاربة و المغاربة راح يعملوا نفس الشي.
    روحوا لإسرائيل تسوقكم من خشوكم